Loading...
error_text
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: دروس خارج الفقه
حجم الحرف
۱  ۲  ۳ 
التحميل المجدد   
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: الشرائط المعتبرة في القصاص (درس52)
الشرائط المعتبرة في القصاص (درس52)
الدرس دروس خارج الفقه
_AyatollahSanei
القصاص
الدرس 52
التاريخ : 2008/12/07

بسم الله الرحمن الرحيم

مسألة 3 ـ لو اختلف الولي والجاني بعد بلوغه أو بعد إفاقته فقال الولي: قتلته حال بلوغك أو عقلك، فأنكره الجاني فالقول قول الجاني بيمينه. ولكن تثبت الدية في مالهما بإقرارهما لا العاقلة، من غير فرق بين الجهل بتاريخهما أو بتاريخأحدهما دون الآخر، هذا في فرض الاختلاف في البلوغ، وأمَّا في الاختلاف في عروض الجنون فيمكن الفرق بين ما إذا كان القتل معلوم التاريخ وشك في تاريخ عروض الجنون فالقول قول الولي، وبين سائر الصور فالقول قول الجاني، لو لم يعهد للقاتل حال جنون فالظاهر أن القول قول الولي أيضاً.
ماذكره وبيّنه في المسألة تامٌّ وواضح، وغير محتاج إلى الشرح.
نعم، ما فيه من إمكان الفرق في فرض اختلاف الجنون لابيِّن ولا مبيَّن، فالحقّ عدم الفرق بينه وبين بقيّة الفروض، فتدبر جيّداً.
مسألة 4 ـ لو ادَّعى الجاني صغره فعلاً وكان ممكناً في حقّه فإنْ أمكن اثبات بلوغه فهو، وإلاَّ فالقول قوله بلا يمين، ولا أثر لإقراره بالقتل إلاَّ بعد زمان العلم ببلوغه وبقائه على الإقرار به.
مسألة 5 ـ لو قتل البالغ الصبيّ قتل به على الأشبه.
بل هو المشهور نقلاً وتحصيلاً، وفي (الجواهر)[1] وفي (المسالك)[2]: هو المذهب، وفي محكيّ (السرائر)[3]: هو الأظهر بين أصحابنا، والمعمول عليه عند المحصّلين منهم، والخلاف عن أبي الصلاح الحلبي[4] من عدم قتله به، كعدم قتل العاقل بالمجنون، وهو الاُقوى.
وعليه، فعدم كون المقتول صبيّاً يكون من الشرائط، كعدم كونه مجنوناً.
وكيف كان، فحجّة المشهور عمومات القصاص وإطلاقاته كتاباً وسنةً وخصوص مرسل ابن فضّال، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله ـ عليه السلام ـ قال: ((كل من قتل شيئاً صغيراً أو كبيراً بعد أنْ يتعمّد فعليه القود))[5].
وضعفه منجبر بما عرفت من الشهرة وغيرها.
وحجة الخلاف عموم الموصول في صحيح أبي بصير، أي المرادي، عن أبي جعفر ـ عليه السلام ـ عن رجل قتل رجلاً مجنوناً،فقال: ((إنْ كان المجنون أرداه فدفعه عن نفسه (فقتله) فلا شيء عليه من قود ولا دية، ويعطي ورثته ديته من بيت مال المسلمين))، قال: ((وإنْ كان قتله من غير أنْ يكون المجنون أراده فلا قود لمن لا يُقاد منه، وأرى أنَّ على قاتله الدية في ماله يدفعها إلى ورثة المجنون ويستغفر الله ويتوب إليه))[6].
قوله ـ عليه السلام ـ: ((فلا قود لمَن لا يُقاد منه)) موصوله عام شامل لجميع مصاديقه، وتكون الجملة بياناً لضابطة كليّة، وخصوصيّة المورد غير مضرّة بالإطلاق إنْ لم تكن مؤيّده له، كما حققناه في محلّه، فإنّ في إعراضه ـ عليه السلام ـ عن الجواب المختصّ بمورد السؤال بالجواب عنه على العموم والإطلاق شهادة على العموميّة، وأنَّ غرضه ـ عليه السلام ـ من الجواب بيان ضابطة كليّة، كما لا يخفى.
وكما أنَّ الصحيح مخصّص لعمومات القصاص ومقيّد لإطلاقاته في قتل العاقل بالمجنون فكذلك في قتل البالغ بالصبيّ.
لا يقال: عموم الموصول في الصحيح غير قابل للأخذ ولابدَّ من الاقتصار على مورد السؤال فيه; لاستلزامه التخصيص الأكثر استهجاناً، فإنَّه يقتل الكافر بالمسلم والعبد بالحرّ والابن بالأب، واللازم من العموم في الموصول عدم القتل بعكس الجميع، كما لايخفى، فقتلهم فيه لا بدَّ من كونه تخصيصاً لذلك العموم، ويكون لكثرته تخصيصاً مستهجناً.
لأنَّه يقال: على تسليم كون باب الإطلاق كالعموم في الاستهجان، وعلى تسليم كون التخصيص في تلك الموارد من الكثرة بمرتبة الاستهجان تلك الموارد خارجة عن العموم تخصصّاً; وذلك لأنَّ المراد من الموصول المنفّى فيه القود القود المطلق لا القود الخاصّ بنوع من الأنواع، ومطلق القود حيث إنَّ المنفي ماهية القود ومطلقه، كما لا يخفى.
