Loading...
error_text
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: مكتبة عامة
حجم الحرف
۱  ۲  ۳ 
التحميل المجدد   
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: القول في القسمة

القول في القسمة

وهي تمييز حصص الشركاء بعضها عن بعض ؛ بمعنى جعل التعيين بعدما لم تكن معيّنة بحسب الواقع ، لا تمييز ما هو معيّن واقعاً ومشتبه ظاهراً . وليست ببيع ولا معاوضة ، فلايجري فيها خيار المجلس ولا خيار الحيوان المختصّان بالبيع ، ولايدخل فيها الربا وإن عمّمناه لجميع المعاوضات .

(مسألة 1) : لابدّ في القسمة من تعديل السهام : وهو إمّا بحسب الأجزاء والكمّية ؛ كيلاً أو وزناً أو عدّاً أو مساحة ، وتسمّى قسمة إفراز ، وهي جارية في المثليّات ، كالحبوب والأدهان والأخلّ والألبان ، وفي بعض القيميّات المتساوية الأجزاء ، كطاقة واحدة من الأقمشة التي تساوت أجزاؤها ، وقطعة واحدة من أرض بسيطة تساوت أجزاؤها . وإمّا بحسب القيمة والماليّة ، كما في القيميّات إذا تعدّدت ، كالأغنام والعقار والأشجار إذا ساوى بعضها مع بعض بحسب القيمة ، كما إذا اشترك اثنان في ثلاثة أغنام قد ساوت قيمة أحدها مع اثنين منها ، فيجعل الواحد سهماً والاثنان سهماً . وتسمّى هذه قسمة التعديل . وإمّا بضمّ مقدار من المال مع بعض السهام ليعادل الآخر ، كما إذا كان بين اثنين غنمان قيمة أحدهما خمسة دنانير والآخر أربعة ، فإذا ضمّ إلى الثاني نصف دينار تساوى مع الأوّل . وتسمّى هذه قسمة الردّ .

(مسألة 2) : الظاهر إمكان جريان قسمة الردّ في جميع صور الشركة ممّا يمكن فيها التقسيم ؛ حتّى فيما إذا كانت في جنس واحد من المثليّات ؛ بأن يقسّم متفاضلاً ويضمّ إلى الناقص دراهم ـ مثلاً ـ تجبر نقصه ويساوي مع الزائد قيمة ، وكذا إذا كانت في ثلاثة أغنام تساوي قيمة واحد منها مع الآخرين ؛ بأن يُجعل غالي قيمةً مع أحد الآخرين سهماً وضمّ إلى السهم الآخر ما يساويهما قيمة وهكذا .

وأمّا قسمة التعديل فقد لا تتأتّى في بعض الصور كالمثال الأوّل ، كما أنّ قسمة الإفراز قد لا تتأتّى كالمثال الثاني .

وقد تتأتّى الأقسام الثلاثة ، كما إذا اشترك اثنان في وزنة حنطة قيمتها عشرة دراهم ، ووزنة شعير قيمتها خمسة ، ووزنة حمّص قيمتها خمسة عشر ، فإذا قسّم كلّ منها بانفرادها كانت قسمة إفراز ، وإن جعلت الحنطة مع الشعير سهماً والحمّص سهماً كانت قسمة تعديل ، وإن جعل الحمّص مع الشعير سهماً والحنطة مع خمسة دراهم سهماً كانت قسمة الردّ ، ولا إشكال في صحّة الجميع مع التراضي إلاّ قسمة الردّ مع إمكان غيرها ، فإنّ في صحّـتها إشكالاً ، بل الظاهر العدم . نعم لابأس بالمصالحة المفيدة فائدتها .

(مسألة 3) : لايعتبر في القسمة تعيين مقدار السهام بعد أن كانت معدّلة ، فلو كانت صبرة من حنطة مجهولة الوزن بين ثلاثة ، فجعلت ثلاثة أقسام معدّلة بمكيال مجهول المقدار ، أو كانت بينهم عرصة أرض متساوية الأجزاء ، فقسّمت ثلاثة أقسام معدّلة بخشبة أو حبل لايدرى مقدار طولهما ، صحّ .

