|
الاستدلال علی کون المخالفين متجاهرین بالفسق
خامسها:([1382]) أنّهم متجاهرون بالفسق لبطلان عملهم رأساً، كما في الروايـات المتظافرة، بل التزموا بما هو أعظم من الفسق (إنكار الولاية) كما عرفت، وسيجيء أنّ المتجاهر بالفسق تجوز غيبته.([1383]) ويرد عليه: أنّ بطلان عمل المخالفين، إذا كان عن جهل قصوريّ، لا يوجب فسقهم، فضلاً عن أن يكون موجباً للتجاهر بالفسق، فإنّ الفسق عبارة عن ارتکاب المعاصي عن علمٍ وتعمّدٍ وإلّا ارتکابها مع الجهل بالحرمة وکونه معصيته ليست محرّماً موجباً للفسق، لرفع الحرمة مع الجهل وقبح العقاب من دون البيان. ثالثها: قيام السيرة المستمرّة بين عوام الشيعة وعلمائهم على غيبة المخالفين، بل سبّهم ولعنهم في جميع الأعصار والأمصار، بل في الجواهر: أنّ جواز ذلك من الضروريّات([1384]).([1385]) ويرد عليه أوّلاً: عدم ثبوت السيرة من المتشرّعة على لعنهم وسبّهم، كيف، وأنّ صاحب العروة (قدس سره) لم يأت باللعن في خطبة كتابه العروة الوثقی؟([1386]) وثانياً: أنّ جواز لعنهم لا يدلّ على جواز غيبتهم، فإنّ اللعن دعاء عليهم، والغيبة تنقيص لهم وتعرّض لعرضهم، وجواز الدعاء عليهم لايستلزم جواز تنقيصهم والتعرّض لعرضهم. ثمّ إنّـه يدلّ علی حرمة غيبة غير المؤمن الکتاب والسنّـة والعقل: أمّا الكتاب، فقوله تعالى: ﴿فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ﴾؛([1387]) فإنّ ﴿قَوْلَ الزُّورِ﴾ الذي يجب الاجتناب عنه هو القول الباطل، ولا شكّ في أنّ الغيبة ليست من الحقّ، بل هي من قول الباطل من دون فرق بين کونها علی المؤمن أو غيره. وأمّا السنّـة، فما ورد في تفسير الآية بالغيبة وما يکون موضوع الحرمة فيه «الناس» فإنّـه شامل للمؤمن وغيره. وأمّا العقل، فلأنّـه حاكم بأنّ الظلم قبيحٌ، وهذا الحكم من العقل غير مختصّ بالظلم بالمؤمن، بل يعمّ الناس كلّهم، ولاشكّ في أنّ تنقيص الغير والتعرّض لعرضه ظلمٌ عليه، من غير فرقٍ في ذلك بين المؤمن وغير المؤمن. إن قلت: إنّ الآية الشريفة والروايات الدالّة على حرمة غيبة المؤمنين تدلّ بمفهومها على جواز غيبة غير المؤمنين. قلت: ـ مضافاً إلى عدم المفهوم لهما؛ لعدم المفهوم للّقب ـ إنّ ظهور الآية الشريفة: ﴿وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ﴾ في حرمة كلّ ما كان باطلاً ومنها الغيبة، ظهورها أقوى من ظهور ما دلّ من الکتاب والسنّـة على اختصاص الحرمة بالمؤمنين؛ لدلالة الهيئة والمادّة على شدّة الحكم. ------------------------- [1382]. الوجه الخامس من الوجوه المستدلّ بها لجواز غيبة المخالف. [1383]. راجع: مصباح الفقاهة 1: 505. [1384]. جواهر الكلام 22: 62. [1385]. مصباح الفقاهة 1: 506. [1386]. العروة الوثقى 1: 14. [1387]. الحجّ (22): 30.
|