Loading...
error_text
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: مكتبة عامة
حجم الحرف
۱  ۲  ۳ 
التحميل المجدد   
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: ردّ الاستدلال بالآية

ردّ الاستدلال بالآية

في الجواب عن هذا الاستدلال يجب القول: إنّ المراد من (إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ) ـ كما قال المفسّرون[1]ـ : “إن كنتم محدّثين”.

وعلى هذا الأساس، عند القيام بالغسل، لا يبقى هناك حدث حتّى تكون هناك ضرورة إلى إزالته. وبعبارة أخرى: إنّ الآية إنّما توجب الوضوء إذا كان هناك حدث، وأمّا إذا أتى المكلّف بالغُسل، لا يبقى هناك معنى لاعتباره محدثاً، كي يجب عليه الوضوء.

كما أشكل بعض الفقهاء على الاستدلال بهذه الآية بإشكالات قابلة للنقاش. وفيما يلي نشير إلى هذه الإشكالات ومناقشتها.

قال المحقّق السبزواري في ردّ هذا الاستدلال:

فلأنّ الآية وإن كانت عامّة، لكنّها تتخصّص بالأدلّة الآتية جمعاً بين الأدلّة، وممّا يضعّف الاستناد إليه ما نقل المصنّف في المنتهى، إجماع المفسّرين على أنّ المراد إذا قمتم من النوم، ونسبه في الخلاف إلى المفسّرين، ويدلّ عليه بعض الروايات المعتبرة،[2] وقد مرّ فى بحث نواقض الوضوء. وقد يناقش فى عمومها؛ لعدم اشتمالها على شيء من أدوات العموم.[3]

كما قال المرحوم الخونساري (ره) في الإشكال على دلالة الآية:

والجواب أوّلاً: فبمنع العموم؛ لأنّ كلمة “إذا” ليس من أداته، بل للإهمال. وأمّا ثانياً: فلوجود المخصص ممّا أوردنا من الروايات.[4]

كما أنّ المحقّق الأردبيلي[5] وصاحب المدارك[6] لايقبلان بدورهما هذا الاستدلال بالآية الكريمة، وقد أوردا ذات الإشكالات المشار إليها، باعتبارها مانعة من الاستناد إلى عموم الآية.

وباختصار: فإنّ الاستدلال بالآية يرد عليه ثلاثة إشكالات من وجهة نظر الفقهاء، وهي كالآتي:

أوّلاً: لا عموم في الآية؛ لعدم وجود أداة دالّة على العموم فيها، وإنّ كلمة “إذا” للدلالة على الإهمال كما هو واضح.

وثانياً: إنّ الآية الكريمة مختصّة بالقيام من النوم، كما يدلّ على ذلك بعض الروايات، وعلى ذلك سار المفسّرون أيضاً.

وثالثاً: إنّ عموم وإطلاق الآية الكريمة يتمّ تخصيصه بالروايات الدالّة على إجزاء كلّ غُسل عن الوضوء.

ولكن يبدو أنّ هذه الإشكالات لا تخلو من نقاش، وذلك على النحو الآتي:

1 ـ على الرغم من أنّ كلمة “إذا” ليست من أدوات العموم، ولكن حيث كان القرآن في مقام بيان الحكم، دون الإهمال والإجمال، فإنّ هذا يُشكل بدوره قرينة على عدم وجود الاختصاص في الآية. ومن هنا فإنّ إطلاق كلمة “إذا” في هذه الآية يفيد العموم والشمول الذي تقدّم ذكره.

2 ـ لو قيل: إنّ الآية الكريمة مختصّة بـ “القيام من النوم”، قلنا: إنّ الآية إنّما تبيّن واحداً من المصاديق، ولا تشتمل على حكم كلّي يتعلّق بمصداق واحد.

3 ـ إنّ تخصيص الآية بالروايات الدالّة على إجزاء الغُسل عن الوضوء إنّما هو إشكال مبنائيّ؛ بمعنى أنّ تخصيص هذه الآية بالروايات إنّما يتمّ على مبنى القائلين بدلالة الروايات على الإجزاء، دون مبنى القائلين بعدم دلالة هذه الروايات على إجزاء الأغسال عن الوضوء.

وعلى كلّ حالٍ، حيث أنّ المراد في قوله تعالى: (إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ ... ) ـ قطعاً ـ حالة عدم الطهارة من ناحية، وحيث أنّ أدلّة غسل الجنابة وكذلك روايات إجزاء جميع الأغسال عن الوضوء، تثبت الطهارة للمكلّف من ناحية أخرى، فإنّ هذه الأدلّة والروايات يكون لها ورود على الآية، وتنفي موضوع “عدم الطهارة” تعبّداً، ولا تكون هناك ـ مع غُسل الجنابة وسائر الأغسال الأخرى ـ حاجة إلى الوضوء الذي تشير إليه هذه الآية؛ لأنّ عدم الطهارة المنظور في الآية قد ارتفع بهذه الأغسال، ومعه لا يبقى هناك موضوع لتحصيل الطهارة.

------------

[1]. راجع: كنز العرفان، ج 1، ص 8؛ زبدة البيان، ص 19؛ آيات الأحكام، ج 1، ص 30.

[2]. من قبيل رواية ابن أذينة، عن ابن بكير، قال: قلت لأبي عبدالله (ع) قوله تعالى: (إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ) ما يعني بذلك (إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ)؟ قال: «إذا قمتم من النوم»، قلت: يَنقض النومُ الوضوءَ؟ فقال:«نعم، إذا كان يغلب على السمع، ولا يسمع الصوت». التهذيب، ج 1، ص 7، ح: 9؛ وسائل الشيعة، ج 1، ص 254، أبواب نواقض الوضوء، الباب الثالث، ح: 7.

[3]. ذخيرة المعاد في شرح إرشاد الأذهان ، ص 48، السطر 24.

[4]. مشارق الشموس، ج 1، ص 234.

[5]. مجمع الفائدة و البرهان، ج 1، ص 126-127.

[6]. مدارک الأحکام، ج 1، ص 359.

العنوان اللاحق العنوان السابق




جميع الحقوق محفوظة لموقع آية الله العظمى الشيخ الصانعي .
المصدر: http://saanei.org