Loading...
error_text
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: انعكاسات
حجم الحرف
۱  ۲  ۳ 
التحميل المجدد   
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: العقل والعاطفة في ذكرى عاشوراء
العقل والعاطفة في ذكرى عاشوراء العقل والعاطفة في ذكرى عاشوراء
بسم الله الرحمن الرحيم

المقدمة
ليس من السهل الحديث عن عاشوراء وعن شخصيّة الإمام الحسين (عليه السلام)، وذلك بسبب التفاسير المختلفة لهذه الواقعة وعلى طول التاريخ، وخاصة من عصر العباسيين وما بعده.
إن الشجاعة والشهادة مفردتان برزتا كثيراً في هذه الواقعة مضافاً إلى ما لحقها من مراسيم العزاء المختلفة (التقليديّة وغير التقليديّة)
لقد تمّ التحريف والكذب والمغالاة في حق آل البيت (عليهم السلام)، سواء في الحديث عن عاشوراء، أو الكتابة عنها، وذلك لأن الجميع يحبون ان يتقربوا إلى ساحاتهم (عليهم السلام) بأحاسيسهم المرهفة وعواطفهم الجيّاشة، ناهيك عن الأخطار التي تحملها هكذا مفاهيم مغلوطة في توجيه الطعنات الشنيعة للدين، ونسيان وتناسي القيم الإنسانيّة.
ان التعازي الخاصّة بمراجع الدين العظام، لها جمالها الخاص، فأحدهم يترجل ماشياً، والآخر ينزع عمامته ويلطم الوجه والرأس، وجميع هذه الصور تحكي عن الحب والرابطة بهؤلاء العظام الذين عشعش حبهم في قلوبنا، وليس ذلك إلاّ بسبب الاعتقاد، وفهم الهويّة الدينيّة وأحياء القيم الإنسانية، تلك القيم التي تقربنا إلى العدالة والتوحيد، وتحيي فينا روح النقد، ورفض سلطة المتجبرين.
لقد رسم لنا الحسين بن علي (عليه السلام) برفضه الذل واختياره الشهادة حياة نتمكن من خلالها أن نعيش بإنسانيتنا وكرامتنا من جهة ومن جهة أخرى تحقيق الوعد الإلهي الذي ينتظره ورثته بالحق.
إن أسوتنا الدائمة والأزليّة هم أولئك الرجال الأبطال الذين لبوا نداء (هل من ناصر ينصرني) واحتضنوا الحب لإمامهم (عليه السلام) فصاروا أسوة لجميع الأجيال، ولجميع الأحرار ومدافعي حقوق البشر، فحبهم هذا ليس له زوال، وهو راسخ في القلوب، ولهذا السبب فالحسين (عليه السلام) مصباح الهدى وسفينة النجاة.
إنّ الذي دعانا لزيارة المرجع المجدّد والفقيه المتبحر آية الله العظمى الصانعي، هو رغبتنا في فهم وإدراك عظمة وأهميّة عاشوراء، وشخصيّة الإمام الحسين (عليه السلام)، فيجيبنا على أسئلتنا بوجه شاحب، وعين دامعة، ليحدثنا عن الحسين (عليه السلام) سيد شباب أهل الجنة، ومصباح الهداية.
لقد أكد سماحته على ضرورة إقامة التعازي التقليديّة والمحافظة عليها، وهذا يدعوننا إلى التفكر حول هذه الشخصية التي أوجدت تحولاً عظيماً في الفقه الشيعي بفضل فتاواه، فيؤكد قائلاً:
« إنّ التنوّر معناه إقامة الشعائر الحسينية والتعازي التقليديّة» فالصرخات والصيحات التي نطلقها في مراسيم العزاء الحسيني تضيف صبغة حيويّة لجميع الإبداعات والتنوّرات، وصفعة للمخالفين.
ويضيف قائلاً لقد علّم الحسين (عليه السلام) الأجيال جميعها، معنى الحرية والعزة والكرامة، وعلّمنا الإمام الخميني (قدس سره) كيف ومتى نستطيع ان نواجه القوى المستكبرة ونحرر العالم من شرورهم.
علّمنا الإمام (قدس سره) بان الشيعي معارض دائماً ولا يمد يداً للسلام مع أرباب الظلم والاستبداد وهذا هو دور الحسين (عليه السلام) في كل مكان وزمان كما أكد سماحته على ضرورة وعي الأمة الذي أكد عليه الحسين (عليه السلام) عندما قام بإصلاح دين جدّه (صلى الله عليه وآله وسلم)، حيث أعطى أهميّة قصوى لرأي الأمة والأبعاد الإنسانية المشهودة في حادثة كربلاء والتي صنعت للأجيال أسوة وقدوة، وأكدّ على عدم تناسي الأبعاد العقليّة والعاطفية الحاكمة على ثورة الحسين (عليه السلام).
الحديث الحماسي لهذا المرجع العظيم حفّزنا على المطالعة والتحقيق في كلمات وأقوال هذا المرجع وعلى مدى سنوات طويلة، حيث قمنا بتصنيفها إلى فصول وتخريجها في مجموعة ستطبع في المستقبل ان شاء الله.
وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين

