|
مصباح 57 : في عدم مشروعيّة الغسل بقصد التجديد
لا يشرّع الغسل بقصد التجديد ، نصّ عليه العلاّمة في النهاية[1] ، والشهيد في الذكرى في مباحث غسل الجنابة[2] ، وهو ظاهر الأصحاب ، بل المعلوم من طريقة المسلمين ; فإنّ تجديد الغسل غير معهود من عمل السلف ، ولا منقول من فعل النبيّ (صلى الله عليه وآله)والأئمّة(عليهم السلام) ، ولم يذكر ذلك أحد من الفقهاء إلاّ من شذّ ، مع تصريحهم باستحباب تجديد الوضوء ، والعبادات توقيفيّة ، فيتوقّف على الإذن من الشارع ، وهو منتف هنا ، فينتفي الاستحباب بالأصل . والأخبار الواردة في التجديد كلّها في تجديد الوضوء إلاّ خبراً واحداً ، وهو ما رواه الكليني عن سعدان ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال : « الطهر على الطهر عشر حسنات »[3] . وهو مع ضعفه بالإرسال وغيره ، لا تصريح فيه بالغسل ، بل الظاهر أنّ المراد بالطهر فيه هو الوضوء ; لتبادره من الإطلاق ، وتكرّر وروده في أحاديث التجديد[4] ، ولأنّ البناء على إطلاق الطهر يقتضي استحباب الوضوء على الغسل ، والغسل على الوضوء ، بل استحباب كلّ من الطهارات الثلاث على كلّ منها ، تجانس أو اختلف ، واستحباب الغُسل على الغُسل مطلقاً وإن كان الغسل الأوّل مندوباً ، كغسل الجمعة وغيره من الأغسال الزمانيّة والسببيّة والفعليّة ، وهذا الإطلاق غير مراد قطعاً ; إذ لا ريب في بطلانه في كثير من تلك الصور ، فتعيّن أن يكون المراد به الوضوء ، كما هو المعهود . وفي الخصال ، عن أبي بصير ومحمّد بن مسلم ، عن الصادق (عليه السلام) ، عن آبائه ، قال : قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : « الوضوء بعد الطهور عشر حسنات »[5] ، وهو قرينة على أنّ إرادة الوضوء في الحديث الأوّل[6] . وقال في الذكرى : « ولا يستحبّ تجديد الغسل ; للأصل ، والاقتصار على مورد النصّ في تجديد الوضوء ، ولأنّ موجب الوضوء أسباب شتّى ، وبعضها قد يخفى ، فيحتاط فيه بالتجديد ، بخلاف الغسل ، فإنّه يبعد فيه ذلك ، ولانتفاء المشقّة فيه ، بخلاف الغسل ، فحينئذ لو نذر تجديد الغسل بنى على انعقاد نذر المباحاة »[7] . وفي كلامه الأخير نظر . وقد ذكر العلاّمة في النهاية نحواً من كلامه الأوّل[8] . وقال في المنتهى في مباحث غسل المستحاضة : « أ نّها لو اغتسلت لكلّ صلاة وتوضّأت فهو أبلغ للتطهير ، وكان مستحبّاً ، فلأ نّه طهر فيسنّ فيه التكرار ; لقوله (عليه السلام) : « الطهر على الطهر عشر حسنات » »[9] . وهذا يدلّ على أ نّه فهم من الحديث العموم . ومال إلى ذلك بعض المتأخّرين[10] ، وضعفه ظاهر ممّـا قلناه . -------------------------------------------------------------------------------- [1]. نهاية الإحكام 1 : 110 . [2]. ذكرى الشيعة 2 : 245 . [3]. الكافي 3 : 72 ، باب النوادر ، الحديث 10 ، وسائل الشيعة 1 : 376 ، كتاب الطهارة ، أبواب الوضوء ، الباب 8 ، الحديث 3 . [4]. راجع : وسائل الشيعة 1 : 377 ، كتاب الطهارة ، أبواب الوضوء ، الباب 8 ، الحديث 10 . [5]. الخصال : 620 ، وسائل الشيعة 1 : 246 ، كتاب الطهارة ، أبواب نواقض الوضوء ، الباب 1 ، الحديث 6 . [6]. كذا في النسخ ، والأنسب حذف «أ نّ» . [7]. ذكرى الشيعة 2 : 245 ـ 246 . [8]. نهاية الإحكام 1 : 110 . [9]. منتهى المطلب 2 : 423 ـ 424 . [10]. هو الفيض الكاشاني في النخبة : 96 .
|