Loading...
error_text
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: دروس خارج الفقه
حجم الحرف
۱  ۲  ۳ 
التحميل المجدد   
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: الشرائط المعتبرة في القصاص (درس38)
الشرائط المعتبرة في القصاص (درس38)
الدرس دروس خارج الفقه
_AyatollahSanei
القصاص
الدرس 38
التاريخ : 2008/12/14

بسم الله الرحمن الرحيم

وأمَّا السنة: ففي (مجمع الفائدة والبرهان): والأخبار من طرق العامة مثل: ((لا يقتل المسلم بكافر)) العامّ الشامل لمطلق الكفار، ومن طرق الخاصّة مثل: روايةمحمّد بن قيس عن أبي جعفر ـ عليه السلام ـ: ((لا يقاد مسلم بذمّي في القتل ولا في الجراحات، ولكن يؤخذ من المسلم جنايته للذمّي على قدر دية الذمّي ثمانمائة درهم))[1]. قال في (شرح الشرائع): هي كثيرة وهو أعرف[2].
ويظهر من (الجواهر)[3] بل صريحه: أنّ النصوص مستفيضة أو متواترة، ولعلّ نظر مثل (شرح الشرائع)[4] كـ(الجواهر) إلى الأخبار المفصّلة في قتل المسلم بالكافر بين المعتاد وغيره المنقولة في (الوسائل) في الباب المعنون بأنَّه (لا يقتل المسلم إذا قتل الكافر إلاّ أنْ يعتاد قتلهم فيقتل بالذمّي بعد ردّ فاضل الدية)[5] كصحيحةإسماعيل بن الفضل الهاشمي قال: سألت أبا عبد الله ـ عليه السلام ـ عن دماء المجوس واليهود والنّصارى هل عليهم وعلى من قتلهم شيءٌ إذا غشّوا المسلمين وأظهروا العداوة لهم؟ قال : ((لا، إلاَّ أنْ يكون متعوّداً لقتلهم)) قال: وسألته عن المسلم هل يقتل بأهل الذمّة وأهل الكتاب إذا قتلهم؟ قال: ((لا إلاّ أنْ يكون معتاداً لذلك لايدع قتلهم، فيقتل وهو صاغر))[6].
وصحيح محمد بن الفضيل عن أبي الحسن الرضّا ـ عليه السلام ـ مثله[7].
وما عن إسماعيل بن الفضل مثله بسند آخر[8].
وما عنه ثالثاً عن أبي عبد الله ـ عليه السلام ـ قال: قلت له: رجل قتل رجلاً من أهل الذّمة، قال: ((لا يقتل به إلاَّ أنْ يكون متعوّداً للقتل))[9].
وهذه هي الأخبار الخمسة المستدلّ بها ظاهراً، لكن في الاستدلال بغير الأُولى وهي صحيحة ابن قيس مالا يخفى ، فإنَّ الظاهر كونها مربوطة بالجزاء وحقّ الله في قتل المسلم أهل الذمّة والمجوس واليهود لا القصاص وحقّ الناس، حيث إنّ السؤال والجواب عن قتل المسلم بأهل الذمّة إذا قتلهم، الظاهر في الموضوعيّة وعدم دخالة شيء آخر في الموضوع من مطالبة بالقصاص وردّ فضل دية المسلم مع إرادة القود، هذا مع أنَّه ليس فيها ما في جلّ أخبار القصاص بل كلّها من التعبير بالقود والقصاص.
وممّا يؤيّد الظهور بل يشهد عليه أيضاً أنَّه لا إبهام في قتل المتعوّد من حيث المُطالِب (بالكسر) من أولياء المقتولين، وأنَّه هل هو أولياء مقتول الأخير أو كلّهم؟ ولا إبهام أيضاً من حيث ردِّ الفاضل من دية المسلم من أنَّه هو الفاضل عن دية الأخير أو عن دية كلّ المقتولين ممَّن يكون قتلهم سبباً لصدق الاعتياد; وذلك لأنَّ قتل المتعوّد على ذلك الظاهر يكون من باب الجزاء والحدّ المنتفي فيه الإبهامين من باب السالبة بانتفاء الموضوع، فإنَّه ليس في الحدّ لا ردّ ولا مطالبة، وهذا بخلاف القصاص المعتبر فيه الأمران، وما في كلماتهم من الإبهام فيهما والبحث عنهما إنّما هو على مذهب من يجعل قتل المتعود قصاصاً لا حدّاً.
