لقاء سماحته أعضاء هيئة تحرير موقع (شفقنا)
هذا ما قاله سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي في هذا اللقاء، كما أكّد سماحته على القيمة العالية لعمل هذه المجموعة الخبرية كوسيلة إعلام شيعية تسعى للدفاع عن الإسلام الأصيل والواقعي الذي طرحه لنا الرسول (ص) وأمير المؤمنين (ع).
ثمّ تناول سماحة الشيخ موضوع كون استراتيجية عمل هذه الوكالة ينبغي أن تكون تعزيز الوحدة بين الشيعة والسنة وقال: "عليكم الإعلان لمخاطبيكم أن موقف الشيعة هو الجدال بالتي هي أحسن لأجل هداية المجتمع. والشيعة تخالف العنف والحرب، أي عكس ما يروّج ضدّهم".
وأضاف هذا الفقيه المجدّد: "ما ينبغي الالتفات إليه في مجال التعريف بالتشيع هو بيان الجوانب الإيجابية واجتناب موارد الاختلاف، وأؤكّد هنا على قضايا حقوق البشر ومدى اهتمام التشيّع بحقوق مطلق البشر".
وفي جزء آخر من هذا اللقاء خاطب الحضور قائلاً: "أعتقد بضرورة التوجّه لفتاوى وآراء ونظريات كبار علماء الشيعة مثل: المقدس الأردبيلي، والشيخ الأنصاري، وبالخاصة ابن جنيد، برغم ما قد يقال في الفقيه الأخير بأنّ آراءه شاذة ونادرة ويخالفها الكثير، بل لا يذهب إلى آرائه اليوم أحد من الفقهاء، لكن المهمّ أنّ فتاواه تنفعنا في الوقت الحاضر، ونراها حلولاً لمشكلات مجتمعنا اليوم".
وأشار هذا الفقيه الجليل إلى الاختلافات بين الأديان والمذاهب واتساع رقعة الاختلاف وقال: "جميع النزاعات المشهودة اليوم بين الشيعة والسنة والاسلام واليهودية والمسيحية تعود إلى عدم معرفة الإسلام وعدم معرفة الماهية الحقيقة للرسول الأكرم (ص)، فجميعنا لم يعرف الإسلام ولا الرسول، ونزاعاتنا تصدر عن قراءاتنا الشخصية للإسلام وأفكارنا الذاتية".
وأضاف: "بالنسبة إلى حقوق البشر على سبيل المثال، فإنّ قضية اختلاف المذاهب غير مطروحة أصلاً، وفي بحث العقوبات كذلك. وفي هذا المجال يذهب السيد أحمد خوانساري والميرزا القمي إلى أنّ هذه العقوبات تختص بزمن حضور الإمام المعصوم (ع). التعزيز يعني التوبيخ، وعلى علماء النفس والمجتمع أن يتدارسوا العقوبات ليحددوا العقوبات وفق ما تمليه عليهم معلوماتهم في هذا المجال. وقضية السنة والشيعة هنا غير مطروحة أصلاً. حقوق البشر جميعهم متّحدة، فللجميع الحق في ارتقاء المناصب والحصول على العمل. والذي يتنافى مع الإسلام ويخالفه الإسلام هو ظلم البشر، وهو ما نشهد قلّة الاهتمام به".
نشكر الله أن مرجعية الشيعة في العراق أصبحت محوراً للنضال والنشاط السياسي والاقتصادي والثقافي دون أن تستفيد شيئاً من الحكومة العراقية، وهو أمر ذات قيمة عالية.
كما أضاف سماحته: "برأيي إذا لم يظلم الناس بعضهم الآخر فجميعهم في الجنّة بسبب الأعمال الخيرة التي يمارسونها. لكنّهم إذا ظلموا ومارسوا الظلم الذي يدينه كلّ شخص، أو خالفوا ما يملي عليهم دينهم أو مذهبهم وعصوا أوامره فإنّ مصيرهم هو العذاب. فينبغي الالتفات إلى أنّ ملاك الجنة ليس الهوية، فلا يدخل الشيعي الجنّة لأجل حمله هوية شيعية!"
