موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: إرث الزوجة من جميع أموال الزوج
إرث الزوجة من جميع أموال الزوج
سماحة آية الله العظمى الصانعي (مد ظله الوارف)
السلام عليكمٌ
وبعد: نرجو من سماحتكم أن تبيّنوا لنا رأيكم الخاص حيال قضيّة إرث الزوجة ، خاصة وان مثل الموضوع قد طرح في مجلس الشورى بغية دراسته واصلاح القانون الخاص به، علماً بأن دراسة هكذا قضايا لها علاقة وثيقة بآراء مراجع التقليد العظام.
ج ـ لقد ذكرت في فتوى أصدرتها قبل عشر سنوات في بحوث الخارج أن الزوجة ترث من عين الأموال المنقولة،وقيمة الأموال غير المنقولة، لكن رأيي الفقهي قد تغيّر حسب ما توصلت اليه، حيث اصدرته كجواب على سؤال وجّه إليّ من قبل مكتب استفتاءات رئاسة الجمهوريّة ، الصادر بتاريخ 24/6/ 1386 هـ ش جاء فيه : ان الزوجة ترث من جميع أموال الزوج، والزوج كذلك يرث من جميع أموال الزوجة.
والجواب الوارد في الاستفتاء التالي يعد تعريفاً إجماليّاً بمباني هذا الرأي.
وفقاً للمادة 946 من القانون فالإصلاح الوارد في الفتوى بهذه الصورة ((يرث الزوج جميع أموال الزوجة وكذلك ترث الزوجة جميع أموال الزوج)) وهذا مطابق لرأيي الخاص، وعلى أساس هذه الفتوى فان المادتين رقم 947 و948 تحذ فان من القانون؛ لعدم إرتباطهما بأصل الموضوع (الإرث من قيمة الأموال غير المنقولة).
وجاء التفصيل فيما يخص هذه الفتوى بالإستدلال من الكتاب والسنة في شرح تحرير الوسيلة كتاب فقه الثقلين (كتاب الإرث) وهو قيد الطبع، وهنا أشير وبصورة مجملة الى أدلة هذه الفتوى من الكتاب والسنة.
1 ـ دليل الكتاب (القرآن) ، قال تعالى : (...وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّكُمْ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم...) ويفهم من الآية الإطلاق (فتركتم) يشمل جميع الأموال، أي جميع الأعيان، وكذلك فيما يخص كلمه (ترك) لها نفس الحكم أي جميع الأعيان ، والاطلاق والظهور بحسب وحدة السياق يؤيدان هذه الفتوى فيما يخص سهم ارث الزوج والزوجة، حيث لا يوجد هناك أي فرق في إرثهما من بعضها البعض عدا النسبة في مقدار سهم الإرث ، وهذه الآية لا تؤيد الفتوى فحسب بل هي قرينة واضحة بدليل الإطلاق والظهور.
2 ـ دليل السنة: جاء في صحيحة الفضل بن عبد الملك وان أبي يعفور عن أبي عبدالله (عليه السلام) : قال : سألته عن الرجل ، هل يرث من دار إمراته أو أرضها من التربة شيئاً ، أو يكون في ذلك بمنزلة المرأة، فلا يرث من ذلك شيئاً ؟ فقال (عليه السلام): (يرثها وترثه من كل شيء ترك وتركت).
وجاء أيضاً ، في صحيحة عبيد بن زرارة، والفضل بن أبي العباس البقباق قالا: قلنا لأبي عبدالله (عليه السلام) : ما تقول في رجل تزوج إمرأته ثم مات عنها، وقد فرض الصداق: قال (عليه السلام) : لها نصف الصداق ، وترثه من كل شيء وإن ماتت فهو كذلك.
وهذه الروايات الصحيحة ، الواردة عن الإمام الصادق (عليه السلام) جميعها تؤيد ان الزوجة ترث الدار والأرض وكل شيء من زوجها ، خاصة وان جملة (من كل شيء) حيث وردت كذلك في جميع الصحاح، تدل على عموم الإرث.
أمّا في خصوص الاختلاف في الروايات الأخرى التي أدّت الى الاختلاف في الفتاوى أيضا، فلا يقدح ولا يعارض هذه الصحاح الثلاثة أو الأربع وذلك بسبب أن هذه الروايات محمولة على الزوجة التي لها ولد حيث اختلفت الفتاوى في إرثها للأرض أو البناء أو ...
إن الصحاح التي ذكرتها جميعها تدل على ان الزوجة ترث جميع ما ترك الزوج على الإطلاق والعموم ، وكذلك فان القاعدة الفقهيّة تدل على أن مبنى العقلاء وأهل العرف يقتضي أولاً : رفع التعارض بين الخاصين المتعارضين وبعد ذلك يُقدّم حال العامي والخاص على الروايات ، ونتيجة البحث تكون أن هناك تعارضاً بين الصحاح والروايات ، فتقدم هنا الروايات الصحيحة على غيرها لموافقتها للقرآن الكريم ، حيث يستلزم منه ارث الزوجة من جميع ما يتركه الزوج وبالعكس.
وعلى هذا الأساس فان الكتاب والسنة حجتان للقول المختار الذي قال به بعض الفقهاء كابن الجنيد الإسكافي، والفقيه العارف المرحوم الحاج رحيم أرباب . وليس من الصحيح القول أنه ليس هناك تعارضا بين الروايات الخاصة (بعد رفع التعارض بينها) وعموم الصحاح لان النسبة بينهما نسبة الخاص مع العام . وذلك لأن العموم يخصص الروايات الخاصة ثم العام الكتابي (القرآني) يخصص الصحاح بعد الانقلاب ونتيجته قول آخر غير ما قاله ابن الجنيد حيث يستلزم هذا القول حرمان الزوجة بصورة اجماليّة من تركة الزوج.
والجواب هو أن النسبة بين حجية الفضل بن عبد الملك وابن أبي يعفور وبين الروايات الخاصة نسبة التباين. لأن في المسألة استثناء إرث الزوجة وحرمانها من تركة الزوج أي ما تقول به الروايات الخاصة ، ولأنه يستهجن تخصيص الخاص فلا يمكن تخصيص الروايات بعموم الروايتين الصحيحين ، فلا مناص من القول بان تلك الروايات الخاصة تتعارض وتتباين مع عموم تلك الروايتين الصحيحتين ، وليس بينهما حكم العام والخاص.
وأمّا في خصوص صحيحة عبيد وابن أبي العباس فيجب القول أن النسبة بينهما وبين الروايات الخاصة نسبة التباين أيضاً لأن تلك الروايتين الصحيحتين يعدان نص في العموم ، وذلك بسبب تشبيه ارث الزوجة بأرث الزوج (وان ماتت فهو كذلك) ونترك الإجابة عنه. وهناك أجوبة أخرى كذلك وردت في شرح تحرير الوسيلة.