Loading...
error_text
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: دروس خارج الفقه
حجم الحرف
۱  ۲  ۳ 
التحميل المجدد   
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: القول فيما يثبت به القود (درس61)
القول فيما يثبت به القود (درس61)
الدرس دروس خارج الفقه
_AyatollahSanei
القصاص
الدرس 61
التاريخ : 2008/11/28

بسم الله الرحمن الرحيم

الثاني: البيِّنة
لا يثبت ما يوجب القصاص سواء كان في النفس أو الطرف إلاّ بشاهدين عدلين، ولا اعتبار بشهادة النساء فيه منفردات ولا منضمَّات إلى الرجل، ولا توجب بشهادتهنّ الدية فيما يوجب القصاص.
نعم، تجوز شهادتهنّ فيما يوجب الدية، كالقتل خطأً أو شبه عمد، وفي الجراحات التي لا توجب القصاص كالهاشمة وما فوقها، ولا يثبت ما يوجب القصاص بشهادة شاهد ويمين المدعي على قول مشهور.
عدم الاعتبار بشهادتهنّ منفردات في القتل الموجب للقصاص ممَّا لا خلاف فيه بينهم، بل في شهادات (المسالك) عند البحث عن شهادتهنّ في القصاص: (واعلم أنَّ محلَّ الإشكال شهادتهنّ منضمات إلى الرجال، أمّا على الإنفراد فلا تقبل شهادتهنّ قطعاً)[1].
وفيه: كيف القطع بذلك من الإماميّة لاسيّما من مثل شيوخهم في الفقه ومن مثله كعمدة للمتأخّرين المحقِّقين في الفقه مع صحيح جميل بن درّاج، ومحمد بن حمران، عن أبي عبد الله ـ عليه السلام ـقال: قلنا: أتجوز شهادة النساء في الحدود؟ فقال: ((في القتل وحده، إنَّ عليّاً ـ عليه السلام ـ كان يقول: لا يبطل دم امرىء مسلم))[2] الناصِّ في كفاية شهادتهنّ على الإنفراد في القصاص؟
نعم، لو لم يكن فيه الاستدلال بقول الامام علي ـ عليه السلام ـ كان من المحتمل في القتل القتل حدّاً كحدّ الرجم والسارق في المرتبة الرابعة وغيرهما، لكن الاستدلال جعله نصّاً في القصاص. هذا مع كونه معتضداً ومؤيّداً بالأخبار الدالّة على جواز شهادتهنّ فيه مع الرجال، كخبري زيد الشحّام[3] وأبي الصباح الكناني[4]، لكونهما مثبتين مع أنَّ قول المعصوم ـ عليه السلام ـ في حديث زيد الشحّام واقع جواباً عن السؤال، فليس فيه خصوصيّة الانضمام بالذكر حتى يقال: إنَّه أخصُّ مطلق من الصحيح فلابدّ من التخصيص.
نعم، الأخبار الدالّة على عدم الجواز وعدم الكفاية على الإطلاق أو في صورة الانضمام، وإنْ كانت معارضة لتلك الأخبار لكنّها مرجوحة; لموافقتها مع العامَّة. ففي شهادات (اللثام): (ويجوز أنْ يكون المراد أنَّه لا يجوز عند العامَّة بشهادتهنّ في هذا)[5].
وفيه أيضاً: ويحتمل الكلّ في انفرادهنَّ، وعدم الجواز عند العامّة.
