Loading...
error_text
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: دروس خارج الفقه
حجم الحرف
۱  ۲  ۳ 
التحميل المجدد   
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: الشرائط المعتبرة في القصاص (درس51)
الشرائط المعتبرة في القصاص (درس51)
الدرس دروس خارج الفقه
_AyatollahSanei
القصاص
الدرس 51
التاريخ : 2008/12/09

بسم الله الرحمن الرحيم

وفيه موارد للإشكال والمناقشة:
أحدها: تسليمه تمامية ما في (المسالك) من نسبة الروايات إلى الضعف وغيره، مع عدم تمامية النسبة في جلّها بل في كلّها لا سيّما الأخير منها. ففي تلك الأخبار رواية السكوني، وهي موثّقة على التحقيق، ورواية أبي بصير، وهي صحيحة.
وأمَّا نسبة الشذوذ إليها مع ما في (اللثام) من حكاية العمل بالموثّقة عن الشيخين والصدوق وجماعة، ومع ما في (المسالك) حكاية عمل الصدوق والمفيد كما ترى.
وأمَّا المخالفة مع الاُصول الممهّدة، فتلك الاُصول غير بيِّنة ولا مبيَّنة في كلامه، فكيف يصح الحكم والإذعان الجزمي بالمخالفة؟ فتأمل.
ثانيها: ما في كلامه من حمل خبر السكوني، بل وخبر العشر على ما إذا وجد معهما إحدى أمارات البلوغ وإنْ كان نادراً.
ففيه: أنّه حمل تبرّعي بعيد جدّاً; لعدم الخصوصيّة لهما في ذلك، فإنَّه على ذلك علامات وأمارات البلوغ، فالبلوغ إذا صدق فلا داعي للخمسة عشر شبراً ولا للعشر، فلا خصوصيّة لهما، ولا معنى لقوله ـ عليه السلام ـ: ((واذا لم يكن بلغ خمسة أشبار قضى بالدية)).
ثالثها: ما فيه من قصور تلك الأخبار لتقييد ما دلَّ على أنَّ عمد الصبيّ خطأ من وجوه.
ففيه: أنَّها قابلة للتقييد كما بيّناه ولا نعيد على تسليم الدلالة، كما حققناه.
رابعها: ما فيه بعد نقل ما كان سبباً لوسوسة الأردبيلي ـ قدس سره ـ في الحكم المزبور منقوله: (والكلّ كما ترى).
وفيه: أنَّ مراجعة (المجمع) والدقّة في عباراته قاضية وحاكمة بما في مطالبه من الدقّة والمتانة المختصّة به، وكم له ـ رحمه الله ـ في ذلك الكتاب من المطالب الدقيقة الموجبة للفتاوى النادرة المطابقة مع الكتاب والسنة القائمة؟ فجزاه الله عن الاسلام خيراً وحشرنا الله معه ومع مثل صاحب (الجواهر) من العلماء المحققين ومع مثل سيّدنا الاُستاذ الإمام ـ رحمة الله عليه ـ من الفقهاء المتّقين الموفّقين، آمين ربّ العالمين.
خامسها: ما ذكرهبقوله: (فهو (أي صحيحأبي بصير) محمول على قضيّة في واقعة يعلم الإمام ـ عليه السلام ـ إلخ).
ففيه: أنَّ الحمل كذلك اجتهاد في مقابل النصّ، ففيه: سئل عن غلام لم يدرك، فكيف يُحمل على أنَّ الغلام فيها مدرك، هذا مع أنَّ مقتضى عموم الكبرى الكليّة فيها، وهو قوله ـ عليه السلام ـ: ((خطأ المرأة والغلام)) أنَّها بيان لضابطة كليّة، وإنْ قلنا بكون مورد السؤال قضيّةً شخصيّةً، فتدبّر جيّداً، ووكّل الأمر في القضاء بين هذين العلمين في أزيد من ذلك إلى الله العالم الخبير، وفيما ذكرناه لنا كفاية.
مسألة 1 ـ لو قتل عاقل ثم خولط وذهب عقله لم يسقط عنه القود[1]، سواء ثبت القتل بالبيّنة أو بإقراره حال صحته[2].
(1) بلا خلاف فيه إلاّ من العامّة، حيث منع بعضهم من الاقتصاص حال الجنون، وآخرون حيث قالوا: إنْ جُنَّ حين قُدِّم للقصاص اقتُصَّ منه، وإنْ جُنَّ قبله لم يقتصّ منه.
والدليل على القصاص إطلاقاته وعموماته، وخبر بريد بن معاوية العجلي، قال: سئل أبو جعفر ـ عليه السلام ـ عن رجل قتل رجلاً عمداً فلم يقم عليه الحدّ ولم تصح الشهادة عليه حتى خولط وذهب عقله، ثم إنّ قوماً آخرين شهدوا عليه بعد ما خولط أنّه قتله؟فقال: ((إنْ شهدوا عليه أنّه قتله حين قتله وهو صحيح ليس به علّة من فساد عقل قتل به، وإنْ لم يشهدوا عليه بذلك، وكان له مال يعرف دفع إلى ورثة المقتول الدية من مال القاتل، وإنْ لم يكن له مال اُعطي الدية من بيت المال، ولا يبطل دم امرئ مسلم))(1).
