Loading...
error_text
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: دروس خارج الفقه
حجم الحرف
۱  ۲  ۳ 
التحميل المجدد   
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: الشرائط المعتبرة في القصاص (درس30)
الشرائط المعتبرة في القصاص (درس30)
الدرس دروس خارج الفقه
_AyatollahSanei
القصاص
الدرس 30
التاريخ : 2008/12/15

بسم الله الرحمن الرحيم

مسألة 1: لو امتنع ولي دم المرأة عن تأدية فاضل الدية أو كان فقيراً ولم يرضَ القاتل بالدية أو كان فقيراً يؤخَّر القصاص إلى وقت الأداء والميسرة.
في (الجواهر): (ولو امتنع الولّي من ردِّ الفاضل أو كان فقيراً ففي (القواعد): (الأقرب أنَّ له المطالبة بدية الحرة وإنْ لم يرض القاتل، إذ لا سبيل إلى طلّ الدم)[1] وفيه: أنَّ المتَّجه العدم بناءً على أنَّ الأصل فيها القود، والدية إنَّما تثبت صلحاً موقوفاً على التراضي، فمع عدم رضا القاتل تقف مطالبته بالقصاص على بذل الولي الزائد، وامتناعه عن ذلك لا يوجب الدية، بل وكذا فقره، بل أقصاه التأخير إلى وقت الميسرة، وليس مثل ذلك طلاً، كما هو واضح)[2].
وفيه: أنَّ ما أورده على (القواعد) تمام، لكنَّ إلحاق الفقر بالامتناع محلّ إشكال، بل منع; لأنَّه لايبعد القول بانصراف أخبار الردِّ إلى القادر من الأولياء، فإنَّه القابل للتكليف بذلك، والمتعارف في السؤال والجواب، وعليه فلابدّ للوليّ من القصاص قضاءً للأصل في القتل.
وبالجملة، الحكم بالردِّ على تمامية أصله على خلاف الأصل، فإنَّ الأصل القصاص والنفس بالنفس فلا بدّ من الاقتصار على القدر المتيقن وهو الوليّ القادر على الردِّ والأمر في المسألة على المختار من عدم تماميّة أصل الردِّ واضح، ولا تصل النوبة إلى مثل هذه الفروع.
مسألة 2: يقتصّ للرجل من المرأة في الأطراف(1)، وكذا يقتص للمرأة من الرجل فيها من غير ردٍّ، وتتساوى ديتهما في الأطراف ما لم يبلغ جراحة المرأة ثلث دية الحرّ، فإذا بلغته ترجع إلى النصف من الرجل فيهما، فحينئذ لا يقتصُّ من الرجل لها إلاّ مع ردِّ التفاوت(2).
(1) بلا خلاف ولا إشكال، بل عليه الإجماع وعمومات القصاص والاعتداء بالمثل.
وفي (الجواهر): (أمّا الأطراف فلا خلاف ولا إشكال في أنَّه يقتصّ للرجل منها من دون رجوع له زائد عن الجرح)[3].
(2) ما في المتن شبيه بما في (الشرائع)[4] ، وفي (الجواهر) في ذيله: (على حسب ماسمعته في النفس، للنصوص المستفيضة المعتضدة بعمل الأصحاب من غير خلاف محقَّق أجده فيه، بل عن (الخلاف) الإجماع عليه)[5].
والاستدلال بالأخبار في المسألة كالاستدلال بها في النفس غير تامٍّ من جهات:
أحدها: المخالفة مع آيات العدل والحقّ ونفي الظلم عن الربِّ من الآيات العامّة في الكتاب وأخبارها من السنّة مثل ما مرَّ في أخبار النفس، فإنَّ الحكم على المرأة المقطوع يدها ظلماً بلزوم ردِّ ربع الدية على الرَّجل القاطع ـ إنْ أرادت قطع يده قصاصاً ـ ظلم وباطل وخلاف للحقِّ والعدل، فالأخبار الدالّة على ذلك مخالفة للكتاب والسنّة الدالّة على عدمها في الإسلام وفي أحكام الشرع وسبحانه تعالى من أمثال ذلك علوّاً كبيراً.
