Loading...
error_text
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: مكتبة عامة
حجم الحرف
۱  ۲  ۳ 
التحميل المجدد   
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: 2 ـ الروايات والأحاديث

2 ـ الروايات والأحاديث أ ـ رواية تحف العقول

«... وكل منهيّ عنه مما يتقرّب به لغير الله أو يقوى به الكفر والشرك...»([50]). استدل بهذه الرواية النراقي([51])، وصاحب مفتاح الكرامة([52])، وصاحب الجواهر([53])، والشيخ مرتضى الأنصاري([54]).

كيفية الاستدلال

تبيّن هذه الرواية أمراً أساسياً وقاعدة عامة كلية، وهي أن أيَّ شيء يبعث على تقوية الكفر والشرك أو على إضعاف الحقّ فهو حرام، وحفظ كتب الضلال باعث على تقوية الكفر والشرك وإضعاف الحق، مما ينتج عنه حرمة حفظ هذه الكتب، بل إنّ الرواية نفسها تتحدث أيضاً عن حرمة الإمساك والحفظ.

الجواب:

ونكتفي ـ للجواب عن هذا الاستدلال بهذه الرواية ـ بما ذكره المحقق الإيرواني، حيث قال:
«هذه الرواية مخدوشة بالإرسال، وعدم اعتناء أصحاب الجوامع بنقلها، مع بُعد عدم اطلاعهم عليها، مع ما هي عليه في متنها من القلق والاضطراب، وقد اشتبهت في التشقيق والتقسيم كتب المصنفين، والاعتماد عليها ما لم تعضد بمعاضد خارجي مشكلٌ»([55]).

ب ـ رواية عبد الملك بن أعين

يقول عبدالملك بن أعين: قلت لأبي عبدالله(عليه السلام): إني قد ابتليت بهذا العلم فأريد الحاجة، فإذا نظرت في الطالع ورأيت الطالع الشرّ، جلست ولم أذهب فيها، وإذا رأيت طالع الخير ذهبت في الحاجة، فقال لي: «تقضي؟» قلت: نعم، قال: «إحرق كتبك»([56]). وقد استدلّ الشيخ الأنصاري بهذه الرواية([57]).

كيفية الاستدلال

وآلية الاستدلال بهذه الرواية تقوم على أن الإمام أمر بإحراق الكتب الباعثة على ضلال السائل، وهذا يدلّ على أيّ شيء يؤدي إلى الضلالة يجب إحراقه وإتلافه وإعدامه، ولا يجوز حفظه، ومع أن مورد الرواية هو علم النجوم، إلا أنها تسري إلى مورد بحثنا ـ وهو حفظ كتب الضلال ـ بتنقيح المناط وإلغاء الخصوصية.

الجواب:

ويمكن الجواب عن هذا الاستدلال بالقول:

أوّلا: إن إثبات وجوب إتلاف الكتب قائم على مولوية أمر الإمام في الرواية، تماماً كما اعتبر الشيخ الأنصاري الحرمة هنا مبنيةً على مولوية الأمر بالإحراق، وأنه لا إرشادية في البين، وهذا أمرٌ صعب; لأن الإمام أراد بما قال أن يخلّص السائل من الحكم طبقاً للنجوم، وقد قال الأنصاري: «بناءً على أن الأمر للوجوب دون الإرشاد»([58]).

ولحن الرواية هنا يقوّي البُعد الإرشادي فيها; لأن السائل عندما عرض مشكلة، لخصها في ابتلائه بالحكم على أساس النجوم، والإمام كالطبيب يسأل مريضه عن أن قضاءه هذا وحكمه كان على أساس هذه الكتب أو هذا العلم أم لا، وعندما سمع الجواب الإيجابي من السائل أوصاه بحرق كتبه... وهذا هو اللحن الإرشادي الذي يستخدمه الطبيب في معالجة مرضاه، وليس لساناً مولوياً وأمرياً يصدر من العالي الى من تحت يده، حتى يستنتج منه الوجوب.