(مسألة 4) : لو طلب أحد الشريكين القسمة بأحد أقسامها ، فإن كانت قسمة ردّ أو كانت مستلزمة للضرر ، فللشريك الآخر الامتناع ولم يجبر عليها ، وتسمّى هذه قسمة تراض ، وإن لم تكن قسمة ردّ ولا مستلزمة للضرر يجبر عليها الممتنع ، وتسمّى قسمة إجبار . فإن كان المال لايمكن فيه إلاّ قسمة الإفراز أو التعديل فلا إشكال . وأمّا فيما أمكن كلتاهما ، فإن طلب قسمة الإفراز يجبر الممتنع ، بخلاف ما إذا طلب قسمة التعديل ، فإذا كانا شريكين في أنواع متساوية الأجزاء ـ كحنطة وشعير وتمر وزبيب ـ فطلب أحدهما قسمة كلّ نوع بانفراده قسمة إفراز اُجبر الممتنع ، وإن طلب قسمة تعديل بحسب القيمة لم يجبر ، وكذا إذا كانت بينهما قطعتا أرض أو داران أو دكّانان ، فيجبر الممتنع عن قسمة كلّ منها على حدة ، ولايجبر على قسمة التعديل . نعم لو كانت قسمتها منفردة مستلزمة للضرر دون قسمتها بالتعديل ، اُجبر الممتنع على الثانية دون الاُولى .

(مسألة 5) : لو اشترك اثنان في دار ذات علو وسفل ، وأمكن قسمتها إفرازاً ؛ بأن يصل إلى كلّ بمقدار حصّـته منهما ، وقسمتها على نحو يحصل لكلّ منهما حصّة من العلو والسفل بالتعديل ، وقسمتها على نحو يحصل لأحدهما العلو وللآخر السفل ، فإن طلب أحد الشريكين النحو الأوّل ولم يستلزم الضرر يجبر الآخر ، ولايجبر لو طلب أحد النحوين الآخرين . هذا مع إمكان الأوّل وعدم استلزام الضرر ، وإلاّ ففي النحوين الآخرين يقدّم الأوّل منهما ، ويجبر الآخر لو امتنع ، بخلاف الثاني . نعم لو انحصر الأمر فيه يجبر إذا لم يستلزم الضرر ولا الردّ ، وإلاّ لم يجبر كما مرّ . وما ذكرناه جار في أمثال المقام .

(مسألة 6) : لو كانت دار ذات بيوت أو خان ذات حجر بين جماعة ، وطلب بعض الشركاء القسمة ، اُجبر الباقون ، إلاّ إذا استلزم الضرر من جهة ضيقهما وكثرة الشركاء .

(مسألة 7) : لو كان بينهما بستان مشتمل على نخيل وأشجار ، فقسمته بأشجاره ونخيله بالتعديل قسمة إجبار ، بخلاف قسمة كلّ من الأرض والأشجار على حدة ، فإنّها قسمة تراض لايجبر عليها الممتنع .

(مسألة 8) : لو كانت بينهما أرض مزروعة ، يجوز قسمة كلّ من الأرض والزرع ـ قصيلاً كان أو سنبلاً ـ على حدة ، وتكون قسمة إجبار . وأمّا قسمتهما معاً فهي قسمة تراض ؛ لايجبر الممتنع عليها ، إلاّ إذا انحصرت القسمة الخالية عن الضرر فيها فيجبر عليها . هذا إذا كان قصيلاً أو سنبلاً ، وأمّا إذا كان حبّاً مدفوناً ، أو مخضرّاً في الجملة ولم يكمل نباته ، فلا إشكال في قسمة الأرض وحدها وبقاء الزرع على إشاعته ، والأحوط إفراز الزرع بالمصالحة . وأمّا قسمة الأرض بزرعها ـ بحيث يجعل من توابعها ـ فمحلّ إشكال .

(مسألة 9) : لو كانت بينهم دكاكين متعدّدة ـ متجاورة أو منفصلة ـ فإن أمكن قسمة كلّ منها بانفراده وطلبها بعض الشركاء ، وطلب بعضهم قسمة تعديل لكي تتعيّن حصّة كلّ منهم في دكّان تامّ أو أزيد ، يقدّم ما طلبه الأوّل ويجبر عليها الآخر ، إلاّ إذا انحصرت القسمة الخالية عن الضرر بالنحو الثاني ، فيجبر الأوّل .

(مسألة 10) : لو كان بينهما حمّام وشبهه ـ ممّا لايقبل القسمة الخالية عن الضرر ـ لم يجبر الممتنع . نعم لو كان كبيراً ؛ بحيث يقبل الانتفاع بصفة الحمّامية من دون ضرر ـ ولو بإحداث مستوقد أو بئر اُخرى ـ فالأقرب الإجبار .

(مسألة 11) : لو كان لأحد الشريكين عشر من دار ـ مثلاً ـ وهو لايصلح للسكنى ، ويتضرّر هو بالقسمة دون الشريك الآخر ، فلو طلب القسمة لغرض يجبر شريكه ، ولم يجبر هو لو طلبها الآخر .

