|
فِي الاِْلْحاحِ عَلَى اللهِ تَعالى
يا اَللهُ الَّذي لا يَخْفى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الاَْرْضِ وَلا فِي السَّمآءِ، وَكَيْفَ يَخْفى عَلَيْكَ، يا اِلهي، ما اَنْتَ خَلَقْتَهُ؟! وَكَيْفَ لا تُحْصي ما اَنْتَ صَنَعْتَهُ؟ اَوْ كَيْفَ يَغيبُ عَنْكَ ما اَنْتَ تُدَبِّرُهُ؟! اَوْ كَيْفَ يَسْتَطيعُ اَنْ يَهْرُبَ مِنْكَ مَنْ لا حَياةَ لَهُ اِلاّ بِرِزْقِكَ؟! اَوْ كَيْفَ يَنْجُو مِنْكَ مَنْ لا مَذْهَبَ لَهُ في غَيْرِ مُلْكِكَ؟!
سُبْحانَكَ اَخْشى خَلْقَكَ لَكَ اَعْلَمُهُمْ بِكَ، وَاَخْضَعُهُمْ لَكَ اَعْمَلُهُمْ بِطاعَتِكَ، وَاَهْوَنُهُمْ عَلَيْكَ مَنْ اَنْتَ تَرْزُقُهُ وَهُوَ يَعْبُدُ غَيْرَكَ. سُبْحانَكَ لا يَنْقُصُ سُلْطانَكَ مَنْ اَشْرَكَ بِكَ، وَكَذَّبَ رُسُلَكَ، وَلَيْسَ يَسْتَطيعُ مَنْ كَرِهَ قَضآءَكَ اَنْ يَرُدَّ اَمْرَكَ، وَلا يَمْتَنِعُ مِنْكَ مَنْ كَذَّبَ بِقُدْرَتِكَ، وَلا يَفُوتُكَ مَنْ عَبَدَ غَيْرَكَ، وَلا يُعَمَّرُ فِي الدُّنْيا مَنْ كَرِهَ لِقآءَكَ. سُبْحانَكَ ما اَعْظَمَ شَأْنَكَ، وَاَقْهَرَ سُلْطانَكَ، وَاَشَدَّ قُوَّتَكَ، وَاَنْفَذَ اَمْرَكَ سُبْحانَكَ قَضَيْتَ عَلى جَميعِ خَلْقِكَ الْمَوْتَ، مَنْ وَحَّدَكَ وَمَنْ كَفَرَ بِكَ، وَكُلٌّ ذآئِقُ الْمَوْتَ، وَكُلٌّ صائِرٌ اِلَيْكَ. فَتَبارَكْتَ وَتَعالَيْتَ لا اِلهَ اِلاّ اَنْتَ وَحْدَكَ لا شَريكَ لَكَ، امَنْتُ بِكَ وَصَدَّقْتُ رُسُلَكَ، وَقَبِلْتُ كِتابَكَ، وَكَفَرْتُ بِكُلِّ مَعْبُود غَيْرِكَ، وَبَرِئْتُ مِمَّنْ عَبَدَ سِواكَ. اَللّهُمَّ اِنّي اُصْبِحُ وَاُمْسي مُسْتَقِلاًّ لِعَمَلي، مُعْتَرِفاً بِذَنْبي، مُقِرّاً بِخَطايايَ، اَنَا بِاِسْرافي عَلى نَفْسي ذَليلٌ، عَمَلي اَهْلَكَني، وَ هَوايَ اَرْداني، وَشَهَواتي حَرَمَتْني. فَاَسْأَلُكَ يا مَوْلايَ سُؤالَ مَنْ نَفْسُهُ لاهِيَةٌ لِطُولِ اَمَلِهِ، وَبَدَنُهُ غافِلٌ لِسُكُونِ عُرُوقِهِ، وَقَلْبُهُ مَفْتُونٌ بِكَثْرَةِ النِّعَمِ عَلَيْهِ، وَفِكْرُهُ قَليلٌ لِما هُوَ صآئِرٌ اِلَيْهِ، سُؤالَ مَنْ قَدْ غَلَبَ عَلَيْهِ الاَْمَلُ، وَفَتَنَهُ الْهَوى، وَاسْتَمْكَنَتْ مِنْهُ الدُّنْيا، وَاَظَلَّهُ الاَْجَلُ، سُؤالَ مَنِ اسْتَكْثَرَ ذُنُوبَهُ، وَاعْتَرَفَ بِخَطيئتِهِ، سُؤالَ مَنْ لا رَبَّ لَهُ غَيْرُكَ، وَلا وَلِيَّ لَهُ دُونَكَ، وَلا مُنْقِذَ لَهُ مِنْكَ، وَلا مَلْجَأَ لَهُ مِنْكَ اِلاّ اِلَيْكَ. اِلهي اَسْأَلُكَ بِحَقِّكَ الْواجِبِ عَلى جَميعِ خَلْقِكَ، وَبِاِسْمِكَ الْعَظيمِ الَّذي اَمَرْتَ رَسُولَكَ اَنْ يُسَبِّحَكَ بِهِ، وَبِجَلالِ وَجْهِكَ الْكَريمِ، الَّذي لا يَبْلى وَلا يَتَغَيَّرُ، وَلا يَحُولُ وَلا يَفْنى، اَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد، وَاَنْ تُغْنِيَني عَنْ كُلِّ شَيْء بِعِبادَتِكَ، وَاَنْ تُسَلِّيَ نَفْسي عَنِ الدُّنْيا بِمَخافَتِكَ، وَاَنْ تَثْنِيَني بِالْكَثيرِ مِنْ كَرامَتِكَ بِرَحْمَتِكَ، فَاِلَيْكَ اَفِرُّ، وَمِنْكَ اَخافُ، وَبِكَ اَسْتَغيثُ، وَاِيّاكَ اَرْجُو، وَلَكَ اَدْعُو، وَاِلَيْكَ اَلْجَأُ، وَبِكَ اَثِقُ، وَاِيّاكَ اَسْتَعينُ، وَبِكَ اُؤُمِنُ، وَعَلَيْكَ اَتَوَكَّلُ، وَعَلى جُودِكَ وَكَرَمِكَ اَتَّكِلُ.
|