Loading...
error_text
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: البيانات
حجم الحرف
۱  ۲  ۳ 
التحميل المجدد   
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: خطاب آية الله العظمى الشيخ الصانعي أمام حشود من المعزّين بمناسبة الذكرى السنوية لرحيل النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم وسبطه الحسن عليه السلام
خطاب آية الله العظمى الشيخ يوسف الصانعي بمناسبة الذكرى السنوية لرحيل النبي الأكرم خطاب آية الله العظمى الشيخ الصانعي أمام حشود من المعزّين بمناسبة الذكرى السنوية لرحيل النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم وسبطه الحسن عليه السلام
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم


يصادف اليوم مناسبة أليمة علينا وعلى جميع مسلمي العالم، وهي الذكرى السنوية لرحيل نبي الإسلام صلى الله عليه وآله وسلم، محمد بن عبدالله الصادق الأمين، وكذلك يصادف شهادة سبطه الأكبر الإمام الحسن بن علي عليه السلام، وبهذه المناسبة الأليمة نعزّي أولاً إمام زماننا وصاحب عصرنا (عجل الله فرجه الشريف)، ثم أنتم أيها الإخوة الأعزّاء ثانياً، حيث أتيتم من كلّ صوب معزّين ومتألمين، ومنكم من طلبة العلوم الدينية من رجال الدين، وغير رجال الدين ومن عموم الناس المخلصين لهذا النبي وأهل بيته عليهم السلام، الذين لم يشدّوا رحالهم إلى هنا، ولم يكن عزاؤهم إلاّ لكسب رضا الله تعالى.
ثـقّّوا ـ أيها الاخوة الأعزّاء ـ أنّ الله تعالى سيوفي أجوركم بأحسن ما يكون من جزاء ؛ لما قمتم به، وجئتم لأجله؛ لأنّنا نعتقد جميعاً أنّ الحياة غير تامة ولا مستمرة في هذه الدنيا، وليس كلّ شيء فيها تاماً وكاملاً، ولا راحة فيها ولا استقرار، وإنّما هي دار ممر، فأساس الحياة الحقيقية هو بعد الموت: الدار الآخرة ( إنَّ الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون) فالحياة الواقعية هناك في تلك الدار، وليست هنا في هذا الدار الدنيا، وكلّ المخلوقات في هذه الدار إنّما هي للعمل وكسب الأجر، ولتتخطّى طريق الكمال بالعمل الصالح، وأنّها سوف تراه في الدار الآخرة، التي هي دار حساب ولا عمل، وهناك تجد حظّها الأوفر وسعادتها الحقيقية.
وهنا أرى من المفيد أن أذكر عبارةً ذات معنىً نُقلت عن إمام الأمة الراحل (رضوان الله تعالى عليه)، وردت في الجلد الثالث من الأسفار، صرّح بها الإمام قبل ما يقارب 60 عاماً خلت، في محضر درسه الشريف في مدينة قم المقدسة، حيث كان (رحمه الله) يدرّس الفلسفة آنذاك لطلبة الحوزة العلمية، ودوّنها أحد تلاميذه ـ المرحوم آية الله عبد الغني الأردبيلي ـ ضمن تقريراته. وإنّني أذكرها راجياً إخوتي وأبنائي من الطلبة ورجال الدين أن يطالعوا هذا الكتاب وحواشي الإمام عليه، ويمعنوا النظر فيه، ومن لم يفهم مطالبه فهو ولاشك قرأ ظاهرها ولم يمعن النظر في باطنها، وباطنها عميق ربّما يعسر على الكثيرين فهمه.
وعلى كلّ حال فالإمام (رضوان الله عليه) كان يتحدّث في محضر درسه عن مسألة المعاد الجسماني والحركة الجوهرية التي أدلى بها الملاّ صدرا صاحب الأسفار، فيقول(رضوان الله عليه): وإن لم يكن وحي الله، ولا خطاب الأنبياء والأولياء، ولم يكن هنالك قرآن ولا توراة ولا إنجيل، بل ولم تكن عشرات الأدلّة النقلية والعقلية الأخرى التي تؤكّد وقوع المعاد الجسماني، بل وحتّى لو لم يكن النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم ليبيّنه ولا أحد من الأئمة من بعده، فإنّه يكفي مع برهان العقل والحركة الجوهرية التي يقول بها الملاّ صدرا إثبات وقوع المعاد الجسماني، وأنّه لابدّ من وقوع المعاد الجسماني ولازمٌ أيضاً، وأنّ وقوعه من الحتميات. ويقول: مع وجود البرهان العقلي والفلسفي يمكن إثبات وقوع هذا المعاد.