ـ نحن على عتبة الدخول في شهر محرم الحرام وبداية السنة القمرية، شهر استشهد في اليوم العاشر منه شخص كان يحمل معه جميع وسائل النجاة، فقد كان مصباح الهداية وسفينة النجاة، وإذا كان أبو عبد الله سفينة النجاة فباقي الأئمة كذلك. يستلهم المرحوم الشيخ جعفر التوستري هذا المعنى ويقول: الأئمة جميعهم سفن للنجاة تمكنها أن تصل السواحل بسلام لكن سفينة الإمام الحسين في لجج غامرة وترسو في السواحل وتنجى الإنسان بسهولة، كما أن جميع الأئمة أبواب الجنة، لكن الباب الذي يدعى بباب الإمام الحسين واسع يدخله الكثير من الناس.

ـ لنتذكّر أن التعزية للإمام الحسين متجذّرة في تاريخ البشرية، فإنا قد قرأنا هذا في قصّة النبي آدم (عليه السلام) فقد ورد فيها أن جبرئيل عندما نزل على آدم ليعلّمه الأسماء الخمسة عندما وصل إلى اسم الإمام قال: حزنت دون أن أدري سبب ذلك، فقال فيه وفي أهل بيته: صغيرهم يميته العطش، وكبيرهم جلده منكمش. وهذا يعني أن التعزية للإمام قد بدأت منذ بدأ خلق آدم(عليه السلام) وليست أمراً حديثاً، لكن الذي استحدث في عهد الإمام الصادق (عليه السلام) وبعده من الأئمة ثم العلماء والمتشرعين والمحبين له حتى هذا اليوم هو التجمّع لذكره والتعزية الجماعية لأجله واستغلال هذه الفرصة لبيان بعض قضايا الإسلام ومسائله بنحو النثر أو الشعر.

ـ التعزية من التقاليد التي ورثناها عن الأئمة والتي علمونا من خلالها حفظ الإسلام والإعراب عن السخط تجاه الظلم والظلمة في أي زمان أو مكان كانوا.

ـ قد يؤذي الإنسان نفسه في مراسم تعزية الإمام الحسين، ولا يصدق عليه قاعدة (لا ضرر ولاضرار في الإسلام) فان القاعدة تفقد معناها في هذه الموارد، فإذا آذيت نفسي بسبب تذكر مصيبة الزهراء (سلام الله عليها) أو الإمام الحسين لا يكون الإيذاء مخالفاً للشرع، فان حبّ الحسين يجنُّ الإنسان وينسيه نفسه.

ـ علينا الاهتمام بالتعزية لكن علينا في الوقت ذاته أن ننتبه إلى ما نقوله في هذه المراسم وأن نقرأ مستويات المخاطبين وبخاصة الشباب، وعلى الفصحاء والعلماء والمفكرين وأصحاب القلم والمتنوّرين من الجامعة والحوزة أن يبيّنوا دروس حادثة كربلاء لكي يطلَّع الناس على عظمة الحادث وبطلها الذي لا نظير له.

