Loading...
error_text
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: الاستفتاءات
حجم الحرف
۱  ۲  ۳ 
التحميل المجدد   
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: مهدور الدم- قتل الولد بواسطة الوالد
مهدور الدم- قتل الولد بواسطة الوالد
بسمه تعالى
بعد السلام والدعاء لكم بالموفقية
مع الالتفات إلى لزوم تطابق جمى القوانين الايرانية مع الموازين الإسلامية، وفقاً للمادة 4 من الدستور، وقد تشكلت شورى صيانة الدستور لأجل الدفاع عن أحكام الإسلام، ويبدو أن جميع القوانين وبخاصة تلك التي صادقت عليها الشورى المزبورة منطبقة مع الأحكام الإسلامية، ومن مصدرها الأساس، أي آيات الأحكام، كما أنَّ كثيراً من القوانين الايرانية مستنبطة من المصادر الاسلامية الاُخرى كالروايات والفتاوى وهنا نسأل مايلي:
1 ـ الاستنباط من الأحاديث والروايات وتطبيق موارد الفتاوى يعد من وظائف شورى صيانة الدستور، وهي وظيفة صعبة، لكني أسأل عن نوعية المنهج والاستدلال الفقهي المتَّبع في قبول الحديث والرواية والفتوى؟ وما هي الوظيفة الشرعية والقانونية الباقي الأفراد ممَّن لهم دراسات مستقلة ورأي مختلف اعتماداً على العقل الفقهي؟ وبخاصة أن الدستور في المادة 4 صرّح باعتماد الموازين الإسلامية، فإذا كان لمجتهد ما وجهة نظر خاصة لايمكن ردّها إلاَّ بالرجوع إلى القرآن، تعدُّ وجهة نظره من موازين الإسلام ومعاييره؟
2 ـ بعض القوانين التي تُطابق مع الأحكام الإسلامية من قبل شورى صيانة الدستور لم يرد فيها نص من القرآن، فيواجهون مشكلة من الجانب العملي، والاصرار عندئذ على تنفيذ هذه القوانين من حيث إنها مصادق عليها فحسب، فما وظيفة من يحملون آراء فقهية مختلفه؟
إن بعض القوانين ذات المصدر غير آيات الأحكام تضرُّ بسمعة الإسلام في العالم، ألم يحن الوقت لتشكيل مجمعاً للعلماء والفقهاء وحقوقي البلاد لطرح نظريات فقهية منسجمة مع متطلبات العصر ـ اعتماداً على مصالح الإسلام ـ كحلول شرعية داعمة للقوانين؟
على سبيل المثال توجد آيات عديدة في باب المسكر وقد اختلفت العقائد فيها، والمادة 179 من قانون الجزاء الإسلامي تفرض القتل في المرَّة الثالثة على الذي تكرر منه شرب الخمر وجرى عليه الحد بع كل مرة.
والملحقة 2 من قانون الجزاء الإسلامي تقرر مايلي:
«إذا قتل شخص آخر ظناً منه أنه مهدور الدم ممَّل ينبغي قصاصة، ويثبت ذلك للمحكمة ثم يتَّضح أن المقتول لم يكن مهدور الدم، عُدَّ القتل بمثابة شبه العمد، وإذا أثبت دعواه في ان المقتول كان مهدور الدم يسقط عنه القصاص والدية».
وهذه الملحقة متضادة مع أصل وجود محكمة ومحلاً للتظلُّم وما يمارسه القضاة من إجراء للقوانين .
أهم تحدٍّ في المادة 220 من قانون الجزاء الإسلامي هو ما اقرنه بالعبارة التالية:
«إذا قتل الأب أو الجد من الأب الولد فلا يقتص من القاتل، ويحكم عليه بالتعزير ودفع الدية إلى ورثة المقتول» وهذه المادة أدت إلى ارتكاب الكثير من جرائم القتل اعتماداً عليها.
بناءً على مبدأ انفتاح باب الاجتهاد ـ وهو رمز بقاء الفقه الشيعي ـ ومع الأخذ بنظر الاعتبار الأحكام الثانوية في الموضوع الخاص وفي برهة معينة وبالنظر إلى ماأسسه الدستور من الحكم الحكومي الذي هو بيد مجمع تشخيص المصلحة وفقاً للمادة 112 من الدستور ومع الأخذ بنظر الاعتبار مصالح المسلمين... أطلب من سماحتكم إبداء رأيكم الفقهي على السؤالات المتقدمة وعلى كثير من المطالب الموجودة في المواد الدستورية وكذلك فيما يخص تشكيل مجمع من الفقهاء والعلماء والحقوقيين للنظر في قانون الجزاء الإسلامي وإصلاحه، وبخاصة المواد التي لم نجد فيها أثر في آيات الأحكام، وذلك إرشاداً وتقويماً لعمل العاملين في مجال تنفيذ القوانين المصوّبة.

