موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: (الفقه التقليدي لا يتنافى مع الفقه الفاعل )
صحيفة (شهروند امروز) الايرانية(الفقه التقليدي لا يتنافى مع الفقه الفاعل )
بسمه تعالى
التاريخ: 12/8/2007
العدد: 41
قم موطن رجال الدين الشيعة، وفي جانب من مركز هذه المدينة نجد مكتباً لمرجع تقليد أصبح محلاً لتفسير التنازع بين الفقه التقليدي والفقه الفاعل، المرجع المذكور شيخ يبلغ السبعين، أنس الفقه، واختار كلا التوجُّهين فيه، أي التقليدي والفاعل، وقال بعدم وجود تناف بينهما أصلاً، لكن البعض يرى في آية اللّه العظمى يوسف الصانعي مدافعاً عن الفقه الفاعل وينقده، وهم من أصدقائه وزملائه السابقين. يجلس الشيخ اليوم على كرسي المرجعية ويلقي دروسه في الحوزة العلمية ويمارس دوره في الساحة السياسية. وبرغم أنَّ البعض يرى تنافي الفقه الفاعل مع الفقه التقليدي إلاَّ أنَّ الشيخ ينفي هكذا تنافي ويؤكّد على الالتزام بمناهج السلف الصالح، وهو كلام يكشف عن توجُّهه الفقهي ومنهجه في استنباط الأحكام.
وعلى أي حال، فإنَّ سماحته يدافع عن أحكام يبدو ندرة القائلين بها، منها: اعتبار الثالثة عشرة سن بلوغ البنات، ومنها: تساوي المرأة والرجل في الدية، ومنها: اجازة التصدي للقضاء والقيادة والمرجعية بالنسبة إلى المرأة... وهي احكام ذات توجُّه جديد صنفته في عداد القائلين بالفقه الفاعل واعتبرته امتداداً للفتاوى الفقهية التي صدرت عن القائد الراحل الإمام الخميني .
في اليوم الذي التقيناه كان في غرفة صغيرة يطالع مخطوطة حجرية فطرحت عليه تساؤلاتنا عن الفقه الفاعل، فبدت مساعيه في تحليل هذا الفقه، ولحقتها أسئلة اخرى كشفت عن التحديات التي يواجهها هذا الفقه، و كان اللقاء ودياً رغم صعوبة الأسئلة ولم يتحوَّل إلى لقاء علمي جاف و معقَّد.
¡ طرح موضوع الفقه الفاعل بعد انتصار الثورة الإسلامية في ايران، وربطه البعض بتوجُّهات التجديد والتحوُّل في الفقه، ماهو تحليلكم له؟ وما تعريفكم للفقه التقليدي؟
o كان ولا يزال الفقه الشيعي فاعلاً، وفاعليته تعني حركته نحو الأمام وبيانه لأحكام المسائل التي يبتلي بها الناس، في يوم من الأيام كان الفقه الشيعي مدوّناً في رسالة ابن بابويه، وهي رسالة مختصرة من المحتمل أن لا يبلغ عدد صفحاتها العشرين. وبعده بدأ تدوين النصوص الفقهية بعدما كانت عبارة عن تجميع للمأثور من الروايات، ولأجل ذلك تبدّلت رسالة ابن بابويه اليوم إلى مئات بل آلاف المجلدات الفقهية، منها: (الجواهر) الذي تبلغ مجلداته أربعين مجلداً، ومنها: (الحدائق) وكثير من الكتب الاُخرى أثرناها عن الشيخ كاشف الغطاء والعلامة والمحقق، ومجموعها يشكل مكتبة ضخمة.
