|
3) الآية 157 من سورة الأعراف
(الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنْ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمْ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمْ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ...).[1] لابدّ من الالتفات إلى عدد من النقاط بشأن هذه الآية المباركة، و هي كالآتي : النقطة الأُولى : لاشکّ في أنّ أوصاف من قبيل : (النبي) و (الأُمي) و (الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ ) كلّها تعود إلى شخص النبي الأكرم وحدة ولا يشاركه فيها غيره، وأنّ المهام التالية من قبيل: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بقرينة هذه الأوصاف، هي من مهام شخص النبي وحدة. وهو الذي يحلّ ويحرّم؛ لأنّ هذه الأُمور تدخل في نطاق التشريع، ولا شکّ في أنّ النبي مخوّل من قبل اللّه سبحانه وتعالى بالتشريع. ومن ناحية أُخرى فممّا لاشکّ فيه أنّ النبي الأكرم 9 هو وحدة الذي يستطيع ـ من خلال الحجّة والمنطق ـ القيام بهذه المهام العظيمة بالبيان والدعوة إلى الخير الذي هو من أهمّ أسس العملية التبليغية التي يقوم بها الأنبياء، وإنّ سرّ إعجاز النبي الأكرم 9 يمكن في توظيف هذا النهج والأُسلوب. كما قام الإمام الخميني (سلام اللّه عليه) لوحدة متأسّيآ بالنبي الأكرم 9 بتوظيف هذا الأُسلوب وقاد الثورة وتوّجت جهوده بالنصر، وواضح أنّه من خلال توظيف الضغط والتهديد والتخويف لا يتحوّل هذا العمل إلى معجزة لا يمكن إلّا للنبي الأكرم أن يقوم بها، بل يمكن تحقيقها على يد الآخرين أيضآ. النقطة الثانية : جاء في الكتب اللغوية، أنّ كلمة «إصر»[2] تعني الشدّة والضيق، و«الأغلال»[3] جمع «غُل» وهي السلسلة التي يقيّد بها الأسير أو السجين والمعتقل. و واضح أنّ رفع الإصر والغلّ الوارد في الآية الكريمة لا يمكن أن يتأتّى من خلال «الضرب والجرح» في الدعوة إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ لأنّ الأمر بالمعروف بهذه الطريقة هو في ذاته عنف وقسوة وشدّة! إذن بقرينة صدر الآية وآخرها، لا يمكن القول بأنّ المراد من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو غير القول والعمل الصالح من قبل نفس الآمر، دون اللجوء إلى الإكراه والضغط والقسوة والضرب والجرح. -------------------------------------------------------------------------------- [1] . الأعراف: 157. [2] . مجمع البحرين، ج3، ص208، وفيه: «قيل: وأصل الإصر :الضيق والحبس، يقال: أصره يأصره: إذا ضيّق عليه وحبسه».مادة (أ. ص. ر). [3] . مجمع البحرين، ج5، ص436، وفيه: «سمّي غلولا؛ لأنّالأيدي فيه مغلولة، أي: ممنوعة مجعول فيها غل، وهيالحديدة التي تجمع يد الأسير إلى عنقه». مادة (غ. ل. ل).
|