|
ردّ ما أشکل علی الشيخ(قدس سره)
أورد عليه بأنّ شمول الخطاب في الآية الشريفة للصبيان مستلزم لحرمة اغتيابهم الناس؛ لشمول النهي لهم أيضاً على هذا المبنى، فإنّ المنهيّ في الآية هو غيبة بعضهم بعضاً ﴿وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا﴾. ويمكن الجواب عنه أوّلاً: بأنّ شمول الخطاب للصبيان وإن کان مستلزماً لحرمته اغتيابهم إلّا أنّها مرتفعة بحديث رفع القلم([1397]) عن الصبيّ حتّى يحتلم. وثانياً: بأنّ الغيبة محرّمة أيضاً على الصبيّ المميّز، ولا رافع له؛ لأنّ حديث رفع القلم مختصّ بالواجبات ولا تعمّ المحرّمات، للقرينة العقليّـة الحافّة بالحديث، فيوجب اختصاصها بالواجبات. بيانه: إنّ الله تعالى لم يحرّم شيئاً إلّا وفيه مفسدة أومضرّة؛ إمّا لنفسه أو لغيره من الأشخاص أو للمجتمع أو لسائر الخلائق، فإنّ التكاليف الشرعيّـة ألطاف في الأحكام العقليّـة، كما عليه العدليّـة من المتكلّمون؛ بمعنى أنّ التكاليف إنّما شرّعت بغرض وصول الإنسان إلى المصالح الملزمة وتركه المفاسد والمضارّ الملزمة عليه تركها، ويجب على الله تعالى من باب قاعدة اللطف، المنع عن المفاسد والمضارّ ببعث الأنبيـاء وإنزال الكتب وجعل القوانين والتكاليف وإعطـاء العقـل للإنسان وجعلـه حجّة ذاتيّـة على الإنسان حتّى لا يرتكب الإنسان ما يوجب المفسدة والمضرّة عليه، فإنّ لطف الباري تعالى يقتضى ذلك كلّه. ومن الأمور التي يوجب منع الإنسان من ارتكاب المعاصي والمفاسد تحريم هذه الأمور وإيعاد العذاب على فعلها من غير فرق بين البالغ والصبيّ، فإنّ التحريم وتوعيد العذاب كما يوجب منع البالغ عن ارتكاب المفاسد والمعاصي، فكذلك يوجب منع الصبيّ المميّز أيضاً، فكما أنّ لطفه تعالى على البالغ يقتضي جعل التحريم عليه والتوعيد بالعذاب، فكذلك لطفه على الصبيّ أيضاً مقتضٍ لتحريم ما يوجب المفسدة والمضرّة، وللتوعيد بالعذاب على ارتكابه. فتحصّل ممّا ذكرناه، أنّ رفع التحريم بالنسبة إلى صبيّ المميّز مخالفٌ لحكمته تعالى ولطفه على الإنسان، فحديث الرفع منصرفٌ عن المحرّمات بهذه القرينة العقليّـة القطعيّـة. ويؤيّد ما ذكرنا، التعزيرات الواردة في الشريعة المقدّسة للصبيّ المرتكب لبعض المعاصي، كالزنا والسرقة. نعم، ما ادّعاه الشيخ الأعظم(قدس سره)([1398]) من إمكان دعوی صدق الأخ على الصبيّ مطلقاً؛ سواء اختار الإيمان أم لا؛ لكونه ملحقاً بوالديه، فمخدوشٌ بأنّ إلحاق الصبيّ بوالديه المؤمنين إلحاق حكميّ حتّى يترتّب عليه أحكام الإسلام من الطهارة وغيرها، لا إلحاق موضوعيّ حتّى يصدق عليه المؤمن مطلقاً. ----------------------- [1397]. راجع: الخصال: 119، باب الثلاثة، رفع القلم عن الثلاثة، الحديث 40؛ وسائل الشيعة 1: 45، أبواب مقدّمة العبادات، الباب 4، الحديث 1. [1398]. راجع: المكاسب 1: 320.
|