هذا هو معنى فاعلية الفقه، وقد ورد ذات المعنى عن الإمام الثامن على ما يبدو، إذ قال: «علينا القاء الأصول وعليكم التفريع»([1]) فبالامكان التفريع على حكم كلي واحد بمئات الأحكام، وهذا مايعتمد عليه الفقه. كما جاء في الروايات السؤال عن معالم الدين وأن والأئمة يرجعون السائلين إلى بعض الأصحاب، من قبيل: «عليك بزكريا بن آدم المأمون على الدين والدنيا»([2]). ومن الواضح أن زكريا ماكان يحمل الفروع على نحو روايات وأحاديث، بل ليس من المفروض على المعصوم أن يبيِّن جميع الفروع، وما كان يحمل زكريا هو الكليات فقط، والإمام يرجع الناس إليه لكي يطبِّق هذه الكليات على مصاديقها ومواردها التي هي موضع ابتلاء. وهذا يعكس فاعلية الفقه ويرشد إليه. وهناك العشرات من الشواهد على هذا الموضوع، وكلمات امام الاُمة الخميني هي الأفضل ممّا يمكن استفادة فاعلية الفقه عهد المعصومين(عليهم السلام)منها، ففي بحث الاجتهاد والتقليد يأتي بعشرات الشواهد على مزاولة الاجتهاد على طول التاريخ. وبرغم أنَّ الاجتهاد كان يُزاول عهد الائمة إلاَّ أن ابتلاءات الناس و تواصلهم كان محدوداً، عكس ماعليه الناس حالياً.
أفضل من جسَّد الفقه الفاعل وترجمه إلى واقع هو الذي لم يأتِ القرن الأخير بل القرون الكثيرة بمثله، وهو الإمام الخميني(سلام اللّه عليه) فإنّه بعد الرجوع من سجن معسكر القيطرية في طهران بدأ بتدريس المسائل المستحدثة في صيف ذلك العام وتناول فيها حتى مسائل من قبيل السفر إلى المريخ والوظيفة العملية لأولئك الذين يسافرون إلى هناك، كما تناول فرض تلقيح خلية نباتية بحيامن انسان وتحديد والدي هكذا انسان، والشؤون الحقوقية والإجتماعية الملحقة بهكذا مسائل.
إذاً فقه الإمام الفاعل يبدو أكثر تقدُّماً من العلم الدارج في المجتمع، فهو قد أفتى وحكم على فروض لم تتوصّل العلوم إليها بعد، وهذا هو الفقه الفاعل بل نموذجه الكامل.
ولا يخفى أن فقه الإمام الفاعل كان أرفع درجة من نضاله ضد الظلم; لأن مقارعة الظلم مؤطَّر بزمان ووقت محدود، والفقه ليس كذلك، فإن فاعليته لاتختص بزمان خاص، وقد كان الإمام يسعى لتوسيع هذا الفقه وشموليته .
وعلى أي حال، أريد القول بأن الفقه الفاعل كان منذ البداية وسيكون في المستقبل كذلك، بل لو خلت الحوزات من هكذا فقه خرجت عن كونها حوزات وفرغت عن محتواها، وما بات الناس يعودون إليها، فالناس يطالبون بفقيه يجيب على تساؤلاتهم، وإذا عجز عن ذلك، فهو ليس فقيهاً أو يفتقد الفقه الفاعل، فإن الفقه يحيى بحياة أتباعه من الناس، وهذا هو معنى الفقه الفاعل.
أستبعد أن يكون هناك فقيه أدرك الفقاهة لكنه ينفي الفقه الفاعل ويرفضه، بالطبع قد يرفض فاعليته من حيث رفضه لبعض الآراء التي تبدو خاطئة من وجهة نظره، وأن هذه الآراء مبيّنة على آراء متنوّرة، فهذا كلام ناشيء عن قلة المعلومات، ولكن لا يمكنه أن ينفي هكذا فقه وهو عالم بلغة أهل البيت وقارىء لعبارة «بكم علّمنا اللّه معالم ديننا»([3]) ولايمكنه أن يقول بجمود الفقه; وذلك لأن الشيعة يرفضون انسداد باب الاجتهاد بل يرونه منفتحاًوفي غاية الانفتاح، كما شهدناه في فقه الإمام.
¡ إذاً يرى جنابكم الفقه الشيعي فاعل منذ بداية التشيّع؟
o بل الفقه فاعل منذ عهد الرسول.
