Loading...
error_text
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: دروس خارج الفقه
حجم الحرف
۱  ۲  ۳ 
التحميل المجدد   
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: القول فيما يثبت به القود (درس59)
القول فيما يثبت به القود (درس59)
الدرس دروس خارج الفقه
_AyatollahSanei
القصاص
الدرس 59
التاريخ : 2008/11/30

بسم الله الرحمن الرحيم

وهو اُمور ثلاثة: الإقرار والبيّنة والقسامة.
الأوّل: الإقرار بالقتل
ويكفي فيه مرّةًواحدة، ومنهم من يشترط مرّتين وهو غير وجيه.
ففيه خلاف، وفي (المسالك): (القول بثبوته بالإقرار مرّة مذهب أكثر الاصحاب) إلى أن قال: (وذهب الشيخ في (النهاية) والقاضي وابن ادريس وجماعة إلى اعتبار المرّتين)[1].
واستُدِلَّ للأوّل بعموم أدلّة الإقرارمثل: ((إقرار العقلاء على أنفسهم جائز))[2] ، وغيره ممّا هو مذكور في كتاب الإقرار وبخصوص الروايات الدالّة على أخذ المقرّ والحكم عليه بمجرّد المرّة، مثل ما في حكاية قضاء الامام الحسن ـ عليه السلام ـ: (فلما أقرّ الرجل الخارج من الخربة وبيده سكّين متلطّخة بالدم، وفيها رجل مذبوح وقضىأمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ بالقود، فأقرّ آخر بأنّه القاتل، قبل منه وأسقط القود)[3].
وما يدلّ على كون دية الخطأ على المقرّ[4]، فإنَّ المذكور فيها الإقرار مرّة لا أزيد.
وما يدلّ على حكم لو أقرّ واحد بالعمد والآخر بالخطأ[5].
وما في صحيحة زرارة عن أبي جعفر ـ عليه السلام ـ من أنّ شخصاً أقرّ بأنّه القاتل بعد أنْ شهد جماعة على غيره أنَّه القاتل[6]، وغير ذلك.
والعمدة منهما هو العموم: لما في الأخبار الخاصّة من المناقشة بكونها واردة مورد تعارض الإقرار مع إقرار آخر أو مع الشهود ، ففي مورد التعارض خصوصيّة الإتّهام بتبرءة القاتل موجودة، فلعلّ كفاية المرّة كانت دفعاً للتآمر، وتلك الخصوصيّة منتفية في غير مورد التعارض، فالاستدلال بتلك الأخبار غير تام، والظاهر أنَّ نظر المستدلّ فيما يدلّ على كون دية الخطأ إلخ إلى روايةالحسن بن صالح[7]، وموردها التعارض أيضاً.
والثاني هو الأحوط بل الأقرب: للاحتياط في الدماء، وللأولويّة عن السرقة، فلا تقلُّ عن الإقرار بالسرقة التي يشترط فيها التعدد، فهي أولى.وفي (الجواهر) وغيره الإيراد على الوجهين وردّهما بأنّ : (الاحتياط في الدماء الّذي لا يعارض الأدلّة مع أنَّه معارضٌ بمثله، وعدم بطلان دم المسلم، ولذا قبلت فيه في الجملة شهادة النساء والصبيان وقسامة المدعي، تحقيقاً لقوله تعالى: (وَلَكُمْ فِي القِصَاصِ حَيَاةٌ)[8] وإلاّ القياس على السرقة الممنوع عندنا، على أنّه مع الفارق، ضرورة كونها من الحقوق الإلهيّة المبنيّة على التخفيف والمسامحة، ولذا يسقط بالتوبة بخلاف حقوق الآدمييّن)[9].
وفيه: أنّ الدليل ليس بأزيد من عموم مثل: ((إقرار العقلاء على أنفسهم جائز))، وشموله لمثل باب الدم والقصاص فيه غير القابل للاستيفاء على فرض وقوع خطأ وسهو في الإثبات محلّ تأمُّل بل منع، فإنَّ انصرافه إلى الأموال والاُمور القابلة للتدارك أو الجزئيّة وإنْ لم تكن قابلةً له غير بعيد بل قريب، فالاحتياط منشأ للانصراف لا أنَّه معارض له حتى يُقال بعدم قابليته على معارضة الأصل مع الدليل .
وأمَّا معارضته بمثله ، فمذبوبة باختلافهما في المحلّ، فلا معارضة من رأس; وذلك لأنَّ مورد عدم البطلان بعد ثبوت القتل، هو ((لا يبطل دم امرىء مسلم))[10] ، ولذا تكون ديته في بعض الموارد على بيت المال أو الإمام، ومورد الاحتياط في الدماء قبل الثبوت، وفي مقام الإثبات المبحوث عنه في المقام ، وقبول شهادة النساء وما بعدها ليس تحقيقاً لقوله تعالى: (وَلَكُمْ فِي القِصَاصِ حَياةٌ)، كيف والعفو خير منه؟ بل محصول الاطمئنان وتماميّة الحجّة، وكون الباب باب حقوق الناس فلابدّ من رعاية حقّ المقتول والقاتل بجعل الشارع شهادة النساء وغيرها، وحصول الاطمئنان حجة في الإثبات، ففي الحقيقة حجيّة تلك الاُمور راجعة إلى كون القصاص من حقوق النّاس لا إلى تحقيق القصاص والحياة، كما لا يخفى ، فتأمّل.