ـ الدرس الآخر لحادث كربلاء هو رعاية أبي عبدالله (عليه السلام) بنحو عملي لحقوق البشر والحيوانات، فعندما وصل منزل (ذي حسم) أمر بالسماح لجنود العدو في شرب الماء كما أمر بإرواء خيولهم وبنحو تدريجي لكي لا تتألم، ويا ترى في أي بقعة من العالم نجد من ينظر إلى عدوه بهذا النحو؟

ـ إنّ الحبّ الحسيني شيء معنوي يغمر قلب المؤمن ويشدّه، ويضخّ فيه الحياة والعاطفة النبيلة. أمّا أن أجلس وأمارس عملي فحسب، ولا أشارك الناس في شعائر الحبّ والعزاء والبكاء، على اعتقاد أنّ من يمارس عملاً ثقافياً خير ممّا يقوم به عوام الناس، ولا أساهم معهم في تعظيم شعائر الله التي هي من تقوى القلوب، ولم أشاركهم في الجبهة، ولا شغل لي في مسائل النهضة والثورة والحرية، ولم أصنع شيئاً سوى الانتظار حتّى بلغت الثورة مداها وانتصرت، ومن ثم أزاحم الناس على المقدّمة، والجلوس على مائدتها... فهذا شيء ليس بحسن. نعم لا مانع من الجلوس على المائدة الحسينية، وتذوق طعامها، ولكن دون إظهار التذمّر والنقد الذي لا طائل منه.

ـ مواجهة الإرهاب والإرهابيين هي إحدى الدروس المهمة لواقعة عاشوراء ، وأول وأرفع درس لهذه الواقعة هو كون الإسلام مخالفاَ للإرهاب، ونحن جميعاَ موظّفون لإبلاغ هذا الخطاب إلى العالم.

ـ على جميع المبلّغين من الخطباء والرواديد والصحفيين وأصحاب الهيئات الحسينية أن يدافعوا عن غربة الإسلام ومظلوميته الحاصلة من جراء الأعمال القبيحة لهؤلاء الأشخاص ، وأن يبلّغوا العالم أول درس لواقعة كربلاء ، وهو ان الإسلام دين الرفاه والسهولة والمنطق ويخالف الإرهاب.

ـ وفي قسم آخر من خطابه أوصى سماحته المبلغين لأن يروّجوا لهدف الإمام الحسين في نهضته، و هو الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، باعتباره فلسفة هذه النهضة ، وهذا لا يعني أن الإمام أراد إجبار الناس على العمل بالمعروف والانتهاء عن المنكر ، فلم يكن مراده الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بنحو مقطعي ومؤقت بل كان هدفه الأساسي هو إيجاد ثقافة المعروف علمياً وعملياً في المجتمع ، أي سعى لأن يعدَّ مجتمعاَ يقوم بالمعروف تلقائياً ويعرف القيم الإسلامية الأساسيّة للمعروف ويعرف كذلك المنكر والسلوكيات المضادة للقيم وينتهي عنها. ولأجل سيادة هذه الثقافة وجد الإمام الحسين التضحية بالنفس والأولاد والأصحاب طريقاً لذلك.

ـ ثم أضاف: ينبغي حفظ التعزية التقليدية التي تتكوّن من خطبة وردّة ولطمية، وهي تعدُّ من الاستراتيجيات الإسلامية ، ويعود أصلها إلى براءة المسلمين من الظلم وعدم مساومتهم للظالم.

ـ أضاف تلميذ الإمام البارز : تعزية الإمام الحسين (عليه السلام) تعني عدم احترام الظالم والتبرّي منه ومقاطعته، وهو ما فعله الإمام (سلام الله عليه) مع الظالمين في زمانه، نهضتنا حسينية، وهي تعني البراءة من الظلم والظالمين الذين يستخفّون بالناس والبراءة من النفاق ومن مئات المعاصي الأخرى، ولا فرق بين الظلمة أينما كانوا.

استفتاءات حول مآتم الأئمة الأطهار (عليهم السلام)

(س 1) هل صحيح ان ذرية النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لا يدخلون النار كما يقوله البعض أو لا ؟

ج ـ غير صحيح، وما جاء في الروايات منحصر بأبناء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ممن ولدتهم الزهراء (عليها السلام) أي الحسنين وزينب وأم كلثوم. وقد قال الإمام الرضا (عليه السلام) لأخيه زيد: «.. فأما ان يكون موسى بن جعفر (عليهما السلام) يطيع الله ويصوم نهاره ويقوم ليله وتعصيه أنت ثم تجيئان يوم القيامة سواء ؟!» ثم قال له في قصة ابن نوح: «... لقد كان ابنه ولكن لما عصى الله عز وجل نفاه عن أبيه، كذا من كان منّا لم يطع الله عز وجل نفاه فليس منا..».

