Loading...
error_text
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: مكتبة عامة
حجم الحرف
۱  ۲  ۳ 
التحميل المجدد   
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: تَمهيد

تَمهيد لقد أضحى العالَمُ اليوم، رَغم اتّساعه، قريةً صغيرة بفَضل المعلومات المُتنوّعة والمُتشعّبة، بحيث لا يَستغرق وصول أصغر أو أكبر شأن من الشؤون المُحيطة بنا، من فِعل أو حَدث اجتماعيّ أو سياسيّ أو ثَقافيّ، إلى أسماع الطّرف الآخر سوى فترة زَمنيّة قصيرة جدّاً. لكن، حتى هذه القَريّة الصغيرة بكلّ ما تَتميّز به من عَظمة وجَلال، عاجزة عن رَسم تأريخنا أو خَلق صورة لهويّتنا الدينيّة والوطنية. بَل ونُلاحظ في بعض الأحيان إحتواء المعلومات التي تُذكَر بصَددنا والمَعروضة إلى الجيل الجديد والعالَم غير الإسلاميّ، نُلاحظ إحتوائها على آراء مُزيّفة وأفكار متناقضة وقضايا مُختلطة مَشوّشة.
وهنا، لا بُدّ من صياغة تلك المعلومات المُتنوّعة والنشاطات المُتعدّدة بشكل تكون معه مُتطابقة مع الواقع، والاستفادة القُصوى من عَصر السنّة النّبويّة والعَهد الرّاهن لكي لا تَضمحلّ في عَصر العَولمة، ثمّ توظيف الظروف والمناسبات التي يوفّرها لنا عالَم الإلكترونيّات وتأريخ الشعوب المُدوَّن لصالحنا.

ومن خلال هذه النّظرة إلى عالمنا اليوم، حيث أُحيلت فيه الكتابة المطبوعة على التّقاعد تاركة مَنصبها إلى الوسائل الإلكترونيّة، وحيث عَجز الكتاب عن أن يأخذ مَكانته ومكانه في مَكتبة الأسرة الإيرانيّة، يتوجّب علينا الابتعاد عن الإطناب وتَفادي الثّرثرة والإسهاب، أو على الأقلّ التّقليل من الاعتماد عليهما والاتّكال على أساسيّاتهما، والتطرّق بدلاً من ذلك إلى الإشارة إلى المسائل التي تقودنا إلى إدراك الفِكر البشريّ عَبر نظرة خاطفة لا غير.

ولهذا السّبب بالذات، بادرت مُعاونيّة الثقافة والنّشر في مؤسسة (فقه الثّقليْن) إلى كتابة وتنظيم لُباب الألباب لمَرجع التّجديد وفقيه آل بَيت العِصمة والطهارة (عليهم السلام) سماحة آية الله العظمى صانعي (دام ظلّه الوارف)، مع تقديرها لكلّ ما يُمثّله عالَم الجيل الجَديد، وحرصها في الحفاظ على التراث التأريخيّ الخالد والمُشرّف للشيعة وعلمائهم المُجاهدين والعارفين، أملاً منها في تَقديم كلّ ما كان يَشغل بالَ هذا المَرجع الذي عاصرَ الآلام على مَرّ السنين، ومُعظمَ ما وُفّقَ إليه عَبر سنيّ مُطالعاته ودراساته، وتَتلمذه على يَد الإمام الخُمينيّ (سلام الله عليه) وتجاربه في تأريخ الفقه والحَديث؛ تَقديم ذلك كلّه بشكل موجَز غير مُسهب ليكون في مُتناول الرّاغبين والإخوة المُثقّفين والعارفين.

وتَجدر الإشارة هنا إلى أنّنا، وخلال إعدادنا هذا الكُتَيّب، تذكّرنا ما نوّه إليه القائِد المُفدّى عند لقائه بسماحة آية الله العظمى صانعي (دام ظلّه الوارف)، بقوله:

