Loading...
error_text
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: مكتبة عامة
حجم الحرف
۱  ۲  ۳ 
التحميل المجدد   
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: في الحيض

في الحيض ـ[181]ـ



المقصد الثاني

فـي الـحيـض

وهو في الأغلب أسود، حارّ، يخرج بحرقة من الأيسر. فإن اشتبه بالعذرة، فإن خرجت القطنة مطوّقةً فهو عذرة، وإلاّ فحيض. وما قبلَ التسع، ومن الأيمن، وبعد اليأس،

__________________________________________________________________________

قوله: «وهو في الأغلب أسود» إلى آخره: كونه كذلك مستفاد من الوجدان والنصّ(1).

وأمّا كونه من اليمنى أو اليسرى، وعند الاشتباه بغيره يتميّز بذلك، وامتيازه من العذرة بالطوق، فغير واضح وإن ورد به النصّ مع اختلافه(2)، كما حكي(3)، لكن ليس بحيث يعمل عليه، ولا ينظر إلى غيره. فالمرجع حينئذ الظنّ بالصفات المذكورة لا بمجرّد الطوق، وإلاّ فالمرجع هو الأصل، والاحتياط واضح، وتحمل الرواية على ذلك.

قوله: «وما قبلَ التسع» إلى آخره: الذي يقتضيه النظر في التعريف والعلامات هو الحكم بكون الدم حيضاً قبله أيضاً إن وجد بصفاته، ولم يكن إجماع ونصّ على عدمه، ولكنّ الظاهر أنّهم قد أجمعوا عليه، ومستنده الأخبار(4).

_______________________________________

(1). وسائل الشيعة 2: 275، أبواب الحيض، الباب 3.

(2). وسائل الشيعة 2: 272، أبواب الحيض، الباب 2.

(3). منتهى المطلب 2: 268، مختلف الشيعة 1: 194، روض الجنان 1: 170.

(4). وسائل الشيعة 2: 336، أبواب الحيض، الباب 31، الحديث 6.



ـ[182]ـ



وأقلّ من ثلاثة متوالية، والزائد عن أكثره وأكثر النفاس ليس بحيض.

__________________________________________________________________________

ثمّ إنّ الظاهر على الحكم ببلوغها به كالإنبات وخروج المنيّ، والظاهر أنّ بلوغها بابتداء العشرة وإكمال التسع، فالحيض أيضاً علامة للبلوغ إذا لم يعلم بغيره من العلامات، فلا إشكال في الحيض كما في الباقي، فإنّ الكلّ علامات البلوغ، مع أنّه صرّح المصنّف في التذكرة على أنّ قبل التسع المنيّ أيضاً ليس بعلامة(1)، وكذا غيره(2)، وإنّما يعلم البلوغ بكلّ واحد منهما على تقدير إمكانه وعدم العلم بغيره وحال الاشتباه.

وأمّا الحكم بأنّ الخارج أقلّ من الثلاثة المتوالية ليس بحيض ـ كما هو مذهب الأكثر(3) ـ فلا يخلو عن إشكال; لأنّ الروايات(4) خالية عن التتالي وعدمه، مع وجود خبر دالّ على عدم التتالي(5)، فهي ظاهرة في العدم، كما إذا نذر صوم ثلاثة أيّام، فإنّه لا يجب التتالي. نعم، لابدّ من كونه في جملة العشرة; لإجماعهم فيه.

فردُّ مذهبِ مَن هو قائل بعدم اشتراط التتالي(6) بمجرّد عدم صحّة خبره ـ مع أنّه صحيح في باب «زيادات التهذيب»(7)، وفي الكافي(8) ـ وبأنّ الصلاة في الذمّة يقيناً فلا يسقط إلاّ باليقين، محلُّ التأمّل، فإنّ ظاهر الأخبار دليل مسقط للصلاة وعدم اشتراط التتالي، والاحتياط لا يترك.

_____________________________________

(1). قال في تذكرة الفقهاء 14: 191 ـ 192، المسألة 402: «بل هو(أي: الحلم) منوط بمطلق الخروج مع إمكانه باستكمال تسع سنين مطلقاً عند الشافعي، وعندنا في المرأة خاصة ولا عبرة بما ينفصل قبل ذلك».

(2). كالشهيد الثاني في المسالك 4: 146.

(3). كما ذهب إليه المحقّق الثاني في جامع المقاصد 1: 287. وانظر أيضاً: المعتبر 1: 202،
روض الجنان 1: 175.

(4). وسائل الشيعة 2: 293، أبواب الحيض، الباب 10.

(5). الكافي 3: 76، باب أدنى الحيض وأقصاه و...، الحديث 5، التهذيب 1: 158، الحديث 452،
وسائل الشيعة 2: 299، أبواب الحيض، الباب 12، الحديث 2.

(6). وهو الشيخ في النهاية: 26، وابن البرّاج في المهذّب 1: 34.

(7). لم نعثر عليه في أبواب الزيادات من التهذيب.

(8). نفس الهامش 5.



ـ[183]ـ



وتيأس غير القرشية والنبطية ببلوغ خمسين، وإحداهما بستّين.

__________________________________________________________________________

وأمّا كون الخارج بعد اليأس وبعد أكثر الحيض والنفاس ليس بحيض فظاهر، والدليل عليه الإجماع ونحوه(1).

وأمّا كون الخارج عن الأيمن ليس بحيض فغير ظاهر، وقد أُشير إليه(2).

وأمّا ما يدلّ على ما يتحقّق به اليأس فليس إلاّ أخبار ثلاثة على ما رأيته:(83)

___________________________________________________

(83) ويزيدها ما عن عبد الرحمن بن حجّاج الذي سينقله من زيادات نكاح التهذيب(3). ويزيدها خامسة، صحيح عبد الرحمن بن الحجاج ثالثاً، قال: قال أبو عبدالله(عليه السلام): «ثلاث يتزوّجن على كلّ حال ـ إلى أن قال ـ: والتي قد يئست من المحيض ومثلها لا تحيض، قلت: وما حدّها؟ قال: إذا كان لها خمسون سنة»(4).

وسادسةً وسابعةً مرسلتي الفقيه(5) والمقنعة(6).