¡ لكن لماذا اعتبر تلامذة الإمام الفقه الفاعل بديلاً عن الفقه التقليدي؟
o من القضاء أن الإمام نفسه كان يدعو إلى الفقه الفاعل ويمارسه رغم أنّه كان يدعو كذلك إلى حفظ منهج صاحب (الجواهر). بل لامنافاة بين الفقه الفاعل والفقه التقليدي، فالأخير يعني المنهج والأسلوب، فلو سألنا عن وزن الكر في المريخ وأجبنا بأنه كذا كليو، بينما لا وزن في المريخ، فهذا ليس فقهاً بل جموداً. لقد أشار الإمام إلى كلا الفقهين، والتقليدي منهج يجب رعايته والعمل وفقه، كما عمل وفقه السلف الصالح.
¡ بناءً على رأيكم فقهاؤنا ـالمتقدّمون منهم والمتأخرون ـ يؤمنون بالفقه الفاعل كما يؤمنون بالفقه التقليدي؟
o لكن الاختلاف في أن سرعة الانتقالات الذهنية للفقيه والاطلاع على قضايا المجتمع ولسان الروايات قد يكون بمستوى عال بنحو يقتنع المجتمع بفتاواه وآرائه ببساطة، وأحياناً يفتقد المجتهد هكذا قابليات فيواجه مشكلة في إقناع الناس .
كمثال قد يكون هناك فقيه يقول بأن المرأة إذا تزوجت فينبغي تواجدها عند الزواج أكثر من تواجد الشاة لديه، بمعنى أنها لاتملك الحق في أن تخرج من البيت دون إذنه، ولو أخرجت رجلاً من عتبة الباب كانت الرجل الخارجة مخالفة، والرجل الاُخرى موافقة للشرع، لكن هذا ممَّا لايمكن قبوله.
¡ وهل هذا هو الفقه التقليدي؟
o كلا بل هو خطأ في استنطاق النصوص.
¡ ما يُدعى الفقيه الذي يستنطق النصوص بهذا النحو؟
o هذا الفقيه معذور من وجهة نظره، لكن بإمكان الناس أن لا يتَّبعوا ولا يقلّدوا هكذا فقيه بل يتبعوا فقيهاً أكثر معرفة بالأحكام واستنطاقاته مقنعة.
¡ وعلى هذا لا يوجد مذهب الفقه التقليدي ومذهب الفقه الفاعل؟
o لايوجد لدينا مذهبان بهذا المعنى .
¡ وهل الفقيه الذي يحمل آراء خاصة تجاه النساء لايستسيغها البعض يعدُّ معذوراً ؟
o معذور إذا كان فقيهاً عادلاً واستنباطاته ناشئة عن استنطاق للروايات .
¡ وهذا يعني أنكم ترون لاوجود لتوجُّهين أحدهما يحمل عنوان الفقه التقليدي والآخر الفقه الفاعل؟
o إذا كان بمعنى كونهما في طول أحدهما الآخر فلا وجود لهما، فالفقه التقليدي والفقه الفاعل موضوع واحد، الفقه كله فاعل والمنهج واحد لكن استخدام المناهج قد يختلف، على سبيل المثال تقول الروايات: الملائكة تلعن المرأة التي تخرج من بيت زوجها دون إذنه حتى ترجع، فنسأل فقيهاً: هل يجوز للمرأة الخروج من بيت زوجها دون إذنه؟ فيجيب بالنفي، ودليله الحديث المزبور، وهو يدل على الحرمة. لكن هناك فقيه آخر يفسِّر الرواية بنحو آخر ويقول: الرواية لاتقصد إخراج الرِجل بنحو لغوي واعتباطي، ومرادها زعل المرأة، وهذا المعنى للخروج يتطابق مع المذاق العرفي، ويرتضيه المجتمع، ويحافظ به على إنسانية المرأة; لأنها ليست أمة، ولا فرق بينها وبين الرجل في الانسانية والحقوق الاجتماعية وغير ذلك.
