|
مصباح 66 : فيما إذا وقع الغسل الزماني في أثناء الليل أو النهار
( لو اغتسل في أوّل أحدهما أجزأه لآخره ، لا للآخر[1] )[2] . ولو كان وقع[3] في الأثناء احتمل التقدير والتلفيق والانقضاء بالانقضاء . والأوسط[4] أوسط . والمراد بالتقدير : أ نّه إذا اغتسل نهاراً قَدَّر المدّة بمقدار النهار في ذلك الوقت ، طال أو قصر ، وإن اغتسل ليلا قَدَّرها بمقدار الليل كذلك ، فيأخذ للماضي منهما قدر ما يكمله من الآخر . فلو اغتسل نصف النهار أخذ من الليل مقدار النصف ، وهكذا . وقد لا يفي الليل كلّه أو النهار بالتكميل ، فيتمّ بما بعده . وقد يحتمل التقدير بقدر أقصر الأيّام والليالي ؛ لأ نّه المتيقّن ، والأطول[5] ؛ لكشف النصّ عن جواز الفصل بقدره ، والمعتدل[6] ؛ لأ نّه المعتبر في التقدير . وأمّا التلفيق : فهو أن يُؤخذ من أحدهما بنسبة ما فات من الآخر ، فإن كان الفائت نصف النهار أكمل بنصف الليل ، أو ثلثه فبالثلث ، وهكذا . فيختلف مع الأوّل إذا اختلف الليل والنهار في الطول والقصر ولم يتساويا ، كما في الاعتدالين . وأمّا الانقضاء بالانقضاء : فمقتضاه عدم إجزاء غسل الليل أو النهار إلاّ لما بقي منهما ، قلّ أو كثر ، فلو لم يبقَ شيء إلاّ مقدار الغسل لم يجز الغسل لشيء ، بل لم يجز مع العلم بضيق الوقت . والوجه في ذلك : دلالة الأخبار المتقدّمة[7] على أنّ غسل الليل يجزئ للّيل ، وغسل النهار يجزئ للنهار ، فلا يجزئ الغسل في أحدهما لشيء من الآخر . وفيه : أنّ الظاهر منها ـ كما فهمه الأصحاب وصرّح به في بعضها[8] ـ أنّ غسل أوّل النهار يجزئ لآخر النهار ، وكذا غسل أوّل الليل لآخره ، والمراد عدم الإجزاء مع الفصل بأكثر من ذلك . ويدلّ على الإجزاء : القطع بجواز إيقاع الغايات في أوّل الليل والنهار ، وجواز الغسل لها متى ما وقعت ؛ لعموم النصّ والفتوى ، وما رواه الشيخ في الموثّق ، عن سماعة وأبي بصير ، عن الصادق (عليه السلام) ، قال : « من اغتسل قبل طلوع الفجر وقد استحمّ قبل ذلك ، ثمّ أحرم من يومه أجزأه غسله »[9] . وهو صريح في إجزاء غسل الليل للنهار في الجملة ، فيبطل به الاحتمال الثالث[10] ، ويبقى الأمر متردّداً بين التقدير والتلفيق* . ولا ريب أنّ التلفيق هو الأوسط والأعدل ؛ لأنّ الغسل إذا تعلّق بالليل والنهار معاً كان موزّعاً عليهما بالنسبة ، كما يقتضيه التلفيق . وأمّا تقدير المدّة ليلا أو نهاراً بمجرّد وقوعه في أحدهما وإن كان في آخر الوقت ، فمع بُعده ليس له وجه يعتدّ به . وأيضاً فإنّ الموثّق[11] أوفق بالتلفيق كما يظهر بالتدبّر ؛ فإنّ المفهوم منه عدم الإجزاء فيما بعد اليوم ، وهو بإطلاقه إنّما يصحّ على التلفيق لما تقدّم من أنّ التقدير قد يقتضي ضمّ ما بعد اليوم ؛ لعدم حصول التكميل به وحده ، والتلفيق ليس كذلك ؛ فإنّه لا يقتضي الزيادة عليه مطلقاً . وأمّا النقصان فإنّه وإن كان لازماً فيه في جميع الصور إلاّ أنّ النقص[12] اللازم هنا حيث فُرض وقوع الغسل آخر الليل قبل الفجر شيء يسير يتسامح به في العرف ، ويحسن معه إطلاق الإجزاء في النهار ، بخلاف التقدير ، فإنّه يختلف باختلاف الليل والنهار في الطول والقصر ، فقد ينطبق على تمام النهار وقد يزيد عليه ، أوينقص بكثير أو قليل ، فلا يوافق الحديث في المفهوم ولا في المنطوق . * . جاء في حاشية «د» و «ش» : « و قد يوجّه التقدير بأنّ الغالب وقوع الغسل في أثناء الليل أو النهار ، فيكون المراد بالأخبار إجزاء غسل الليل لمثل الليل ، والنهار لمثل النهار ، وهو معنى التقدير » . منه (قدس سره) -------------------------------------------------------------------------------- [1]. توضيحه : أ نّه لو اغتسل في أوّل الليل ـ مثلاً ـ أجزأه لآخر الليل ، لا لآخر اليوم . [2]. ما بين القوسين محذوف من «د» و «ل» . [3]. في «د» و «ل» : لو وقع الغسل . [4]. أي : التلفيق . [5]. أي : يحتمل التقدير بقدر أطول الأيّام والليالي . [6]. أي : يحتمل التقدير بقدر معتدل الأيّام والليالي . [7]. تقدّمت في الصفحة 41 وما بعدها . [8]. ورد في رواية عثمان بن يزيد المتقدّم في الصفحة 42 : « من اغتسل بعد طلوع الفجر كفاه غسله إلى الليل » . [9]. التهذيب 5 : 77 / 205 ، باب صفة الإحرام ، 13 ، وسائل الشيعة 12 : 329 ، كتاب الحجّ ، أبواب الإحرام ، الباب 9 ، الحديث 5 . [10]. أي : الانقضاء بالانقضاء . [11]. أي : موثّق سماعة وأبي بصير المتقدّم في الصفحة السابقة . [12]. «النقص» لم يرد في «ل» .
|