وهذه الأخبار متعارضة، لكن أخبار الخمسين مأخوذة ترجيحاً، بمرجحيّة الأكثريّة والأصحيّة أو تخييراً و «بأيّهما أخذت من باب التسليم وسعك»(7).

ثم إنّ الظاهر كون المراد من الحكم بيأس المرأة في تلك الأخبار هو جعل الأماريّة للخميس أو الستين على عدم حيضيّة الدم السائل بعدهما المشكوك كونه حيضاً وعدم صيرورة المرأة بعد مضّي الخمسين من عمرها مثلاً حائضاً أيضاً فيما بعد ذلك مع الشك بل أنّها تكون يائسة ويترتّب آثارها عليها.

وعلى ذلك فما تراه المرأة مطلقاً ولو بعد الخمسين مع العلم بكونه حيضاً يكون حيضاً; لعدم حجيّته الأمارة مع العلم والاطمينان بخلافه كما هو الواضح.

_____________________________________

(1). اُنظر: وسائل الشيعة 2: 293، أبواب الحيض، الباب 10، و: 335، الباب 31، و: 382، أبواب النفاس، الباب 3.

(2). أُشير إليه في الصفحة 181.

(3). التهذيب 7: 469، الحديث 1881، وسائل الشيعة 22: 183، أبواب العدد، الباب 3، الحديث 5.

(4). الكافي 6: 85، باب طلاق التي لم تبلغ والتي...، الحديث 4، وسائل الشيعة 2: 336، أبواب الحيض، الباب 31، الحديث 6.

(5). الفقيه 1: 51، الحديث 198، وسائل الشيعة 2: 336، أبواب الحيض، الباب 31، الحديث 7.

(6). المقنعة 532، وسائل الشيعة 2: 337، أبواب الحيض، الباب 31، الحديث 9.

(7). الكافي 1: 66، باب اختلاف الحديث، الحديث 7، وسائل الشيعة 27: 108، أبواب صفات القاضي، الباب 9، الحديث 6.



ـ[184]ـ


...............................................................................................................
__________________________________________________________________________

أحدها: مرسل(84)، والطريق غير صحيح(85)، مضمونه أنّ حدّ اليأس

______________________________________________________

وأمّا حمل تلك الأخبار على التعبّد و حكم الشارع بعدم الحيض للدم الخارج بعد الخمسين مثلاً ولو مع العلم بكونه حيضاً واقعيّاً كالخارج قبله الظاهر من عبارات الأصحاب ويشهد عليه ما سينقله عن المنتهى من قوله: «فالوجود هنا دليل الحيض...»(1) إلى آخر كلامه.

فمخالف للظاهر جدّاً لعدم كون لسان الأخبار لسان ادّعاء في الحكم ولسان بيان أنّ الدم بعد اليأس ليس بحيض، فإنّه ليس لسانها إلاّ لسان بيان الموضوع و حدّ اليأس.

وتوهّم أنّ حمل اللسان كذلك على الأماريّة حمل على نحو من التعبّد وإلغاء الشك أيضاً، ولا ترجيح لأحد التعبّدين على الآخر.

مدفوع: بأنّ في التعبّد على الأماريّة; ادّعاء واحد و مخالف للظاهر من جهة نفس تلك الادّعاء فقط وهذا بخلاف الحمل على التعبّد في الحكم; لاستلزامه الادّعائين من ادّعاء الموضوع أي رؤيته الدم حكماً بنفي كونه حيضاً أوّلاً وحكمه ثانياً بادّعاء الموضوع حكماً بأنّ ذلك الدم ليس بحيض شرعاً وإن كان حيضاً واقعاً فيما علم كونه حيضاً.

وما في الادّعائين مخالفة للظاهر من وجهين، فلا يصار إليه إلاّ بدليل وقرينة، وبما أنّه غير موجود في تلك الأخبار فلابّد إلاّ من الحمل على نفي الموضوع تعبّداً من باب الأماريّة وإلغاء الشك.

وما في المتن من الحمل على الغالب وبيان الواقع كما ترى، فإنّه خارج عن مقام بيان الحكم وما هو وظيفة الأئمّة ـ صلوات الله عليهم أجمعين ـ بما هم أئمّة وهداة الخلق فتدبّر جيّداً.

(84) أي: مرسل أحمد محمّد بن أبي نصر، عن بعض أصحابنا، قال: قال أبو عبد الله(عليه السلام): «المرأة التي قد يئست من المحيض حدّها خمسون سنة»(2).

(85) بسهل بن زياد الآدمي الرازي لما فيه من معارضة توثيق الشيخ في رجاله بأنّ «سهل بن زياد الآدمي يكنّى أبا سعيد ثقة رازي»(3)، مع تضعيف النجاشي بأنّ «سهل بن زياد، أبو سعيد الآدمي الرازي كان ضعيفاً في الحديث غير معتمد فيه»(4)، والشيخ في الفهرست بأنّ: «سهل بن

_________________________________________

(1). منتهى المطلب 2: 272.

(2). الكافي 3: 107، باب المرأة يرتفع طمثها ثمّ يعود...، الحديث 2، التهذيب 1: 397، الحديث 1235، وسائل الشيعة 2: 335، أبواب الحيض، الباب 31، الحديث 3.

(3). رجال الطوسي: 416، أصحاب الهادي(عليه السلام)، باب السين، الرقم 4.

(4). رجال النجاشي: 185، الرقم 490.



ـ[185]ـ



...............................................................................................................
__________________________________________________________________________

خمسون(1)، وقال في الكافي عقيب هذا الخبر: «وروي ستّون»(2) وما نقله.

والأُخرى: صحيحة عبد الرحمن بن الحجّاج الثقة، عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: «حدّ التي يئست من الحيض خمسون سنة»(3)، وهو أوضح سنداً ودلالة.

والثالث: صحيحة ابن أبي عمير، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبدالله(عليه السلام) ـ قال في الشرح: «صحيحة ابن أبي عمير عن أبي عبدالله(عليه السلام)»(4).

وليس بجيّد; لعدم ذكر الإرسال ـ قال: «إذا بلغت المرأة خمسين سنة لم ترَ حمرة إلاّ أن تكون امرأة من قريش»(5).

