موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: مع السيد دانيل داوس مراسل صحيفة الغادرين البريطانية
لقاء سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي (دام ظله العالي)مع السيد دانيل داوس مراسل صحيفة الغادرين البريطانية
التقى سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي السيد دانيل داوس مراسل صحيفة الغادرين البريطانية، وقد تناول اللقاء عدَّة مواضيع تخص آراء الشيخ الفقهية وغيرها.
في جوابه على سؤال حول دية الرجل والمرأة قال سماحة الشيخ:
الذي أقرَّه القانون يتطابق مع وجهات نظر كبار فقهائنا من أهل الفن فقد كان يبدو لي صعباً جداً أن أرى فرقاً في الدية بين الرجل والمرأة، رغم أن المرأة انسان كالرجل، فلماذا كانت ديتها نصف الرجل؟ ولماذا يدفع ولي دمها نصف الدية إذا أراد الاقتصاص من قاتلها الرجل؟ هذا مع أنه لاحق لولي الدم أن يقتص من القاتل إذا عجز عن دفع نصف الدية، وإذا قتلت المرأة رجلا يقتص منها دون أن يدفع لها أو لأولادها شيء... إشكالات من هذا القبيل حرّضتني على الدخول في بحث الدية.
وفي جانب آخر من كلامه قال:
لم تؤخذ بنظر الاعتبار الاشكالات المزبورة لدى كبار فقهائنا المتقدمين وذلك لقلة التواصل آنذاك مع أن القتل لم يحصل كثيراً، فكانوا يكتفون باستنباطاتهم دون النظر إلى غيرها، لكني لاحظت الآيات والروايات فكانت استنباطات قراءتي لها عدم التفريق بين الرجل والمرأة في الدية والعقاب.
والمتقدمون معذورن في فتاواهم كما هو حالي إذ أطلقت هذه النظرية، فإن اختلاف القراءات والاستنباطات يعد من مبادىء كل فن وعلم، وهذا الاختلاف موجود في قراءاتنا للقوانين والمضامين الدينية. أعتقد أن فقهاء الشيعة سيفتون بما أفتيت به في يوم ما.
أمَّا السنة فقد ساووا في عقوبة القصاص بين الرجل والمرأة لكنهم لم يساووا بينهما في الدية. وعلى أية حال لم تتبلور فتواي على مستوى قانون وأنا أشكل على ذلك.
وفي جوابه عن توقّعاته أن تصبح فتواه قانوناً يوماً ماأجاب مرجع الشيعة المجدّد:
هذا يرتبط بظروف اُخرى، فانه بحاجة إلى عالم كبير جداً مثل الإمام الخمينى(قدس سره) يسعى لخدمة الإسلام ولا يتأثّر بأي شيء، أمَّا حالياً وفي الظروف الراهنة فيعد أمراً غير ممكن.
وفيما يخص اهتمام الطلبة الشباب بمباحث من قبيل الدية اعتبر الشيخ ذلك تابعاً لقابلياتهم العلمية، ويتسنى لهم قبول هذه الآراء إذا ما كانوا منفتحين فكرياً، وأضاف:
هذا أمر يقبله عموم الناس ولا يخالفه إلاّ أتباع العنف وفاقدو القابليات العلمية. انّي لا أرى تمييزاً في الإسلام، والناس سواسية، من حيث الحقوق، رجالا نساءً، مسلمين وغير مسلمين، شرقيين وغربين، وعقوبة غير المسلم نفس عقوبة المسلم، فإذا قتل المسلم غير المسلم ينبغي الاقتصاص من المسلم لا الامتناع عن ذلك بحجة كون القاتل غير مسلم.
خلاصة الكلام:
اللغة واللون ليست أسباباً للتمييز، وحقوق الأبيض نفس حقوق الأسود، وحقوق المسلم نفس حقوق غير المسلم.
هناك موردان قد يتصوّر فيهما تمييز المرأة عن الرجل، أحدهما: الإرث، فإنه يبدو لي من المسلَّم كون نصيب الذكر من الأولاد ضعف نصيب الاُنثى، وهذا ليس تمييزاً، بل في مورد من هذا القبيل للذكر أن يشكو من ضآلة نصيبه، وقد أوضحنا هذا الموضوع في محال اُخرى بالتفصيل .
ثانيهما: الطلاق الذي جعله الشارع بيد الرجل، وهو ظلم للمرأة، كما يقال، مع أنه ليس كذلك ; لأن الرجل لا يتزوّج المرأة إلاّ ويعطيها مهرها، ولا يطلّقها إلاّ ويسلّمها مهرها، ولا خلاف هنا.
أمّا إذا أرادت المرأة تطليق نفسها فيفرض لذلك صورتان، أحدهما: أن تطلب الطلاق من الرجل ولا تمنحه المهر، وهذا غير صحيح وظلم للرجل، ثانيهما: أن تطلب منه تطليقها وتمنحه المهر، عندئذ يجب على الرجل ـ برأينا ـ التطليق، ولا يجوز له إيذاؤها، ولا يمكنه الامتناع عن الطلاق، وإذا امتنع فعلى المحكمة تطليق المرأة من الرجل، كما لا يمكنه المطالبة بأكثر من المهر وأنا لم أنفرد بهذه النظرية بل كان الكثير من العلماء في القرنين الماضيين يحملون هذا الرأي، وبذلك لا نرى ظلماً يرد على المرأة، عكس مالو قلنا بأن للرجل أن لا يطلّق حتّى لو منح المهر، كما قال بهذا البعض، فذلك ظلم للمرأة وأنا أرفضه.
كما ذكّر سماحته بالآثار المخرّبة والخطرة لعدم الشفافية والوضوح في قضايا الثورة وما يترك ذلك من انطباع سلبي عن الاسلام. وأضاف:
هذه الموارد ليست خيانة; لأن الخيانة تحصل فيما إذا صدرت هذه الأفعال عن علم وبصيرة، ولهذا نحن نعدُّ هذه الأمور من الأخطاء، رغم ما لها من آثار خطرة على الإسلام وعلينا، كعلماء الاسلام، ولا شك في أنها تترك انطباعاً سلبياً عن الإسلام، وإذا بلغت هذه الأخطاء مستوى الخيانة كانت أكبر جريمة ترتكب في تاريخ الإسلام، وهي تشكّل ذات الخطر الذي يشكّله الإرهابيون على الإسلام. التاريخ : 2003/11/25 تصفّح: 11415