لكن السؤال هنا: ما معنى المعاد الجسماني؟ إنّه يعني بكلّ بساطة أنّنا جميعاً ـ أنا وأنت وكلّ الناس ـ سوف نُحشَر كما نحن عليه بكلّ أعضائنا السمعية والبصرية، وسائر جوارحنا البدنية لكن بأعضاء متناسبة مع الشخص نفسه، فكما يُثاب هذا الشخص على أعماله الصالحة، كذلك يُعاقب على ما اقترفه من ذنوب وأعمال طالحة.
وبناءً عليه فهناك حياة أخرى غير حياتنا الدنيا، وإنّنا سنُحشر مرتين بجميع أعضائنا وجوارحنا البدنية، وإنّه ستتجلّى لنا أعمالنا جميعاً: الصالحة والطالحة. وكذلك مشهد التعزية هذا الذي أنتم عليه سيتجلّى بوضوح هناك وبصورة علنية (فمن يعمل مثقال ذرّة خيراً يره) وسنرى نحن جميعاً كسائر الناس هذا المشهد بجلاء.
إنّ إخلاصكم وحماستكم في هذا العزاء المبارك، وضربكم على الرؤوس والصدور، وبكاؤكم ونحيبكم سيظهر للعيان وبصورة جليّة هناك، وكذلك حضوركم هنا، رجال الدين وغيرهم، في هذا المجلس سيظهر عياناً جلياً على رؤوس الأشهاد، وسترونه واضحاً جلياً بعينه وشخصه لا بجزائه (فمن يعمل مثقال ذرةٍ خيراً يره).
أسال الله تعالى أن يرينا في أعمالنا هذه السرور، وأن تؤتي في ذلك اليوم الموعود، والمشهد المأمول، حسن نتائجها لصالحنا إن شاء الله.
أعزّائي وأحبّتي وإنّني إذ انتهز هذه الفرصة لأُشير إلى أمرين هامين يمسّنا جميعاً نحن المسلمين:
الأول: يحاول أعداء الإسلام وأذنابهم اليوم ضرب البنية التحتية للإسلام، وتقويض أُسس التشيّع في العالم، كما ويحاول بكلّ السبل كبح جماح هذا الانتشار الواسع للإسلام، عن طريق منع كلّ ما يروِّج له من أفكار وشعارات وشعائر، ويجهد حثيثاً ليقتلع شجرة فقه الإمام الصادق والباقر عليهما السلام من جذورها، من خلال تعطيل كلّ عوامل خلود هذا الفقه وتألّقه، عن سابق إنذار أم لا، لا فرق في ذلك، عن وعي تام وتصميم مسبق، وهو ما تقوم به بعض الدوائر والمؤسسات الغربية المشبوهة خلف الكواليس من نشاطات عدوانية، ووضع المشاريع والمكائد من أجل استئصال الإسلام، أو عن غير وعي وإدراك وهو ما يقوم به البعض من ممارسات يتصوّرون أنّها نافعة ومفيدة للإنسان المتحضّر، مثل رميهم بالانتقادات اللاذعة لمظاهر العزاء التقليدية الجارية بين الناس.
وتذكّروا يا أعزائي أنّ كلّ كلامٍ أو خطاب يوجّهه أيٌّ كان، ينتقد فيه مظاهر التعزية الحسينية أو النبوية، فهو مرفوض بالمرّة، لأنّ أفقه فقهائنا، وأعلم علمائنا، وأكيس المؤمنين والزهّاد، واقصد به الإمام الراحل (رضوان الله عليه) كان يقول وبصراحة: حافظوا على شعائرنا ومظاهر العزاء التقليدية.
