|
مصباح 69 : عدم رافعيّة الأغسال المندوبة للحدث
لا يرفع شيء من هذه الأغسال حدثاً مطلقاً ، لا الأصغر ولا الأكبر . أمّا الأوّل : فلما سيأتي ـ إن شاء الله تعالى ـ من أ نّها لا تجزئ عن الوضوء[1] ، كما هو المشهور ، ولو كانت رافعة للأصغر لأجزأت عنه قطعاً ، ويأتي على القول بالإجزاء ارتفاعه بها[2] ، والمختار خلافه . وأمّا الثاني : فلأنّ الحدث الأكبر إنّما يرتفع بما شرّع له من الأغسال ، ومعلوم أنّ غسل الجمعة ـ مثلا ـ ليس هو عين غسل الجنابة[3] ، فلا ترتفع به ، وإجزاؤه عن غسل الجنابة مبنيّ على تداخلهما قهراً ، كما يوهمه ظاهر رواية الصدوق في الفقيه[4] ، وهي مأوّلة أو متروكة . وأمّا على التداخل الاختياري المتوقّف على النيّة فالغسل الواحد هو غسل جنابة وجمعة معاً ، فلا يكون غسل الجمعة مجزئاً عنها ، وهو ظاهر ، وكذا القول في غيره . وإنّما ذكرنا هذا الحكم مع ما تقدّم من عدم انتقاض هذه الأغسال بالحدث[5] ؛ لأنّ عدم انتقاضها به لا يستلزم عدم رفعها له ، فإنّ الغسل قد يرفع الحدث ولا ينتقض به ، كغسل الجنابة ، فإنّه رافع للأصغر ومع ذلك فلا ينتقض به ، بل الحقّ انتفاء الملازمة من الجانبين عقلا ؛ فإنّ الأغسال الغائيّة المندوبة لا ترفع الحدث وتنتقض به عند جماعة من الأصحاب[6] ، ثمّ إنّها لا تبيح عبادة مشروطة بالطهارة . ويستفاد ذلك[7] ممّـا سبق ؛ فإنّ الإباحة حكم شرعيّ ، كالرفع ، فيتوقّف على الدليل الشرعيّ ، وهو منتف ، وكلّ من نفى الرفع فقد نفى الإباحة ، ومن أثبتها فقد أثبت الرفع مع إمكانه . وإنّما قيّدنا العبادة بالقيد المذكور لأنّ بعض الأغسال الغائيّة يحتمل كونه شرطاً في صحّة الغاية ، أخذاً بالكيفيّة الموظّفة ، فهي حينئذ قد تفيد الإباحة في الجملة ، لكنّها لا تقتضي إباحة العبادة المشروطة بالطهارة كالصلاة . -------------------------------------------------------------------------------- [1]. سيأتي في الصفحة 148 ومابعدها . [2]. أي : ارتفاع الوضوء بالأغسال . [3]. في «ل» : ليس عين غسل الجنابة . [4]. الفقيه 2 : 119 / 1898 ، باب ما يجب على من أفطر أو جامع في شهر رمضان ... ، الحديث 13 ، وسائل الشيعة 10 : 238 ، كتاب الصوم ، أبواب من يصحّ منه الصوم ، الباب 30 ، الحديث 2 . [5]. تقدّم في الصفحة 30 . [6]. يأتي تفصيل الكلام في ذلك في المصباح 80 ، الصفحة : 148 . [7]. في «ن» بدل «ذلك» : هذا الحكم .
|