«كلّما أحاطَ بي سياج الوحدة في خِضمّ هذه الدّنيا، وكُلّما وَقعت عَيناي على بعض الأفراد وهم يُهاجمون عظمة الحضارة الإسلاميّة والتشيّع بإيعاز وتَخطيط من دُعاة الإفك والمُشهرين سَيف الباطل، واصفين الدّين بأنّه أساس الإرهاب ومَصدر التّخريب؛ تَغلغلَ الألمُ في عروقي واعتصرت الحَسرة فؤادي. وفي هذه الأثناء، أذكرُ اللهَ تعالى والأئمّة المظلومين، وأسترجع سِيَر الرّجال والنّساء على مَرّ التأريخ، مِمّن صَبروا وصابروا، وكافحوا وناضلوا، ولم يَخنعوا لقوّة ظالمة أو يَستسلموا لإرادة مُتجبّرة. وأقول لنَفسي: ما عَساكِ فاعِلة أمام كلّ تلك التّضحيات التي قدّمها أجدادنا ووهبها أسلافنا؟ فهل مِن مَفرّ سوى السّكوت والتزام الصّمت؟ أم هل أستطيع بشكل أو بآخر إيصال صَوتي إلى العالَم أجمَع فأقول لهم: ليس الإسلام كما تَقرأوه أو تَسمعوه أو يُصَوّر إليكم؟ وفجأة أُدركُ أن لا سُلطة تَنفيذية أمتلكها أو مِنبَر حُرّ يُمكّنني من قَول ما أُريد. فما العَمل إذاً؟ وكنتُ أصلُ دائماً إلى نتيجة واحدة مَفادها أنّ علينا التحدّث إلى أصحاب القَلم ومالكي دُور النّشر والحقوقيّين والأحرار وكلّ مَن يُهمّهم هذا الأمرُ ويَعنيهم؛ التّحدث إليهم عن الإسلام والوَعي والحريّة؛ عن جَمال الدّين ومَحاسنه، ونَقول لهم: إنّ الإسلام يَنظر إلى أفراد البَشر جميعاً على أنّهم مُتساوون في الإنسانيّة وإن اختلفت ألوانهم أو تَباعَدت منازلهم أو تَباينت مَدارسهم أو اختلفت عقائدهم...».

وأضافَ القائِد المُفدّى قائلاً:

«ولا يُهدّئ من رَوعي ولا يُسكّن أوجاعي خلال تلك الأمواج من الأحداث إلاّ ذِكرُ الله سُبحانه والمُصلح الموعود الذي سيَملأ الأرضَ بالأمن والعَدل والإنسانيّة؛ ذلك المُصلح الذي كُتِبَ لهُ أن يكون مُنقذاً للعالَم بأسره ليأخذ بأيدينا إلى شاطئ الكَمال، ويُسدّد خُطانا، ويُصحّح أمّهات ألبابنا، فتَتحقّق آمال البَشر، وتصبح أُمنياته حَقيقة واقعة. إنّه الشّخص الذي سيؤلّف بين القلوب، وكما كان الرّسول الأعظم يُوصَف بأنّه رَمة للعالمين، فإنّ ذلك المُصلِح هو الذي سيَمنحنا الرّحمة والأمان والمَحبّة والإنسانيّة...»


وقد وافقَ الفقيه الشيعيّ المُجَدّد على ما نَحن بصَدده وتَبنّي هذا النّمط من العَمل بَعد استرجاعه لآلامه ومِحَنِه، ثمّ دَعا لنا بالخَير والتّوفيق، فبادَرْنا بكتابة هذه المجموعة مُستندين في ذلك إلى تلك المُباركة، ومُستلهمين عَملنا من إحساسنا بالمسؤوليّة إزاء ذلك.

ولا يَخفى أنّ أهمّ مَصادر هذا الكُتَيّب كانت أحاديث سماحة آية الله العظمى صانعي والمُقابلات التي أُجريت مَعه، وبُحوث الخارج في مادّة الفِقه، وكلّها مُتوفّرة في مَركز المؤسسة.


هذا، ونأمل أن تَخلو الطّبعات القادمة من كلّ إشكال مُحتمل أو خطأ غير مَقصود، وسوف نَسعى إلى إخراج مجموعة مُتكاملة بعد إجراء دراسة مُستفيضة عن آراء ذلك الفقيه الكبير وأفكاره.

ونرجوا كذلك أن يَتعرّف الرّجالُ والنّساء، مُسلمين وغير مُسلمين، وخاصّة جيل الشّباب، على عالَم الإفك ودُنيا الأوهام التي يُروّج لها أعداء الإسلام والإنسانيّة، وأن يَتقرّبوا أكثر يَوماً بعد آخر نَحو الآفاق السامية الواضحة في الإسلام من خلال استعراضهم لوُجهات نَظر سماحته وآراءه.


مُعاونيّة الثقافة والنّشر
مؤسسة (فقه الثّقليْن)
ربيع عام ٢٠٠٨م
العنوان اللاحق العنوان السابق




جميع الحقوق محفوظة لموقع آية الله العظمى الشيخ الصانعي .
المصدر: http://saanei.org