Loading...
error_text
پایگاه اطلاع رسانی دفتر حضرت آیت الله العظمی صانعی :: کتابخانه عربی
اندازه قلم
۱  ۲  ۳ 
بارگزاری مجدد   
پایگاه اطلاع رسانی دفتر حضرت آیت الله العظمی صانعی :: 3 ـ الأدلّة العقلية

3 ـ الأدلّة العقلية كانت الأدلّة العقلية من ضمن الأدلّة التي تمسّك بها الفقهاء في مجال تحريم حفظ كتب الضلال أو وجوب إتلافها، حيث نجد ـ بشكل أو بآخر ـ ظهوراً لهذه الأدلّة في ثنايا كلمات أكثرهم، بل إن بعضهم ـ مثل المغفور له السيد أحمد الخوانساري(رحمه الله) ـ اعتبر أن أهم الأدلّة هنا هو حكم العقل([62]).

لقد اعتُمد هنا على لزوم قلع مادة الفساد، ودفع الضرر المحتمل، ولزوم دفع المنكر، وقبح الإعانة على المعصية، بوصفها وجوهاً عقلية دالة على تحريم حفظ ونشر وتوزيع كتب الضلال، من هنا كان من الضروري دراسة هذه الأدلّة وكيفية الاستدلال بها، ثم إخضاعها للتقييم; لتحديد مدى صحتها من سقمها، بهدف إعادة قراءة موقعها في بحثنا هنا; رغم أن أجوبة بعض هذه الوجوه، مثل دليل قبح الإعانة على الإثم، قد تمّ التعرّض لها واتضحت فيما سبق من أبحاث; من هنا سنركز على الأدلّة العقلية العمدة والرئيسة في هذا البحث، لتسجيل أجوبة عليها.

أ ـ دليل لزوم قلع مادّة الفساد

كيفية الاستدلال

اعتبر أصحاب هذا الاستدلال أن كتب الضلال تمثل مادة الفساد من حيث إفضاؤها إلى تضليل المجتمع، وعليه يمكن الاستناد إلى القاعدة الكلية العامة: «لزوم قلع مادة الفساد ودفع الظلم» لتطبيقها على كتب الضلال; لإثبات وجوب إتلافها.

الجواب
كان آية الله العظمى الخوئي(رحمه الله) من الذين ناقشوا الاستدلال بهذا البرهان العقلي; حيث قال: «فيرد عليه أنه لا دليل على وجوب دفع الظلم في جميع الموارد، وإلا لوجب على الله، وعلى الأنبياء والأوصياء الممانعة عن الظلم تكويناً»([63]).

ولتوضيح ملاحظته نقول: بعد أن يدرك العقل قبح الظلم، يغدو الاستدلال على وجوب إتلاف مادة الفساد لإثبات حرمة حفظ أو وجوب إتلاف كتب الضلال; قائماً على مقدّمتين:

الصغرى: إن حفظ كتب الضلال (مادة الفساد) ظلمٌ.

الكبرى: إن دفع الظلم وقلعه واجب بحكم العقل.

ونتيجة ذلك: وجوب إتلاف كتب الضلال ودفع ظلمها.

وآية الله العظمى الخوئي(رحمه الله) ناقش في كبرى الدليل هنا; معتبراً أن لازم الوجوب العقلي بدفع الظلم والفساد هو وجوب أن يمنع الله وأنبياؤه وأوصياؤه الظلم تكويناً; لأن الوجوب العقلي يشمل تمام العقلاء، ومن بينهم رئيس العقلاء، ومن التبعات الفاسدة واللوازم الباطلة لهذا الوجوب العقلي المدعى هو المنع التكويني ـ بمعنى الجبر وسلب قدرة الإنسان ـ مع أن هذا العالم هو عالم الإرادة والاختيار الإنساني، والإنسان لن يسلب فيه الإرادة أبداً، قال تعالى: (إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً)([64]).

والجواب الآخر هنا على هذا الاستدلال، أننا حتى لو قبلنا حكم العقل بلزوم قلع مادة الفساد وأن ترك ذلك قبيح، إلا أننا نقطع بأن هذا الحكم ليس نافذا في تمام الموارد، وإنما هو على صلة بالفساد العام الباعث على وقوع الخلل في النظام
الحياتي وفي أركان المجتمع، مثل العفة، والأمن العام، وعقائد المجتمع، بحيث يستهدف مثل هذه الأشياء، أما فيما يخص بضعة كتب أو نشريات لا تصل إلى مستوى البعد العام للمجتمع; فإنه لا يمكننا إصدار مثل هذا الحكم، نعم لو كان نشر مثل هذه الكتب واسعاً جداً لحقه الحكم المذكور، وهذا يعني أن هذا الحكم لا يلحق كتب الضلال بما هي في نفسها.