وإنْ أبيت عن ظهورها في الجزاء والحدّ دون القصاص فلا بدّ من الاحتمال، ومعه لا يتمّ الاستدلال أيضاً، فإذا جاء الاحتمال بطل الاستدلال.
لا يقال: إنْ كان الظاهر في تلك الأخبار السؤال عن الحدّ فلم يكن وجه للاختصاص بقتل المسلم الذمّي بل لابدّ من العموميّة والسؤال عن قتل المسلم أو الإنسان غيره، وأنَّ له الجزاء والحدّ أم لا؟ فإنّ حيثية الجزاء مشتركة، وهذا بخلاف السؤال عن القصاص لاحتمال عدمه من جهة شرطية المساواة في الدين.
في الاختصاص في تلك الأخبار شهادة على الدلالة على عدم قصاص المسلم بالذمّي، وتكون حالها حال صحيحةابن قيس.
لأنَّه يقال: القتل من جهة العداوة الدينيّة المحتمل فيه الحدّ والجزاء الموجب للسؤال غير متصور إلاَّ في قتل المسلم الذمّي.
وأمّا قتل المسلم المسلم فليس إلاّ من باب العداوة الشخصيّة الموجب للقصاص وليس فيه احتمال الجزاء والحدّ، فلا محلّ للسؤال والجواب عنه بل السؤال والجواب عنه، لغو وتوضيح للواضحات.
وقد ظهر ممّا ذكرناه عدم دلالة تلك الأخبار على المسألة والدالّ منها منحصر في الصحيحة، هذا أوّلاً.
وثانياً: على تسليم دلالة الكلّ تكون معارضة مع الأخبار الدالّة على القصاص وعدم شرطيّة التساوي، كصحيحة ابن مسكان عن أبي عبد الله ـ عليه السلام ـ قال: ((إذا قتل المسلم يهوديّاً أو نصرانيّاً أو مجوسيّاً فأرادوا أن يقيّدوا ردّوا فضل دية المسلم وأقادوه))[10].
وخبر أبي بصير، عنه ـ عليه السلام ـ أيضاً قال: ((إذا قتل المسلم النصراني فأراد أهل النصراني أنْ يقتلوه قتلوه، وأدّوا فضل ما بين الديتين))[11].
وموثقة سماعة عنه ـ عليه السلام ـ في رجل قتل رجلاً من أهل الذّمة، فقال: ((هذا حديث شديد لا يحتمله النّاس ولكن يعطي الذّمي دية المسلم ثم يقتل به المسلم))[12].
ولعلَّ المراد من (الحديث الشديد) قتل المسلم بالكافر؛ فإنّه مشكل على الناس تحمّله لما في ارتكازهم من كون العظمة والمقام للمسلم لإسلامه مانعة عن قتله بأهل الذمّة ذوي الشأن الداني والحقير، وكيف يجوز قتل المسلم الشريف بأهل الذمّة الوضيعين؟
والشاعر يقول في أبي يوسف من علماء العامّة:
جرت وما العادل كالجائر يا قاتل المسلم بالكافر
من فقهاء الناس أو شاعر يامن ببغداد وأطرافها
بقتله المسلم بالكافر جار على الدين أبو يوسف
واصبروا فالأجر للصابر فاسترجعوا وابكوا على دينكم
وفي هذه الأشعار شهادة ودلالة تامّة على ذلك الارتكاز كما لا يخفى. وحكم المعصوم ـ عليه السلام ـ بأنّه: ((لكن يعطي الذمّي دية المسلم)) ثم يقتله يكون لتقليل الشدّة من جهة أنَّ المسلم وإنْ كان يقتل لكن قتله يكون مع ديته، وهذا بخلاف قتل المسلم المسلم ، فليس فيه إلاّ قتله به.
وكيف كان، بعد المعارضة بين الأخبار فالترجيح مع هذه الأخبار الدالّة على القصاص للموافقة مع الكتاب، فإنّها مقدّمة على جميع المرجّحات كما حققناه في محلّه. وما يظهر من (الجواهر)[13] من كونها مخالفة للكتاب وهو قوله تعالى: لاً(وَلَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى المُؤْمِنِينَ سَبِيلا)[14] فعدم تماميتّه ظاهر ممّا حقّقناه في استدلالهم بالكتاب فلا نعيده.