وهذا مرسل ـ وإن كان المُرسِل هو ابن أبي عمير، وقيل بقبول مراسيله(6) ـ وقد عرفت ما فيه(7)، ودلالته أيضاً ليست بصريحة في حدّ اليأس.

والذي يقتضيه النظر هو عدم اليأس قبل الخمسين، وتحقّقه في الستّين مطلقاً، والظاهر أنّه لا خلاف فيهما.

__________________________________________________

زياد الآدمي الرازي يكنّى أبا سعيد، ضعيف»(8)، وإن كان الظاهر وثاقته، فالطريق صحيح. ولمزيد الاطّلاع راجع إلى تنقيح المقال(9).

_______________________________________

(1). الكافي 3: 107، باب المرأة يرتفع طمثها ثمّ يعود و...، الحديث 2، التهذيب 1: 397، الحديث 1235، وسائل الشيعة 2: 335، أبواب الحيض، الباب 31، الحديث 3.

(2). المصدر نفسه.

(3). الكافي 3: 107، باب المرأة يرتفع طمثها ثمّ يعود و...، الحديث 4، التهذيب 1: 397، الحديث 1237، وسائل الشيعة 2: 335، أبواب الحيض، الباب 31، الحديث 1.

(4). روض الجنان 1: 176.

(5). الكافي 3: 107، باب المرأة يرتفع طمثها ثمّ يعود و...، الحديث 3، الفقيه 1: 51، الحديث 198، التهذيب 1: 397، الحديث 1236، وسائل الشيعة 2: 335، أبواب الحيض، الباب 31، الحديث 2.

(6). نهاية الوصول 3: 461، ذكرى الشيعة 2: 342، و 4: 77، جامع المقاصد 2: 17.

(7). تقدّم في الصفحة 160 ـ 161.

(8). الفهرست: 142، الرقم 339.

(9). تنقيح المقال 2: 75، الرقم 5396.



ـ[186]ـ



...............................................................................................................
__________________________________________________________________________

وأمّا حصوله بخمسين مطلقاً، كما هو الظاهر من الثاني من غير استثناء، فمحتمل; لما عرفت ما في المرسل(1)، ولأنّ عدم رؤية الحمرة الذي استثني عنه المرأة القرشيّة المستلزم لحصول الحمرة منها، لا يستلزم عدم اليأس حتّى تعتدّ به; إذ لا منافاة بين وجود الدم الأحمر وحكم الشارع بأنه ليس بحيض، كما في الحامل عند البعض(2) وغيرها(3). مع أنّ تعيين الستّين لها ليس له سند واضح، إلاّ أن يكون إجماعاً بأنه إذا لم يكن خمسين يكون ستّين، وفيه تأمّل.

ومن هذا يُعلم حال استثناء النبطيّة مع عدم تحقّق مفهومها، فهذا يقتضي القول بالخمسين مطلقاً. لكنّ التكليف بالعدّة ونحوها مثلاً واقع باليقين، والاحتياط في الفروج مطلوب للشارع، كما هو المشهور، والأخبار الصحيحة الصريحة التي هي موجودة في ترك العبادات أيّام الأقراء(4) وفي بيان أوصاف الحيض(5)، تقتضي عدم الخروج عنها إلاّ بأقوى منها، فليس ببعيد حمل الخمسين في الخبرين على الغالب وعدم وجدان الدم بصفات الحيض، (86) كما يشعر به قوله(عليه السلام): «لم تر حمرة»(6) فإنّه نفي الوجدان، على أنّ عبد الرحمن فيه قول: إنّه رُمي بالكيسانيّة(7)، واضطراب في روايته، (87) فإنّه نقل عنه «الستّون»(8)، كما سيجيء(9)، فتأمّل.

____________________________________________________

(86) قد عرفت ما فيه في التعليقة 83.

(87) لكنّه مرفوع بالأخذ بأحدهما تخييراً أو ترجيحاً ولعلّه أشار إلى ذلك بقوله: «فتأمّل».

_____________________________________

(1). تقدّم في الصفحة السابقة.

(2). وهو ابن الجنيد، نقله عنه العلاّمة في مختلف الشيعة 1: 195، المسألة 141، وهو اختيار ابن إدريس في السرائر 1: 150.

(3). كالتي يخرج عنها الدم الأحمر قبل التسع. وقد تقدّم البحث عنها في الصفحة 177.

(4). وسائل الشيعة 2: 343، أبواب الحيض، الباب 39.

(5). وسائل الشيعة 2: 272، أبواب الحيض، الباب 2 و 3.

(6). الكافي 3: 107، باب المرأة يرتفع طمثها ثمّ يعود و...، الحديث 3، التهذيب 1: 397، الحديث 1236، وسائل الشيعة 2: 335، أبواب الحيض، الباب 31، الحديث 2.

(7). رجال النجاشي: 237، الرقم 630، رجال ابن داود: 256، الرقم 300.

(8). التهذيب 7: 469، الحديث 1881، وسائل الشيعة 2: 337، أبواب الحيض، الباب 31، الحديث 8.

(9). سيجيء في الصفحة 188.



ـ[187]ـ



...............................................................................................................
__________________________________________________________________________

وقد يوجد الدم في الخمسين على ما حكي في الذكرى(1)، وحَملُه على عدم حكمه ليس بأولى من حمله على الغالب; لما سيجيء(2)، ترجيحاً للظاهر على ما مرّ(3). وبعد الستّين يحكم باليأس ولو وجد; لعدم القائل، مع أنّ المصنّف قال في المنتهى: «لا يوجد»(4).

ولو علم الوجود بالصفات مع عدم الإجماع، يمكن القول به، (88) خصوصاً بالنسبة إلى العدّة، ومع ذلك لو احتاطت بالنسبة إلى العبادات بعدم تركها بعد الخمسين مع عمل المستحاضة، فليس ببعيد.

وكأنّ لقوّة القول بالستّين قال المصنّف في المنتهى:

ولو قيل: اليأس يحصل ببلوغ ستّين، أمكن بناءاً على الموجود; لأنّ الكلام مفروض فيما إذا وجد من المرأة الدم في زمن عادتها على ما كانت تراه قبل ذلك، فالوجود هنا دليل الحيض، كما كان قبل الخمسين دليلاً. ولو قيل: ليس بحيض مع وجوده وكونه على صفة الحيض، كان تحكّماً لا يقبل. أمّا بعد الستّين فالإشكال زائل; للعلم بأنه ليس بحيض; لعدم الوجود، ولما علم من أنّ للمرأة حالاً تبلغها يحصل معها اليأس; لقوله تعالى:(وَاللاَّئِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ)(5).(6) انتهى.