لقد تحدّثت قبل لقائي معكم مع جناب الشيخ آية الله الكاظميني حول هذه المسألة، وأنّه قال لي: لقد كان الإمام (رضوان الله عليه) من الناس الذين لا تهمّهم الدنيا وزخارفها، وأنّه في الواقع كان من أهل الآخرة، وهذه الميزة قد اشتهر بها عند الجميع، وأنّه كان يؤكّد مراراً على المحافظة على مظاهر التعازي الحسينية، لأنّها تثير في الناس روح الفداء والتضحية، وهي التي حمت الإسلام وجعلته حيّاً في القلوب على طول السنوات الماضية.
وأنتم يا أعزائي وآباؤكم كنتم تدعونا إلى مجالسكم، وكنّا نرتقي منابرها المشرّفة، وأنتم أيضاً كنتم ـ ومازلتم ـ تملأون الساحات والميادين ـ فضلاً عن المساجد ـ عند إقامة الجماعة والجمعة، فأنتم الذين حفظتم الإسلام ووفّرتم الحماية لشعائره، بتمسّككم بأحكامه النورانية وتعاليمه الرشيدة. فتذكّروا جيداً ـ يا أعزائي ـ ولا تنسوا أنّ أعداء الإسلام ومخالفيه مازالوا يتربّصون بكم الدوائر، ولم يتوانوا في عمل أيّ شيء لتضعيفنا، وسلب القوة والإيمان منّا بشتّى الطرق، فمرّة يقولون: إنّ مجلس عزاء فلان كان متطرّفاً، وقد يضع بلادنا تحت طائل السؤال! وأخرى يبثّون عن طريق وسائل الإعلام (والهواتف المحمولة!) بأنّ المكان الفلاني سيقام فيه مجلس عزاء كذا وكذا فلا تحضروه !! أو يتناقلون أخبار هذه المجالس للسخرية وإضحاك الآخرين علينا !! لا أدري ما هي العلّة من ضجرهم من هذه المجالس، وما سبب سخطهم منها ؟
ألم يُخبروا أنّه الحبّ الحسيني، والعشق النبوي الخالص؟ ويعلموا أنّه العلاقة الحميمة التي تربط المسلم الشيعي بهذه المجالس؟
إنّنا قوم قلوبنا معجونة بحبّ الحسين عليه السلام، والحماسة الشديدة لإقامة المجالس للبكاء والحزن على كلّ أبناء النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم الطاهرين المعصومين، ولا هدف لنا إلاّ العزاء والنحيب، ومواساة أهل بيت النبي (عليه أفضل الصلاة والسلام)، ولذا فلا يحقّ لي ولا لغيري سلب هذا الحبّ الفطري من الناس، أو نسخر ممّا يقوم به هؤلاء المعزّون، أو نعترض على إقامتها طول أيام السنة.
فلا تنسوا يا أعزائي أن تحافظوا بقوة على مجالس ومظاهر التعازي النبوية والحسينية، وتأتسوا بآدابها وأخلاقها، وتتمسّكوا بإقامتها بكلّ أبعادها، ودعوا الآخرين يقولون ما يشاؤون، فهم يفرحون في اليوم الذي نخلع فيه ثيابنا السوداء، ولا نحزن على مصاب النبي وأولاده الطاهرين (صلوات الله عليهم)، لأنّهم يعلمون جيداً أنّنا لو أعرضنا عن جميع مظاهر العزاء والشعائر الحسينية، فسوف يكون إعلاناً بقتل ديننا، وتدنيس مقدساتنا، وحينئذٍ لم يبق لنا شيء البتة.
الأمر الثاني: للأسف الشديد نشهد هذه الأيام المرة الثانية من شنّ الحملات الشعواء التي تقوم بها الصليبية الحاقدة، والمتمثلة بالإساءة إلى شخص نبينا الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم وبأساليب وتقنيات مختلفة، فعندما عجزوا عن نيل مرادهم حينما كانوا يطعنون بالدين وبالقرآن، وألصقوا التهم، وراحوا يتوسّلون بكلّ الوسائل والإرهاصات لردّ القرآن وفكره الثاقب، صاروا يوجّهون اهتمامهم ـ حينما أفلسوا من طريقتهم السابقة ـ إلى شخص النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم، ويشنّون حرباً لا هوادة فيها؛ ابتغاء الإساءة إليه، وتشويه صورته عند الرأي العام العالمي عن طريق توجيه الإهانة بشكل صور كاريكاتورية وأفلام مزخرفة ظنّاً منهم أنّهم يستطيعون أن ينالوا منه (صلوات الله عليه ) وهو النبي الذي بُعث رحمةً للعالمين، الذي يقول إنّ الناس جميعاً عندي كأسنان المشط، لا فضل لأحد على أحد، كل الناس أبناء لآدم وحواء، وآدم وزوجه من تراب.
