موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: حوار مع صحيفة (ساينس مانيتور) السيد اسكات بيترسون
سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي (دام ظله الشريف)حوار مع صحيفة (ساينس مانيتور) السيد اسكات بيترسون
في هذا اللقاء أكد سماحة الشيخ بأن الاسلام دين البشرية والسلام والصلح ورعاية حقوق البشر، وهو ليس دين الظلم والإيذاء والسجن والعنف والإرهاب والقتل والتعذيب في السجون أو الحبس في الزنزانات الانفرادية، فهو بعيد عن هذه التهم... فقد أساءوا تعريف الاسلام، فهو مفعم بالعطف والرحمة والانصاف والمداراة، فهو دين يضمن حقوق جميع البشر وحرياتهم.
وفي إجابته على سؤال السيد اسكات بيترسون فيما يخص انسجام الاسلام مع الديمقراطية في حكومة اسلامية ديمقراطية قال مرجع الشيعة المجدد:
إذا عنت الديمقرطية التساوي بين البشر في الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وغيرها فهي غير متنافية مع الاسلام حتى مع بعض قوانينه الخاصة، فقوانينه تتضمن نقاطاً لانجدها في أيٍّ من القوانين الدولية.
الاسلام الذي أعرفه وأدركه وادافع عن حقوقه الرفيعة بعد دراسته والتحقيق فيه مدَّة أعوام أرى أن من خصائصه تساوي الناس في حقوقهم.
في هذا الدين لانجد تمييزاً بين الناس من حيث القومية والجنس واللون والجغرافية، ولاتفضيل لاحد على الآخر، ولأجل ذلك أرى تساوي المرأة والرجل في الحقوق وكذلك المسلم وغير المسلم والايراني وغير الايراني، وقد بحثت في هذا الموضوع وكتبت عنه.
من بين قوانين الاسلام العظيمة يوجد قانونان يبدو فيهما شبهة عدم رعاية الانصاف والتساوي، وهما يرجعان إلى حقوق المرأة والرجل، أحدهما: مسألة إرث الاولاد، فللذكر ضعف الاُنثى، وثانيهما: مسألة الطلاق، فقد قيل: حق المرأة ضائع هنا باعتبار أن الطلاق بيد الرجل، مع أني أرى في القانونين عدالة ولا أرى تميزاً ولا ظلماً، وقد بحثنا في هذا الموضوع بالتفصيل.
وفي تتمة كلامه أوضح مرجع تقليد الشيعة كيفية تطبيق هذه النظريات في إيران، ثم أشار إلى عاملين أساسين هنا قائلا:
هناك عاملان يمكنهما التأثير ايجابياً على هذا الموضوع،
الأول: الحوزة العلمية وأن عليها دراسة النظريات التي طرحتها ونقدها وهذا ممَّا يحتاج إلى وقت، فالمتواجدون في الحوزة غير متفقين في الأفكار، وقلَّما يلتفتون إلى الاشكالات.
ومن جانب آخر فانهم لم يدركوا حلقات درس الامام الخميني لذلك يصعب عليهم اعتبار هذه النظريات جزءً من الثقافة الدينية بل يصعب عليهم نقدها حتى، إلاَّ أن إدراك شعبنا عال، وهو يؤمن بها.
العامل الآخر هو السلطات القانونية والسلطة التنفيذية والقضائية، أي الحكومة بمعناها العام، وهي إذا أرادت اتخاذ قرار في هذا المجال فينبغي أن يتطابق قرارها ولو مع فتاوى فقيه واحد، ولا مانع قانونياً في هذا المجال.بالطبع هناك عوامل وشخصيات اُخرى لم تدرك أهمية هذه النظريات، آمل أن يتقدّموا في هذا المجال.
ثم أشار سماحة الشيخ إلى التأثير الكبير لشخصية الامام الخميني في مجال تنفيذ النظريات الراقية للاسلام وقال:
يمكنني الاعلان بجدية أن الامام لو كان حياً لأصبحت هذه النظريات قانوناً، وأنا آمل أن تحكمنا الديمقراطية بتعريفها الدارج بفضل مساعي المثقفين والمصلحين في الداخل و الخارج.
وأنا اُؤكّد أن الاسلام دين للبشرية وللسلام ولرعاية حقوق البشر، وليس دين الظلم والإيذاء والسجن والعنف والإرهاب والقتل والتعذيب أو الحبس في الزنزانات الانفرادية، فالاسلام بعيد عن هذه التهم... إنَّهم أساء تعريف الإسلام، فهو دين مفعم بالعطوفة والرحمة والانصاف والمداراة وفيه ضمنت جميع حقوق البشر وحرياتهم .
عندما تحصل مشكلة في عهد الإمام كنَّا نرجع إليه فكان يقنع أطراف المشكلة وتتحلل الامور، ومشكلتنا اليوم هي أن أفكار الإمام والثورة لم تطرح إلى جانب كلياً بل ضعّفت وفقدت تأثيرها وجاذبيتها، وهي تبدو كالمرض الذي يضعف شيئاً فشيئاً. لكن كيف يمكن إرجاع الذي ابتلي بهذا المرض إلى ما كان عليه سابقاً؟ نحن هنا في مقام البيان فقط، ولا سلطة لنا على التنفيذ، ونحن نعلم بالحلول وعلى البقية أن يتعلَّموا.
وفي جانب آخر من حديثه تطرَّق إلى كيفية تبلور فصائل من قبيل القاعدة والطالبان وقال:
نمو الفكر الطالباني وايجاد تشكيلات استراتيجية من هذا القبيل يعود في البداية إلى تعاليم مفكّريهم، فهم الذين يجوّزون الارهاب والجرائم بل يعدونه واجباً، وما علينا هو تفهيمهم بأن أفكاراً من هذا القبيل لا مجال لها في الاسلام ومدانة من قبله .
على أية حال، ينبغي البدء بنشاطات ثقافية عميقة لأجل مواجهتهم، وأنا عندما أسمع بممارساتهم العنيفة لا أشعر بالفتور فحسب أتذمّر بشدة من اولئك الذين أغووا آخرين، كما ألعن المباشرين، لأنه ينبغي الحفاظ على حقوق المجتمع، وهم من قبيل فصائل الضغط الموجودين لدينا، فنحن نلعنهم ونلعن قادتهم الفكريين، كما نلعن كل من يظلم الشعوب والناس في العالم، كما نلعن كل اولئك الذين يؤذون الآخرين باسم الدين، وندعوهم للحق ونبدي تذمّرنا من أعمالهم.
وفي آخر جزء من حديثه أكد سماحة آية اللّه العظمى الصانعي على الحوار وحسن الجوار بين الشعبين الايراني والعراقي وحوزة قم والنجف وقال:
شيعة العراق لا ينظرون إلى إيران كنموذج لحكومة، بل لهم شخصيتهم الخاصة بهم ولهم كبارهم. الشعب العراقي والايراني وحوزة النجف وقم متعايشون ويعيشون الحوار فيما بينهم، والشعبان لم يكونا منشأ الحرب بين البلدين بل المنشأ هو صدام وحزب البعث والقوى التي كانت تدعمهما، ولهذا كان الشعبان ولازالا أعداءً لهؤلاء، أما فيما بينهم فكالاخوة .