ويدلّ عليه أيضاً الأخبار(7)، وإجماع الأُمّة، ومعلوم ـ كأنّه بالإجماع ـ عدم تحقّقه بعد الستّين ولو وجد، فكأنّ هذا مقصوده(رحمه الله).

________________________________________________________

(88) بل يكون متعيّناً; لما مرّ في التعليقة 83.

__________________________________

(1). ذكرى الشيعة 1: 228.

(2). سيجيء بعد سطور.

(3). مرّ في الصفحة السابقة حمل الخمسين على الغالب وعدم وجدان الدم بصفات الحيض.

(4). في المصدر: «لعدم الوجود». منتهى المطلب 2: 272.

(5). الطلاق(65): 4.

(6). منتهى المطلب 2: 272.

(7). وسائل الشيعة 2: 337، أبواب الحيض، الباب 31، الحديث 8 و 9.



ـ[188]ـ



وأقلّه ثلاثة أيّام متواليات، وأكثره عشرة هي أقلّ الطهر، وما بينهما بحسب العادة، وتستقرّ بشهرين متّفقين عدداً ووقتاً.

__________________________________________________________________________

وقال الشهيد الثاني في الشرح: «حَكمَ المصنّف في المنتهى(1) بإطلاق الأوّل»(2). أي: برواية الستّين مطلقاً، فكأنّه فهمه ممّا نقلته عنه، هذا وإن لم يكن صريحاً; لقوله: «أمكن»، مع تقويته بالأدلّة، ولقوله: «تحكّماً».

ويؤيّد القول بالستّين مطلقاً رواية عبد الرحمن بن الحجّاج في «زيادات النكاح» من التهذيب، قال: سمعتُ أبا عبدالله(عليه السلام) يقول: «ثلاث يتزوّجن على كلّ حال: التي قد يئست من المحيض ومثلها لا تحيض»، قلت: ومتى يكون كذلك ؟ قال: «إذا بلغت ستّين سنة فقد يئست من المحيض ومثلها لا تحيض، والتي لم تحض ومثلها لا تحيض»، قلت: ومتى يكون كذلك ؟ قال: «ما لم تبلغ تسع سنين فإنّها لا تحيض، والتي لم تدخل بها»(3).

وفيها أحكام أُخر، إلاّ أنّ في الطريق القطع إلى علي بن الحسن، كأنّه ابن فضّال الذي قيل: إنّه فطحيّ(4)، فتأمّل، (89) والطريق إليه غير معلوم الصحّة، فتأمّل(90).

وأمّا دليل أقلّ الحيض والطهر وأكثره فأخبار(5)، بل إجماعهم أيضاً.

واستقرار العادة بشهرين مأخوذ من ظاهر العادة، وبعض الأخبار(6)، وفيه دلالة

______________________________________________________

(89) فإنّه موثّق جزماً.

(90) فإنّ الطريق إليه معلوم الصحّة كما يظهر من مشيخة التهذيب(7).

_________________________________________

(1). منتهى المطلب 2: 272.

(2). روض الجنان 1: 177.

(3). التهذيب 7: 469، الحديث 1881، وسائل الشيعة 22: 183، أبواب العدد، الباب 3، الحديث 5.

(4). رجال النجاشي: 35 و 36، الرقم 72، رجال ابن داود: 261، الرقم 340.

(5). وسائل الشيعة 2: 293، أبواب الحيض، الباب 10 و 11.

(6). وسائل الشيعة 2: 286، أبواب الحيض، الباب 7.

(7). التهذيب 10، شرح المشيخة: 55، وفيه: «وما ذكرته في هذا الكتاب عن علي بن الحسن بن فضال، فقد أخبرني به أحمد بن عبدون المعروف بابن الحاشر، سماعاً منه وإجازةً عن علي بن محمّد بن الزبير عن علي بن الحسن بن فضّال».



ـ[189]ـ



والصُفرة والكُدرة في أيّام الحيض حيض، كما أنّ الأسود الحارّ في أيّام الطهر فساد(1).

ولو تجاوز الدم عشرة، رجعت ذات العادة المستقرّة إليها، وذات التمييز إليه،

__________________________________________________________________________

على حصول العادة بمرّتين في كلّ شيء، فتأمّل.

قوله: «والصُفرة» إلى آخره: هذا واضح; بناءاً على الإجماع مع انقطاع الدم على العشرة، ونحوه ممّا يدلّ على أنّه لا يمكن كونه غير حيض(2).

وكذا الثاني(3) لو علم أنّه ليس بحيض، بأن يكون في العشرة التي هي أيّام الطهر، وكذا في كلّ وقت لا يمكن أن يكون حيضاً.

وكلام المصنّف وغيره(4) يقتضي كون الحكم ذلك مطلقاً بمجرّد إمكان كونه حيضاً، وفيه تأمّل من جهة تعريف الحيض.

وكذا الإشكال بعينه في الحكم برجوع صاحبة العادة إلى العادة مع التمييز; لترجيح العادة بمثل قوله: «دعي الصلاة أيّام إقرائك»(5)، وحمل الرواية الدالّة على صفة الحيض(6)، على غير ذات العادة أو الأغلب، كما أخذوا في التعريف(7).

ويمكن حمل الأُولى على وجود الوصف، ويظهر كونه أولى; إذ الظاهر من التعريف المأخوذ في الرواية الاطّراد والانعكاس، ومن أيّام الإقراء كونها معلوماً أنّها أيّام الحيض، ولهذا حكمَ الشيخ على الرجوع إلى التمييز مطلقاً(8)، سواء كانت

_______________________________________

(1). أي: استحاضة. لاحظ: روض الجنان 1: 182.

(2). وسائل الشيعة 2: 278، أبواب الحيض، الباب 4.

(3). يعني: قول الماتن: «كما أنّ الأسود الحارّ في أيّام الطهر فساد».

(4). كالشهيد في ذكرى الشيعة 1: 231 و 241.

