Loading...
error_text
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: دروس خارج الفقه
حجم الحرف
۱  ۲  ۳ 
التحميل المجدد   
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: الشرائط المعتبرة في القصاص (درس46)
الشرائط المعتبرة في القصاص (درس46)
الدرس دروس خارج الفقه
_AyatollahSanei
القصاص
الدرس 46
التاريخ : 2008/12/13

بسم الله الرحمن الرحيم

مسألة 2: لا يقتل الأب بقتل ابنه ولو لم يكن مكافئاً له، فلا يقتل الأب الكافر بقتل ابنه المسلم.
مقتضى إطلاق النصّ والفتوى عدم الفرق بين المتكافئين في الإسلام والحرية ونحوها.
نعم، للجـلاّد والغازي أن يقتلا أباهما مع أمر الإمام عليه السلام; للعمومات وعصمة الإمام عندنا، بل عن (التحرير)[1] أنهما لا يمنعان مع ذلك من الميراث; لأنَّه قتل سائغ، بل قد يقال بالجواز في الغازي بدون أمر الإمام عليه السلام، وتمام الكلام فيه في كتاب الجهاد.
مسألة 3: يقتل الولد بقتل أبيه، وكذا الأُم وإنْ علت بقتل ولدها، والوالد بقتل اُمّه، وكذا الأقارب كالأجداد والجدّات من قبل الاُمّ، والإخوة من الطرفين، والأعمام والعمّات والأخوال والخالات.
في المسألة مسائل:
أحدها: يُقتل الولد بأبيه إجماعاً بقسميه ونصوصاً عموماً وخصوصاً[2] مضافاً إلى الكتاب[3]، وكذلك يقتل باُمّه إجماعاً، للعموم ولخصوص صحيح أبي عبيدة: سألت أبا جعفر ـ عليه السلام ـ عن رجل قتل اُمّه،قال: ((يقتل بها صاغراً ولا أظنُّ قتله بها كفّارة له ، ولا يرثها))[4].
وظاهره كون القتل كفّارة في غير الأُمّ دونها، كما أنّ ظاهر النصّ والفتوى عدم ردّه فاضل ديته عليه وإنْ لم أجد مصرّحاً به.
ثانيها: تُقتل الاُمّ بقتل ولدها على المشهور، للعمومات من غير معارض، خلافاً لأبي علي[5] منّا، وللعامّة قياساً على الأب واستحساناً، هذا ولكنَّ عدم القصاص فيها وجيه قويّ؛ قضاءً لإلغاء الخصوصية وتنقيح المناط عرفاً، فإنَّ المناط عندهم الولادة فلا خصوصيّة للأب، والظاهر من عدم ذكر الأُمّ أنَّه لعدم الابتلاء، بل لك أن تقول: إنَّ في عدم ذكرها في الأخبار سؤالاً ولا ابتداءً تأييداً وإمضاءً لما عند العامّة، وإلاّ فمع اتّفاق القائلين بعدم القود منهم بعدمه في الأُمّ أيضاً، كان على المعصوم مع فرض عدم قبوله الردع لئلاّ يتوهّم أن نظر المعصوم ـ عليه السلام ـ نظر القائلين من العامّة، فكما أنّه ـ عليه السلام ـ موافق لهم في الأب فكذلك في الأُمّ، وهذا التوهّم أمر عادي، فعدم دفعه دليل وتقرير على الموافقة في الاُمّ أيضاً، وتخصيص الأب والوالد بالذكر لأكثريّة الابتلاء به، بل والابتلاء في طرف الاُمّ نادر جداً ويكون كافياً في الحكم على الاُمّ أيضاً لما ذكر.
هذا كله مع أنّ الاُمّ أولى برعاية الحقوق بل حقوقها أكثر، فعدم القود فيها أولى، كيف وفي (المستدرك): (عن العلاّمة الكراجكي في كتاب التعريف بوجوب حقّ الوالدين: وقد جعل الله تعالى حق الاُمّ مقدّماً; لأنّها الجناح الكبير والذراع القصير، أضعف الوالدين وأحوجهما في الحياة إلى معين، إذ كانت أكثر بالولد شفقة وأعظم تعباً وعناءً، فروي أنَّ رجلاً قال للنبي ـ صلى الله عليه وآله ـ: يا رسول الله أيّ الوالدين أعظم؟ قال: ((التي حملته بين الجنبين وأرضعته بين الثديين، وحضنته على الفخذين وفدته بالوالدين))[6].