وقد جاء في دعاء كميل الذي ورد عن أمير المؤمنين: "وان تخلّد فيها المعاندين" واصطلاح المعاندين لا يعني اولئك الفقراء والمساكين الذين يعيشون في جنوب أفريقيا ولا يملكون قرص الخبز. وهل يمكن أن نقول بأنّ الله يدخل هذا في جهنّم ويدخل الشيعي في الجنّة برغم جرائمه الكثيرة لأجل أنّه يحمل هوية شيعية؟
جهنّم للظالم وللكافر. والكفر الذي جاء في القرآن عنى في حقيقته الكتمان، اي كتمان الحق، أي ينكر الحق ويكتمه عناداً، ومثل هؤلاء قليلون. لكنّ فسّر الكفر خطأً، بحيث تستخدم مفردة كافر لكل غير مسلم.
ثمّ أشار فضيلته إلى فتاوى علماء الشيعة والمذاهب الأخرى في مجمل الأمور واعتبر التوجّه والتركيز على المشتركات حاجة ملحّة لأجل حلّ الاختلافات، وقال: "ينبغي تبيين القضايا مع الالتفات إلى الظروف الزمانية والمكانية التي نعيشها، مثلاً جاء في الفقه الشيعي والسني أنّه لا يجوز للكافر الزواج من المرأة المسلمة. وهذا نعلمه نحن كذلك لكن ينبغي الالتفات إلى أنّ الكافر يختلف عن غير المسلم. أو في بحث الإرث مثلاً نجد مسيحياً كاداً حصل على مبلغ قليل من المال خلال حياته، وبعد مماته نقول له بعدم إمكان توريث أموالك لأولادك؛ لأنّ المسيحيين لا يورّثون. لكن لمن نعطي أمواله؟ نعلن عبر وسائل الإعلام لكي نعثر على مسلم من جيله الثالث أو الرابع أو بعيد في القرابة جداً لكي يحصل على إرثه. وإسلام من هذا القبيل هل يمكن أن يتحلّى بجاذبية؟ صحيح أنّ الإسلام منع توريث الكافر، لكنّه منع الكافر، أي الذي يعلم بحقانية الإسلام ويعاند ولا يدخل فيه، فمثل هذا محروم من بعض الحقوق التي منحت للمسلمين، لكنّ الحقوق لم تمنع من غير المسلم".
وفي قسم آخر من حديثه أشار تلميذ الإمام المبرّز إلى الذكرى السنوية لانتصار الثورة الإسلامية، وتناول ذكرى عن الإمام الخميني قائلاً: "كان الإمام إنساناً جليلاً ورفيع المستوى جداً ويحمل عواطف جياشة ومؤدباً بأقصى مستويات الأدب، وما كان يسمح لأحد التعرّض بسوء إلى العلماء. وفي يوم دخل عليه شخص في النجف وتعرّض بسوء لآية الله العظمى الخوئي (ره) وكان يعرف باختلافهما في المنهج، لكنّه ما سمح له بذلك وما أجاز له الدخول عليه مرة أخرى وما تكلّم معه بعدئذ. وعندما جاء إلى إيران بعد انتصار الثورة ما اعتنى به الإمام الخميني؛ لأنّ الامام كان شخصاً لا يقبل الإساءة لأحد من رجال الدين. لكنكم تشاهدون الوضع اليوم والاتجاه الذي نسير نحوه".
وفي نهاية اللقاء عبّر فضيلته عن أحاسيسه الوارفة وكرّم مساعي آية الله العظمى السياستاني في مجال ترويج الثقافة الشيعية والإسلام الخالص وتدابيره الحكيمة في القضايا العراقية وقال: " نشكر الله أن مرجعية الشيعة في العراق أصبحت محوراً للنضال والنشاط السياسي والاقتصادي والثقافي دون أن تستفيد شيئاً من الحكومة العراقية، وهو أمر ذات قيمة عالية. على أنّ سيدنا الإمام الخميني (سلام الله عليه) كان يحمل ذات الفكرة والرؤية لكنّ وضع ايران وشؤونها أرغمته على وضع مجموعة من رجال الدين في القيادة، ولو لم يفعل هذا لصادرت بعض الفرق الثورة. والعراق يختلف، وأرضيته مختلفة. وفي النتيجة فقد أعان سماحته الدولة دون أن يطمع بها. وهذا ممّا يُشكر عليه".
التاريخ : 2013/02/24