|
الإشكال على استدلال السيّد
رغم أنّ الجمع بين الأدلّة أسلوب متعارف بين الفقهاء، بيد أنّ الجمع الصحيح هو الذي يحظى بشاهد معتبر من الكتاب والسنّـة والإجماع. وبعبارة أخرى: يجب أن لا يكون “جمعاً تبرّعيّاً”. وفيما نحن فيه لا يوجد على هذا الجمع أيّ دليل أو شاهد معتبر؛ إذ أنّ عموم آيات الإرث تدلّ على إرث الزوجة للربع أو الثمن من عين تركة الزوج، وإنّ القول بأنّها في بعض الموارد تُعطى من القيمة بدلاً من العين، لا يُعدّ عملاً بعموم تلك الآيات، وهذا سيضرّ بسلامة تلك العمومات؛ لأنّ العمومات تدلّ على إرث الزوجة من عين التركة لا من قيمتها. فإن قيل: إنّ لازم التوريث من العين هو التوريث من القيمة أيضاً؛ لأنّ عين كلّ شيء إذا ملّكها شخص ملّك قيمتها أيضاً. وعليه، فإنّ العمومات تدلّ على أنّ الزوجة ترث من الربع أو الثمن من عين وقيمة تركة الزوج، وإنّ روايات الحرمان تدلّ على أنّ الزوجة ترث من عين بعض التركة، ولكنّها ترث من قيمتها. ومن هنا فإنّ روايات الحرمان تعمل على تضييق وتخصيص دائرة شمول عمومات الإرث لعين بعض تركة الزوج، وإنّ هذا التخصيص يمثل الحدّ الأدنى من التخصيص فيما يتعلّق بالعمومات. نقول في الجواب: إنّ ما يقال من أنّ الشخص إذا ملك عين شيء، ملك قيمته أيضاً، لا تكون فيه ملكيّـة القيمة ملكيّـة أصليّـة؛ لأنّ الأصل يقوم على ملكيّـة العين، وأمّا ملكيّـة القيمة فهي ملكيّـة فرعيّـة تابعة لملكيّـة عين ذلك الشيء. وبعبارة أخرى: ليس الأمر بأنّ يجعل الشارع في ملكيّـة الأشياء أمرين مستقلّين، أمر بالعين، وأمر بالقيمة، وإذا كان لمثل هذا الوضع من وجود، لوجب أن يكون بالإمكان القول: يمكن للشخص أن يمتلك قيمة شيء ولا يمتلك عين ذلك الشيء، وهو كما ترى. وعليه، فإنّ الأصل في الملكيّـة هو ملكيّـة عين الأشياء، والقيمة فرع للعين. فإذا منع الشارع من عين مال، منع من قيمته أيضاً تبعاً لمنع ملكيّـة العين؛ لأنّ لازم المنع من الأصل هو المنع من الفرع أيضاً. وعليه، حيث اتّضح أن لا وجود لشاهد أو دليل على هذا الجمع المدّعى، نتقدّم خطوة إلى الأمام ونقول: علاوة على عدم وجود شاهد ودليل معتبر على هذا الجمع، فإنّ بعض الروايات[1] الدالّة على حرمان الزوجة من قيمة الأراضي تدلّ أيضاً على عدم تماميّـة هذا الجمع. ----------- [1]. من قبيل ما تقدّم من الروايات من رقم 11 إلى 14، ولمزيد من الاطّلاع راجع إلی وسائل الشيعة 26: 209، الباب السادس، الحديث: 2 و3 و9.
|