ثانياً: لقد ذكر الإمام أنه إذا كان السائل يحكم على أساس هذه الكتب فليحرقها، وتفصيل الإمام معناه ـ مفهومياً ـ أنه لو لم يحكم على أساسها لم يكن في حفظها في حدّ نفسه حرمة.

ج ـ رواية أبي عبيدة الحذاء

«... من علّم باب ضلال كان عليه مثل أوزار من عمل به...»([59]).

وقد استدل المحقق النراقي بهذه الرواية([60]).

كيفية الاستدلال وجوابه

طريقة الاستدلال بهذه الرواية واضحة، والأوضح منها الإشكال عليها; وذلك أن الحديث مرتبط بالتعليم والتدريس، ولا يشمل سوى أولئك الذين يروّجون الضلال عبر هذا الطريق. وترويج الضلالة الذي يستدعي متابعةً من الناس هو سبب الحرمة; لهذا لا يستفاد من هذه الرواية حرمة حفظ كتب الضلال; لأن حفظها يسبق تعليمها، وأحياناً يكون بعد التعليم والتدريس.

د ـ رواية الأمر بإلقاء التوراة

ينقل العلامة الحلي روايةً تقول: «خرج رسول الله(صلى الله عليه وآله) ]علي(عليه السلام)[ يوماً إلى المسجد وفي يد عمر شيء من التوراة، فأمره بإلقائها، وقال: لو كان موسى وعيسى(عليهما السلام) حيّين لما وسعهما إلا اتباعي»([61]).

كيفية الاستدلال

وتقريب الاستدلال بهذه الرواية أن أمر النبي(صلى الله عليه وآله)بإلقاء كتب مثل التوراة والإنجيل وتركها، إنما هو لعلّة عنصر الإضلال الموجود فيها، وهذا بنفسه دليلٌ على أن أيّ كتاب مُضِل لابدّ من إلقائه بعيداً، ومن ثم فحفظ هذه الكتب يكون حراماً.

الجواب:

يفهم من هذه الرواية أنه إذا كانت التوراة والإنجيل سبباً لعدم اتباع النبي الأعظم وموجبةً للانحراف عن سبيله، لزم رميها جانباً، وإلا فلا مانع منها. والجدير ذكره أن خصوصية التوراة والإنجيل ـ بوصفهما كتابين سماويين لشريعتين منسوختين سابقتين ـ تمنع عن إلغاء الخصوصية فيهما، وتحول دون تسرية الحكم إلى الموارد المشابهة; علماً أن الرواية مرسلة لا سند لها.
_______________________________________________
[50] . تحف العقول: 245; ووسائل الشيعة 17: 83، كتاب التجارة، أبواب ما يكتسب به، باب 2، ح 1.
[51] . مستند الشيعة 14: 157.
[52] . مفتاح الكرامة 4: 62.
[53] . جواهر الكلام 22: 58.
[54] . المكاسب: 29.
[55] . حاشية المكاسب 1: 17.
[56] . وسائل الشيعة 11: 37، كتاب الحج، أبواب آداب السفر، باب 14، ح 1.
[57] . المكاسب: 29.
[58] . المصدر نفسه.
[59] . وسائل الشيعة 16: 175، كتاب الأمر والنهي، أبواب الأمر والنهي، باب 16، ح 2.
[60] . مستند الشيعة 14: 157.
[61] . نهاية الإحكام 2: 471، والجدير ذكره أن الوارد في هذا الكتاب مكان: «خرج رسول الله»، «خرج علي(عليه السلام)»; والظاهر أنه اشتباه من الناسخ، والشاهد على ذلك، نقل هذا الحديث بعينه في «تذكرة الفقهاء» عن النبي الأكرم(صلى الله عليه وآله)، بل إن متن الحديث دليل واضح على هذا الاشتباه أيضاً. فانظر: تذكرة الفقهاء 9: 39، مسألة: 234.
العنوان اللاحق العنوان السابق




جميع الحقوق محفوظة لموقع آية الله العظمى الشيخ الصانعي .
المصدر: http://saanei.org