(5). الكافي 3: 88، باب جامع في الحائض والمستحاضة، ضمن الحديث 1، وسائل الشيعة 2: 287، أبواب الحيض، الباب 7، الحديث 2.

(6). وسائل الشيعة 2: 275، أبواب الحيض، الباب 3.

(7). وقالوا: «الحيض في الأغلب أسود حارّ...» راجع: المتن في الصفحة 181، وكذا المحقّق في شرايع الإسلام 1: 20.

(8). المبسوط 1: 43.





ـ[190]ـ



فإن فُقِدا رجعت المبتدئة إلى عادة أهلها، فإن اختلفن أو فقدن رجعت إلى أقرانها، فإن اختلفن أو فقدن تحيّضت في كلّ شهر بسبعة أيّام أو بثلاثة من شهر وعشرة من آخر، والمضطربة بالسبعة أو الثلاثة والعشرة.

ولو ذكرت أوّل الحيض أكملته ثلاثة، ولو ذكرت آخره فهو نهايتها، وتعمل في باقي الزمان ما تعمله المستحاضة، وتغتسل لانقطاع الحيض في كلّ وقت محتمل، وتقضي صوم أحد عشر.

__________________________________________________________________________

مأخوذة من التمييز أو لا.

وفصّل البعض(1) بأنها إن كانت مأخوذة من التمييز فيرجع إليه، وإلاّ فإلى العادة. ومنه علم وجه الرجوع إلى التمييز، ويحتمل كون المقصود في المتن ترجيح التمييز، كما يحتمل العكس، ولعلّ التقديم يدلّ على الثاني.

قوله: «فإن فُقِدا رجعت المبتدئة» إلى آخره: الظاهر من المبتدئة مَن لم ترَ دماً، ويحتمل إرادة مَن لم تصر لها عادةٌ; بقرينة المقابلة، وجعل المقابلة مَن كان لها عادةٌ في الجملة ونسيت.

وأمّا الحكم فيهما على التفصيل، فإن ثبت إجماع فهو المتّبع، وإلاّ فالأمر مشكل، والأصل يقتضي الاكتفاء بالثلاثة; لتيقّنه حيضاً وجعل الاختيار إليها، والعمل في الباقي بالاستحاضة. والاحتياط واضح.

ويدلّ على المشهور بعض الروايات(2)، وإن لم تكن صحيحة ولا صريحة في الترتيب بين النساء من الأقارب والأجانب، بل ظاهرها الأقارب فقط لقوله: «نسائها»(3)، وفي بعضها «أقرانها»(4)، والاحتياط ينبغي مهما أمكن.

________________________________________

(1). كالمحقّق الكركي في جامع المقاصد 1: 301.

(2). وسائل الشيعة 2: 288، أبواب الحيض، الباب 8، الحديث 1 و 2.

(3). المصدر نفسه.

(4). لم نعثر على رواية وردت فيها هذه العبارة.



ـ[191]ـ



ولو ذكرت العدد خاصّة عملت في كلّ وقت ما تعمله المستحاضة، وتغتسل للحيض في كلّ وقت يحتمل الانقطاع، وتقضي صوم عادتها.

هذا(91) إن نقص العدد عن نصف الزمان أو ساواه، ولو زاد فالزائد وضعفه حيض، كالخامس والسادس لو كان العدد ستّة في العشرة.

وكلّ دم يمكن أن يكون حيضاً فهو حيض.

__________________________________________________________________________

واعلم أنّ الظاهر أنّ رواية السُنن(1) مقبولة; إذ يبعد وضع مثل هذا الخبر الطويل المشتمل على الحِكَم والأحكام، ومقبوليّة يونس ومحمّد بن عيسى. وكذا قوله: «عن غير واحد» كأنّه يدلّ على نقله عن كثير، فلا يبعد العمل بها، والله يعلم.

وعلى تقدير العمل بعادة النساء لا يبعد ترجيح الأكثر على تقدير الاختلاف وعدم الالتفات إلى الأقران; لعدم صدق «نسائها» عليها، وعلى تقديره لبعض الروايات(2) فالترتيب غير موجود في الروايات.

قوله: «ولو ذكرت» إلى آخره: العمل في المعلوم واضح، وفي غيره تعمل عمل الحائض والمستحاضة; بناءاً على القول بالاحتياط. وأمّا البناء على الروايات ففي ناسية العدد مثل ما مرّ(3)، وفي ناسية الوقت تصير مخيّرة في أخذ ذلك العدد والحكم بقضاء صوم أحد عشر; للاحتياط; لاحتمال التشطير.

قوله: «وكلّ دم» إلى آخره: قد مرّ ما فيه، واحتمال العمل بالتعريف(4).

___________________________________________________

(91) هذه العبارة من قوله(رحمه الله): «هذا إن نقص» مجملة، ولم يوضحها صاحب مجمع الفائدة والبرهان، فراجع «روض الجنان»(5) في توضيحها متناً وشرحاً.

_______________________________________

(1). تقدّم تخريجها في الهامش 5 من الصفحة 189.

(2). تقدّم تخريجها في الصفحة السابقة، الهامش 2.

(3). مرّ في الصفحة السابقة.

(4). مرّ في الصفحة 189.

(5). روض الجنان 1: 199.



ـ[192]ـ



ولو رأت ثلاثة وانقطع، ثمّ رأت العاشر خاصّة فالعشرة حيض.

ويجب عليها الاستبراء عند الانقطاع لدون العشرة، فإن خرجت القطنة نقيّةً فطاهر، وإلاّ صبرت المعتادة يومين ثمّ تغتسل وتصوم، فإن انقطع على العاشر قضت ما صامته، وإلاّ فلا. والمبتدئة تصبر حتّى تنقى أو تمضي عشرة.

وقد تتقدّم العادة وتتأخّر: فلو رأت العادة والطرفين أو أحدهما، ولم يتجاوز العشرة فالجميع حيض، وإلاّ فالعادة.

__________________________________________________________________________

قوله: «ولو رأت ثلاثة» إلى آخره: الحكم بكون ما بينهما حيضاً مع النقاء يلزم من الحكم بكون الطرفين حيضاً; لعدم تحقّق أقلّ الطُهر. ولكنّ الحكم بكون الطرف الثاني حيضاً، خصوصاً مع كونه بغير صفة الحيض، وكونه زائداً على العادة، غير ظاهر الوجه، إلاّ أن يكون إجماعاً، وقد نقل أنّه على مذهب مَن لم يشترط التتالي يكون النقاء طهراً والحيض هو الطرفان فقط(1)، وذلك غير واضح.

