|
بحث في توثيق سليمان بن خالد
قوله : « وبأ نّ راويها ـ وهو سليمان بن خالد ـ لم يثبت توثيقه أيضاً[1] » : الأمر في هذه المناقشة أعجب من الاُولى ؛ فإنّ العلاّمة (رحمه الله)صرّح في الخلاصة بتوثيقه[2] ، وقد روى الثقة الجليل أبو عمرو الكشّي في كتاب الرجال عن شيخه[3] الثقة العديم النظير في زمانه في العلم والرواية ، أبي الحسن حمدويه بن نصير بن شاهر ، أ نّه قال : « سألت أبا الحسين أيّوب بن نوح بن درّاج النخعي عن سليمان بن خالد النخعي ، أثقة هو ؟ فقال : كما يكون الثقة »[4] . قال الشهيد الثاني (رحمه الله) في حاشية الخلاصة بعد نقل هذه الرواية عن الكشّي : « فالأصل في توثيقه أيّوب بن نوح ، وناهيك به »[5] . وذلك أنّ أيوب بن نوح هذا كان في أقصى مراتب الوثاقة والورع والعدالة ، وقد كان وكيلا لأبي الحسن وأبي محمّد(عليهما السلام) ، عظيم المنزلة عندهما[6] ، وروي في رجال الكشّي عن الرجل ـ والظاهر أ نّه أحدهما ـ توثيقه[7] ، وناهيك به . وقال النجاشي في ترجمة سليمان أ نّه : « كان قارئاً فقيهاً وجهاً »[8] ، وهذا لا يقصر عن التوثيق ، سيّما وصفه بالفقاهة ؛ فإنّ الظاهر أنّ العدالة مأخوذة فيها ، كما هو المعهود ، ثمّ ذكر أنّ سليمان بن خالد مات في حياة الصادق (عليه السلام) ، فتوجّع لفقده ودعا لولده ، وأوصى بهم أصحابه[9] . وهذا يدلّ على أ نّه قد كانت له عند الصادق منزلة وحظوة ، وأ نّه كان خصّيصاً به . ولعلّ توقّفه فيه مع ذلك لعدم تصريح النجاشي بكونه ثقة ، وأنّ العبارة المنقولة عن أيّوب بن نوح ليست نصّاً في التوثيق ؛ لاحتمال أن يكون المراد منها كونه قريباً من الوثاقة ، كما يقتضيه حرف التشبيه ، وأنّ توثيق العلاّمة مأخوذ منها ، فيفسد بفسادها . وفيه نظر واضح . والحقّ أنّ هذه المناقشة ساقطة ، ولذا اتّفق أصحابنا على عدّ روايات سليمان بن خالد من الصحاح ، ولم يتوقّف في ذلك أحد منهم حتّى هذا الفاضل[10] في غير هذا المقام[11] ؛ فإنّه قد وافق الأصحاب على تصحيح الحديث المشتمل عليه ، كما سيأتي التنبيه عليه في مواضعه ، ومع ذلك فلا وجه للتوقّف ها هنا ، كيف والقطع بالصحّة ها هنا أولى ؛ لكون سليمان في هذه الرواية مسبوقاً بعبد الله بن المغيرة ، وهو ممّن اجتمعت العصابة على تصحيح ما يصحّ عنه ، وأقرّوا له بالفقه والعلم ، كما صرّح به الثقة الجليل أبو عمرو الكشّي(رحمه الله) في كتاب الرجال[12] ، وممّـا يسهّل الخطب في أمر السند ها هنا موافقة مضمون هذه الرواية لما هو المشهور بين الأصحاب في وجوب الاستقبال بالميّت ، كما اعترف به ذلك الفاضل[13] ، فيكون ذلك جابراً لضعفها ـ لو كان ـ فتدبّر . -------------------------------------------------------------------------------- [1]. في المصدر : في توثيقه كلام . [2]. خلاصة الأقوال ( رجال العلاّمة ) : 77 . [3]. في «ل» : شيخنا . [4]. اختيار معرفة الرجال ( رجال الكشّي ) 2 : 645 . [5]. حاشية خلاصة الأقوال (المطبوع ضمن رسائل الشهيد الثاني 2 : ) 983 ، ذيل «سليمان بن خالد » ، الرقم 178 . [6]. انظر ترجمة أيّوب بن نوح في رجال النجاشي : 102 ، الرقم 254 . [7]. اختيار معرفة الرجال (رجال الكشي) 2 : 831 ، الرقم 1053 . قال فيه : « عن أبي محمّد الرازي ، قال : كنت أنا وأحمد بن أبي عبد اللّه البرقي بالعسكر فورد علينا رسول من الرجل فقال لنا : الغائب العليل ثقة ، وأيّوب بن نوح و... ثقات جميعاً » . [8]. رجال النجاشي : 183 ، الرقم 484 . [9]. المصدر السابق . [10]. أي : السيد محمد العاملي في مدارك الأحكام . [11]. كما صحّح روايته في غير مورد من كتابه ، انظر : مدارك الأحكام 1 : 304 ، و 3 : 82 و 152 . [12]. اختيار معرفة الرجال ( رجال الكشّي ) 2 : 830 ، الرقم 1050 . [13]. مدارك الأحكام 2 : 52 .
|