|
الأمر بالمعروف والنهي عنالمنكر في اللغة
يعني الأمر ـ كما قال علماء اللغة ـ: طلب الفعل.[1] والنهي يعني: طلب الترک،[2] وعليه يكون الأمر طلبآ قوليآ. وقد ذهب صاحب الجواهر إلى أنّ مقتضى ظاهر لفظ «الأمر والنهي» هو الطلب اللساني والشفهي.[3] وفي المقابل ذهب العلّامة الطباطبائي 1 في تفسير قوله تعالى: (الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ )[4] إلى القول : «أمرهم الناس بالبخل، إنما هو بسيرتهم الفاسدة وعملهم به سواء أُمروا به لفظآ أو سكتوا، فإنّ هذه الطائفة لكونهم أولي ثروةٍ ومال يتقرّب إليهم الناس ويخضعون لهم لما في طباع الناس من الطمع؛ ففعلهم آمرٌ وزاجرٌ، كقولهم».[5] وهنا نلاحظ أنّ العـلّامة الطباطبائي يعتبر الفعل من «الأمر»، رغم أنّ استفادته هذه لم تكن بصورة مباشرة من اللفظ نفسه . كما فسّرت كلمة «المعروف» و«المنكر» في اللغة على النحوالآتي : «والمعروف اسم لكلّ فعل يُعرف بالعقل أو الشرع حسنه».[6] «والمنكر كلّ فعل تحكم العقول الصحيحة بقبحه».[7] والنتيجة : إنّ الأمر والنهي في اللغة يعني طلب الفعل وطلب الترک، وبناءً على مقتضى الظاهر من لفظ الأمر والنهي، فإنّ الطلب إنّما يتمّ التعبير عنه بـ«الأمر» إذا كان شفهيآ ولفظيآ. من هنا فإنّ «الأمر بالمعروف» يعني المطالبة بالأُمور الحسنة من الناحية العقلية والشرعية، و«النهي عن المنكر» يعني الردع أو طلب ترک الأُمور القبيحة. أما التهديد والضرب والحبس والجرح والإيلام والقتل فهي أُمور خارجة عن شمول معنى الأمر والنهي لها. وإن كان من الممكن ـ بالالتفات إلى القرائن والشواهد ـ إطلاق الأمر والنهي على عمل وأسلوب وسيرة الفرد على غرار إطلاقهما على اللفظ والقول، كما ذهب إلى ذلک العلّامة الطباطبائي في تفسير الآية السابعة والثلاثين من سورة النساء على ما تقدّم، حيث فسّر العمل والأُسلوب بأحد معاني الأمر، كما هي الحال بالنسبة إلى اللفظ. ولإثبات مدّعانا هذا نتمسّک بالأدلّة الآتية : -------------------------------------------------------------------------------- [1] .إنّ أوّل معنى يذكره الآخوند الخراساني ـ في كفاية الأُصول فيمعرض البحث عن مادة (أ. م. ر) ـ لمعنى الأمر هو الطلب.(كفاية الأُصول، ص61). [2] . أقرب الموارد، ج1، ص18، مادة (أ. م. ر)، وقال: «أمره أمرآوامارآ وآمرة: طلب منه إنشاء شيء أو فعله.» ومصباح المنير،ص21، مادة (أ. م. ر): والأمر بمعنى الطلب، وجمعه أوامر،وص629، مادة (نهيته) .. ونهى اللّه تعالى؛ أي حرم. ومجمعالبحرين، ج3، ص210، وفيه: أمره أمرآ، نقيض نهاه ..واستأمره: طلب منه الأمر، وج1، ص426، وفيه: ونهى اللّه عنالحرام؛ أي حرم، وتناهوا عن المنكر؛ أي ينهي بعضهم بعضآ. [3] . جواهر الكلام، ج21، ص381. [4] . النساء: 37. [5] . الميزان، ج4، ص 363. [6] . مفردات راغب، ص 561، ماده «عرف». [7] . المصدر أعلاه، مادة (ن. ک. ر)، ص507. ومجمع البحرين،ج3، ص502. وفيه: «والمنكر في الحديث ضدّ المعروف، وكلّما قبحه الشارع وحرّمه فهو منكر ... والمعروف الذي يذكر فيمقابلة الحسن المشتمل على رجحان، فيختصّ بالواجبوالمندوب، ويخرج المباح والمكروه، وإن كانا داخلين فيالحسن »، مادة (ن. ک. ر)، ومجمع البحرين، ج5، ص95، وفيه :«والمعروف ما يقابل الحسن ...»، مادة (ع. ر. ف).
|