قوله: «ويجب عليها الاستبراء» إلى آخره: الظاهر أنّ الغرض حصول العلم، أو الظنّ الغالب بالنقاء حتّى تغتسل. ثمّ إنّ الظاهر هو جواز الاستظهار وأنّه رخصة، مع احتمال الوجوب، ولها الصبر إلى العشرة، كما يدلّ عليه بعض الروايات(2).

وأمّا قضاء الصوم فلعدم الصحّة، وعدم قضاء الصلاة; لعدم وجوبها.

قوله: «والمبتدئة» إلى آخره: يفهم منه وجوب الصبر عليها إلى العشرة; وذلك لعدم الأيّام لها، وكذا المضطربة. ولا يبعد لهما ذلك في المرتبة الثانية على التخيير، والأولى الصبر إلى العاشر هنا مع إمكان الاحتياط بعد الأيّام التي أخذها، مع ظنّ النقاء، وأنّ الباقي ليس بحيض.

_________________________________________

(1). نقله العلاّمة عن الشيخ في مختلف الشيعة 1: 192. لاحظ: النهاية: 26. ولكن قال في المبسوط 1: 42: «فحدّ القليل ثلاثة أيّام متتابعات، وفي أصحابنا من قال ثلاثة أيّام في جملة العشرة، وهو الذي ذكرناه في النهاية، والأوّل أحوط ».

(2). وسائل الشيعة 2: 300، أبواب الحيض، الباب 13.



ـ[193]ـ



ويجب الغسل عند الانقطاع كغسل الجنابة. ويحرم عليها كلّ مشروط بالطهارة كالصلاة والطواف

__________________________________________________________________________

قوله: «ويجب الغسل عند الانقطاع» إلى آخره: كأنّ وجوب الغسل لمثل الصلاة والطواف الواجبين إجماعيّ، وفي الأخبار إشارة إلى ذلك في الجملة(1)، وكونُه مثل غسل الجنابة قد مرّ(2).

وأمّا تحريم كلّ ما هو مشروط بالطهارة مثلهما(3)، فالظاهر أيضاً أنّه إجماعيّ. ولا كلام في حال الدم، بل بعد انقطاعه وقبل الغسل أيضاً، إنّما الكلام في تعيين ما يشترط فيه الطهارة، فكأنّه ثبت عنده كونه شرطاً للصوم أيضاً، ولكن ذَكَره مع تغيير الأُسلوب ليشير إلى الخلاف.

ويدلّ عليه رواية في التهذيب في باب «الزيادات» غير صحيحة، ولكن لا تدلّ إلاّ على قضاء الصوم، وهو خبر أبي بصير ـ لعلّه موثّق ـ عنه(عليه السلام)، قال: «إن طهرت بليل من حيضتها ثمّ توانت أن تغتسل في رمضان حتّى أصبحت، عليها قضاء ذلك اليوم»(4).

فكأنّه لا كلام فيه، بل في الكفّارة، وقياسه بصوم الجنب يقتضيهما، لكن لا يتمّ، بل أصله أيضاً، فتأمّل. فمذهب البعض(5) غير بعيد; للأصل، إلاّ أن يثبت بالإجماع، والاحتياط مع الجماعة.

______________________________________

(1). وسائل الشيعة 2: 271، أبواب الحيض، الباب 1.

(2). مرّ في الصفحة: 167 و 168. وانظر أيضاً: وسائل الشيعة 2: 315، أبواب الحيض، الباب 23.

(3). أي: الصلاة والطواف.

(4). التهذيب 1: 393، الحديث 1213، وسائل الشيعة 10: 69، أبواب ما يمسك عنه الصائم...، الباب 21، الحديث 1.

(5). وهو ابن أبي عقيل، حيث قال: «إنّ الحائض والنفساء إذا طهّرتا من دمها ليلا فتركتا الغسل حتّى يطلع الفجر عامدتين، وجب عليهما القضاء خاصّة». نقله عنه العلاّمة في منتهى المطلب 9: 75، ومختلف الشيعة 3: 276، المسألة 28.



ـ[194]ـ



ومسّ كتابة القرآن. ولا يصحّ منها الصوم. ولا يصحّ طلاقها مع الدخول وحضور الزوج أو حكمه.

ويحرم اللبث في المسجد، وقراءة العزائم وتسجد لو تلت أو استمعت.

__________________________________________________________________________

وكأنّه لا خلاف في تحريم المسّ، ونُقِل فيه الإجماع(1). وأمّا في إلحاق أسماء الله وأسماء الأنبياء والأئمّة وفاطمة(عليهم السلام)، فإن لم يكن إجماع فالعدم أولى; لعدم الدليل، والاحتياط واضح.

وأمّا عدم صحّة الطلاق مع الشرط المذكور فالظاهر أنّه حال الدم، فيمكن أن يكون إجماعاً أيضاً، وسيجيء في الطلاق.

وكذا تحريم اللبث كأنّه إجماعيّ، وعليه الخبر(2).

وكذا في تحريم الوضع خبران معتبران(3).

وكذا الجواز في المسجدين(4). وكذا تحريم قراءة العزائم(5).

ويدلّ على وجوب السجدة إذا تلت أو استمعت الخبر(6)، كأنّه صحيح. وكأنّ المصنّف لم يوجبها بالسماع فقيّد بالاستماع; لما في الخبر الصحيح الدالّ على

_________________________________________

([1]). نقله العلاّمة في منتهى المطلب 2: 354.

(2). الكافي 3: 73، باب النوادر من كتاب الطهارة، الحديث 14، وسائل الشيعة 2: 205، أبواب الجنابة، الباب 15، الحديث 3.

(3). الكافي 3: 51، باب الجنب يأكل ويشرب و...، الحديث 8، و: 106، باب الحائض تأخذ من المسجد و...، الحديث 1، التهذيب 1: 125، الحديث 339، و: 397، الحديث 1233، وسائل الشيعة 2: 213، أبواب الجنابة، الباب 17، الحديث 1، و: 340، أبواب الحيض، الباب 35، الحديث 1.

