Loading...
error_text
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: دروس خارج الأصول
حجم الحرف
۱  ۲  ۳ 
التحميل المجدد   
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: الإجزاء (درس72)
الإجزاء (درس72)
الدرس دروس خارج الأصول
مباحث الدليل اللفظي
الدرس 72
التاريخ : 2008/12/21

بسم الله الرحمن الرحيم

المقام الثالث: إجزاء الأمر الظاهري عن الأمر الواقعي
ولا يخفى عدم جريان هذا النزاع في موارد التطبيق وفيما إذا انكشف عدم الحكم الظاهري، كما لو ظن الفقيه أن ابن سنان هو عبد الله بن سنان الثقة، ثم تبين أنهمحمد بن سنان الضعيف، فالمورد هذا ليس محلاً للنزاع كما يبدو؛ لأنه لا وجود للحكم الظاهري هنا، بل ظن بالحكم الظاهري، ولذلك لا مجال لبحث كون هذا الحكم الظاهري مجزياً أم لا.
ثم لا يخفى عدم جريان النزاع في الموضوعات فيما إذا لم ترتبط بالتكليف، كما لو اُقيمت البينة على أن هذا الماء ليس متنجساً، فشربته ثم انكشف أنه كان متنجساً، فهذا لا يقع في محل النزاع، وكذا لو استصحبت طهارة الماء وشربته ثم انكشف أنه كان نجساً.
نعم، لو أفتى وفقاً لعموم الرواية ثم انكشف وجود مخصّص لها، فهل يجزي هذا الحكم الظاهري عن الحكم الواقعي أم لا؟ ويجري النزاع كذلك فيما إذا كان لدينا رواية ثم عثرنا على رواية معارضة أقوى.
قال صاحب (تهذيب الاُصول): إذا قامت أمارات على الأحكام التكليفية، ثم انكشف خلافها فالمورد ليس محلاً للنزاع، كما لو قامت الأمارة على وجوب صلاة الجمعة، فعملنا مدّة وفق هذه الأمارة، ثم انكشف عدم وجوب صلاة الجمعة والواجب هو صلاة الظهر، فبحث الإجزاء لا يأتي هنا، وينبغي علينا النظر في القاعدة وما تقتضيه، فهل تقتضي إعادة الظهر وقضاءها أم لا؟ هذا لأجل أنه عندما اكتشفنا الخلاف فلا وجود للأمر الظاهري لكي نتنازع في كونه مجزياً أم لا[1].
لكن الحق أن قيام الأمارات على التكاليف محل نزاع؛ لأجل أن القائل بالإجزاء في باب الأمارات يقول به؛ إمّا من باب السببية أو شبه السببية التي يعتقد بها السيد البروجردي، فقد قال: الأمارات حجة عقلائية، والشارع أمضاها وأمر بالعمل بها، وهنا توجد ملازمة عرفية بين الحجية وبين الإجزاء، وهو كلام متين.
مسائل
في المقام الثالث توجد عدة مسائل:
المسألة الأولى: هل العمل وفق الاُصول العملية يُجزي عن الواقع أم لا؟ بعبارة اُخرى: هل الأمر الظاهري المستفاد من الاُصول العملية يجزي عن الواقع إذا انكشف خلافه أم لا؟
بالطبع هذا في محل تجري فيه الاُصول العملية، ويمكن طرح السؤال بالشكل التالي: هل يجزي الأمر المستفاد من الاُصول العملية عن الواقع إذا انكشف خلافه؟
والمراد: الاُصول التي تجري في الشرطية والجزئية والمانعية، كما لو شككت في طهارة اللباس الذي ألبسه عند الصلاة، فاُصلي به بحكم (كلّ شيء لك ظاهر حتى تعلم بنجاسته) ثم تبين نجاسة اللباس، فهل اُعيد الصلاة وأقضيها أم لا؟
صاحب (الكفاية) يقول بالإجزاء[2]، وكذا سيدنا الاُستاذ[3]، بل أغلب المحققين قال بالإجزاء.
لكن إذا كان لسان الدليل حاكماً على الأدلة الأولية، أي إذا كان دليل الأصل العملي حاكماً على الأدلة الأولية توسعةً أو ضيقاً، فالقاعدة الإجزاء.
مثال: يقول المولى: ((لا صلاة إلا بطهور))[4] وافرضوا أن الطهور أعم من الطهارة الحدثية والطهارة الخبثية، ويقول كذلك: (كلّ مشكوك طاهر)، ثم صليت بلباسٍ مشكوك، وانكشف لي بعد الصلاة أن اللباس كان نجساً، فهل عليّ إعادتها؟ كلا لا ينبغي بمقتضى (كلّ شيء طاهر)[5] ، فقد كانت لي طهارة ظاهرية، والفرض أن الطهارة أعم من الطهارة الواقعية والظاهرية.
وإذا لم يكن لسان الدليل حاكماً فشيء يقوم مقام الحكومة ولو كان اللسان لسان الجعل لا الرفع، لكن بنحوٍ يحل محل الحكومة، وسره واضح؛ لحكومة تلك الأدلة على أدلة الشرطية وما ماثلها من الجزئية والمانعية.
فقوله: ((كلّ شيء نظيف حتى تعلم أنه قذر)) الذي جاء في موثقة إسحاق بن عمار[6]، أو (كلّ شيء طاهر حتى تعلم أنه نجس) المعروف حاكم على ((لا صلاة إلاّ بطهور)).
بيان الحكومة: لسان أدلة الاُصول توسع الأدلة الواقعية أو تضيقها، ومن ذلك يظهر عدم معقولية كشف الخلاف لكي نقول بعدم إجزائه؛ وذلك لأجل أن الحكومة اقتضت انضمام الأمر غير الواقعي ـ أي الظاهري ـ إلى الواقعي في الشرطية والجزئية والمانعية. هذا كلام المرحوم الشيخ محمد حسين الأصفهاني، وهو كلام متين.
وإن شئت قلت: للبروجردي ـ قدس سره ـ كلام جميل في هذا المجال، حيث قال: المولى أمر بمركب ذات أجزاء وشرائط، ثم قال المولى: إذا كان الشيء الفلاني غير معلوك لك فلا أريده منك، وهذا يعني أن المأمور به غير الشيء الفلاني[7].
ولقد أجاد البروجردي ـ قدس سره ـ حيث قال: ظاهر الأصحاب قبل الشيخ الأنصاري الاتفاق على الإجزاء[8]. إذن لا إشكال على الحكومة توسعةً وضيقاً.
--------------------------------------------------------------------------------
[1] - تهذيب الاُصول 1: 146.
[2] - كفاية الاُصول: 87.
[3] - تهذيب الأصول 1: 146.
[4] - الوسائل 1: 365، أبواب الوضوء ، ب1، ح1.
[5] - انظر: الوسائل 3: 466 ـ 468، أبواب النجاسات، ب37.
[6] - الوسائل 3: 467 ، أبواب النجاسات، ب37، ح4.
[7] - نهاية الاُصول 1: 138.
[8] - نهاية الاُصول 1: 141.
الدرس اللاحق الدرس السابق




جميع الحقوق محفوظة لموقع آية الله العظمى الشيخ الصانعي .
المصدر: http://saanei.org