(س 2) هل ان مقام الأنبياء ارفع من مقام الأئمة؟

ج ـ مقام الأئمة (عليهم السلام) ومنزلتهم في حدّ نفسه أرفع من مقام الأنبياء.

(س 3) أ ـ هل ان علم الأئمة بعالم الغيب والحوادث المستقبلية محدود أم مطلق؟
ب ـ ما هو مصدر علم الأئمة بزمان شهادتهم ومكانها؟

ج ـ أ و ب ـ علم الأئمة (عليهم السلام) بالغيب مقيد باذن الله تعالى ومشيئته ورضاه، وكانوا (عليهم السلام) مطَّلعين بخصوصيات شهادتهم بإذنه تعالى.

(س 4) ـ ما هو الفارق بين الله تعالى وأهل البيت، وهل صحيح ما قيل من (ان الله خالق وأهل البيت مخلوقون ولا فرق بينهما غير ذلك)؟

ج ـ ان جميع الموجودات مخلوقة لله تعالى وجميع البشر عبيده، ولا فرق في هذا بين أهل البيت (عليهم السلام) والآخرين عدا ان لكل شخص درجة من العبودية والطاعة وأهل البيت (عليهم السلام) في أعلى درجات العبودية لله، وقد جعلهم الله واسطة فيضه إلى الموجودات جميعاً.

(س 5) أ ـ هل تشمل رواية «ما منّا إلا مقتول أو مسموم» (الشهادة) جميع الأئمة الأطهار أو بعضهم؟
ب ـ هل ان النبي مات مسموماً؟
ج ـ هل مآل أمر إمام العصر (عليه السلام) هو القتل بالسيف أو بالسم ؟

ج ـ الرواية مطلقة وتشمل جميع الأئمة (عليهم السلام) وقد فسّر المرحوم المجلسي كلمة «ما منّا» بالأئمة المعصومين (عليهم السلام) وإن دلَّت بعض الروايات على ان سبب رحيل النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) كان السمّ أيضاً. وكيفية استشهاد الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه) مجهولة، وما هو موجود في الروايات فقط هو ان الذي يصلي عليه ويدفنه هو الإمام الحسين (عليه السلام).
(س 6) قيل: ان البعض في صدر الإسلام قد وصل إلى درجة العصمة الصغرى، فهل هذا القول صحيح ؟ وهل ان أنصار الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه) أيضاً ممّن وصلوا إلى هذا المقام وان الملائكة تصدّهم عن ارتكاب المعاصي؟

ج ـ من الممكن ان يصل الإنسان إلى درجة يندر منه جداً ارتكاب المعاصي لكن مقام العصمة مختص بالأنبياء والزهراء والأئمة (عليهم السلام).
(س 7) هل يترتب ثواب على التصفيق في مواليد الأئمة الأطهار (عليهم السلام) كما يترتب على اللطم في مجالس شهاداتهم؟

ج ـ كما يوجب الاشتراك في مآتم أهل البيت (عليهم السلام) الأجر والثواب كذلك الفرح في أفراح أهل البيت (عليهم السلام) موجب للأجر والثواب أيضاً.
(س 8) من أهدى ثواب أعماله لروح أحد الأئمة فهل يبقى له بعض الثواب أو لا ؟

ج ـ يصل الثواب للإمام وله أيضاً بل ما يصله أكثر، وللتفصيل راجع كتاب «ذكرى الشيعة» للشهيد رحمة الله عليه، الطبعة القديمة الصفحة 73.
(س 9) هل يكون عاصياً من دخل حرم احد الأئمة بدون اذن الدخول؟
ج ـ الدخول إلى حرم الإمام بدون اذن الدخول جائز لكن من فعل ذلك يكون ترك بعض آداب الزيارة.

