|
1 ـ2) الروايات الواردة في بحث الحيض والنفاس والاستحاضة
أ) عن حريز، عن زرارة، قال: قلت له: ... ـ إلى أن قال ـ : “فإن جاز الدم لكرسف تعصّبت واغتسلت، ثمّ صلّت الغداة بغسل، والظهر والعصر بغسل”.[1] ب) عن النضر، عن ابن سنان، عن أبي عبدالله (ع)، قال: “المستحاضة تغتسل عند صلاة الظهر وتصلّي الظهر والعصر، ثمّ تغتسل عند المغرب وتصلّي المغرب والعشاء، ثمّ تغتسل عند الصبح وتصلّي الفجر”.[2] ج) صفوان بن يحيى، عن عبدالرحمن بن الحجّاج، قل: سألت أبا إبراهيم (ع) ـ إلى أن قال ـ : “... إن كانت صفرة فلتغتسل ولتصلّ ـ إلى قوله: ... وإن كان دماً ليس بصفرة، فلتمسّك عن الصلاة أيّام قرئها، ثمّ [بعد أيّام قرئها] لتغتسل ولتصلّ”.[3] د) عن الحسن بن محبوب، عن الحسين بن نعيم الصحّاف، قال: قلت لأبي عبدالله (ع) ـ إلى أن قال ـ : “... فإن انقطع الدم عنها [لم تعد ترى دم الحيض] قبل ذلك [وقت الصلاة]، فلتغتسل ولتصلّ”.[4] هـ) عن حمّاد بن عيسى وابن أبي عُمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبدالله (ع): “... فإذا جازت أيّامها ورأت الدم يثقب الكرسف، اغتسلت للظهر والعصر ـ إلى قـوله ـ : وإن كان الدم لا يثقب الكرسف توضّأت ودخلت المسجد وصلّت كلّ صلاة بوضوء”.[5] و) حسين بن عليّ بن يقطين، عن عليّ بن يقطين، قال: سألت أبا الحسن الماضي (ع) ـ إلى أن قال ـ : “... فإذا رقّ وكانت صفرة، اغتسلت وصلّت”.[6] ز) عن الفضل بن شاذان، عن صفوان، عن أبي الحسن (ع) ـ إلى أن قال ـ : “... تغتسل وتستدخل قطنة وتجمع بين صلاتين بغسل”.[7] طريقة الاستدلال بهذه الرواية على النحو الآتي: إنّ أغلب هذه الروايات قد صدرت في مقام البيان، فلو كانت هناك حاجة إلى الوضوء في الصلاة لتمّ بيان ذلك من قبل الإمام (ع). وهذا الأمر في صحيحة معاوية بن عمّار أظهر من سائر الروايات؛ لأنّ الإمام (ع) في مورد اختراق الدم للكرسف قد حكم بالغسل والصلاة، وأمّا إذا لم يخرق الدم الكرسف، حكم بالوضوء والصلاة، فلو كان الوضوء في المورد الأوّل ضروريّاً لبيّنه حتماً. وهكذا الأمر بالنسبة إلى صحيحة صفوان أيضاً، فيها صراحة في بيان الحكم؛ لأنّ أمر الإمام (ع) في الجمع بين الصلاتين بغسل واحد، صريح جدّاً في عدم الحاجة إلى الوضوء. الإشكال على الاستدلال بهذه الروايات: قال الفاضل النراقي (ره) في الإشكال على هذه الطائفة من الروايات: إنّ الظاهر من سياقها الحاجة إلى معرفة الرافع للأحداث الثلاثة [الحيض والنفاس والاستحاضة] وبيانه، لا بيان غيره، ولذا لم يذكر فيها سائر شرائط الصلاة من ستر العورة والاستقبال وغيرهما.[8] جواب إشكال صاحب المستند: يجب القول في الجواب: إنّ هذ الروايات، ولا سيّما صحيحة معاوية بن عمّار، لها من الظهور الواضح، بحيث لا تبقي أيّ مجال للشكّ في أنّ الإمام (ع) في مقام بيان جميع أحكام الأحداث الثلاثة. صحيح أنّ سياقها مفتقر إلى معرفة رافع الحدث [الدماء الثلاثة]، بيد أنّ الإمام (ع) بعد بيان رافع الحدث، أمر مباشرة بالصلاة من دون الإشارة إلى الوضوء. إشكالان مشتركان: عمد العلّامة الحلّي في المنتهى[9] ـ بعد ذكر الإشكال على صحيحة محمّد بن مسلم ـ إلى إيراد إشكالين على سائر الروايات الأخرى: 1 ـ الإشكال السندي: إنّ سائر الروايات، باستثناء رواية محمّد بن مسلم تعاني من ضعف السند. 