¡ بناءً على كلامكم، إذا ارتضى المجتمع فقيهاً فهو يحمل نوعاً من الفقه الفاعل؟
o نعم، ولذلك استطاع الإمام تصدُّر المرجعية رغم أنّه لم يعلن عن مرجعيته في إذاعة أو تلفزيون، بل كان البناء أن لايذكر اسمه في الحوزة بتاتاً، مع كل هذا كانت مرجعيته شاملة، وتبعه المجتمع. أصدر الإمام فتوتين لكن ردود الفعل ضده كانت قاسية جداً، الفتوى الأولى في الذي عثر على بئر نفط في بيته، فقد اعتبر البئر من الانفال، فأرسلوا إليه رسالة قالوا فيها: إنك أذهبت بماء وجه الشيخ الانصاري وصاحب (الجواهر). والفتوى الثانية تخصُّ الشطرنج فقد جوّز لعبة الشطرنج إذا خرجت عن كونها قماراً.
ورد في كلمات الإمام أن الإسلام بحاجة لمن يضحّى باعتباره وماء وجهه في سبيله وفي سبيل بيان احكامه. وإذا استطاع اشخاص مثلي بيان بعض الأمور دون أن يرى تأثيراً لكلمات الأعداء فلأجل ارتفاع مستوى وعي المجتمع، فالمجتمع اليوم يرتضي اليوم ما أقوله بأن المرأة انسان وديتها تعادل دية الرجل، على أنَّا أتباع الكتاب والسنة وما يمكن فهمه منهما.
¡ بناءً على رؤاكم ـ وحسب فهمي لكلامكم ـ الفقه الفاعل هو الفقه الجاري في الساحة السياسية، من قبيل بئر النفط الذي مثلتم به أو من قبيل بعض مطالبات الناس. والفقه التقليدي ـ بناءً على رأيكم ـ هو الفقه الذي يقلُّ مستوى قبوله لدى المجتمع.
o الفقه التقليدي ليس فقهاً غير فاعل لكنه لا قابلية له أكثر من ذلك، لا أعلم بما تقصد من الفاعل، فهو يعنى القابلية على الإجابة على الأسئلة المعاصرة، وعدم وجود رواية في مجال السؤال لاينبغي أن يكون سبباً لعدم الإجابة عن الاسئلة المطروحة. على أنَّ هناك فرقاً في كيفية الاستنطاقات، فقد يستنطق الفقه شيئاً يرتضيه المجتمع، وقد يستنطق شيئاً لايرتضيه المجتمع، وهو مع مقلديه على كل حال معذورون.
¡ أي أنكم ترون الفقه الفاعل هو الفقه الدارج في جميع الحوزات، ولا يوجد فقيه يدافع عن الفقه غير الفاعل ؟
o لايوجد فقيه عادل لايعتقد بالفقه الفاعل، مع أنَّ المراد من الفقيه هو الفقيه الذي تُرتضى فقاهته.
¡ هل الانتقادات التي توجَّه حالياً إليكم في الحوزة، بسبب بعض آرائكم، أو التي كانت في السابق توجَّه للإمام الخميني، مبتنية على مسألة التفريق بين الفقه الفاعل وغير الفاعل؟ أليست ناشئة عن الايمان بالفقه التقليدي؟
o لاتخلطوا الحسد والسياسة والعداوة مع البحوث العلمية، في الماضي كان يقول المرحوم الفيض بأنَّ حرمة الموسيقى ليست ذاتية بل متوقفة على المحتوى، أي إذا خلت الموسيقى عن أشعار الضلالة، من قبيل الأناشيد التي كانت تدعو للجهاد أثناء الحرب أو من قبيل الأغاني ذات الصبغة التعليمية مثل تعليم مفاهيم صحية، فهذه غير محرمة. لكن هذه الفتوى سببت لأن يُفتى بكفره آنذاك، وهو عمل خاطئ، فإذا كانت فتواه خاطئة برأي فقيه آخر فعليه أن يشكل عليه ويبيِّن له خطأه، والحوزة اُسست لهذا الغرض، وما ذكرتموه عن الإمام كان منشؤه عداءً سابقاً وحسداً وألاعيب سياسية، وإلاَّ باب البحث والنقاش مفتوح، كما هو الحال في الجامعات، وقد يستدعي مورد واحد دراسة المئات من الروايات والأدلة، ولا اشكال في ذلك.