وعدم القود في قتل الكافر مختصّ بما كان القاتل مسلماً، وكذلك الأمر في العبد والابن، كما يظهر بالدقّة. وهذا بخلاف عدم القود في قتل الصبيّ أو المجنون فإنّه غير مختصّ بنوع من القتلة، بل حكم عامّ لمطلق من قتلهما.
صاحب (اللثام) بعد نقله خلاف الحلبي قال: (ولم نظفر له بمستند، والحمل على المجنون قياس، ولا دليل على أنَّه لا يقتصُّ من الكامل للنّاقص)[7].
وضعفه ظاهر ممّا ذكرناه، فلا نعيده، فالمستند صحيح أبي بصير، ومعه لا حاجة إلى القياس.
والكامل بالعقل وبعدم الصباوة لا يقتصّ منه بالناقص منهما، ودليله الصحيح.
لا يقال: الصحيح معارض بالمرسل، فعمومات القصاص وإطلاقاته في محلّها.
لأنَّه يقال: المرسل غير مكافئ الصحيح من جهة الإرسال تارة، والاختلال في المتن اُخرى، حيث إنَّ التعبير عن الإنسان بالشيء بعيد وغير مأنوس في المكالمات، وأنَّ الصغير أعمّ من غير البالغ ثالثاً، ومن الاختلاف في نقل (الفقيه) مع (التهذيب) رابعاً.
ففيه
: وفي رواية ابن بكير قال: قال أبو عبد الله ـ عليه السلام ـ: ((كلّ من قتل بشيء صغر أو كبر بعد أنْ يتعمّد فعليه القود))[8].
ومن المحتمل بل الظاهر، كما فهمه المجلسي الأوّل في (روضة المتقين)[9] كون الصغير والكبير صفة للشيء، فيكون مضمونه عدم الفرق في قتل العمد بين أنْ تكون الآلة كبيرة قتّالة أو صغيرة غير قتّالة، كالحجر الصغير، والترجيح مع نقل (الفقيه) وأنَّ في نقل (التهذيب) حصل غلط، وإلاَّ فالشيء مجرور بالباء، وكأنَّ الصغير والكبير مجروران وصفتان له، فعلى هذا لا ارتباط للحديث بمحلّ البحث، كما أنَّه واضح.
نعم، لمّا كان المختار عدم القود للصغير إذا لم يكن مميّزاً، فعدم قتل البالغ به مختصّ بالصبيّ غير المميّز، كما لا يخفى، فإنَّه صغرى لعموم لا قود لمن لا يقاد منه، نعم على المعروف من عدم القود في الصبي مطلقاً، فعدم قتل البالغ به يكون في مطلق الصبيّ، فإنَّه الصغرى لتلك الكبرى على ذلك المبنى، كما لا يخفى.
وفي (مجمع الفائدة والبرهان): (قوله: (ولو قتل ... الخ) دليل قتل البالغ بغير البالغ عموم الكتاب في السنة والإجماع الدّال على وجوب قصاص النفس بالنفس، من غير مخصِّص صريح في إخراج قتل البالغ الصبيّ من العقل والنقل، وليس عدم تكليفه مانعاً، وهو ظاهر.
وما في صحيحة أبي بصير المتقدّمة ((فلا قود لمن لا يُقاد منه)) عام لم يصلح مخصِّصاً; لعموم ذلك كلّه، لما تقدم من أنَّ الخبر الواحد الصحيح إنْ سُلِّم التخصيص به إنّما يُخصِّص إذا كان خاصّاً صريحاً دلالته يقينياً لا ظنيّاً، وظاهر أنّه ليس هنا كذلك، فإنَّه يُحتمل أنْ يكون مخصوصاً بالمجنون.
ويؤيّده أنَّ البحث في المجنون في لزوم الدية في ماله، وهو قوله ـ عليه السلام ـ: ((وأرى أنَّ على عاقلته الدية في ماله يدفعها إلى ورثة المجنون))، على أنّ أبا بصير مشترك، فتأمَّل)[10].
وفيه: أنَّ الخبر الواحد بما هو حجة مخصِّص لعموم الكتاب الذي هو حجة مثله، من دون الفرق بين النصّ والظهور، وكيف الفرق مع بناء العقلاء على تخصيص العام بالخاصّ مطلقاً؟ وكيف الفرق مع أنَّ سيرة الفقهاء على التخصيص مطلقاً؟
وبالجملة، وجه الفرق غير بيِّن، بل خلافه بيِّن، فتدبر جيّداً، فلعلّه لذلك ولغيره ممّا يرد على كلامه أمر بالتأمّل، والأمر في محلّه.
--------------------------------------------------------------------------------
[1] - جواهر الكلام 42: 184.
[2] - مسالك الافهام 15: 164.
[3] - السرائر 3: 369.
[4] - الكافي في الفقه: 384.
[5] - وسائل الشيعة 29: 76، كتاب القصاص، أبواب القصاص في النفس، الباب 31 الحديث 4.
[6] - وسائل الشيعة 29: 71، كتاب القصاص، أبواب القصاص في النفس، الباب 28، الحديث 1.
[7] - كشف اللثام 2: 276.
[8] - الفقيه 4: 90/ 265.
[9] - روضة المتقين 10: 334.
[10] - مجمع الفائدة والبرهان 14: 10.
الدرس اللاحق الدرس السابق




جميع الحقوق محفوظة لموقع آية الله العظمى الشيخ الصانعي .
المصدر: http://saanei.org