ج 1 ـ المسلَّم من مهدور الدم هو الذي يقتل بيد المسلمين في الحرب الدفاعية أو الجهاد الابتدائي، أمَّا غيرهم ممَّن عقوبتهم القتل فدمهم محترم بالنسبة إلى غير المحكمة، وبرأيي قتلهم محرَّم مطلقاً ويعدُّ عمداً وموجباً للقصاص، وهذا الرأي مؤيّد بكلام المحققين مثل صاحب (الجواهر) وسيدنا الاستاذ(سلام اللّه عليه) في اشكاله على مسألة مهدور الدم.
ولايخفى أن رأيي هنا (كما هو التحقيق في تعليقتنا على تحرير الوسيلة ج2) أن تكرر الحدّ لايوجب القتل إلاَّ في شارب الخمر، أمَّا في شارب الخمر فبعد إجراء الحد مرتين يحكم عليه بالقتل، وفي ذلك وردت روايات صحيحية ومعتبرة ومستفيضة، وكما أن أصل حدّ المسكر لم يبيَّن في القرآن، بل السنة بينتة، كذلك حد القتل بعد إجراء الحد مرتين، وهو أمر مسلَّم، واستبعاد هذا الجزاء مع غض النظر عن كونه استبعاداً فحسب يعد اعتباراً ناقصاً، ولا اعتبار بالاعتبار والاستبعاد لاثبات القوانين، والاعتبار بصراحة القانون وظواهره والاستبعاد المزبور مرتفع بالنظر إلى النظريتين الواردتين في الحدود.
النظرية الاُولى: نظام اثبات الجناية ـ وفاقاً للمشهور في ظاهر عباراتهم وظواهر الأدلَّة ـ ينحصر في امرين:
1 ـ البينة والشهود.
2 ـ الاقرار.
بما أن طريق اثبات حدّ الخمر شهادة عدلين أو الإقرار مرّتين شعوراً بالمسؤولية الدينية وباختيار كامل (وهو لايتحقق غالباً في زماننا الحاضر بل في جميع الأزمنة) فلا أرضية تخص الاكتفاء بالامارات والقرائن فضلاً عن علم القاضي، ويبدو لي عدم حجية تلك الامور لاثبات الحد، رغم أنَّها كافية لاثبات التعزير، لكن تكرّره بأي عدّد لايوجب التعزير بالقتل.
النظرية الثانية: ماذهب إليه الفقيه المدقق الميرزا القمي(قدس سره) وكذلك الفقيه المتقي السيد أحمد الخوانساري(قدس سره) وبعض آخر من الفقهاء من أن إجراء الحدود (لا التعزيرات) مختص بزمن حضور الامام المعصوم المهدي الموعود (عج) ويعدون إجراءها زمن الغيبة مشكل بل غير جائز. ومن الواضح أن الاستبعاد المزبور مدفوع بهذه النظرية بالكلية.

ج 2 ـ المادة المزبورة والمدعومة بالروايات الصحيحة خاصة بما إذا صدر القتل عن أحاسيس وعواطف بسبب تخلُّف الولد عن نصائح الأب، وهي لاتشمل موارد القتل الاُخرى، حيث يصدر القتل عن دوافع غير مامضى، وفي موارد من هذا القبيل يبقى القصاص ثابتاً، وبعبارة اُخرى: عدم الاقتصاص من الوالد يختص بما إذا نفد صبر الوالد تجاه ولده رغم مايبديه له من أحاسيس وعواطف ونصائح، والحكم يختص بهذا المورد تقريباً إذا لم نقل تحقيقاً ولا يشمل الموارد التي يصدر فيها القتل عن عداوة أو طمع في المال والجاه والرئاسة أو خوفاً من افتضاح الخيانة; لأنّه للابوة والبنوة (الواردان في الأدلة) في عملية القتل. فالأدلة إمَّا ظاهرة في القسم الاول أو منصرفة عن القسم الثاني.
وعلى كل حال فان شمولة دليل الاستثناء لأجل اطلاقة، واطلاقة منصرف عن الشمول للقتل الصادر عن دوافع غير انسانية (أي القسم الثاني) وذلك للإشعار المتقدم أو لمناسبة الحكم والموضوع، أو أن دور ودخل عنوان الابوة والبنوة والفهم العقلائي، من حيث أن المقنِّن لايريد ترك الولد دون قصاص، ومناسبة الحكم والموضوع كل ذلك سبَّب الظهور اللفظي للدليل ـ بسبب القرائن المزبورة ـ في الاختصاص بالقسم الأول.
هذا مضافاً إلى أنّه حتى إذا قبلنا اطلاق الدليل وشموله لجميع موارد قتل الولد ينبغي القول بالاختصاص كذلك; لأن اطلاقه يخالف القرآن والآية الكريمة: (ولكم في القصاص حياة يا اولى الألباب) والقول بالاستثناء المزبور لا تتأمَّن به حياة الأولاد والمجتمع، كما أن لسانها آب عن التخصيص .
وعليه يكون اطلاق الأدلة مخالفاً للآية وينبغي ضربه عرض الجدار.
أما استثناء قتل الولد عن عاطفة فلا يضرُّ بحياة المجتمع ; لأن قتل الوالد الولد في هكذا مورد لايمنع ولا يردع عن قتل الآباء ابناءهم في الحالات الخاصة.
ومع غض النظر عما سبق فإنه يمكن القول بأن أدلة قصاص النفس مختصة بدعاوي الأفراد في العداوة والأعمال غير الانسانية ولا تشمل القتل العاطفي والناشىء عن طلب الخير والمصلحة. وينبغي الالتفات إلى أن احتمالت الاختصاص في أدلة الاستثناء يمنع من التمسك بالاطلاق وينبغي الاقتصار فيه على القدر المتيقن، وهو القتل الناشيء عن الأحاسيس العاطفية للأب.
ولا يخفى أن ماذكر هو جواب فقهي وشرعي للقضايا المطروحة في الرسالة، أما الإجابة على باقي الامور التي اوردتموها في رسالتكم فبحاجة إلى فرصة اُخرى.




جميع الحقوق محفوظة لموقع آية الله العظمى الشيخ الصانعي .
المصدر: http://saanei.org