Loading...
error_text
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: مكتبة دينية
حجم الحرف
۱  ۲  ۳ 
التحميل المجدد   
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: مصباح [2] التغيير الحسّي والتقديري

مصباح [2] التغيير الحسّي والتقديري مصباح [2]

[ التغيير الحسّي والتقديري ]

مناط التنجيس هو التغيير الحسّي، دون التقديري ; وفاقاً لظاهر المعظم، وصريح الشهيدين [333]، وجماعة من المتأخّرين [334]. وفي الذكرى [335]، والروض [336]: أنّه ظاهر المذهب. وخلافاً للعلاّمة [337]، وولده [338]، والمحقّق الكركي [339]، وابن فهد في موجزه [340]، حيث اكتفوا بتقدير الصفة في النجاسة المسلوبة الأوصاف.
لنا: الأصل، وتبادر الحسّي من إطلاق التغيير، وصحّة السلب عن غيره. فإنّ التغيير حقيقةً هو انتقال الشيء من صفة إلى غيرها، وهذا منتف مع التقدير ; لأنّ الصفات الثلاث من شأنها أن تدرك بالحسّ مع سلامة الحاسّة، وانتفاء المانع، فعدم الإحساس بها مع وجود الشرائط دليل على انتفائها في الواقع، فينتفي الحكم المنوط بها.
وأيضاً فاعتبار التقدير في مسلوب الصفة يقتضي اعتباره في فاقدها، وفي الواجد الضعيف منها، واعتباره في النجاسة يقتضي اعتباره في الماء أيضاً، فيجب تقديره وسطاً في العذوبة والملوحة والرقّة والغلظة، فإنّ لها أثراً بيّناً في قبول التغيير وعدمه، والأوّلان [341] باطلان بالإجماع، وكذا الثالث [342] ; فإنّ الظاهر من كلام القائلين بالتقدير اعتباره في النجاسة خاصّة دون الماء، وإن احتمله بعض المتأخّرين [343] تفريعاً على هذا القول.

[ أدلّة القول باعتبار التغيير التقديري: ]

احتجّوا [344]: بأنّ التغيير الذي هو مناط التنجيس دائر مع الأوصاف، فإذا فقدت وجب تقديرها.
وأنّ المقهوريّة متحقّقة مع التقدير ; فإنّ الماء كلَّما لم يصر مقهوراً بالنجاسة لم يتغيّر بها [345] على تقدير المخالفة، وينعكس (بعكس النقيض) [346] إلى قولنا: كلّ ما تغيّر على تقدير المخالفة، كان مقهوراً.
وبثبوت التقدير في المضاف المسلوب الأوصاف، فيثبت في النجس بطريق أولى.
وبأنّ عدم اعتبار التقدير يفضي إلى جواز الاستعمال، وإن زادت النجاسة على الماء أضعافاً.
وأنّ المنجّس للماء [347] حقيقةً هو غلبة النجاسة عليه، والصفات إنّما اعتبرت كاشفة عن الغلبة المقتضية للتنجيس، فمتى علمت بالتقدير وجب الحكم به ; لوجود المقتضي.

ولا يخفى ضعف هذه الوجوه: فإنّ الوجه الأوّل في مرتبة الدعوى، وكذا الثاني، فإنّا نقول بعدم المقهوريّة، وإن تغيّر الماء على تقدير المخالفة.
والثالث: قياس مع الفارق ; لأنّ التقدير في المضاف ـ على تقديره ـ لئلاّ يصير المطلق مضافاً بواسطة الامتزاج به، والمرجع في الإطلاق والإضافة إلى العرف، فيعتبر التقدير فيه لكشفه عن أمر متحقّق ثابت في الواقع، بخلاف النجاسة، فإنّها أمر شرعيّ متوقّف على الدليل الشرعي، ومقتضاه التنجيس بالتغيير الحسّي دون التقديري.
والرابع: خروج عن محلّ النزاع ; لأنّ الخلاف في تقدير الصفة مع بقاء الماء على إطلاقه، ولا يلزم من انتفائه جواز الاستعمال، وإن خرج عن الإطلاق، كما في الفرض المذكور.
ومنه يعلم الكلام في الوجه الأخير ; فإنّ غلبة عين النجاسة على الماء يقتضي استهلاكه فيها، ومعه يخرج الماء عن الإطلاق.
هذا، إن أُريد غلبة العين بنفسها، وإن أُريد غلبتها من جهة الصفة، ففيه: أنّ الحسّية منتفية بالفرض، والتقديريّة عين المتنازع، على أنّ اعتبار هذه الصفات لو كان لكشفها عن الغلبة ـ كما ادّعاه المستدلّ ـ لزم اعتبار غيرها من الأوصاف أيضاً، فإنّها في الكشف عن الغلبة مثلها. فعلم أنّ المدار على خصوصيّة الصفات المعتبرة، فيثبت الحكم بثبوتها وينتفي بانتفائها.

