Loading...
error_text
پایگاه اطلاع رسانی دفتر حضرت آیت الله العظمی صانعی :: کتابخانه عربی
اندازه قلم
۱  ۲  ۳ 
بارگزاری مجدد   
پایگاه اطلاع رسانی دفتر حضرت آیت الله العظمی صانعی :: المقدمة

المقدمة تحدّث الله تعالى في القرآن الكريم عن نوعين من الكرامة الإنسانية : الكرامة الذاتية ، والكرامة المكتسبة ; أما الكرامة الذاتية ، فقد جاء الحديث عنها في سورة الإسراء ، قال تعالى : (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِير مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلا)([1])، أما الكرامة المكتسبة، فجاء الحديث عنها في سورة الحجرات حين قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَر وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)([2]).

إنّ الله تعالى عالم خبير حقاً في الأبعاد الإنسانية والاجتماعية المختلفة، ليس في خبرته أحد يشابهه، وعليه فالملاك الذي وضعه للكرامة حيث كان ناشئاً من العلم والخبرة فهو مطابق للواقع والحقيقة، على خلاف الامتيازات الأخرى مثل التفاخر بالأنساب والأحساب والغنى والثروة واللون والعرق والذكورة والأنوثة... مما هو امتياز باطل ووهم مخالف للحقيقة وعبث، لأن منشأ هذه جميعها إنما هو الجهات المادية والدنيوية، قال سبحانه: (وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الاْخِرَةَ لَهِىَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ)([3])([4]).

والكرامة المكتسبة نتيجٌ لسعي الإنسان في حياته، وكيفية إدارته لأعماله وأحواله مرهونة بهذه الكرامة، إلا أن الكرامة الذاتية تثبت للإنسان من حيث كونه مخلوقاً لله تعالى، وكونه خليفة الله سبحانه، ومن سجدت له الملائكة، ويملك قوى إدراكية وقدرةً على تشخيص الخير والشر، كما يتمتع بالقدرة على الاختيار والإرادة... إن هذه جميعها ترشد إلى ارتباط الإنسان بالخالق، كما أنها توجب ـ من جهة أخرى ـ قدرته ولياقته وكرامته الذاتية بإذن من الله تعالى، من هنا يتمتع أفراد البشر جميعاً بهذه الكرامة بصرف النظر عن عقائدهم وأفكارهم ومواطنيتهم وعرقهم وقوميتهم و...

ومن الطبيعي أن يكون لهذه الكرامة الذاتية لوازم وملزومات; أما ملزوماتها فهي مبادئ الكرامة التي تحدّثنا عنها والخصائص التي سردناها، وأما لوازمها فهي احترام العقل، والسؤال، والحرمة والمكانة، والحقوق الطبيعية الأولية ومسائل من هذا النوع، وبعض هذه اللوازم يرجع إلى العلاقة الحياتية ومعاشرة البشر بصرف النظر عن الاعتقادات والأفكار، ومن الطبيعي أن الله تعالى عندما منح الإنسان كرامته لاحظ هذه الكرامة عندما سنّ له التشريعات والقوانين.

ومن جملة الأمور التي لاحظها الشارع الحكيم العليم في الكرامة الإنسانية، حتى كأنه جزء لا ينفك عنها بل يعدّ من لوازمها وذاتياتها، واعتباره عدم مراعاته مخالفةً لهذه الكرامة بل احتقاراً وهتكاً لحرمة الإنسان... هو التساوي بين البشر وانعدام تمام أشكال التمييز والظلم على مختلف الصعد الحقوقية والاجتماعية والإنسانية والجزائية والسياسية والثقافية والاقتصادية و...

إن دراسة علاقات المسلمين بغيرهم في الفقه الإسلامية يفترض بها أن تخضع لقانون الكرامة الإنسانية، لا بمعنى طرح الأدلة الخاصة وإعجازها عن تخصيص هذه القاعدة القرآنية القوية المسلمة التي هي بمثابة النص في المسألة، وإنما أخذ قاعدة الكرامة من الأصول والكليات والقواعد العامة التي لا يجوز للفقيه التغاضي عنها في اجتهاده المتصل بدراسة أحكام علاقات المسلمين بغيرهم.

إن هذا الكتاب من سلسلة «الفقه المعاصر» يختصّ بدراسة موضوع الإرث بين المسلم وغير المسلم، وهو يأمل أن يتمكن من التقدم خطوةً في مسيرة الوصول إلى الأحكام الإلهية والوظائف الشرعية، محافظاً على المبادئ العامة الفقهية وعلى الفقه التقليدي الجواهري وفقه الشيخ الأنصاري(رحمه الله)الذي ركز على الاهتمام به الإمام الخميني(قدس سره).

والحمد لله




کلیه حقوق این اثر متعلق به پایگاه اطلاع رسانی دفتر حضرت آیت الله العظمی صانعی می باشد.
منبع: http://saanei.org