(مسألة 12) : يكفي في الضرر المانع عن الإجبار ، حدوثُ نقصان في العين أو القيمة بسبب القسمة ـ بما لايتسامح فيه في العادة ـ وإن لم يسقط المال عن قابليّة الانتفاع بالمرّة .

(مسألة 13) : لابدّ في القسمة من تعديل السهام ثمّ القرعة . أمّا كيفيّة التعديل : فإن كانت حصص الشركاء متساوية ـ كما إذا كانوا اثنين ولكلّ منهما النصف ، أو ثلاثة ولكلّ منهم الثلث وهكذا ـ يعدّل السهام بعدد الرؤوس ، ويعلّم كلّ سهم بعلامة تميّزه عن غيره . فإذا كانت قطعة أرض متساوية الأجزاء بين ثلاثة ـ مثلاً ـ تجعل ثلاث قطع متساوية مساحة ، ويميّز بينها بمميّز كالاُولى لإحداها ، والثانية للاُخرى ، والثالثة للثالثة . وإذا كانت دار مشتملة على بيوت بين أربعة ـ مثلاً ـ تجعل أربعة أجزاء متساوية بحسب القيمة إن لم يمكن قسمة إفراز إلاّ بالضرر ، وتميّز كلّ منها بمميّز كالقطعة الشرقيّة والغربيّة والشماليّة والجنوبيّة المحدودات بحدود كذائيّة . وإن كانت الحصص متفاوتة ـ كما إذا كان المال بين ثلاثة : سدس لعمرو ، وثلث لزيد ، ونصف لبكر ـ تجعل السهام على أقلّ الحصص ، ففي المثال تجعل السهام ستّة معلّمة كلّ منها بعلامة ، كما مرّ .

وأمّا كيفيّة القرعة : ففي الأوّل ـ وهو ما كانت الحصص متساوية ـ تؤخذ رقاع بعدد رؤوس الشركاء ؛ رقعتان إذا كانوا اثنين ، وثلاث إذا كانوا ثلاثة وهكذا ، ويتخيّر بين أن يكتب عليها أسماء الشركاء ـ على إحداها زيد ، واُخرى عمرو مثلاً ـ أو أسماء السهام : على إحداها أوّل ، وعلى الاُخرى ثاني وهكذا ، ثمّ تشوّش وتستر ، ويؤمر من لم يشاهدها فيخرج واحدة واحدة . فإن كتب عليها اسم الشركاء يعيّن سهم كالأوّل ، وتخرج رقعة باسم هذا السهم قاصدين أن يكون لكلّ من خرج اسمه ، فكلّ من خرج اسمه يكون له ، ثمّ يعيّن السهم الآخر وتخرج رقعة اُخرى لذلك السهم ، فمن خرج اسمه فهو له وهكذا . وإن كتب عليها اسم السهام يعيّن أحد الشركاء وتخرج رقعة ، فكلّ سهم خرج اسمه فهو له ، ثمّ تخرج اُخرى لشخص آخر وهكذا .

وفي الثاني ـ وهو ما كانت الحصص متفاوتة ، كالمثال المتقدّم الذي قد تقدّم : أنّه تجعل السهام على أقلّ الحصص وهو السدس ـ يتعيّن فيه أن تؤخذ الرقاع بعدد الرؤوس ؛ يكتب ـ مثلاً ـ على إحداها زيد ، وعلى الاُخرى عمرو ، وعلى الثالثة بكر ، وتستر كما مرّ . ويقصد أنّ كلّ من خرج اسمه على سهم ، كان له ذلك مع ما يليه بما يكمّل تمام حصّـته ، ثمّ تخرج إحداها على السهم الأوّل ، فإن كان عليها اسم صاحب السدس تعيّن له ، ثمّ تخرج اُخرى على السهم الثاني ، فإن كان عليها اسم صاحب الثلث كان الثاني والثالث له ، ويبقى الرابع والخامس والسادس لصاحب النصف ، ولايحتاج إلى إخراج الثالثة . وإن كان عليها اسم صاحب النصف كان له الثاني والثالث والرابع ، ويبقى الباقي لصاحب الثلث . وإن كان ما خرج على السهم الأوّل اسم صاحب الثلث كان الأوّل والثاني له ، ثمّ تخرج اُخرى على السهم الثالث ، فإن خرج اسم صاحب السدس فهو له ، وتبقى الثلاثة الأخيرة لصاحب النصف . وإن خرج اسم صاحب النصف كان الثالث والرابع والخامس له ، ويبقى السادس لصاحب السدس . وقس على ذلك غيره .

