إنّ حكم العقل بضمان الشخص الخاطئ واضح جدّاً، إلى الحدّ الذي يعبّر عنه الفقهاء بـ “القاعدة”؛ إذ يقولون: “قاعدة اختصاص الجناية بالجاني دون غيره”.[1]

كما أنّ قبح مؤاخذة شخص بجريرة آخر، أو تحميل أثر فعل شخص على آخر لا دور له فيه من الوضوح، بحيث استدلّ به فخر المحقّقين في كتاب “إيضاح الفوائد” تحت عنوان: “قبح تحميل ولد الزنا وزر والديه”، واعتبر ذلك ظلماً، ودحض الروايات الواردة في هذا الشأن.[2]

وهذه هي الحقيقة التي دفعت أنصار الرأي المشهور، إلى الفرار منها من خلال تبرير وتوجيه حكم ضمان العاقلة.

كما أنّ العلّامة الحلّي إنّما برّر مخالفة الشيخ المفيد للإجماع، من خلال التمسّك بهذا الدليل العقلي.[3]

وهذا ما صرّح به المحقّق الأردبيلي[4] أيضاً، واعتبره الفاضل المقداد متقدّماً من حيث الرتبة على نصّ الآية الشريفة، فذكرها قبل الآية، حيث قال:

دلّ العقل على اختصاص الفاعل بأثر جنايته دون غيره، ونصّ الكتاب على مثل ذلك بقوله: (وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى)[5].[6]

كما رأى صاحب “الجواهر” في تقدّم ضمان الجاني في قتل الخطأ على بيت المال ـ حتّى في صورة حضور الإمام (ع) ـ متطابقاً مع مفهوم العدالة.[7]

-----------

[1]. أنظر: جواهر الكلام 43: 444.

[2]. إيضاح الفوائد 4: 426.

[3]. أنظر: مختلف الشيعة 9: 290، المسألة: 4.

[4]. زبدة البيان: 676.

[5]. الأنعام: 164.

[6]. التنقيح الرائع لمختصر الشرائع 4: 531.

[7]. أنظر: جواهر الكلام 43: 446.