|
موضوع البحث
المشهور بين فقهاء الإماميّـة على أنّ المسؤوليّـة في قتل الخطأ المحض (الدية) تقع على عاتق كيان باسم “العاقلة”، ويتمثّل هذا الكيان بأقرباء القاتل من ناحية الأب.[1] وقد واجه هذا الحكم منذ البداية الكثير من التحديات والإشكالات، من قبيل القول بأنّه يعارض الأصل القائل بأنّ المسؤوليّـة الجنائيّـة تقع على عاتق الجاني فقط. الأمر الذي دعا الفقهاء إلى تقديم تبريرات مختلفة لهذا الحكم. ونحن نسعى في هذا المقال إلى بيان وتقرير نظريّـة سماحة آية الله الشيخ يوسف الصانعي، مدعومة بالقواعد والعمومات والإطلاقات القرآنيّـة، استناداً إلى منهج الفقه الجواهري[2] في معرض إثبات أنّ هذا الرأي مع وجود من يخالفه، من أمثال الشيخ المفيد، لا يمكن أن يكون إجماعيّـاً. وإنّ عمدة الأدلّة التي يستند إليها المشهور هو الروايات، تعاني بدورها من مشاكل أساسيّـة من حيث السند والدلالة، وتعارض العمومات والإطلاقات القرآنيّـة والعقل المستقل. وإنّ القدر المتيقّن من الأدلّة الروائيّـة السالمة من المعارض والمخالف، هو اقتصار ضمان العاقلة على المورد الذي تكون فيه العاقلة هي المتكفّلة بالجاني، أو تعدّ عرفاً هي المسؤولة عن جنايته. ------------ [1]. طبقاً للمادّة رقم (307) من قانون العقوبات الإسلاميّـة، تمّ تعريف العاقلة بأنّها: «الأرحام النسبيين من الذكور من ناحية الأب والأمّ، أو الأب فقط على ترتيب طبقات الأرث؛ بمعنى أنّهم الذين يرثونه عند موته، فتقع عليهم مسؤوليّـة دفع الدية بالتساوي». [2]. نسبة إلى صاحب كتاب (جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام).
|