وما فيه أيضاً من الحمل على التعوّد أو التقيّة ففيه: أنّه فرع التعارض وعدم الترجيح، ولا يذهب عليك أنَّ هذا الإشكال ـ الذي هو العمدة في عدم تماميّة الاستدلال بتلك الأخبار ـ مشترك بين الصحيحة وغيرها، وإن كان الإشكال الأوّل في غير الصحيحة، فتدبّر فيه حتى تعرف دقّة المقدس الأردبيلي ـ قدس سره ـ في العبارة التي نقلناها من مجمعه في أوائل البحث عن السند فراجعها[15].
لا يقال: هذه الأخبار المعارضة لما فيها من التفاوت بين دية المسلم والكافر ليست بحجّة على مختاركم من تساويهما في الدية.
لأنّه يقال: ما ذكرت وإنْ كان صحيحاً لكن ما أوردناه من المعارضة تام على المعروف بين الأصحاب في الدية القائلين بالشرطيّة في هذه المسألة.
والتحقيق الحقيق أنّ الرواية التامّة سنداً ودلالة المرتبطة بالمسألة منحصرة في صحيحة ابن قيس، أمَّا غيرها من الأخبار المستدلّ بها فقد عرفت عدم ارتباطها بالمسألة وأنَّها ترتبط بمسألة عدم الحدّ والجزاء لقتل المسلم الكافر إلاَّ مع التعوّد، والأخبار المعارضة وإنْ كانت تامّة من حيث الدلالة والارتباط إلاَّ أنَّها غير حجّة لما فيها من المخالفة مع الكتاب في لزوم ردّ فاضل دية المسلم مثل مخالفة أخبار قتل الرّجل بالمرأة مع ردّ الفاضل من الدية حرفاً بحرف ونقلاً بنقل، ومثلها الصحيحة النافية للقصاص بين المسلم والذمّي وأنّه لا يقاد المسلم بالذمّي فإنها أيضاً مخالفة لآيات القصاص الآبية عن التخصيص كما مرّ تحقيقه.
فالحقُّ في المسألة ـ قضاءً للأصل ـ عدم شرطية التساوي، وأنَّ المسلم يقتل بغير المسلم وبالمسلم من دون تفاوت بينهما.
أمّا الإجماع، فعدم تمامية الاستدلال به مضافاً إلى مخالفة مثل الصدوق في (المقنع) واضح، ومن كون المسألة اجتهاديّة ومصبّاً للاستدلال بالكتاب والسنّة.
--------------------------------------------------------------------------------
[1] - وسائل الشيعة 29: 108، كتاب القصاص، أبواب القصاص في النفس، الباب 47، الحديث5.
[2] - مجمع الفائدة والبرهان 14: 23.
[3] - جواهر الكلام 42: 150.
[4] - مسالك الإفهام 2: 368.
[5] - وسائل الشيعة 29: 107، كتاب القصاص، أبواب القصاص في النفس، الباب 47.
[6] - وسائل الشيعة 29: 107، كتاب القصاص، أبواب القصاص في النفس، الباب 47، الحديث1.
[7] - وسائل الشيعة 29: 107، كتاب القصاص، أبواب القصاص في النفس، الباب 47، الحديث1.
[8] - وسائل الشيعة 29: 109، كتاب القصاص، أبواب القصاص في النفس، الباب 47، الحديث6.
[9] - وسائل الشيعة 29: 109، كتاب القصاص، أبواب القصاص في النفس، الباب 47، الحديث7.
[10] - وسائل الشيعة 29: 107، كتاب القصاص، أبواب القصاص في النفس، الباب 47، الحديث2.
[11] - وسائل الشيعة 29: 108، كتاب القصاص، أبواب القصاص في النفس، الباب 47، الحديث4.
[12] - وسائل الشيعة 29: 108، كتاب القصاص، أبواب القصاص في النفس، الباب 47، الحديث3.
[13] - جواهر الكلام 42: 150.
[14] - النساء: 141.
[15] - مجمع الفائدة والبرهان 14: 467 ـ 471.

الدرس اللاحق الدرس السابق




جميع الحقوق محفوظة لموقع آية الله العظمى الشيخ الصانعي .
المصدر: http://saanei.org