[ اعتبار التقديري فيما إذا كانت النجاسة موافقة للماء: ]

هذا كلّه فيما إذا كانت النجاسة مسلوبة الصفة. أمّا إذا كانت موافقة للماء في صفته الأصليّة، كما في المياه الزاجية والكبريتيّة، أو العارضة، كما لو وقع في الماء المتغيّر بطاهر أحمر دمٌ: فإنّ الماء ينجس بها قطعاً ; لظهور وصف النجاسة عليه حقيقةً، واقتضاء النجاسة اشتداد الصفة، فيتحقّق به التغيير [348] حسّاً. ولو منع من ظهور التغيير بذات الصفة مانع وأمكن التقدير، ففي وجوبه [349] نظر، وإن ثبت التنجيس على تقدير حصوله.
______________________________________________________ [333]. كما في البيان: 98، والدروس الشرعيّة 1: 118، والروضة البهيّة 1: 30، وروض الجنان 1: 361.
[334]. منهم: السيّد في مدارك الأحكام 1: 29، والشيخ حسن في معالم الدين (قسم الفقه) 1: 146،
والشيخ البهائي في حبل المتين (رسائل الشيخ بهاء الدين) : 106، والمحقّق السبزواري في ذخيرة المعاد: 116، السطر 38، والخوانساري في مشارق الشموس: 203، السطر 33.
[335]. ذكرى الشيعة 1: 76.
[336]. روض الجنان 1: 361.
[337]. كما في: قواعد الأحكام 1: 183، منتهى المطلب 1: 21. وحكاه في مفتاح الكرامة 1: 116 عن المختلف، ولم نجده فيه، وذكر في مقابس الأنوار: 57، أنّ النسبة سهو.
[338]. ايضاح الفوائد 1: 16.
[339]. جامع المقاصد 1: 114 ـ 115.
[340]. الموجز (المطبوع ضمن الرسائل العشر لابن فهد) : 36، و فيه: «فما كان منه جار نابع لم ينجس بدون تغيّره ـ وإن قلّ ـ في أحد أوصافه، لوناً، أو طعماً، أو رائحاً، كالحرارة والبرودة، ولو تقديراً وسطاً منه». ونسب إليه هذا القول في مفتاح الكرامة 1: 116، ولم يذكر المصدر. واعلم أنّ هذه العبارة لاتخلو عن اضطراب، والمظنون سقط شيء منها قبل: «كالحرارة والبرودة».
[341]. أي: اعتبار التقدير في فاقد الصفة والواجد الضعيف منها.
[342]. أي: اعتبار التقدير في الماء.
[343]. هو السيّد السند في مدارك الأحكام 1: 30 ; فإنّه بعد ذكر القول باعتبار التغيير الحسّي وأدلّة الطرفين، فرّع عليه قول المحقّق الكركي في اعتبار أوصاف الماء وسطاً.
[344]. أي: القائلون بالتقدير.
[345]. «بها» لم يرد في «ل» و«ن».
[346]. مابين القوسين لم يرد في «ش» و«ل» و«د».
[347]. «للماء» لم يرد في «ل».
[348]. في «ن»: «التغيّر».
[349]. الضمير يرجع إلى التقدير.

العنوان اللاحق العنوان السابق




جميع الحقوق محفوظة لموقع آية الله العظمى الشيخ الصانعي .
المصدر: http://saanei.org