Loading...
error_text
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: الاستفتاءات
حجم الحرف
۱  ۲  ۳ 
التحميل المجدد   
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: قتل الوالد ولده
قتل الوالد ولده
س ـ تقرّر المادة «220» من قانون العقوبات الإسلامي مايلي: «إذا قتل الأبُ أو الجدُّ من الأب ولَدَهُ فلا يقتصّ منه، ويحكم عليه بالتعزيز ودفع الدية إلى ورثة المقتول» وقد أدّت هذه المادة إلى وقوع الكثير من جرائم القتل؛ اعتماداً من قبل الأب والجدّ من الأب على هذه المادة. وبالاستناد إلى أنّ باب الاجتهاد مفتوح دائماً، والذي هو سرّ خلود الفقه الشيعي، ندعوكم إلى أن تبيّنوا رأيكم الفقهي في هذا الأمر.
ج ـ بغضّ النظر عن الأصل الكلّي للقصاص في قتل الوالد ولده الذي وردت فيه روايات صحيحة ومعتبرة، فإنّنا نرى أنّ المادة «220» المذكورة إنّما تختصّ فيما إذا كان القتل صادراً عن أحاسيس وعواطف اندلعت بسبب تخلّف وعناد الولد عن العمل بنصائح الأب الخيّرة، وليس تعني سائر الموارد التي يصدر القتل عن دوافع أخرى، والتي هي موجودة في باقي موارد القتل، حيث يكون القصاص ثابتاً.
وبعبارة أخرى:عدم الاقتصاص من الأب إنّما يختصّ في الموارد التي يكون صبره قد نفذ من تصرّفات ولده، مع كلّ ما يبديه له من عواطف ونصائح خيّرة، وكان الولد يتخلّف عن العمل بها.
فالحكم يختصّ بهذا المورد تقريباً إذا لم نقل تحقيقاً، حيث يقوم الأب بمثل هذا العمل لأجل كلّ تلك النصائح والتأكيدات، ولا يرى من ولده سوى التخلّف والعناد بالمقابل، ولا يشمل الموارد التي يكون فيها القتل بدوافع أخرى، والتي هي موجودة في سائر موارد القتل، أيّ ارتكاب القتل لأغراض شخصية، أو لعداوةٍ أو لطمعٍ في مالٍ أو جاهٍ أو رئاسة، أو لخشية من افتضاح خيانة... وأمثال ذلك، لأنّه في هذه الصورة من القتل ليس للأبوّة ولا للبنوّة اللذين وردا في لسان الأدلّة أيّ دخلٍ أو نصيبٍ فيها، وأدلّة الاستثناء لأجل هذه الدلالة: إمّا ظاهرة في القسم الأول، أو منصرفة عن القسم الثاني.
وعلى أيّة حال فإنّ شمولية دليل الاستثناء إنّما هو لأجل إطلاق الدليل، وإطلاقه إمّا لأجل ذلك الإشعار المذكور، ومناسبة الحكم والموضوع المنصرف عن القتل بدوافع غير إنسانية (أي القسم الثاني) وشموله فقط القسم الأول، أي الانصراف إليه، أو لأجل الأصل من جهة دخل عنوان الأبوّة والبنوّة في مسألة القتل، والفهم العقلائي لها، من حيث إنّ المقنّن لا يريد ترك جناية الولد بدون قصاص، ومناسبة الحكم والموضوع، سبّب الظهور اللفظي لذلك الدليل، بواسطة القرينة المذكورة، في اختصاصه بالقسم الأول.
هذا مضافاً إلى أنّه حتّى لو قبلنا إطلاق الدليل وشموله لجميع موارد قتل الوالد للولد، فإنّه أيضاً يجب القول بالاختصاص ؛ لأنّ إطلاقه يخالف القرآن الكريم (ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب) البقرة: 179، ولأجل ذلك، ومع هكذا استثناء، وعدم الخشية من القصاص، فلا يمكن تأمين حياة آمنة للأبناء والمجتمع كلّه.
كما أنّ لسان الآية الكريمة (ولكم في القصاص) يأبى التخصيص، لذا فإطلاق تلك الأدلّة مخالف للآية، ويجب ضربه عرض الجدار.
وأمّا استثناء القصاص في مورد قتل الأب لولده عن عاطفة الذي تقدّم بيانه فلا يحمل ضرراً على حياة المجتمع، لأنّ قتل الأب لمثل هكذا موارد لا يكون مانعاً ولارادعاً عن قتل الآباء الآخرين لأبنائهم في الحالات الخاصة.
ومع غضّ النظر عمّا سبق فإنّه يمكن القول بأنّ أدلّة قصاص النفس أصلاً مختصّة بدعاوي الأفراد الذين يرتكبون جرائم القتل بدوافع العداوة واللاإنسانية، ولا تشمل القتل العاطفي، أو القتل بدوافع ناشئة عن طلب الخير والمصلحة، وبعد نفاد الصبر عن كلّ محاولات النصح والإصلاح.
كما وينبغي الالتفات إلى أنّ احتمال الاختصاص في أدلّة الاستثناء تمنع من التمسّك بالإطلاق، ويجب الاقتصار على القدر المتيقّن، وهو القتل العاطفي الذي يرتكبه الآباء بحقّ أبنائهم.
ولا يخفى أنّ ما تقدّم هو الجواب الفقهي الشرعي للمسائل المطروحة في الرسالة، وأمّا سائر المطالب المذكورة في الرسالة فاطلبوا جوابها وبيان حقيقة الأمر فيها في فرصة أخرى.




جميع الحقوق محفوظة لموقع آية الله العظمى الشيخ الصانعي .
المصدر: http://saanei.org