|
الدليل الأوّل: ظهور لفظ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
إنّ ظهور عبارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الواردة في النصوص لاتدلّ على أكثر من التلفّظ والأمر والنهي اللساني والشفهي، وهذا ما أقرّ به صاحب الجواهر 1 أيضآ، حيث قال ما معناه: إنّ مقتضى الأمر والنهي لا يعدو الطلب القولي، وأمّا ما يتعلّق بالضرب والجرح من مراتب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فهو مستفاد من كلمات الأصحاب وفتاويهم، وليس من مادّة الأمر والنهي ودلالتهما اللفظية، قال: «إذ لا يخفى على من أحاط بما ذكرناه من النصوص وغيرها: أنّ المراد بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، الحمل على ذلک بإيجاد المعروف، والتجنّب من المنكر، لا مجرّد القول وإن كان يقتضيه ظاهر لفظ الأمر والنهي».[1] ثمّ أخذ بنقل الروايات[2] التي لا يستفاد منها أكثر من الطلب القولي والعملي والتماس الخير، ولا تشمل العنف والتهديد والضرب والشتم، وبالتالي يصرّح بأنّه لم يتوصّل إلى اعتبار الضرب من مراتب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلّا من خلال الأدلّة والفتاوى وكلمات الأصحاب، فيقول: «لكنّ ما سمعته من النصوص والفتاوى الدالّة على أنّهما يكونان بالقلب واللسان واليد».[3] جديرٌ ذكره أنّنا سنعمد فيما يلي إلى إقامة الأدلّة على عدم صحّة استنتاجه الأخير هذا. -------------------------------------------------------------------------------- [1] . جواهر الكلام، ج21، ص381. [2] . إنّ الروايات التي ذكرها صاحب الجواهر، إنّما هي نصوصواردة في سياق تفسير قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُواأَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ) (التحريم6:)،وهي عبارة عن :1ـ خبر عبد الأعلى مولى آل سام عن الصادق (عليه السلام): «لمانزلت هذه الآية (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا)جلس رجل من المسلمين يبكي، وقال: أنا عجزت عن نفسي،كلّفت أهلي! فقال رسول اللّه 6: حسبهم أن تامرهم بماتأمر به نفسک، وتناههم عما تنهى عنه نفسک». وسائل الشيعة،ج16، ص147 و148، أبواب الأمر والنهي، الباب 9، ح 1.2ـ خبر أبي بصير (في الآية): «قلت: كيف أقيهم؟ قال: تأمرهم بماأمر اللّه، وتناههم عما نهاهم اللّه، فإن أطاعوک كنت قد وقيتهم،وإن عصوک كنت قد قضيت ما عليک». وسائل الشيعة، ج16،ص148، أبواب الأمر والنهي، الباب 9، ح 2.3ـ خبر آخر لأبي بصير، عن أبي عبداللّه 7 (في الآية): «كيف نقيأهلنا؟ قال 7: تأمرونهم وتنهونهم». وسائل الشيعة، ج16،ص147 و148، أبواب الأمر والنهي، الباب: 9، ح 3. [3] . جواهر الكلام، ج21، ص382.
|