(4). الكافي 3: 73، باب النوادر من كتاب الطهارة، الحديث 14، وسائل الشيعة 2: 205، أبواب الحيض، الباب 15، الحديث 3.

(5). التهذيب 1: 129، الحديث 352، و: 371، الحديث 1132، الاستبصار 1: 115، الحديث 384،
وسائل الشيعة 2: 216، أبواب الجنابة، الباب 19، الحديث 4، و: 217، الحديث 7.

(6). التهذيب 2: 291، الحديث 1168، الاستبصار 1: 320، الحديث 1192، وسائل الشيعة 2: 341، أبواب الحيض، الباب 36، الحديث 3.



ـ[195]ـ



ويحرم على زوجها وطءها فيُعزّر.

__________________________________________________________________________

عدم وجوب السجدة إلاّ مع الاستماع(1)، فليس ببعيد، فليتأمّل، والاحتياط واضح.

واعلم أنّ استصحاب عدم صحّة الصوم حال الحيض، وصدق الحائض على المنقطع دمها الممنوعة من الصوم، لا يدلاّن على وجوب الغسل للصوم; لأنّ الذي دلّ على المنع حال الدم وقبل الانقطاع هو وجود الدم، فله دخل فيه من غير شبهة، فلا يتمشّى الاستصحاب.

وعلى تقدير تسليم صدق الحائض لغةً، معلوم إرادة كونها مع صفة الدم في مثل قوله: «دعي الصلاة أيّام إقرائك»(2)، وإذا حاضت لا تصلّي ولا تصم، فأين العام المفيد لذلك ؟ !

ومنع أولويّة اشتراط الطهارة في صومها بالنسبة إلى المستحاضة الكثيرة المشترطة فيه الغسل بالإجماع والأخبار(3) ـ لو سلّم ـ واضح; لأنّ وجود الدم الكثير من أين يعلم كونه أقلّ حدثاً ومنعاً من دم الحيض المنقطع مع عدم الغسل ؟ ! ومن أين العلم المشترط في مفهوم الموافقة بالعلّة المشتركة ؟ ! وهو واضح، ولا يمكن إيجاب شيء بأمثالها، والأصل العدم.

وأيضاً دليل تحريم الوطء قُبُلاً هو الإجماع، ومع الاستحلال إنّما يكفّر مع علمه بأنه ممّا حرّمه الله، لا مطلقاً. وكذا في جميع المجمع عليه، ولعلّه المراد بما علم من الدين ضرورةً.

____________________________________________

(1). الكافي 3: 106، باب الحائض والنفساء تقرءان القرآن، الحديث 3، التهذيب 1: 129، الحديث 353، الاستبصار 1: 115، الحديث 385، وسائل الشيعة 2: 340، أبواب الحيض، الباب 36، الحديث 1.

(2). الكافي 3: 83، باب جامع في الحائض والمستحاضة، الحديث 1، التهذيب 1: 381، الحديث 1183، وسائل الشيعة 2: 287، أبواب الحيض، الباب 7، الحديث 2.

(3). الظاهر تعلّق قوله: «بالإجماع والأخبار) بـ «المشترطة»، فانظر: وسائل الشيعة 2: 371، أبواب الاستحاضة، الباب 1.



ـ[196]ـ



ويستحبّ الكفّارة في أوّله بدينار، وفي أوسطه بنصفه، وفي آخره بربعه.

ويكره بعد انقطاعه قبل الغسل، والخضاب، وحمل المصحف، ولمس هامشه،

__________________________________________________________________________

وأمّا التكفير فالظاهر هو الاستحباب، والظاهر هو مطلق التكفير مثل «شبع شخص» و«عشرة» كما هو في بعض الروايات(1)، ويكون المذكور(2) مستحبّاً في مستحبّ.

وأمّا كراهة وطء الحائض بعد انقطاع الدم وقبل الغسل قُبُلاً فهو الظاهر; للأصل، وعدم القائل بالتحريم مطلقاً. نعم، في كلام الفقيه ما يشعر بالتحريم قبل الغسل من دون الشبق(3)، وليس له دليل قويّ.

ولظاهر بعض الآيات(4) بقراءة التخفيف، وللجمع بين الأدلّة والقراءتين مع عدم دلالة التشديد على الغسل جزماً، ولزوال علّة المنع المفهومة من ظاهر الآية وغيرها(5).

وقد حقّقت المسألة في رسالة على حدة(6) مع الأدلّة وما عليها من الأبحاث مع الشارح(7)، مع إمعان ما في النظر والتأمّل، فليراجع.

وفي خبر إباحة الوطء بالتيمّم(8)، ففيه إشعار بالبدليّة مطلقاً، فتأمّل.

وأمّا كراهيّة الخضاب للحائض والجنب; فللأخبار(9). وكذا لمس الهامش بدون

_________________________________________

(1). الفقيه 1: 53، الحديث 200، التهذيب 1: 163، الحديث 469 و470، الاستبصار 1: 133، الحديث 457 و458، وسائل الشيعة 2: 327، أبواب الحيض، الباب 28، الحديث 2، و: 328، الحديث 5.

(2). يعني: المذكور في المتن من الكفّارة.

(3). الفقيه 1: 53، ذيل الحديث 199. والشَبَق: شدّة الغلمة وطلب النكاح. لسان العرب 3: 392، «شبق».

(4). أي: دليل كراهة وطء الحائض بعد انقطاع الدم وقبل الغسل هو ظاهر بعض الآيات وهو قوله تعالى في سورة البقرة(2): 222: (فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ).

(5). وسائل الشيعة 2: 317، أبواب الحيض، الباب 24.

(6). لم نعثر عليها.

(7). لاحظ: روض الجنان 1: 216 ـ 222.

(8). التهذيب 1: 405، الحديث 1268، وسائل الشيعة 2: 313، أبواب الحيض، الباب 21، الحديث 2.

(9). وسائل الشيعة 2: 221، أبواب الجنابة، الباب 22.



ـ[197]ـ



والجِواز في المساجد، وقراءة غير العزائم، والاستمتاع منها بما بين السرّة والركبة.