والدليل على ذلك أن العقل يميّز بين الفساد العام ممّا أسلفناه وغيره; فإنّ هذا النوع من القضايا من خصوصيات العقل التي لابدّ أن يُسأل العقل نفسه عنها. وإذا قبلنا بحكم العقل في أصل الموضوع هنا، فإن كيفية مواجهة الظلم والفساد لابدّ أن يُرجع فيها إلى العقل أيضاً كي يحدّدها لنا; وعليه فتفسير دفع مادة الفساد بالإلغاء التكويني للأوراق والكتب والأغلفة... تدخلٌ في شؤون الفهم العقلي للموضوع، ذلك أن الجواب عن الشبهات بأساليب مختلفة، وإقامة الحجج والأدلّة... يعدان ـ من وجهة نظر العقل ـ من أفضل أساليب مواجهة كتب الضلال، ومن ثم دفع الظلم والفساد، وليس السبيل الوحيد للمواجهة منحصراً في إتلاف الكتب وإعدامها من الوجود.

ب ـ دليل لزوم دفع المنكر

برهان وجوب دفع المنكر كان ـ هو الآخر ـ أحد الأدلّة التي ذكرت لوجوب اتلاف كتب الضلال أو حرمة حفظها.

كيفية الاستدلال

لابدّ ـ في سياق عرض كيفية الاستدلال هنا ـ من القبول أولا بأن كتب الضلال تعدّ من المنكر، وأن العقل يحكم بوجوب دفع المنكر، رغم أن هذا الدليل يحتاج أيضاً إلى عدة مقدمات أخرى; إذ بدونها سيظلّ ناقصاً.

المقدمة الأولى: دفع المنكر واجب.

المقدمة الثانية: الرفع والدفع واحد ـ أو بحكم الواحد ـ عند العقل.
النتيجة: رفع المنكر واجب أيضاً.

الجواب

أوّلا: كما يُلاحظ فإنه بعد إثبات المقدّمة الأولى (دفع المنكر واجب) لابدّ من إثبات الادعاء القائل بأن العقل لا يرى امتيازاً بين رفع المنكر الراجع إلى ما بعد وقوعه، ودفع المنكر الراجع إلى ما قبل الوقوع، وأنه يرى الدفع كالرفع واجبين، مع أن الرفع يقع في مرحلة العمل، فيما يقع الثاني في مرحلة التصميم واتخاذ القرار، وعلى فرض وجود دليل في مورد الرفع على التصرّف في ما يرجع إلى الآخرين (وقد أثبتنا ـ في موضعه ـ عدم وجود مثل هذا الدليل) إلا أنه لا يوجد أيّ دليل محكم في مورد التصميم واتخاذ القرار على نقض الحدود وثبوت الحق في التصرف في أموال الآخرين (الأمر الذي ثبت بأدلّة محكمة).

ثانياً: على فرض الإقرار بوجود وجوب عقلي على رفع المنكر، إلا أن الشيء الجدير بالتأمل هنا هو أن كتب الضلال ليست منكراً في حد نفسها، وإنما هي مما يترتب عليه المنكر، فالكتاب وحفظه ليس منكراً، وإنما هو شيء يمكن توظيفه في السوء والمنكر، ولا يوجد عندنا دليل على لزوم دفع مثل هذه الأمور.

ثالثاً: إذا اعتقد شخص بمحتوى الكتاب وعمل على أساس ذلك، وتلقاه بوصفه أمراً معروفاً وليس منكراً، فلا دليل عندنا على معاقبة مثل هذا الشخص، ومن ثم لا دليل على لزوم الدفع هنا، اللهم إلا في بعض الموارد التي علمنا فيها من مذاق الشارع أنه لا يرضى بوقوعها مطلقاً خارجاً، وهذا الأمر غير متوفر في تمام كتب الضلال، فالدليل هنا أخصّ من المدعى.

رابعاً: إن تمام الإشكالات التي عرضناها عند الحديث عن حكم العقل بلزوم قلع مادة الفساد تجري في هذا الدليل أيضاً، الذي يعدّ ـ بشكل من الاشكال ـ عين الدليل المتقدم، مثل هل أن السبيل الحصري لرفع المنكر هو تحريم حفظ كتب الضلال أو وجوب إتلافها وإفنائها؟!
____________________________________________________
[62] . جامع المدارك 3: 21.
[63] . مصباح الفقاهة 1: 254.
[64] . الإنسان: 3.
عنوان بعدیعنوان قبلی




کلیه حقوق این اثر متعلق به پایگاه اطلاع رسانی دفتر حضرت آیت الله العظمی صانعی می باشد.
منبع: http://saanei.org