(مسألة 14) : الظاهر أنّه ليست للقرعة كيفيّة خاصّة ، وإنّما تكون منوطة بمواضعة القاسم والمتقاسمين ؛ بإناطة التعيّن بأمر ليست إرادة المخلوق دخيلة فيه ؛ مفوّضاً للأمر إلى الخالق جلّ شأنه ؛ سواء كان بكتابة رقاع ، أو إعلام علامة في حصاة أو نواة أو ورق أو خشب ، أو غير ذلك .

(مسألة 15) : الأقوى أنّه تتمّ القسمة بإيقاع القرعة كما تقدّم ، ولايحتاج إلى تراض آخر بعدها ، فضلاً عن إنشائه وإن كان أحوط في قسمة الردّ .

(مسألة 16) : لو طلب بعض الشركاء المهاياة في الانتفاع بالعين المشتركة : إمّا بحسب الزمان ؛ بأن يسكن هذا في شهر وذاك في شهر مثلاً ، وإمّا بحسب الأجزاء ؛ بأن يسكن هذا في الفوقاني وذلك في التحتاني مثلاً ، لم يلزم على شريكه القبول ، ولم يجبر إذا امتنع ، نعم يصحّ مع التراضي لكن ليس بلازم ، فيجوز لكلّ منهما الرجوع . هذا في شركة الأعيان . وأمّا في شركة المنافع فينحصر إفرازها بالمهاياة ، لكنّها فيها ـ أيضاً ـ غير لازمة . نعم لو حكم الحاكم الشرعي بها في مورد ـ لأجل حسم النزاع ـ يجبر الممتنع وتلزم .

(مسألة 17) : القسمة في الأعيان بعد التماميّة والإقراع لازمة ، وليس لأحد من الشركاء إبطالها وفسخها ، بل الظاهر أنّه ليس لهم فسخها وإبطالها بالتراضي ، لأنّ الظاهر عدم مشروعيّة الإقالة فيها . وأمّا بغير القرعة فلزومها محلّ إشكال .

(مسألة 18) : لا تشرع القسمة في الديون المشتركة ، فإذا كان لزيد وعمرو معاً ديون على الناس بسبب يوجب الشركة كالإرث ، فأرادا تقسيمها قبل استيفائها ، فعدّلا بينها وجعلا ما على الحاضر ـ مثلاً ـ لأحدهما ، وما على البادي للآخر ، لم تفرز ، بل تبقى على إشاعتها . نعم لو اشتركا في دين على أحد واستوفى أحدهما حصّـته ؛ بأن قصد كلّ من الدائن والمديون أن يكون ما يأخذه وفاءً وأداءً لحصّـته ، فالظاهر تعيّنه وبقاء حصّة الشريك في ذمّة المديون .

(مسألة 19) : لو ادّعى أحد الشريكين الغلط في القسمة أو عدم التعديل فيها وأنكر الآخر ، لا تُسمع دعواه إلاّ بالبيّنة ، فإن أقامت نقضت واحتاجت إلى قسمة جديدة ، وإن لم تكن بيّنة كان له إحلاف الشريك .

(مسألة 20) : لو قسّم الشريكان ، فصار في كلّ حصّة بيت ، وقد كان يجري ماء أحدهما على الآخر ، لم يكن للثاني منعه إلاّ إذا اشترطا حين القسمة ردّه عنه . ومثله ما لو كان مسلك البيت الواقع لأحدهما في نصيب الآخر من الدار .

(مسألة 21) : لايجوز قسمة الوقف بين الموقوف عليهم إلاّ إذا وقع تشاحّ بينهم مؤدٍّ إلى خرابه ، ولا ترتفع غائلته إلاّ بالقسمة ، فيقسّم بين الطبقة الموجودة ، ولاينفذ التقسيم بالنسبة إلى الطبقة اللاحقة إذا كان مخالفاً لمقتضى الوقف ؛ بسبب اختلاف البطون قلّة وكثرة . نعم يصحّ إفراز الوقف عن الطلق وتقسيمهما ؛ بأن كان ملك نصفه المشاع وقفاً ونصفه ملكاً ، بل الظاهر جواز إفراز وقف عن وقف ، وهو فيما إذا كان ملك لأحد ؛ فوقف نصفه على زيد وذرّيّـته ونصفه على عمرو كذلك ، أو كان ملك بين اثنين ؛ فوقف أحدهما حصّـته على ذرّيّـته ـ مثلاً ـ والآخر حصّـته على ذرّيّـته ، فيجوز إفراز أحدهما عن الآخر بالقسمة . والمتصدّي لها الموجودون من الموقوف عليهم ووليّ البطون اللاحقة .

العنوان اللاحق العنوان السابق




جميع الحقوق محفوظة لموقع آية الله العظمى الشيخ الصانعي .
المصدر: http://saanei.org