(س 10) إني أعارض أيّ نوع من أنواع إقامة العزاء للإمام الحسين (عليه السلام) واعتقد ان من اللازم بدلاً من ذلك تعلّم القيم التي استشهد من أجلها والسير على خطاه في الحياة، فهل هذا ظلم للإمام الحسين (عليه السلام) ؟

ج ـ لاشك في ان إقامة عزاء الإمام الحسين (عليه السلام) إنما هو لأجل تعلم قيمه (عليه السلام) والسير على طريقه ولا شك ان جميع من يقيم له العزاء إنما ينشد هذا الهدف. الامتناع من إقامة العزاء الحسيني ظلم للنفس وتقصير وجهل بهذا الإمام العظيم وترك لحق الوفاء له.

(س 11) تعارف لدى بعض المؤمنين بعد إقامة الصلاة ان يسلموا ويزوروا الإمام الحسين (عليه السلام) ثم الإمام الرضا (عليه السلام) ثم الإمام المهدي (أرواحنا فداه)، فهل ورد في هذه الكيفية دليل خاص وهل هي راجحة أو لا ؟

ج ـ لا مانع منها برجاء الثواب.

(س 12) أيّهما أكثر فضيلة في ليالي ذكرى مواليد الأئمة (عليهم السلام) أو شهادتهم هل الانشغال بمطالعة الكتب في سيرتهم وفضائلهم أم المشاركة في المجالس المنعقدة في ذلك والمحافظة على الشعائر الدينية؟

ج ـ الأفضل هو حضور مجالس الأئمة الأطهار (عليهم السلام) بالنحو الذي تزيد فيه عظمة الشعائر الإسلامية.

(س 13) هل تجوز مطالبة القائمين بمجالس عزاء أهل البيت (عليهم السلام) ومآتمهم بأجر مقابل ذكر المصيبة أو المدائح ؟ وهل يتعلق الخمس بهذا الدخل؟ وما حكم أخذ الأجرة مقابل تعليم فنون الإنشاد أو النعي؟ وهل تعتبر الأجور المهداة للمنشد بشرط المطالبة من العوائد المشمولة بالخمس؟

ج ـ الأموال المذكورة في السؤال حلال، لأنها أجور على المستحبات لا الواجبات وهي من العوائد التي يثبت فيها الخمس.
(س 14) أرجو توضيح أسباب نهضة الإمام الحسين وعدم لجوئه للصلح، بشكل موجز.

ج ـ ان نهضة الإمام الحسين (عليه السلام) حسب ما يستفاد من كلماته (عليه السلام) كانت لطلب الإصلاح في امة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وهداية الناس وإرشادهم حيث يقول: « انّي لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا مفسداً ولا ظالماً، وإنما خرجت لطلب الإصلاح في امة جدي» وأيضاً فقد أنقذ الحسين (عليه السلام) بشهادته الناس من الجهل والضلال والضياع كما جاء في زيارة الأربعين: «وبذل مهجته فيك ليستنقذ عبادك من الجهالة وحيرة الضلالة».

(س 15) لماذا يطلق على الإمام الحسين (عليه السلام) لقب (ثار الله)؟

ج ـ ان معنى «الثار» القصاص واستيفاء العوض عن دم المقتول كما يشهد به هذا المقطع من زيارة عاشوراء: «وان يرزقني طلب ثاركم مع إمام منصور» والمراد من (ثار الله) ان صاحب هذا الحق هو الله تعالى وهو تعالى، من يطلب هذا الحق، ومعنى ذلك ان سيد الشهداء قتيل لا يستطيع أن ينتقم لدمه سوى الله تعالى.

(س 16) ما هي فلسفة البكاء والعزاء والصراخ في مآتم الأئمة (عليهم السلام)؟

ج ـ ان ذلك احياء لأمرهم وتذكير بمظلوميتهم في مقابل طاغوت الزمان، لذا فان البكاء والعزاء في مصائبهم ما هو إلاّ احياء لأمرهم ووفاء متواضع مقابل التضحية الكبرى التي كانت منهم للإسلام.
(س 17) يقال ان من دمعت عيناه دون ان يتجاوز الدمع جفنه يخاطبه الله تعالى: يا عبدي قد غفرت ذنوبك. وان وصل الدمع إلى أهدابه خوطب: لقد قضيت جميع حاجاتك. وان تعدى الدمع أهدابه قيل له: يا عبدي لقد غفرت ذنوبك وقضيت حوائجك وفوضت أمر بعض المذنبين لك في يوم القيامة. فان كان الواقع كما في هذه المقولة وان الله يغفر الذنوب لمجرد ان تدمع العين فلماذا يتجشم الناس عناء الطاعات من الصلاة والصيام؟

