Loading...
error_text
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: مكتبة عامة
حجم الحرف
۱  ۲  ۳ 
التحميل المجدد   
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: مناقشة أدلّة القائلين بإجزاء الغسل عن الوضوء

مناقشة أدلّة القائلين بإجزاء الغسل عن الوضوء

والجواب : أمّا عن الأوّل ـ وهو الأصل ـ : فبالخروج عن مقتضاه لدليل ، وفي جواز التمسّك به في أمثال المقام كلام مشهور .

وأمّا عن الثاني : فبمنع الإطلاق المدّعى ؛ فإنّ المقصود في تلك الروايات ـ كما يرشد إليه قرائن أحوالها ـ إنّما هو بيان الحكم المختصّ بالموارد المذكور[1] فيها ، كالحائض والمستحاضة والنفساء ، لا بيان الاكتفاء بالغسل لأجل الصلاة .

وبالجملة ، فالمقصود فيها بيان الأحكام المختصّة ، كالغسل والاستثفار والاحتشاء والوضوء لكلّ صلاة والجمع بين الصلاة ، إلى غير ذلك من الأحكام المخصوصة بأحد الثلاثة ، وليس المقصود بيان الحكم المشترك بين جميع المكلّفين ، كالوضوء مثلا ، حتّى يستدلّ بالإطلاق على عدم وجوبه مع الغسل ؛ لأنّ ذلك أمر علم وجوبه على سائر المكلّفين من غير اختصاص لأحدهم به ، وليس الاستدلال بإطلاق الأمر بالغسل ثمّ الصلاة على عدم وجوب الوضوء إلاّ كالاستدلال به على نفي وجوب لبس الساتر في الصلاة ، وجواز لبس الحرير والثياب النجسة أو المغصوبة ، أو كالاستدلال بها على عدم وجوب إزالة النجاسات عن الثوب والبدن ؛ لأنّ بناء الاستدلال بها لتوهّم دلالتها على الاكتفاء بالغسل في الصلاة ، وذلك كما يقتضي نفي الوضوء فكذا يقتضي نفي جميع ذلك ، والطريق في الأمرين واحد ، أو كالاستدلال بالأخبار على صحّة الصلاة بعد الوضوء ففي[2] سائر الأغسال ، والطبع السليم ينقبض من ذلك كلّه ، وليس ذلك إلاّ لإباء المقام وقرائن الأحوال عن فهم ذلك نظراً إلى ما هو المقصود الأهمّ في صدور الروايات . وأيضاً فأكثر تلك الأخبار قد وردت في حكم المستحاضة ، والاكتفاء بالأغسال فيها لا ينافي وجوب الوضوء في غيرها من الأغسال ؛ لاختلاف القائلين بوجوب الوضوء في الغسل في وجوبه للمستحاضة ، فلا مانع من القول بوجوب الوضوء في كلّ غسل إلاّ في غسل الاستحاضة ، وسيجيء الكلام في ذلك إن شاء الله تعالى[3] .

وأمّا عن الثالث : ( فبأ نّا إنّما قلنا بوجوب الوضوء مع الغسل لتوقّف الصلاة على الوضوء ، ولمّـا ثبت أنّ غسل الجنابة يجزئ عن الوضوء فلا مانع من القول بالاكتفاء بالغسل حينئذ . وبالجملة ، فمقتضى الأدلّة توقّف الصلاة على أحد الأمرين الوضوء أو غسل الجنابة ، فإذا فرض تحقّق الثاني فلا يحتاج إلى الأوّل )[4] .

وأيضاً[5] فبأنّ أقصى ما تدلّ عليه تلك الأخبار هو جواز الاكتفاء بالغسل الواحد عن سببي الجنابة والحيض مثلا ، وذلك إنّما يقتضي الاكتفاء بالغسل المفروض عن الوضوء ، ونحن نقول بموجبه ؛ لأنّ وجوب الوضوء إنّما هو لأجل توقّف الصلاة عليه ، لا لتوقّف رفع حدث الحيض ـ كما سيأتي تحقيقه ـ ، فمتى حصل ما يجزئ عنه ـ كغسل الجنابة[6] ـ جاز الاكتفاء به ولم يحتج إلى فعل الوضوء حينئذ ، وذلك لا يقتضي الاكتفاء بغسل الحيض مع انفراده ؛ لأنّ الاجتزاء[7] به في الفرض الأوّل ليس من حيث أ نّه غسل الحيض ، بل من حيث أ نّه غسل الجنابة ، فإذا فرض انفراده عن غسل الجنابة زال علّة الإجزاء ، وبانتفائه ينتفي المعلول .