2 ـ الإشكال الدلالي: إنّ هذه الروايات تدلّ على أنّ الغسل في بعض موارده، من قبيل “غسل الجمعة” و”غسل الحيض”، في حدّ ذاته رافع لجميع أنواع الحدث، ولا حاجة إلى ضمّ الوضوء إليه، وأمّا أن لا تكون الصلاة بحاجة إلى وضوء فإنّ هذه الروايات لا دلالة فيها على ذلك، وإنّما في “غسل الجنابة” فقط، دلّ الدليل الخاصّ على سقوط الوضوء. وبعبارة أخرى: إنّ الغسل “بما هو غسل” لايحتاج إلى الوضوء لتحصيل الغرض، وأمّا الصلاة فهي تحتاج إلى وضوء. وقد أجاب صاحب الحدائق[10] عن هذين الإشكالين. فقال في مورد الإشكال الأوّل: كيف يمكن للعلّامة وأمثاله ـ وهم الذين أسّسوا لمصطلحات من قبيل: الصحيح والموثّق والضعيف وما إلى ذلك في سلسلة سند الروايات ـ كلّما احتاجوا إلى الاستدلال بهذا النوع من الروايات الضعيفة بحسب مصطلحهم فاستدلّوا بها وغضّوا الطرف عن ضعفها، ولولا ذلك لما أمكن لهؤلاء العلماء أن يؤلّفوا كلّ هذه الكتب، وإضافة الكثير من الفروع عليها؛ إذ لو كان الملاك على الاستدلال بخصوص الروايات الصحيحة فقط، فإنّ الروايات الصحيحة لا تشكل سوى عُشر الأحكام المذكورة في كتبهم. وبالإضافة إلى جواب المحدّث البحراني (قدس سره)، يجب القول: هناك بين هذه الروايات، روايات موثّقة أيضاً، وهي تكفي للاستدلال، وليس كلّها ضعيفة السند، كما سبق أن ذكرنا. وأمّا بالنسبة إلى الإشكال الثاني، فقد قال المحدّث البحراني: إنّ هذا الكلام غير صحيح؛ لأنّ الإمام (ع) قال في مكاتبة الهمداني صراحة: إنّ الوضوء للصلاة غير واجب لا في غسل الجمعة ولا في غيره. وعليه، يمكن القول: إنّ كلامكم هذا ادّعاء في قبال النصّ. ----------- [1]. الكافي، ج 3، ص 99، باب النفساء، ح: 4؛ وسائل الشيعة، ج 2، ص 373، أبواب الاستحاضة، الباب الأوّل، ح: 5. [2]. التهذيب، ج 1، ص 171، ح: 487؛ وسائل الشيعة، ج 2، ص 372، أبواب الاستحاضة، الباب الأوّل، ح: 4. [3]. وسائل الشيعة، ج 2، ص 393 ـ 394، أبواب النفاس، الباب الخامس، ح: 3. [4]. التهذيب، ج 1، ص 168، ح: 482؛ وسائل الشيعة، ج 2، ص 284، أبواب الحيض، الباب الخامس، ح: 6. [5]. التهذيب، ج 1، ص 106، ح: 277؛ وسائل الشيعة، ج 2، ص 283، أبواب الحيض، الباب الخامس، ح: 2. [6]. التهذيب، ج 1، ص 174، ح: 497؛ وسائل الشيعة، ج 2، ص 388، أبواب النفاس، الباب الثالث، ح: 16. [7]. التهذيب، ج 1، ص 170، ح: 486؛ وسائل الشيعة، ج 2، ص 372، أبواب الاستحاضة، الباب الأوّل، ح: 3. [8]. مستند الشيعة في أحكام الشريعة، ج 2، ص 362. [9]. منتهى المطلب في تحقيق المذهب ، ج 2، ص 242. [10]. انظر: الحدائق الناضرة، ج 4، ص 144.
|