وكذا عنه ـ صلى الله عليه وآله ـ أنّه قال ـ له ـ رجل: يا رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ مَن أحقّ النّاس بحسن صحابتي؟ قال: ((أُمّك)) قال: ثمّ مَن؟ قال: ((أُمّك)) قال: ثم مَن؟ قال: ((أبوك))، وفي رواية أخرى: أنّه جعل ثلاثاً للاُمّ والرّابعةللأب[7].
ثالثها: غير الأب من الجدّات والأقارب كالأجنبي اقتصاراً في خلاف القاعدة على مورد النصّ، وأمَّا الاُمّ فملحقة بالأب مناطاً كما مرّ .
مسألة 4: لو ادّعى اثنان ولداً مجهولاً فإنْ قتله أحدهما قبل القرعة فلا قود، ولو قتلاه معاً فهل هو كذلك لبقاء الاحتمال بالنسبة إلى كلٍّ منهما أو يرجع إلى القرعة؟ الأقوى هو الثاني، ولو ادّعياه ثم رجعأحدهما وقتلاه توجّه القصاص على الراجع بعد ردِّ ما يفضل عن جنايته، وعلى الآخر نصف الدية بعد انتفاء القصاص عنه، ولو قتله الراجع خاصّة اختصَّ بالقصاص، ولو قتله الآخر لا يقتصّ منه، ولو رجعا معاً فللوارث أن يقتصَّ منهما بعد ردّ دية نفس عليهما، وكذا الحال لو رجعا أو رجع أحدهما بعد القتل ، بل الظاهر أنّه لو رجع من أخرجته القرعة كان الأمر كذلك بقي الآخر على الدعوى أم لا.
لو ادّعى المجهول اثنان فقتله أحدهما قبل القرعة وثبوت الأُبوَّة لأحدهما فلا قود؛ لاحتمال الأُبوّة واشتراطه بانتفائها، وإشكال التهجّم على الدم مع الشبهة، وكذا لو قتلاه معاً قبلها، ولا يكفي هنا ولا فيما لو قتله أحدهماالقرعة بعد القتل; لأنَّ أيَّ تعليق للقصاص عليها تهجُّم على الدم من غير قاطع، والفرق بينها حينئذ وبينها قبل القتل مع استلزامها التهجّم عليه في النهاية أنَّ المقصود بما قبله الإلحاق ولزمه التهجّم اتّفاقاً، ويحتمل الاكتفاء بها قويّاً، لإطلاق النصّ والفتوى بالإلحاق بالقرعة مع ما في الاهدار من الإشكال، وعموم أدلّة القصاص، واحتمال عدم كون الأُبوّة مانعة، بل أظهريّته مع الجهل بحصولها، بل رجحان العدم، وعموم القرعة لكل مشكل.
ولو قتله أحدهما بعد القرعة فالقصاص عليه إنْ لم تخرجه القرعة، وكذا لو قتلاه بعدها فالقصاص على من لم تخرجه منها، لثبوت الإلحاق بها شرعاً.
ومن المعلوم أنَّهما مع الاشتراك في القتل إذا اقتصّ من أحدهما ردّ الأرش عليه نصف الدية، ولو ادّعياه ثم رجع أحدهما وقتلاه بعد الرجوع أو قبله توجّه القصاص على الراجع بعد ما يفضل عن جنايته أخذاً بإقراره، وعلى الآخر الذي هو الأب شرعاً نصف الدية دون القصاص، ولو رجعا اقتصّ منهما إن أراد الوارث بعد ردّ دية عليهما، وعلى كلٍّ منهما إذا اشتركا في قتله ـ على كلّ تقدير ـ كفّارة القتل لثبوتها في قتل الولد وغيره، ولو قتله الراجع خاصة قتل به ولا ردّ، ولو قتله الآخر فعليه الدية دون القود، وعلى القاتل مع عدم القصاص التعزير وإنْ كان العدم للجهل بالشرطيّة فضلاً عمّا لو ثبتت الشرطيّة والأُبوة، فإنّ التعزير لارتكاب مطلق الحرام إلاّ أنْ يثبت معه الجزاء من القصاص أو الحدّ.
مسألة 5: لو قتل رجل زوجته يثبت القصاص عليه لولدها منه على الأصّح، وقيل: لا يملك أن يقتصّ من والده وهو غير وجيه.