¡ الفقه الفاعل الذي تتحدَّثون عنه ذات علاقة قوية بمتطلبات المجتمع، أي يستلزم تطابق الآراء الفقهية مع متطلبات المجتمع؟
o ليس متطلبات المجتمع بل سؤالاتهم وتساؤلاتهم، فإن إجابة الفقهاء على نحوين، نحو لايرتضيه المجتمع ونحو يرتضيه المجتمع، وهم معذورن على كال حال.
¡ وهذا يعني أن الفقيه قد يلتزم آراءً مختلفة في ظروف زمانية مختلفة، بناءً على إعادة في دراساته؟
o نعم، وقد تصدر كل يوم نظرية خاصة للفقيه، ولأجل ذلك نجد للعلامة الحلي رأياً خاصاً في كل كتاب له، وكذلك الشيخ الطوسي، وأنا لا أعتبر نفسي شبيهاً لهم لكني أجد نفسي، وأنا أطبق، التزم نظرية خاصة في كل عام تختلف عنها في السابق.
¡ بناءً على رأيكم، جميع العلماء والحوزويين يؤمنون بالفقه الفاعل; لكن كيف تفسرون الاعتراضات؟
o الحوزة على العموم تعتمد الفقه الفاعل، وقد يكون هناك اشكال علمي، وقد تكون اشكالات سياسية، فقد يقال: إن هذا أُمّي أو هذا شيوعي، ومن الواضح أن هذه ليست إشكالات علمية، لكن الحوزة على العموم فاعلة، بل لايبقى فقه إذا سلبوا منه فاعليته.
¡ سماحة آية اللّه، يبدو أن شخصيات مثلكم أكثراً إيماناً بالفقه الفاعل، حيث تعتقدون بتساوي دية الرجل والمرأة، وهو متطابق مع متطلبات مجتمع اليوم؟
o الفريقان مجتهدان، فالذي يقول بالتساوي والذي يقول بعدم التساوي كلاهما مجتهدان ومعذوران.
¡ أثناء كلامكم تمسَّكتم بأمثله للفقه الفاعل، بما ورد من فتاوى عن الإمام الخميني فقط، فهل هو الوحيد الذي يعدُّ النموذج البارز للفقه الفاعل؟
o كانت هناك شخصيات سبقته، بل جميع الفقهاء يصنّفون ضمن قائمة القائلين بالفقه الفاعل، وقد كان الفقه فاعلاً على طول التاريخ، فقد كان لدينا فقهاء عدول يفتون ويبدون آراءهم في الفقه .
¡ إذاً ماالفرق بين من يلبِّي متطلبات هذا العصر و من لايستجيب لمتطلباته؟ فهل الأول يدافع عن الفقه الفاعل والثاني لايدافع عن الفقه التقليدي؟
o الجميع يلبِّي متطلبات العصر، فقد تكون فتاوى الفقيه منسجمة مع توجُّهات المجتمع فيكون سهلاً، وقد تكون فتاوى الفقيه بنحو لاتنسجم مع توجهات المجتمع فلا يرتضي المجتمع فتاوأه، عندئذ ينبغي أن نرى المجتمع يتَّبع ويقلّد أيّاً منهما؟
¡ لكن الفقه الفاعل أبرز عضلاته بعد رحيل الإمام الخميني؟
o الإمام كان يطرح موضوع الفقه الفاعل في خطاباته .
¡ مع هذا كله ماهو تعريفكم للفقه الفاعل؟
o إجابة تساؤلات الناس عن القوانين الإلهية.