والإشكال بعدم المخالفة بالتخصيص وبأنَّها كثيرة وبأمثالهما من المحاذير فقد مرَّ الجواب عنه في أخبار النفس، فالجواب هنا عين الجواب فيها حرفاً بحرف.
هذا، مع أنَّ كلَّ أخبار المسألة المنقولة في الكتبالأربعة لا تزيد غايتها عن عشرة، مع احتمال الاتّحاد في بعضها كما يظهر لمن يراجعها.
ثانيها: المخالفة مع قوله تعالى: (وَالجُرُوحَ قِصَاصٌ)[6] و(الحُرُمَاتُ قِصَاصٌ)[7] وغيرهما من آيات القصاص والاعتداء والردّ بالمثل، فإنَّ لزوم ردِّ مقدار من الدية في المرأة في الجروح الزائدة عنالثلث مخالف للقصاص في الجروح والمماثلة فيها، فكما أنَّ القصاص في جروح الرجلين أو المرأتين بالجرح فقط فلا بدَّ من أنْ يكون الأمر كذلك في قصاص الرجل بالمرأة; لعدم الفرق عرفاً من حيث صدق القصاص والاعتداء بالمثل في المصداقين.
وشبهة التخصيص منتفية بإباء ألسنة مثل قوله تعالى: (وَالسَّنَّ بِالسِّنِّ وَالجُرُوحَ قِصَاصٌ)[8] عن التخصيص كما لا يخفى.
وتوهُّم أنَّه بعدما كانت الدية في المرأة فيما زادت على الثلث راجعة إلى النصف وكان الحكم في قصاص الأطراف مبنيّاً عليه، فالأخبار الدالّة على لزوم الردِّ حاكمة على آيات القصاص في الجروح والحرمات والاعتداء والرد بالمثل حيث إنَّ قطع عضو الرجل بعضو المرأة فيما زادت ديته عن الثلث بلا ردِّ الدية ليس مماثلاً وقصاصاً لعضو الرجل في مقابل عضو المرأة، بل يكون ناقصاً عنه كما لا يخفى، بل من ذلك يظهر عدم مخالفة الأخبار لآيات العدل والحقّ ونفي الظلم عن الربِّ كما لا يخفى.
وبالجملة، الباب باب الحكومة وباب بيان الموضوع وتفسيره، فالاستدلال بأخبار المسألة تماماً مدفوع.
أولاً: بعدم كون لسانها لسان التفسير وبيان الموضوع، بل لسانها لسان بيان الحكم والتشريع كما هو الظّاهر، والحكومة دائرة مدار اللّسان كما هو أوضح من أن يحتاج إلى البيان.
وثانياً: بأنَّ ذلك المبنى غير تامٍّ في نفسه وباطل من رأس كما سيأتي بيانه.
وثالثها: التهافت من أخبار المسألة وحكمها، حيث إنَّ اللازم من ردِّ نصف الدية في قصاص الحرّ بأعضاء الحرّة فيما تزيد ديته عن الثلث إلى الحرّ، أخذ نصفه منها في العكس أيضاً؛ أي في قصاص الحرّة بالحرّ فيما تزيد عن الثلث، لئـلاّ يلزم الهدر في نصف العضو المقطوع منه كما لا يخفى، حيث إنَّه يعلم من لزوم الردِّ في الأصل عدم جبران خسارة العضو بالقطع فقط، بل جبرانه به مع ردِّ الزائد، ففي عكسه عدم لزوم الردّ مستلزم للهدر وعدم الجبران بالنسبة إلى النصف من العضو الزائد ديته عن الثلث، فما في الأخبار والفتاوى من اللّزوم في الأصل وعدمه في العكس، ففيه تهافت وتناقض واضح، وفي ذلك التهافت شهادة وحجّة على عدم الحجيّة.