لو قتل الرجل زوجته هل يثبت القصاص عليه لولدها منه اقتصاراً في المنع على مورد النصّ، كما احتمله المحقق في (الشرائع)[8] أم لا، كما هو المشهور، بل قطع بذلك الشيخ في (المبسوط)[9] والعلاّمة[10] في كتبه؟ لعموم أدّلة حقوق الأبوين ومثل: (وَصَاحِبْهُمَا في الدُّنْيَا مَعْرُوفاً)[11] ، (وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِ مِنَ الرَّحْمَةِ)[12] ، (فَلاَ تَقُل لَهُمَا أُفٍّ، وبِالوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً)[13] وغيرها من الآيات والأخبار، وشمول العمومات القصاص أوضح من الشمس وأبين من الأمس، ولأنّه لا يقتل بقتله، فأولى أنْ لايستحقّ عليه القتل قصاصاً لمورّثه.
وفيه: أنَّ أدلّة القصاص أخصّ من تلك العمومات ، وأمّا الأولوية فممنوعة; لكون القصاص إرثاً قصاصاً لقتله غير الولد وعوضاً عن ذلك القتل، وأمّا في قتل الولد فالقصاص يكون لولده ولمن يكون الوالد سبباً لوجوده.
وما في (المسالك) من (أنّ استيفاء القصاص موقوف على مطالبة المستحقّ وإذا كان هو الولد وطالب به كان هو السبب في القود، فيتناوله عموم النصّ أو إطلاقه)[14] واضح الضعف; ضرورة قوله ـ عليه السلام ـ: ((لا يقاد والد بولده)) في كون المراد عدم قتله بقتله وبسببيّة قتله لا الأعم منها ومن سببيّة مطالبة الولد، وما في ذيل الحديث من قوله ـ عليه السلام ـ: ((ويقتل الولد إذا قتل والده عمداً))[15] مؤيِّد بل قرينة لذلك الظهور كما لا يخفى.
هذا، مضافاً إلى أنَّ المطالبة لها الشرطيّة لا السببيّة، ونسبة القصاص إليها نسبة مجازيّة بعيدة، فالحق القصاص إرثاً، واختصاص المنع بالقصاص قتلاً الظاهر من النصّ والقدر المتقين منه، مع فرض الإباء عن الظهور دون إثبات ظهوره في الأعمّ كما ذكره (المسالك) ورامه خرط القتاد، هذا كلّه فيما كان وارث القصاص ولد الزوج القاتل.
وأمَّا لو كان لها ولد من غيره فله القصاص بعد ردّ نصيب ولده من الدية كغير المورد من موارد إرث القصاص وزيادة الورثة على الواحد بلا خلاف ولا إشكال، لعموم أدلّة القصاص.
مسألة: لو قتل ولد أباه وآخر اُمّه فلكلٍّ منهما على الآخر القود ويقدَّم قصاص أحدهما بالقرعة تقارنت الجنايتان أو لا; للتساوي في الاستحقاق، وقد يحتمل تقديم الاقتصاص من الأقدم جناية، ولا حقَّ لأحد منهما في قصاص المقتولة وديته عندنا، فإن القاتل لا يرث ، فإنْ بدر أحدهما فقتل صاحبه أخرجته القرعة أو لا استوفى حقّه، وكان لورثة الآخر قتله قصاصاً، وكذا إذا بدر من أخرجته القرعة اقتصَّ منه ورثة الآخر، وفائدة القرعة أنَّ حقَّ المبادرة لمن أخرجته.
--------------------------------------------------------------------------------
[1] - تحرير الأحكام 5: 463.
[2] - وسائل الشيعة 29: 77، كتاب القصاص، أبواب القصاص في النفس، الباب 32.
[3] - المائدة: 45، البقرة: 178 و179.
[4] - وسائل الشيعة 29: 78، كتاب القصاص، أبواب القصاص في النفس، الباب 32 الحديث 5.
[5] - مجموعة فتاوى ابن الجنيد: 369.
[6] - مستدرك الوسائل 15: 182، كتاب النكاح، أبواب احكام الأولاد، الباب 70، الحديث 10.
[7] - مستدرك الوسائل 15: 182، كتاب النكاح، أبواب أحكام الاولاد، الباب 70، الحديث 9.
[8] - شرائع الإسلام 4: 989.
[9] - المبسوط 7: 10.
[10] - قواعد الأحكام 2: 291.
[11] - لقمان: 15.
[12] - الاسراء 17: 24.
[13] - الاسراء 17: 23.
[14] - مسالك الإفهام 2: 370.
[15] - وسائل الشيعة 29: 77، كتاب القصاص، أبواب القصاص في النفس، الباب 32، الحديث1.
الدرس اللاحق الدرس السابق




جميع الحقوق محفوظة لموقع آية الله العظمى الشيخ الصانعي .
المصدر: http://saanei.org