|
مطالعة كتب الضلال
وأمّا مطالعة كتب الضلال، ففيه صورٌ؛ لأنّـه تارة قاطع بعدم تأثير هذه الكتب في فساد وتغيير عقيدته، واُخرى يحتمل الفساد والتغيير بسبب مطالعة هذه الكتب، وثالثة يتيقّن بالفساد والتغيير. أمّا إذا تيقّن بعدم التأثير، فلا إشكال في جواز مطالعته؛ لعدم ترتّب الفساد عليه يقيناً. وأمّا إذا احتمل التأثير أو تيقّن به، ففيه إشكالٌ؛ من أنّـه ينجرّ إلى الاعتقاد إلى الباطل وإلى ما هو مبغوضٌ للشارع احتمالاً أو يقيناً، ومن منافاة الحرمة مع الآيات والروايات: كقوله تعالى: ﴿لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ﴾.([336]) فإنّ تبيّن الرشد من الغيّ متفرّعٌ على العلم بهما، وهو متفرّعٌ على مطالعتهما. وكقوله تعالى: ﴿لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَة وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَة﴾.([337]) فإنّ الهلاك عن بيّـنة، والحياة عن بيّـنة متفرّعٌ على الوقوف ما يوجبهما، وهو متوقّف على مطالعته. وكقوله تعالى: ﴿فَبَشِّرْ عِبَادِ * الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ﴾.([338]) فإنّ هذه الآية صريحٌ في جواز استماع قول الحقّ والباطل، واتّباع الأحسن منهما. ومنها الآيات والروايات الآمرة بالتفكّر والتدبّر والعلم.([339]) فإنّ الأمر بالتفكّر والتدبّر والعلم بالحقّ مستلزمٌ لجواز مطالعة الحقّ والباطل. تنبیهٌ: وفي هذه الأعصار التي تکثّرت وسائل الطبع والنشر ربّما لایکون إتلاف نسخة أو نسخ من کتب ضلال موجباً لمحوه ومحو آثاره؛ دفعاً للفساد ودفع المنکر، بل ربّما یصیر ذلك موجباً لتوجّه الناس إلیه وکثرة الرغبات فیه، والإنسان حریصٌ علی ما منع. ولایخفی عدم اختصاص هذه الدرایة بالکتب الضالّة المضلّة، بل یکون جاریاً في کلّ کتاب یکون مخالفاً لسیاسة الدول وآرائهم. ----------------- [336]. البقرة (2): 256. [337]. الأنفال (8): 42. [338]. الزمر (39): 17 و18. [339]. راجع: الکافي 2: 54، باب التفکّر؛ ووسائل الشيعة 6: 170، کتاب الصلاة، أبواب قرائة القرآن، الباب 3؛ و27: 26 ـ 28، کتاب القضاء، أبواب صفات القاضي، الباب 4.
|