ولا يتوهَّم أنّ الصحيح لاعراض الأصحاب عنه وعدم الفتوى بمضمونه ساقط عن الحجيّة; لأنَّه لا يخفى على من راجع الكتب الفقهيّة في الشهادات إعتناء الأصحاب بالصحيح كاعتنائهم بالخبرين، بالجمع بينه وبين الأخبار المعارضة، والقول: بأنَّه يثبت بشهادتهنّ مع الرجال الدية دون القصاص، وبغيره ممّا يدلُّ على عدم السقوط عن الحجيّة، وعدم الإعراض الموجب لكونه ممّا لا ريب في بطلانه، اللازم من عدم الريب في معارضة الجمع عليه بين الأصحاب، فتأمّل وتدبّر جيّداً حتى تطمئنَّ بلزوم العمل بالصحيح والمؤيِّدين له، وأنَّه لا بدَّ من القول بأنَّ الأقوى الاعتبار بشهادتهنّ على الانفراد في القصاص، فضلاً عن الانضمام، كما أنَّ الأقوى أيضاً الاكتفاء بشهادة الاثنتين منهنَّ كالرجال; قضاءً للأصل في الشهادة، والعلّة في الصحيح[6]، من الدلالة على أنَّ الاثنتين من النّساء بمنزلة الواحد من الرّجال فلابدّ في شهادتهن من الأربع.
وما في الآية: (فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الاُخْرَى)[7].
مضافاً إلى أنَّ في ذكر النساء بالخصوص في مورد الآية شهادة بل دلالة على أنَّ الأصل عدم الفرق في اعتبار العدد والعدالة في الشهادة بين الرجل والمرأة، وأنَّ الأصل الاكتفاء بالآيتين مطلقاً، وأنَّ في التعليل بما فيها دلالة على الاختصاص بما تكون المرأة في مورد الشهادة حفظها أقلّ من الرجل بحسب المتعارف، فإنَّ العلّة تخصّص كما أنّها تعمِّم، مثل باب الدين في زمان نزول الآية، بل إلى ما يقرب منثلاثين سنة قبل هذا الزمان، فإنَّهنَّ بحسب المتعارف لم يكنَّ عالمات بمسائل الاقتصاد والرياضيّات، لعدم ابتلائهنَّ بتلك المسائل، ومن المعلوم أنّ في باب الشهادة على القتل لا فرق بين الرجل والمرأة في أسبابها من النظر والعلم بالقتل والقاتل، كما لا يخفى. هذا مع أنَّه على تسليم الدلالة فعمومها مخصَّص بما في الصحيح، من العلّة.
هذا مختصر من الكلام في البحث، وتفصيله في كتاب الشهادات.
ثمّ إنَّه بما ذكرناه يظهر إجمالاً حال ما في المسألة من الأحكام، وأنَّ الأقوى في جميعها عدم الفرق بين الرجل والمرأة. وأمّا تفصيل الكلام فيها، ففي الشهادات أيضاً فإنَّها المناسب للتفصيل.
--------------------------------------------------------------------------------
[1] - مسالك الإفهام 14: 254.
[2] - وسائل الشيعة 27: 350، كتاب الشهادات، الباب 24، الحديث 1.
[3] - وسائل الشيعة 27: 359، كتاب الشهادات، الباب 24، الحديث 32، عن زيد الشحّام، قال: سألته عن شهادة النساء؟ قال: فقال: (لا تجوز شهادة النساء في الرجم إلاّ مع ثلاثة رجال وامرأتين، فإن كان رجلان وأربع نسوة فلا تجوز في الرجم) قال: فقلت: أفتجوز شهادة النساء مع الرجال في الدم، قال: (نعم).
[4] - وسائل الشيعة 27: 357، كتاب الشهادات، الباب 24، الحديث 25، عن أبي الصباح الكناني، عن أبي عبد الله ـ عليه السلام ـ قال: ((قال عليّ ـ عليه السلام ـ: شهادة النساء تجوز في النكاح، ولا تجوز في الطلاق، وقال: إذا شهد ثلاثة رجال وامرأتان جاز في الرجم، وإذا كان رجلان وأربع نسوة لم يجز، وقال: تجوز شهادة النساء في الدم مع الرجال)).
[5] - كشف اللثام 2: 199.
[6] - وسائل الشيعة 27: 350، كتاب الشهادات، الباب 24، الحديث 1.
[7] - البقرة: 282.
الدرس اللاحق الدرس السابق




جميع الحقوق محفوظة لموقع آية الله العظمى الشيخ الصانعي .
المصدر: http://saanei.org