ورابعها: أنَّ المستفاد من النصوص والفتاوى كون الحكم بردِّ التفاوت في المسألة مبنياً على رجوع دية المرأة إلى النصف في الزائد عنالثلث، فتمامية أخبار المسألة منوطة بتمامية ذلك المبنى وبما أنَّ المبنى غير تام على ما نبيّنة، فالاستدلال بها غير تام من تلك الجهة أيضاً.
فعلى ذلك لابدَّ من البحث في دية أعضاء المرأة فأقول مستعيناً باللّه تعالى: إنَّ الأصل قضاءً لإطلاق أخبار الديات في النفس أو الأطراف والأعضاء أو المنافع أو في غيرها عدم الفرق بين الرجل والمرأة، وأنَّ الدية فيها واحدة مطلقاً، بل وما فيه من ذكر الرجل من أخبارها فكذلك من جهة إلغاء الخصوصية العرفيّة كبقيّة الأحكام والأخبار، فذكر الرجل فيهما من باب المتعارف والغلبة من دون الخصوصية، ومناط الحكم بنظر العرف والعقلاء هو العنوان والجهة المذكورة في الرواية وفي دليل الحكم كما يظهر للمراجع والعارف بلسان الأخبار والآيات.
وفي (الجواهر) في آخر البحث عن حرمة النساء على المُحرم وطياً وتقبيلاً وعقداً وغيرها من الاُمور ذات الصلة بهنَّ قال: (والظاهر ثبوت الأحكام المزبورة للمرأة المحرمة كالرجل، ضرورة عدم كونه من خواصِّ الرجل، بل لايبعد إرادة الجنس من المحرم في نحو قوله ـ صلى الله عليه وآله ـ: ((لا ينكح ولا ينكح))، قال في (المنتهى): (لا يجوز للمحرم أنْ يزوِّج ولا يتزوَّج ولا يكون وليّاً في النكاح ولا وكيلاً فيه، سواء كان رجلاً أو امرأة، ذهب إليه علماؤنا أجمع) إلى أنْ قال: (أمَّا غيره فالعمدة فيه الإجماع المزبور، وما يستفاد من الأدلّة من حرمة الاستمتاع للمحرم رجلاً وامرأة، وحرمة مباشرة عقد النكاح له ولغيره، وإلاَّ فقاعدة الاشتراك لا تأتي في مثل ما ورد من النهي عن تقبيل الرجل امرأته، ولا دليله شامل للمرأة، فليس حينئذ إلاّ ما عرفت، فيثبت عدم جواز تقبيلها لزوجها مثلاً وهي محرمة، وعلى هذا القياس، والله العالم)[9].
فانظر إلى استدلاله ـ رحمه الله ـ بالعنوان وأنَّ المناط التلبُّس بالمبدأ وأنّه العمدة في الاستدلال في مثل مسألة الإحرام والحجّ من العبادات فضلاً عن المعاملات، ولا يخفى عليك وضوح المطلب، وإنّما نقلنا هذه العبارة من العبائر الكثيرة مثلها في الأبواب المختلفة في الفقه استشهاداً وتأييداً بكلمات مثله، فإنَّ كلماتهوحدها فضلاً عن كلمات غيره كافية في التأييد كما لا يخفى.
--------------------------------------------------------------------------------
[1] - قواعد الأحكام 2: 284.
[2] - جواهر الكلام 42: 82.
[3] - جواهر الكلام 42: 85.
[4] - شرائع الإسلام 4: 980.
[5] - جواهر الكلام 42: 86.
[6] - المائدة: 45.
[7] - البقرة: 194.
[8] - المائدة: 45.
[9] - جواهر الكلام 18: 317.
الدرس اللاحق الدرس السابق




جميع الحقوق محفوظة لموقع آية الله العظمى الشيخ الصانعي .
المصدر: http://saanei.org