|
الجواب عن الإشكال الثاني
قال صاحب “مستند الشيعة”: حتّى إذا قلنا بأنّ هذا العام في الآيات والروايات لا يقبل التخصيص، إلّا أنّ هذه الروايات معارضة بروايات الحرمان، وحيث أنّ مضمون روايات الحرمان مخالف للعامّة، وحيث يقوم الإجماع على طبق مضمون هذه الروايات، تكون روايات الحرمان هي المتقدّمة عليها. إنّ هذا الإشكال يرد عليه: أوّلاً: إنّ هذا الإشكال لا يرد على المبنى الذي اختاره سماحة السيّد الإمام الخميني (سلام الله عليه) وسماحة الشيخ الوالد، وهو المبنى القائل بتقديم الروايات الموافقة للكتاب على الروايات المخالفة للعامّة في مقام التعارض؛ وذلك لأنّ المرجّح الأوّل هو موافقة الكتاب. وثانياً: إنّ الشهرة المدّعاة في المسألة ـ ناهيك عن الإجماع ـ موضع نقاش؛ إذ أنّ هناك ـ كما تقدّم ـ ستّـة أقوال في هذه المسألة. وعليه، كيف يُدّعى الإجماع في مسألة وقع الخلاف حولها بين المجتهدين، وقد ورود الروايات المتعارضة والمتفاوتة؟! قد يقال: إنّ الحرمان في الجملة مورد قبول جميع الفقهاء، وهذا المقدار يكفي في ترجيح الروايات المتعارضة. إلّا أنّ هذا الكلام غير صحيح؛ إذ بناء على ما ورد في مقبولة عمر بن حنظلة في باب المرجّحات بين الروايات المتعارضة إنّما تكون الشهرة ملاكاً للترجيح إذا لم يكن هناك شكّ في الخبر الموافق للشهرة من جهة، وأن يوجب القطع واليقين ببطلان الرواية المخالفة للشهرة من جهة أخرى. بعد الالتفات إلى هذا التوضيح، نتساءل: هل هناك من شهرة عمليّـة في هذه المسألة على مورد واحد تشتمل على الخصائص المتقدّمة، ويمكنها أن تكون هي المرجّحة؟ ثمّ إنّ وجود الإجماع، هو في الجملة كالعدم؛ إذ أنّ دعوى الإجماع في مسألة إرث الزوجة لم تثبت إلّا بالنسبة إلى بعض الأقوال، ولم يقم في مورد واحد، وهو (أصل مسألة حرمان الزوجة). جدير بالذكر أنّ جميع ما ذكر في الأجوبة عن إشكالات صاحب “مستند الشيعة” على الصحيحتين الأوليين، يرد في الصحيحتين التاليتين أيضاً. رغم أنّ بالإمكان القول: في الصحيحتين الأخيرتين (أي صحيحة عُبيد بن زرارة، والفضل بن أبي العبّاس)[1] لم يرد ذكر في سؤال السائل كلام بشأن الأرض والدار، كي يقال كما قيل في الصحيحتين الأوليين: إنّ العام نصّ في شمول هذين الموردين، وبالتالي فإنّ هذا التنصيص يؤدّي إلى وقوع التعارض بين هاتين الروايتين وروايات الحرمان، ويكون هذا التعارض على نحو التباين. فنقول في الجواب عن ذلك: رغم عدم ورود هذين الموردين في سؤال السائل، مع أنّهما يشكلان أصل الاختلاف القائم بين العامّة والخاصّة، إلّا أنّ الإمام المعصوم (ع) يجب عليه ـ طبقاً لعلمه بأنّ الأرض والدار هما القدر المتيقّن من الاختلاف بين العامّة والخاصّة ـ أن يجعل جوابه شاملاً لهذي الموردين أيضاً. وعليه، إذا لم نقل إنّ العام في هاتين الصحيحتين نصّ في الدار والأرض، فلا أقلّ من القول: إنّه كالنصّ في هذين الموردين. وعلى هذا البيان يكون تعارض هاتين الصحيحتين مع روايات الحرمان، تعارضاً بالتباين أيضاً. ثمّ إذا قلنا إنّ الدار والأرض ليسا مشمولين لهذا العام، لم يكن تشبيه الإمام (ع) إرث الزوجة من الزوج؛ إذ قال: “وإن ماتت فهو كذلك” صحيحاً؛ لأنّ الإمام قد أراد من خلال عطف الجملة الثانية: “وإن ماتت فهو كذلك” أن يبيّن حكم إرث الزوج من الزوجة ـ أي توريث الزوج من مطلق أموال الزوجة ـ فإذا قلنا بالتخصيص فيما يتعلّق بالجملة المعطوفة عليها، وجب علينا القول بالتخصيص في الجملة المعطوفة “فهو كذلك” أيضاً، في حين لم يقل أحد من الفقهاء بمثل هذا التخصيص أبداً. ------- [1]. انظر: وسائل الشيعة 21: 329، الباب: 58، الحديث: 9.
|