وأيضاً فغاية ما يستفاد من تلك الروايات هو جواز الاكتفاء بالغسل الواحد عن سببي الجنابة والحيض مثلا ، أي لا يجب على المكلّف غسلان ، غسل للجنابة وغسل آخر للحيض ، بل يكفي للسببين غسل واحد ، وذلك لا ينافي توقّف ذلك الغسل الواحد من حيث أ نّه غسل الحيض على الوضوء ، كما يتوقّف على غيره من الاُمور التي لا يتوقّف عليه من حيث كونه غسل جنابة ، كانقطاع الدم ؛ فإنّه ممّـا يتوقّف عليه غسل الحيض دون غسل الجنابة ، كما يستفاد من موثّقة عمّـار الساباطي[8] .

وبالجملة ، فتوقّف الغسل من حيث إنّه غسل الحيض ، ثمّ إن قلنا بأنّ وجوب الوضوء للاحتياج إليه في نفس الغسل ـ كما زعمه بعضهم ـ فمجرّد الغسل الواحد لا يجزئ عن الوضوء ؛ لأنّ رفع الحدث يتوقّف على الوضوء والغسل معاً ، ويكون الوضوء جزء الرافع لحدث الحيض ، فلا يكفي فيه الغسل ، لكن غاية ما يستفاد من الروايات المذكورة هو جواز الاكتفاء بالغسل الواحد للحيض والجنابة بمعنى أ نّه لا يحتاج إلى غسلين بإزاء السببين ، بل يكفي للأمرين غسل واحد ، وذلك لا ينافي توقّفه من حيث إ نّه غسل الحيض على الوضوء ، كما يتوقّف على كثير من الاُمور التي لا يتوقّف عليها من حيث أ نّه غسل الجنابة ، كانقطاع الدم ؛ فإنّه معتبر في صحّته من حيث أ نّه غسل الحيض لا من حيث كونه غسل الجنابة .

وبالجملة ، فالثابت بالروايات هو جواز الاكتفاء بالغسل الواحد عن السببين ، ولا نزاع ، غاية الأمر توقّف الغسل الواحد من حيث إنّه غسل حيض على الوضوء معه ، وذلك لا ينافي الإجتزاء[9] بالغسل الواحد .

--------------------------------------------------------------------------------

[1]. كذا في النسخ ، والظاهر أ نّ الصحيح: المذكورة .

[2]. كذا في «د» و «ش» ، وفي «ل» : نفى ، و «ن» : على نفي .

[3]. لم يرد بحث في غسل الاستحاضة في الأبحاث الآتية .

[4]. ما بين القوسين لم يرد في «ل» و شطب عليه في «د » .

[5]. «وأيضاً» ورد في «ش» فقط .

[6]. في «د» و «ل» و «ش» : لغسل الجنابة .

[7]. في «ل» : الإجزاء .

[8]. التهذيب 1 : 419 / 1229 ، الزيادات في باب الحيض والاستحاضة والنفاس ، الحديث 52 ، الاستبصار 1 : 147 / 506 ، باب المرأة الجنب تحيض ... ، الحديث 506 ، وسائل الشيعة 2 : 264 ، كتاب الطهارة ، أبواب الجنابة ، الباب 43 ، الحديث 7 . وإليك نصّ الحديث : « سألته عن المرأة يواقعها زوجها ثمّ تحيض قبل أن تغتسل ؟ قال : إن شاءت تغتسل فعلت ، وإن لم تفعل فليس عليها شيء ، فإذا طهرت اغتسلت غسلاً واحداً للحيض والجنابة » .

[9]. في « ن » : الاجزاء .

العنوان اللاحق العنوان السابق




جميع الحقوق محفوظة لموقع آية الله العظمى الشيخ الصانعي .
المصدر: http://saanei.org