والإسلام الذي جاء به هو دين الرحمة والرأفة والعدل والأنصاف، وأنّه جمع كلّ حقوق البشر، وجميع الحريات في قانون واحد أسماه «الإنصاف». فالأنصاف ـ كما أراه ـ قانون، وهو حقّ، وتكليف أيضاً، وهذا القانون يفرض علينا أن نحبّ للآخرين ما نحبّ لأنفسنا، وأن نكره لهم ما نكرهه لأنفسنا. وجميع بنود حقوق البشر إنّما تكمن في هذه الجملة المختصرة، وكذلك كلّ الحرّيات التي تدعو لها المنظمات اليوم تكمن فيها، لكن رغم كلّ ذلك، وسيرته التي تُخبر عن سلوكياته العطوفة طول حياته، ودوره الجبّار في إنقاذ البشرية جميعاً من الضياع والهلاك، ومن الدمار والظلام، ومن الجهل والعمى، ومن عبادة النار والحجر والبقر، ومن الضلال وتفاهة العيش والتخلّف والفقر والجوع المدقع آنذاك، وانتفع بنوره وهدايته ورشاده سكان الشرق والغرب، رجال وعلماء الشرق والغرب... نجدهم رغم ذلك ينكرون فضائله ونوره، ويسيئون إليه بوصفه وتصويره بأشنع الأوصاف والصور!
إنّني أوجّه ندائي إلى هؤلاء الطغاة العتاة فأقول لهم: إذا أردتم أن تدركوا عظمة هذا النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم، وتقفوا على ما أنجزه من مشاريع وأعمال حضارية للإنسانية، فعليكم أن تعودوا إلى الوراء، إلى زمانه صلى الله عليه وآله وسلم، أي قبل (1400) سنة مضت أو أكثر بقليل، وتطّلعوا على الظروف والأوضاع التي كانت محيطة بالمجتمع الإنساني آنذاك، وكيف كان المستوى الحضاري لآسيا وأوربا وأفريقيا، ثم كيف صار الحال بعد بعثته المباركة، وكلّ ذلك بفضل ما جاء به من أطروحة ربّانية إلى البشرية جمعاء، ونظم حضارية رفيعة وسامية لتنظيم شؤون حياة الناس الشخصية والاجتماعية، وما أرى من دعائم الحرية والمساواة والعدل والأنصاف، في وقتٍ كانت أوربا تعيش في ظلمة الجهل والظلم والأمية والتفرقة العنصرية المقيتة.
ولا يخفى على المراقب اليوم أنّ مراكز القوى الدولية، وأذنابها من مؤسسات التبشير، والدوائر الصهيونية والاستعمارية، إذ تشنّ حملاتها المسعورة للإساءة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، قد صاحب ذلك نشاطات إرهابية يراد منها إثارة عوامل الضغط الدولي على الإسلام والمسلمين في العالم، وإغواء البعض بتنظيم عمليات مسلحة وإرهابية هنا وهناك لإقناع الرأي العام الدولي بأنّ ما يقال من أنّ الإسلام هو دين الإرهاب والسيف، هو حقيقة وواقع، وبذلك يشكّكون بحقيقة كون الإسلام دين الرحمة والمسامحة والأُخوّة، فيضربون عظمة هذا الدين من خلال تشويه صورته عند الرأي العام.
وإنّني هنا أنصح وأكرر نصحي لأولئك الأشقياء الذين لا يكفّون عن توجيه الإساءة لنبي الرحمة والعدل صلى الله عليه وآله وسلم، ولا يرتدعون عن ممارسة كلّ ما يلزم لتشويه صورة الإسلام الناصعة، واستخدام كل الوسائل الإعلامية: أفلام، صور... في بلد كالدانمارك أو في غيره من بلدان أوربا وأميركا الشمالية، أنصحهم أن يكفّوا عن ذلك ويدعوا المسلمين وشأنهم، فإنّ مثل هذه الأعمال المشينة تخالف مبادئ الحرية والإنسانية معاً، ولا تنفع شيئاً سوى تكريس المزيد من الحقد والعداوة والحروب.