__________________________________________________________________________

مسّ خطّه، وتعليقه(1). ونزّلت على الكراهة; لقول الأصحاب بعدم التحريم(2).

وأمّا كراهة الجواز في المساجد فإباحته ظاهرة، وعليها الخبر(3). وأمّا المنع فكأنّه للتعظيم، ولهذا اُلحق المشاهد بها، وعلى هذا فالكراهة غير بعيدة. وأمّا التحريم فلا; للأصل، وعدم جواز القياس، وما علم بطريق أولى.

وأمّا كراهة قراءة القرآن غير العزائم فالظاهر أنّه للتعظيم، وإلاّ ففي الخبر الصحيح(4) ما يدلّ على الجواز من غير وجود المعارض، فكأنّه قيس في الكراهة على الجنب بالطريق الأولى حيث وجد في الخبر وقيّد بما فوق «السبع»(5) و«السبعين»(6)، وهنا من غير قيد، فكأنّه أغلظ. والأصل العدم.

وكراهة الاستمتاع أيضاً دليله بعض الأخبار(7)، والخروج عن الخلاف على القول بالجواز.

وأمّا الظاهر من الآية والأخبار فهو التحريم حال الدمّ إلاّ ما فوق الإزار، ولاشكّ أنّه أحوط، مثل:(وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ)(8) خرج ما فوق الإزار بالإجماع ونحوه، وبقي الباقي تحت النهي.

وأيضاً تدلّ عليه الأخبار، مثل: صحيحة عبيد الله الحلبيّ ـ المذكورة في

__________________________________________

(1). وسائل الشيعة 2: 342، أبواب الحيض، الباب 37.

(2). قال المحقّق في المعتبر 1: 234: «وإنّما نزلنا هذا على الكراهيّة، نظراً إلى عمل الأصحاب»، وصرّح العلاّمة في منتهى المطلب 2: 153 بأنّه قول علمائنا أجمع.

(3). الكافي 3: 73، باب النوادر من كتاب الطهارة، الحديث 14، وسائل الشيعة 2: 205، أبواب الجنابة، الباب 15، الحديث 3.

(4). الكافي 3: 106، باب الحائض والنفساء تقرآن القرآن، الحديث 2، وسائل الشيعة 2: 215، أبواب الجنابة، الباب 19، الحديث 1.

(5). التهذيب 1: 128، الحديث 349، الاستبصار 1: 114، الحديث 383، وسائل الشيعة 2: 218، أبواب الجنابة، الباب 19، الحديث 9.

(6). التهذيب 1: 128، الحديث 351، الاستبصار 1: 114 تتمّة الحديث 383، وسائل الشيعة 2: 218، أبواب الجنابة، الباب 19، الحديث 10.

(7). سيأتي تخريجها وتفصيل القول فيها.

(8). البقرة(2): 222.



ـ[198]ـ



ويستحبّ أن تتوضّأ عند كلّ صلاة وتجلس في مصلاّها ذاكرة. ويجب عليها قضاء الصوم دون الصلاة.

__________________________________________________________________________

التهذيب ـ عن أبي عبدالله(عليه السلام): في الحائض ما يحلّ لزوجها منها ؟ قال: «تتّزر بإزار إلى الركبتين وتخرج سرّتها، ثمّ له ما فوق الإزار»)(1).

ومثلها موثّقة أبي بصير(2)، وحجّاج(3)، وغيرها من الأخبار(4).

وأمّا الأخبار الدالّة على الجواز(5) ـ مع ما فيها ـ فليست ممّا تصلح للمعارضة بها، فقول السيّد(6) غير بعيد. وبَعُد منع الوطء مطلقاً.

وأمّا استحباب الوضوء والجلوس فهو موجود في خبرين معتبرين(7) بحيث يفهم الوجوب، وقد عبّر في الفقيه بالوجوب(8)، فينبغي الاحتياط وعدم الترك بوجه.

وأمّا دليل وجوب قضاء الصوم دون الصلاة فهو الأخبار(9)، ولعلّه الإجماع أيضاً، وتكرارها وعدم تكرّره، مع منع القياس في الخبر هنا، «وإنّ أوّل مَن قاس إبليس»(10).

_____________________________________________

(1). الفقيه 1: 54، الحديث 204، التهذيب 1: 154، الحديث 439، الاستبصار 1: 129، الحديث 442، وسائل الشيعة 2: 323، أبواب الحيض، الباب 26، الحديث 1.

(2). التهذيب 1: 154، الحديث 440، الاستبصار 1: 129، الحديث 443، وسائل الشيعة 2: 323، أبواب الحيض، الباب 26، الحديث 2.

(3). التهذيب 1: 155، الحديث 441، الاستبصار 1: 129، الحديث 444، وسائل الشيعة 2: 324، أبواب الحيض، الباب 26، الحديث 3.

(4). دعائم الإسلام 1: 127، مستدرك الوسائل 2: 20، كتاب الطهارة، الباب 21.

(5). وسائل الشيعة 2: 321، أبواب الحيض، الباب 25.

(6). لم نعثر عليه في مصنّفات السيّد حسب تتبّعنا، ولكن قال الشهيد الثاني في روض الجنان 1: 224: «حرّم السيّد المرتضى الاستمتاع منها بما تحت المئزر، وعنى به ما بين السرّة والركبة». وحكاه عنه أيضاً المحقّق في المعتبر 1: 234، والعلاّمة في مختلف الشيعة 1: 185، المسألة 130.

(7). الكافي 3: 101، باب ما يجب على الحائض في أوقات الصلاة، الحديث 3 و 4، التهذيب 1: 159، الحديث 455 و 456، وسائل الشيعة 2: 345، أبواب الحيض، الباب 40، الحديث 3 و 2.

(8). الفقيه 1: 50، ذيل الحديث 195.

(9). وسائل الشيعة 2: 346، أبواب الحيض، الباب 41.

(10). الكافي 3: 104، باب الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة، الحديث 2، التهذيب 1: 160، الحديث 458، الاستبصار 2: 93، الحديث 301، وسائل الشيعة 2: 347، أبواب الحيض، الباب 41، الحديث 3.


العنوان اللاحق العنوان السابق




جميع الحقوق محفوظة لموقع آية الله العظمى الشيخ الصانعي .
المصدر: http://saanei.org