ج ـ ان الروايات الواردة في إقامة العزاء والبكاء على الحسين (عليه السلام) وثواب ذلك كثيرة جداً لكن ليس المراد بالبكاء البكاء لمجرد التأثر العاطفي وإنما المراد البكاء بصفته نوعاً من التصدي والحرب لأعداء خط الحسين (عليه السلام) ونوعاً من التبليغ والترويج لمدرسة ورسالة الحسين (عليه السلام) في بناء الإنسان، وأرى ان البكاء المستبع للثواب هو البكاء لمظلومية الحسين (عليه السلام) والتأثر لعدم أدراك الناس له ويجب ان يكون البكاء لأحياء أهداف الحسين (عليه السلام).
(س 18) ما هو المبرر لمسألة اللطم في مآتم الأئمة (عليهم السلام) ؟

ج ـ المبرر هو صدق بعض العناوين المستحبة في مورد السؤال من جملتها الأمر بالبكاء والإبكاء وإقامة العزاء الحسيني وإظهار الجزع والمحبة والاحترام للحسين (عليه السلام) اذن اللطم في مآتم الأئمة المعصومين (عليهم السلام) ليس جائزاً فقط بل هو مستحب أيضاً وتصدق عليه العناوين المشار إليها.
(س 19) ما حكم اللطم بالموسى أو السلاسل أو السلاسل ذات الشفرات المؤدية إلى جرح البدن وجريان الدم؟

ج ـ ان إقامة العزاء على خامس أهل الكساء ـ بقراءة التعزية المعهودة والموعظة واللطم التقليدي ـ لهو من أفضل الأعمال وموجب للأجر والثواب في الآخرة. لكن يجب الالتفات إلى ان العدو يتربّص بنا دائماً ويترصد أعمالنا وينتهز أي فرصة للتشنيع علينا بهدف الإساءة للمذهب أو الإسلام والى ان العدو لا يتركنا حتى لو تخلينا عن بعض مواقفنا العملية الإسلامية بل سيكثف من هجماته أكثر من ذي قبل ليدفعنا إلى التخلّي عن جميع أعمالنا وفرائضنا وتبليغنا الإسلامي. ولا شك ان مآل العدو ومنقلبه هو المزيد من الهزائم بفضل الله تعالى وقوته ونتيجة لصحوه أمثالكم من المسلمين الغيارى الذين فوتوا الفرصة على العدو وحافظوا على عزة الإسلام وعظمته فان «الإسلام يعلو ولا يعلى عليه».
(س 20) ما هو مقدار اللطم الجائز في مآتم سيد الشهداء (عليه السلام) ؟

ج ـ إلى حدّ لا ينسى أو يغفل معه أصل هدف العزاء وهو حفظ الإسلام ومجاهدة حكومة الجور وشهادة الحسين (عليه السلام) وأسر أهل بيته، ويجب دائماً المحافظة على القضايا السياسية والثورية لنهضة كربلاء.

(س 21) ما حكم اللطم على الوجوه أو الصدور في مآتم أهل البيت (عليهم السلام)؟

ج ـ فيما يرتبط بعزاء سيد الشهداء الحسين (عليه السلام) يجوز كل نوع من العزاء ليس فيه افراط وهتك لمقام الشهادة والإمامة ممَّا يصب في طريق التمهيد لمتابعة ذلك الشهيد العظيم والتأسي بوجوده المقدس، وكما قال الإمام الراحل (قدس سره): لا مانع من العزاء التقليدي ولا ينبغي استحداث ألوان جديدة تكون مدعاة للجدل والفتنة، كما لا مانع قطعاً من الأعمال المذكورة في السؤال لو كانت بسبب التأثُّر بالموعظة أو المصيبة لا ما يفعل منها ابتداءً.
(س 22) هل يجوز الضرب بالسلاسل على الظهور أو لطم الوجوه أو اللطم المؤدي إلى الجرح والخمش ونحوهما في عزاء الإمام الحسين (عليه السلام) ؟

ج ـ ذلك جائز ومشمول باطلاقات وعمومات الإبكاء والبكاء وتعظيم الشعائر ومقتضى العزاء . وغير ذلك حرام وجناية على البدن ان لم يكن من أمثال ما لا يعلم إضراره بل لا يعده أهل الخبرة ضرراً فضلاً عن ان يكون جناية على النفس، مضافاً إلى ما يظهر من ان الحب والعشق للحسين (عليه السلام) قد يفقد اختيار بعض المعزين وهو مأجور.