وإنّني بعنوان أحد رجال الدين وطلاب العلوم الدينية، وكوني أحد دعاة حقوق البشر، والمتحمسين إلى إطلاق الحريات المشروعة للإنسان أينما كان، أقول لهؤلاء الأشقياء الأدعياء: كفّوا عن هذه الألاعيب ودعوها، فقد جرّبتموها من قبل ولم تنفعكم، كما جرّبها آباؤكم وأجدادكم من قبل، فلم تنفعهم شيئاً بل ازدادوا بها بواراً. وإن قيل: إنّها تعدّ من صور حرية التعبير عن الرأي، قيل: لا يصحّ كلامكم، لأنّ الحرية لا تعني توجيه الإهانات للآخرين، وجرح مشاعرهم، وكيل الأذاء إليهم، ولا تعني أيضاً الاجتناء على مليار مسلم في العالم وجرح مشاعرهم لإرضاء غريزة وإثارة عدوانية مرفوضة، وهل ترضون أنتم أن يأتي من يجني عليكم، ويجرح مشاعركم، ويطعن في مقدساتكم، وكلّ ذلك باسم حرية التعبير؟ أم هل تقبلون أن تدعوا مسلماً واحداً يتجرّأ ويسيء إلى مقدساتكم الدينية؟
إنّ الحرية تعني ـ بكلّ بساطة ـ رعاية حقوق الكلّ، واحترام الآخرين، وإلاّ فهي الحيوانية ونظام الغاب !
وأمّا البعض المسخَّر، وباسم الفن والحرية في النشر، يكتب ويرسم ما يشاء من دون وازع ضمير، وينشره في الصحف والمجلات، فهؤلاء مثيرون للشفقة؛ لأنّهم يفتقدون لأبسط القواعد الأخلاقية ويدّعون التحضّر، إنّهم في فوضى يعمهون.
وهذا اليوم ـ إيّها الإخوة الأعزّاء ـ ومن جوار حرم ثامن الأئمة عليه السلام، أحذّر كلّ أولئك البؤساء، ومن تسوّل له نفسه لممارسة مثل هذه الأعمال المسيئة أن يكفّوا عن ذلك، ولا يكرّروا فعلتهم الشنيعة مرةً أخرى، وأن يدعوا الناس يعيشون بأمان وسلام واطمئنان. وليعلموا أنّهم لو أرادوا تكرار ذلك مرة أخرى، فإنّ المسلمين سوف لن يرضوا عن ذلك، ولن يهدأ لهم بال أبداً، وهل تطلبون من المطعون ظلماً هدوءاً ؟
هذا، ولو أنّني أخالف كلّ أشكال العنف وأنواعه وصوره، إلاّ أنّني أقول في هذا المجال: للصبر حدوده، واعلموا أنّه لو جاء اليوم الذي يقع أفرادكم في قبضة المسلمين لمجازاتهم على ما اقترفوه من إساءة وجريرة، فلا تعتقدوا أن ليس ثمة تدبير في البين، لأنه حقّ ونحن لا نستحي من الحقّ، ولا نخشى صراخكم من كون الإسلام يحمي الإرهاب ويعينه! لأنّ الجميع ـ ومنهم أنتم ـ يعلم أنّ الإسلام من أبرز دعاة الديمقراطية الحقيقية من قبل أن تدرك أوربا نفسها معناها، وليس هو من دعاة الإساءة وخدش مشاعر الآخرين أبداً، بل ويدعو إلى معاقبة المسيئين إلى المقدسات أينما كانوا.
ولذا فعلى هؤلاء أن يعلموا هذه الحقيقة المهمة وهي أنّ الأمم الحرة والمسلمة لا تهتمّ بشيء بقدر اهتمامها بالفرائض الشرعية والتكاليف الألهية، وإنّ أبناءهم لا يرجّحون شيئاً على ذلك ولو تعارض مع مصلحة حكوماتهم.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
التاريخ : 2008/03/07
تصفّح: 9580





جميع الحقوق محفوظة لموقع آية الله العظمى الشيخ الصانعي .
المصدر: http://saanei.org