¡ وعليه، جميع المراجع يعدّون مدافعين عن الفقه الفاعل، لأنهم يجيبيون عن تساؤلات الناس، لكن الاختلاف في أن الاجابات قد تتطابق مع متطلّبات المجتمع وقد لا تتطابق؟
o وهذا لايعني أن متطلّبات الناس مؤثرة بل بمعنى تطابق الاجابات مع المتطلّبات والرغبات .
¡ بعنوانكم فقيهاً ومرجعاً، ما فاعلية الفقيه ومرجع التقليد؟ فهل المرجع يسعى للإجابة عن تساؤلات الناس الشرعية أم يتناول قضايا اُخرى؟
o الفقيه بما أنه فقيه عليه الإجابة عن أسئلة الناس الشرعية.
¡ إذاً من يستجيب لمتطلّبات المجتمع في المجالات السياسية والإجتماعية ؟
o يمكن للفقيه أن يجيب عن شؤونها الكلية والعامة ولا يقوم بالمهام التنفيذية بنفسه.
¡ لكنَّا نرى البعض يحدِّد موقعاً للمراجع في هذه المجالات، فهل هذا يتنافى مع الوظائف الأصلية للفقيه؟
o المهام التنفيدية ليست من مهامه كفقيه بل من مهامه كولي، ولذلك قد يكون قاضياً كذلك، وهذه ليست من مهامه كفقيه، والولاية شيء آخر، والتنفيذ ذات صلة بالولاية لا بالأحكام والفقه.
¡ يكتسب الفقيه الحيثية الفقهيّة بعد دورة طويلة الأمد، لكن من يمنحه الولاية؟
o ولاية الفقيه تعني وجود ولاية المجتمع بواسطة الفقهاء ـ بناءً على القول بها ـ وهذه القابلية تحصل لكل فقيه، فلكلٍّ منهم الولاية في الاُمور التنفيذية .
¡ وهل التدخُّل في الاُمور التنفيذية تعتبر من مهام الفقيه؟
o لقد خلطتم في البحث، أمثّل لكم بأني كنت مدعياً عاماً في يوم ما، فإذا اردت ابلاغ كتاب رسمي كتبت تحته المدعي العام يوسف الصانعي، لكني إذا أردت أن اكتب رسالة شخصية أو تخصُّ الشؤون الدينية أكتب تحتها: الأحقر يوسف الصانعي أو يوسف الصانعي فقط، فهذان حيثيتان، فقد تكون للفقيه مناصب، أحدهما: كونه فقيهاً، وثانيهما: كونه قاضياً (بناءً على القول بشرطية الاجتهاد في القضاء)، وثالثهما: الولاية في التنفيذ (بناءً على القول بولاية الفقيه في الشؤون التنفيذية). على أنَّه إذا أراد ممارسة مهمة التنفيذ كان عليه أن يهيئ مقدماته ويحصّلها، بأن يمارس الشؤون السياسية ويوجد علاقة مع الساسة، ولا يمكنه أعتماد قواعد فقهية درسها في المدارس العلمية، بأن يقول: التمسك بالعام في الشبهة المصداقية غير جائز، فعليَّ القيام بالعمل الكذائي، فذلك ممّا لا علاقة له بالولاية، للولاية في التنفيذ مقدمات، بأن يدرس الموضوع ويستفيد من آراء مستشاريه ويقرأ ما يرد في الصحف، كما كان يفعل الإمام الخميني (سلام اللّه عليه).
¡ إذاً وبناءً على رأيكم، تعدُّ الولاية من مهام الفقيه؟
o من مهامه كولي، وعند الحاجة ينبغي توفير مقدماتها، وللفقيه القابلية لممارستها، وعند توافر الظروف يقوم بتنفيذها.
--------------------------------------------------------------------------------
([1]) وسائل الشيعة، باب القضاء، الباب 6، الصفحة 25.
([2]) وسائل الشيعة، ج18، ص 106، الباب 11 من أبواب صفات القاضي، الحديث 27.
([3]) مفاتيح الجنان: الزيارة الجامعة. التاريخ : 2007/08/12 تصفّح: 13189