|
لو رأت الدم عقيب الولادة وانقطع ثمّ رأته يوم العاشر
ولو رأت الدم عقيب الولادة وانقطع ثمّ رأته يوم العاشر ، كان الدمان وما بينهما نفاساً . أمّا أنّ الدمين نفاس فظاهر ممّـا تقدّم . وأمّا النقاء فلاستحالة تخلّل الطهر بين أجزاء نفاس واحد ، كاستحالة تخلّله في الحيض الواحد ، مضافاً إلى عموم ما دلّ على أنّ أقلّ الطهر عشرة ، كما عرفت[1] ، فتدبّر . قال في المدارك[2] : « والمتّجه تفريعاً على ما اخترناه تقييدها بما إذا كانت عادتها عشرة أو دونها وانقطع على العاشر في وجه[3] »[4] . هذا التقييد[5] ممّـا ذكره الشهيد ـ طاب ثراه ـ وتبعه فيه من تأخّر عنه ، كالشارح[6]وغيره[7] . قال في الذكرى : « ولو رأت العاشر لا غير فهو النفاس ؛ لأ نّه في طرفه ، وعلى اعتبار العادة ينبغي أن يكون ما صادفها نفاساً دون ما زاد عليها ، ويحتمل اعتبار العشرة هنا إذا لم يتجاوز ، كما إذا انقطع دم المعتادة على العشرة ، أمّا مع التجاوز فالرجوع إلى العادة قويّ »[8] . (قال[9] : « ورجع الشيخ المفيد في كتاب أحكام النساء وفي شرح كتاب إعلام الورى »[10] . انتهى . وتأييده لما ذكرناه ظاهر )[11]. وقال الشهيد(رحمه الله) في الذكرى : « الأخبار الصحيحة المشهورة تشهد برجوعها ـ أي النفساء ـ إلى عادتها في الحيض ، والأصحاب يفتون بالعشرة ، وبينهما تناف ظاهر ، ولعلّهم ظفروا بأخبار غيرها . وفي التهذيب قال : « جاءت أخبار معتمدة في أنّ أقصى مدّة النفاس عشرة ، وعليها أعمل لوضوحها عندي » ، ثمّ ذكر الأخبار الاُولى ونحوها حتّى أنّ في بعضها عن الصادق (عليه السلام) : « فلتقعد أيّام قرئها إن[12] كانت تجلس ، ثمّ تستظهر لعشرة أيّام »[13] . قال الشيخ : « يعني إلى عشرة ، إقامةً لبعض الحروف مقام بعض »[14] . وهذا تصريح بأنّ أيّامها أيّام عادتها لا العشرة[15] ، وحينئذ فالرجوع إلى عادتها ـ كقول الجعفي في الفاخر ، وابن طاووس ، والفاضل رحمهم الله تعالى ـ أولى ، وكذا الاستظهار كما هو هناك . نعم ، قال الشيخ : لا خلاف بين المسلمين أنّ عشرة أيّام إذا رأت المرأة الدم في النفاس[16] ، والذمّة مرتهنة بالعبادة قبل نفاسها ، فلا يخرج عنها إلاّ بدلالة ، والزائد على العشرة مختلف فيه »[17] . فإن صحّ الإجماع فهو الحجّة ، ولكن فيه طرح للأخبار الصحيحة ، أو تأويلها بالبعيد »[18] ، انتهى . وهذا صريح في أ نّ مراد المشهور وجوب التنفّس بتمام العشرة مع استمرار الدم ، وإنّ القول بالرجوع إلى العادة قول آخر في المسألة مغاير للقول المشهور ، والتنافي بين الأخبار الصحيحة وما أفتى به الأصحاب مبنيّ على هذا ؛ إذ على المعنى الذي ذكرناه لا تنافي بينهما بوجه ، وإن كان في دلالة الأخبار على ذلك نوع خفاء ، فليحمل كلامهم على ذلك دفعاً للتنافي بين المدّعى والدليل ، وتصحيحاً لكلام القوم بقدر الإمكان . وما ذكره الشيخ من أ نّه : « لا خلاف بين المسلمين أنّ العشرة من النفاس » ، فهو محمول على التجويز والاحتمال ، بمعنى أ نّهم اتّفقوا على أ نّه يجوز استمرار النفاس إلى العشرة وإن اختلفوا فيما زاد عليها ، وكفى قرينة على ذلك استدلاله بأحاديث العادة على ذلك ، فإنّ كلّ ذلك صريح في إرادة هذا المعنى . -------------------------------------------------------------------------------- [1]. تقدّم آنفاً قبل سطور . [2]. في «ن» و «ش» بدل قوله «قال في المدارك »: قوله . [3]. «في وجه » ورد في جميع النسخ ، ولم يرد في المصدر ، وهكذا نقله عنه في مفتاح الكرامة 3 : 398 (الطبعة الحديثة) . [4]. مدارك الأحكام 2 : 50 . [5]. في «د» و «ش» : القيد . [6]. وهو السيد صاحب المدارك . [7]. كالشهيد الثاني في حاشية شرائع الإسلام : 47 ، ومسالك الأفهام 1 : 77 . [8]. ذكرى الشيعة 1 : 263 . [9]. الظاهر أ نّ هنا سقط . [10]. السرائر 1 : 154 ـ 155 . [11]. ما بين القوسين هكذا ورد في جميع النسخ ، و في بعضها بين قوله «قال» و قوله «ورجع» بياض . [12]. في المصدر: التي . [13]. التهذيب 1 : 184 / 502 ، باب حكم الحيض والاستحاضة والنفاس ، الحديث 74 ، الاستبصار 1 : 151 / 522 ، باب أكثر أيّام النفاس ، الحديث 4 ، وسائل الشيعة 2 : 383 ، كتاب الطهارة ، أبواب النفاس ، الباب 3 ، الحديث 3 . [14]. التهذيب 1 : 185 ، ذيل الحديث 502 . [15]. كذا في المصدر و «ن» ، وفي سائر النسخ : إلى العشرة . [16]. في المصدر: من النفاس . [17]. التهذيب 1 : 183 ، ذل الحديث 498 . [18]. ذكرى الشيعة 1 : 261 ـ 262 .
|