وضعف الحديث بجهالة خضر الصيرفي منجبر بعمل الأصحاب وبموافقته مع الكتاب والسنة والعقل، وبكونه منقولاً عن المشايخ الثلاثة في (الفقيه)(2) و(الكافي)[3] و(التهذيب)[4] من الكتب الأربعةالمعتمدة، كما لا يخفى.
والاستدلال بالأصل، بمعنى الاستصحاب غير تام; لكون الشبهة حكميّة، وفي العمومات والإطلاقات كفاية، ولا احتياج إلى الأصل ولا إلى خبر بريد أيضاً وإنْ كان حجة، كما مرّ.
وفي خلاف العامّة مع ما ذكر من الدليل ما ترى.
(2) قضاءً للإطلاق، وإنَّما السقوط بإسقاط الولي، وهذا بخلاف الرجم الثابت بالزنا، فإنّه لو ثبت الزنا الموجب له بالإقرار ثم جُنّ لم يرجم; لدرء الحدود بالشبهة، ولكون البناء فيها على التخفيف، وسقوطه بإنكاره إقرار الرجم، بأنْ يقول: ما أقررتُ أو كان إقراري فاسداً.
مسألة 2 ـ لا يشترط الرشد بالمعنى المعهود في القصاص، فلو قتل بالغ غير رشيد فعليه القود.
في (الجواهر) ينقل عن (التحرير): (من اشتراط الرشد مع البلوغ لا وجه له، إلاّ أنْ يريد به كمال العقل لا الرشد بالمعنى المصطلح، والله العالم)[5].
ونفيه الوجه له باعتبار عدم الدليل عليه في القصاص، بل إطلاقات القصاص دليل على عدم الشرطيّة، وذلك بخلاف باب العقود والأموال ممَّا دلّ الكتاب على اشتراط الرشد فيه.
هذا، ولكن القول باعتباره وِفاقاً لـ(التحرير) لا يخلو من قوة وتحقيق، وتوضيح ذلك يتوقّف على بيان أمرين:
أحدهما: أنَّ الرشد في كلِّ أمر من الاُمور مقابل للسفاهة فيه، فالرشد في التجارة مقابل للسفاهة فيها، وفي النكاح للسفاهة فيه، وهكذا في بقيّة الاُمور، فإنَّه ليس للرشد إلاّ معنى واحد ومفهوم فارد مقابل للسفاهة، وذلك المفهوم تختلف مصاديقه باختلاف الموارد، كما هو أوضح من أنْ يُبيَّن.
ثانيهما: أنَّ العلّة في القصاص على ما في كتاب الله تعالى الحياة للمجتمع، (وَلَكُمْ فِي القِصَاصِ حَيَاةٌ يا أُولي الأَلبَابِ)[6]; وذلك لكون القصاص مانعاً لمريد القتل من القتل; خوفاً منه، فالعلّة في الحقيقة خوف المريد للقتل من القصاص، ومن المعلوم في تحقُّق الحياة والعلّة لزوم كون القاتل مدركاً لعواقب قتله وقصاصه به، وإلاّ فمع عدم إدراكه ذلك لا يكون القصاص مانعاً أو رادعاً، ولا تكون العلّة التي يدور الحكم مدارها متحقِّقة.
وعلى هذا، فلا قصاص مع عدم ذلك الإدراك من القاتل; لعدم العلّة، والمعلول يدور مدارها وجوداً وكميّةً وكيفيّة، كما لا يخفى.
إذا عرفت الأمرين فنقول: إنَّ القاتل السفيه وغير الرشيد في القتل وعواقبه، بمعنى عدم إدراكه، وعدم التفاته إلى عقوبة القصاص، وبمعنى أنَّ إدراكه ليس بأزيد من كون القتل عمداً مذموماً، جزاؤه عدد من الضربات والجلدات، ليس في قصاصه حياة ولا سببيّة، لخوف أمثاله من القتل; لأنّهم غير ملتفتين إلى القصاص، ولا يصير القصاص سبباً لخوفهم من القتل، فعلّة القصاص ـ أي الحياة ـ غير متحقّقة في قصاصهم، فلابدّ من عدم المعلول، أي عدم جواز القصاص، ولعلّ ذلك مراد (الجواهر) من كمال العقل في عبارته، فتدبّر جيّداً.
--------------------------------------------------------------------------------
[1] - وسائل الشيعة 29: 72، كتاب القصاص، أبواب القصاص في النفس، الباب 29، الحديث 1.
[2] - من لا يحضره الفقيه 4: 84، أحكام الدماء والقود والقصاص، باب القود ومبلغ الدية، الحديث 5198.
[1] - الكافي 7: 295، كتاب الديات، باب الرجل يقتل فلم تصح الشهادة عليه حتى خولط، الحديث 1.
[2] - تهذيب الأحكام 10: 232، كتاب الديات، الباب 18، الحديث 48.
[3] - جواهر الكلام 42: 183.
[4] - سورة البقرة: 179.
الدرس اللاحق الدرس السابق




جميع الحقوق محفوظة لموقع آية الله العظمى الشيخ الصانعي .
المصدر: http://saanei.org