الإجزاء (درس70)
الدرس دروس خارج الأصول مباحث الدليل اللفظي الدرس 70 التاريخ : 2008/12/21 بسم الله الرحمن الرحيم الجمع بينها موجود، وهو المطلقات التي تقول: (إذا لم يجد الماء يتيمم)، أي أنه يتيمم في آخر الوقت، كما أن الروايات التي تدل على وجوب الإعادة يمكن جمعها مع أدلة البدار بالنحو التالي: جواز البدار من باب كونه وجوباً تخييرياً بين الأقل والأكثر، أو أنه خاص فيما إذا كان لنا يقين ببقاء العذر. وبالجملة، ما دل على البدار دليل على عدم الإعادة بالاجتهاد، وما دل على الإعادة بالنص والاجتهاد لا يعارض النص. لكن يبدو لنا عدم معارضة ومخالفة هاتين الطائفتين للكتاب والسنة بدواً فضلاً عن الاستمرار؛ لأن الروايات الآمرة بالتأخير محمولة على الاستحباب بشهادة صحيحة محمد بن حمران، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: قلت له: رجل تيمم ثم دخل في الصلاة وقد كان طلب الماء فلم يقدر عليه، ثم يؤتى بالماء حين يدخل في الصلاة، قال: ((يمضي في الصلاة، واعلم أنه ليس ينبغي لأحدٍ أن يتيمم إلاّ في آخر الوقت))[1] ، الشاهد في عبارة ((ليس ينبغي)) الظاهرة في الاستحباب، ولا تدل على أكثر من ذلك، وهي قرينة على حمل الأمر في الروايات الاُخرى على الاستحباب، أي أنها تعني: أخّر التيمم استحباباً. ولا يخفى أنّ لسان الروايات لسان استحباب، فقد جاء في صحيحة محمد بن مسلم[2] مثلاً: ((أخّر التيمم إلى آخر الوقت، فإن فاتك الماء لم تفتك الأرض))، والواضح من لسان الرواية كونه استحبابياً، ولو كان إلزامياً لما بينه الشارع بهذا النحو، فالحكم الإلزامي يلحقه عذاب جهنم، بل لقائل أن يقول: الأمر فيها ليس استحبابياً، بل إرشادي، أي ارشاد إلى ما يفهم عقله. أمّا الروايات الدالة على وجوب الإعادة فتُحمل على الاستحباب، جمعاً بين النص والظاهر، ففي صحيحة زرارة[3] مثلاً جاء: ((تمت صلاته ولا إعادة عليه))، وهذا نص في عدم وجوب الإعادة، في قبال الروايات التي تضمّنت الأمر بالإعادة، والظاهرة في وجوب الإعادة، وطريقة الجمع بالقول بأن الأمر بالإعادة استحبابي. وعلى هذا، فالروايات لا تدل على وجوب الإعادة ولا تدل على وجوب التأخير، فالحق جواز البدار. وجوه عدم جواز البدار استدل على عدم جواز البدار بوجوه عمدتها وجهان: الوجه الأوّل: الإجماع المنقول عن السيد المرتضى في (الانتصار) و(الناصريات)[4] ، وعن بعضٍ آخر. الوجه الثاني: التيمم خاص بموارد الضرورة والاضطرار، ولا وجه له مع رجاء زوال العذر وسعة الوقت الاضطراري. وفي كليهما ما لا يخفى، أمّا الإجماع فمحصله غير مفيد مع كون المسألة مصباً لروايات كثيرة واجتهادات، فضلاً عن الإجماع المنقول (الإجماع حجة فيما ليس للعقل إليه سبيل ولا للنقل فيه دليل) مع ما في نفس الإجماع من الكلام. ادعى السيد المرتضى ـ قدس سره ـ الإجماع، ولم يدعيه الشيخ في (الخلاف)، مع أن ديدنه ودأبه التمسك بالإجماع في كلّ المسائل، ومن هنا يُعرف عدم وجود الإجماع ولو كان ضعيفاً، ولعل إجماع (الانتصار) إجماع حدسي لا حسي. أمّا مسألة الضرورة فهي أوّل الكلام، فهل موضوع التيمم الضرورة؟ فقد يكون موضوع التيمم عدم وجدان الماء، وعدم الوجدان قد يتزامن مع الضرورة، وهو فيما إذا كان عدم الوجدان في آخر الوقت، وقد لا يتزامن مع الضرورة وهو فيما إذا كان عدم الوجدان في أوّل الوقت مع رجاء الزوال. -------------------------------------------------------------------------------- [1] - الوسائل 3: 382، أبواب التيمم، ب21، ح3. [2] - الوسائل 3: 384، أبواب التيمم، ب22، ح1. [3] - الوسائل 3: 368، أبواب التيمم، ب14، ح9. [4] - الجوامع الفقهية: 99 و189.
|