نعم، الإيراد على الأولويّة باحتمال الخصوصيّة في السرقة، بأنَّ القطع من حقوق اللّه المبنيَّة على التخفيف والمسامحة تامٌّ.
وأمّا الإيراد بالقياس، وأنَّه ممنوع عندنا فكما ترى، حيث إنّ المستدلّ من الإمامية لايستدلّ به في شيء من الفقه فضلاً عمّا في المقام من الاستدلال بالأولويّة، فما في (الجواهر) من الإشكال بممنوعية القياس ممّا لا ينبغي صدوره من مثله ـ قدس سره ـ على مثل المستدلّ رحمه الله، كما لا يخفى.
وكيف كان، فالعمدة في أقربيّة الثاني انصراف العمومات، فلابدّ من الاحتياط في الدماء والعمل بأصالة عدم جواز قتل المقرّ إلاَّ مع اليقين المتحقِّق بالإقرار مرّتين.
مسألة 1 ـ يعتبر في المقرّ البلوغ والعقل والاختيار والقصد والحريّة، فلا عبرة بإقرار الصبيّ وإنْ كان مراهقاً، ولا المجنون، ولا المكره، ولا الساهي والنائم والغافل والسكران الذي ذهب عقله واختياره.
الوجه في اعتبار تلك الشرائط إجمالاً اعتبارها في المقرّ، وتفصيلها في كتاب الإقرار.
مسألة 2 ـ يقبل إقرار المحجور عليه لسفه أو فلس بالقتل العمدي، فيؤخذ بإقراره، ويقتصُّ منه في الحال من غير انتظار لفكِّ حجره.
لعدم الحجر عليه ، فتشمله العمومات.
مسألة 3 ـ لو أقرّ شخص بقتله عمداً وآخر بقتله خطأً كان للولي(1) الأخذ بقول صاحب العمد، فيقتصّ منه، والأخذ بقول صاحب الخطأ فيلزمه بالدية، وليس له الأخذ بقولهما.
(1) كما صرّح به غير واحد، بل عن (الانتصار)[11]: الإجماع عليه; وذلك لأنَّ إقرار كلٍّ منهما حجَّة وسبب مستقل في إيجاب مقتضاه على المقرّ به، ولا يمكن الجمع بين الأمرين، فيتخيّر الوليّ في العمل بأيّهما شاء، وإنْ جهل الحال كغيره من الأقارير، هذا مضافاً إلى خبر الحسن بن صالح، قال: سألت أبا عبد الله ـ عليه السلام ـ عن رجل وجد مقتولاً فجاء رجلان إلى وليّه، فقال أحدهما: أنا قتلته عمداً، وقال الآخر: أنا قتلته خطأً فقال: (إنْ هو أخذ (بقول) صاحب العمد فليس له على صاحب الخطأ سبيل ، وإنْ أخذ بقول صاحب الخطأ فليس له على صاحب العمد سبيل)[12].
ولا يخفى عليك أنَّه ليس في الحديث أزيد ممّا قبله من الاستدلال بقاعدة الإقرار، وبعدم إمكان الجمع بين الأمرين، فلا يكون أمراً مستقلاً زائداً عليه، بل يكون شاهداً عليه معتضداً له; لما مرّ من عدم إمكان الجمع. وفي خبرالحسن بن صالح النصّ على نفي السبيل على الآخر، فما عن بعض العامّة من قتلهما أو أخذ الدية منهما واضح الفساد، بل وكذا ما عن (الغنية) و(الإصباح)[13] من تخيّر الولي بين قتل المقرّ بالعمد وأخذ الدية منهما نصفين.
--------------------------------------------------------------------------------
[1] - مسالك الإفهام 15: 174.
[2] - عوالي اللآلىء 1: 223 و2: 242 و3: 442 طبع مطبعة سيّد الشهداء، قم.
[3] - وسائل الشيعة 29: 142، كتاب القصاص، أبواب دعوى القتل، الباب4، الحديث 2 و1، الحديثان منقولان بالمعنى.
[4] - وسائل الشيعة 29: 144، كتاب القصاص، أبواب دعوى القتل، الباب 5.
[5] - وسائل الشيعة 29: 141، كتاب القصاص، أبواب دعوى القتل، الباب 3.
[6] - وسائل الشيعة 29: 143، كتاب القصاص، أبواب دعوى القتل، الباب 5، الحديث1.
[7] - وسائل الشيعة 29: 141، كتاب القصاص، أبواب دعوى القتل، الباب 3، الحديث 1.
[8] - البقرة: 179.
[9] - جواهر الكلام 42: 204.
[10] - وسائل الشيعة 29: 72، كتاب القصاص، أبواب القصاص في النفس، الباب 29، الحديث 1.
[11] - الانتصار : 543.
[12] - وسائل الشيعة 29: 142، كتاب القصاص، أبواب دعوى القتل، الباب 3، الحديث 1.
[13] - الغيبة: 470.
الدرس اللاحق الدرس السابق




جميع الحقوق محفوظة لموقع آية الله العظمى الشيخ الصانعي .
المصدر: http://saanei.org