(س 23) هل يجوز اللطم والضرب بالسلاسل رياءً؟

ج ـ ان لم يشتمل على أي قصد الهي حتى بنحو الجمع بين الله والغير بل كان للمراءاة محضاً وجلب نظر الغير وتحصيل السمعة والوجاهة بين الناس لينتفع بها في المعاملات والقضايا الاجتماعية فيحرم في هذه الصورة بالخصوص لأنه تدليس وحيلة وخديعة ولا يحرم ماعدا هذه من الصور بأي نيّة كانت غاية الأمر بعضها مستحب و بعضها جائز، وعلى كل حال فأن باب الحسين (عليه السلام) وهو من أبواب الجنة باب كبير وواسع ولا حاجب عليه ولا مانع عن دخوله، وعلينا أيضاً ان نسهم في توسعته بمزيد من المعرفة.

(س 24) هل يوجد اشكال في لطم الرجال صدورهم بعد خلع الثياب دون حضور النساء في المجلس؟

ج ـ جائز ولا وجه في عدم الجواز للفرض المذكور.

(س 25) هل يجوز اللطم والضرب بالسلاسل في المواكب التي تقام في الأماكن والمعابر العامة في أمريكا أيام عزاء سيد الشهداء الحسين (عليه السلام) والتي يشارك فيها أحياناً شباب من دون قمصان ؟

ج ـ لا يجب على الرجال سوى ستر العورتين، وكشف ماعداهما في نفسه جائز. لكن يلزم ستر البدن حفظاً للحياء العام وعفة المجتمع بل هو واجب.
وعليه لا مانع من كشف بعض البدن في مراسم اللطم والعزاء ان لم يؤد إلى الإخلال بالعفة العامة. نعم ذهب بعض الفقهاء إلى حرمة كشف الصدر على اللاطم ان اطمئن بأنه بمنظر من بعض النساء الأجنبيات من باب الإعانة على الاثم، لكن رأيي هو عدم صدق الإعانة على الإثم، لان الغرض من اللطم هو إظهار المصيبة والحب لأبي عبدالله (عليه السلام) لا إعانة العصاة على المعصية، فان أنفس المعزّين منزهة عن مثل هذه القبائح. جعلنا الله من محبّي أبي عبدالله الحسين (عليهم السلام) والمعزّين في مصيبته.

(س 26) 1 ـ هل هناك اشكال شرعاً في القفز من الأسفل إلى الأعلى مصحوباً بذكر المعصومين في مراسيم العزاء أو لا ؟
2 ـ هل فيما يقوله بعض الراثين من قبيل (أنا كلب الحسين، أنا مجنون الحسين) اشكال شرعاً؟

ج 1 و 2 ـ يجب اجتناب الأعمال والأقوال الموهنة للعزاء ولأصحاب العزاء ومقام الأئمة (عليهم السلام) والأفضل إقامة العزاء والتعزية بالنحو التقليدي المتعارف.

(س 27) كما تعلمون توجد نظريتان حول زيارة عاشوراء: فالبعض يراها معتبرة بل يذهب بعضهم إلى انها حديث قدسي، والبعض يرى اشكالاً في سندها. ونظراً إلى مضامينها وما تشتمل عليه من اللعن يراها بلا سند وغير معتبرة. فما هو رأيكم الشريف في هذا الصدد؟

