|
لسان أدلّة حرمة الغيبة آبٍ عن التخصيص
الأوّل: إنّ لسان الأدلّة الدالّة على حرمة الغيبة آبٍ عن التخصيص؛ لاهتمامها بعِرض المسلم وبيان الحرمة فيها بلسان شديد، فلا يمكن الجمع بين الأدلّة العامّة الدالّة على الحرمة والأدلّة الدالّة على جواز الغيبة في موارد خاصّة ـ علی فرض الدلالة ـ بحمل العامّ على الخاصّ، فإنّ الحكم بالتخصيص منافٍ للحكم بحرمة الغيبة بشدّة، فإنّ كون الغيبة أشدّ من الزنا، وكونها من الإشاعة للفحشاء، وكونها مصداقاً لقوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالاْخِرَةِ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾،([1509]) منافٍ للحكم بتخصيصها في بعض الموارد؛ لإباء العمومات الدالّة علی شدّة الحرمة عن التخصيص. فلا يمكن أن يقال: إشاعة الفحشاء في الذين آمنوا حرامٌ إلّا في مورد كذا وكذا. وذلك مثل ما قلناه في باب الربا من أنّ الحكم بكون درهم من الربا أشدّ من سبعين زنية بالمحارم منافٍ للحكم بتخصيصه بموارد خاصّة. ومثله ما قاله الفقهاء والأصوليّين في الروايات المخالفة للكتاب بطرحها وضربها على الجدار، والحکم بکونها باطلاً وزخرفاً كما في الروايات،([1510])منافٍ لتخصيصها ببعض الموارد. نعم، يمكن استثناء بعض الموارد منها بلسان الحكومة، فإنّها وإن كان مثل التخصيص في النتيجة، إلّا أنّ العرف قاضٍ بالفرق بين الحكومة والتخصيص في ذلك، فإنّ العرف يحكم بكون مثل هذه العمومات آبية عن التخصيص، دون الحكومة، حيث إنّها مفسّرة ومبيّـنة لعقد الموضوع أو المحمول. -------------------- [1509]. النور (24): 19. [1510]. راجع: وسائل الشيعة 27: 106، كتاب القضاء، أبواب صفات القاضي وما...، الباب 9.
|