ج ـ قيام السيرة بين أبناء الشيعة ـ وخصوصاً كبارهم في الفقه والتقوى أمثال الإمام الراحل (قدس سره) وآية الله العظمى الحاج حسين القمي والآلاف من العظماء الآخرين ـ على المواظبة على قراءة تلك الزيارة مضافاً إلى ارتكازها في اذهان الشيعة وعشرات الأدلة الأخرى لهي حجة دامغة ودليل قوي غير قابل للمناقشة على تمامية زيارة عاشوراء. والاطمئنان الحاصل منها أكبر بكثير من الحاصل من أي خبر وحديث صحيح آخر بل من مجموعة أحاديث صحيحة. وعلينا جميعاً احياء حادثة عاشوراء بلعن الظالمين والسلام على المظلومين وبالطرق الأخرى. والبحث الروائي و السندي للزيارة مفصّل في محله.
(س 28) هل يكره ارتداء القميص الأسود في أيام عزاء أبي عبدالله الحسين (عليه السلام) ؟ وعلى فرض عدم الكراهة هل يستحب أيضاً؟

ج ـ غير مكروه وذلك لارتفاع كراهة اللباس الأسود بمصلحة أكبر، وهي عزاء سيد الشهداء وبعزائه (عليه السلام) حفظ الإسلام.

(س 29) ما هو رأيكم في استعمال الطبول والصنوج في مواكب العزاء ومراسيم (التشابيه)؟

ج ـ لا ينبغي منع أمثال هذه التقاليد ولا يمكن تحريم أعمال تستخدم في المآتم كوسيلة للإبكاء والبكاء وإضفاء المزيد من الوجد والحماسة فيها.
(س 30) هل يجوز استعمال الرايات والتلويح بها مصحوباً بالتطبيل والضرب بالصنج في مراسيم العزاء؟

ج ـ لا مانع من مراسيم العزاء التقليدية.

(س 31) هل يعدّ من مراسيم العزاء التقليدية والجائزة شرعاً القيام بمراسيم (التشابيه) حيث يتقمَّص البعض شخصيات الإمام الحسين (عليه السلام) وأنصاره ويتقمَّص الآخرون شخصيات عمر بن سعد وأصحابه بعد ارتدائهم الثياب الخاصة واستعمال الخيول والطبول الكبيرة والصغيرة وصفارات النفير ومكبّرات الصوت التي تصك الإسماع وتلاوة الوقائع أحياناً من خلال الورق مع اشتراك النساء والرجال فيها بلا حائل وحجاب بينهم؟

ج ـ التشابيه في نفسها ليست حراماً لكن يحرم النسب الكاذبة واختلاط الرجال بالنساء وإيذاء الآخرين في كل مقام كان، ويجب الاجتناب عن كل ذلك.
(س 32) تقام مراسيم التشابيه) في قريتنا يوم عاشوراء من كل عام منذ سنوات طويلة حيث يقوم البعض بأدوار شباب بني هاشم (عليهم السلام) ويمثّل طفل ذو تسع أو عشر سنوات دور سكينة (عليها السلام) وآخر يمثل دور الإمام الحسين (عليه السلام) وآخر دور أبي الفضل العباس (عليه السلام)، فهل هذه المراسيم جائزة أولا؟

ج ـ ان لم يصاحب هذه المراسيم أيٌّ من المحرمات فهي جائزة ولا مانع منها لكن ينبغي على الجميع الاهتمام بإقامة مجالس المنبر والمواعظ وقراءة التعزية.
(س 33) هل يجوز القيام بالتشييع الرمزي وحمل نعش رمزي للإمام الحسين (عليه السلام) أو علي الأصغر (عليه السلام) في مجاميع العزاء أولا ؟

ج ـ يجوز أي نحو من مراسيم العزاء الحسيني الذي يزيد من عظمة الشعائر الإسلامية شريطة أن لا يعدّ عرفاً إساءة وإهانة للإمام، ولا يمكن ادّعاء حرمته حينئذٍ.
(س 34) هل تجوز مراسيم التشابيه نظراً إلى لبس الرجل ثياب المرأة فيها؟

ج ـ ان إقامة عزاء أبي عبدالله الحسين (عليه السلام) من الأمور الممدوحة شرعاً.
(س 35) ما حكم الإفراط في عزاء الأئمة (عليهم السلام) ومزاحمة الناس بإقامة العزاء في الطرقات ؟ وهل تجوز المشاركة في مثل هذه المجالس ؟

ج ـ وان كان مزاحمة الآخرين أمر غير صحيح لكن في نفس الوقت لا يصح التذرّع بأي من الأسباب للتقليل من مراسيم عزاء خامس أهل الكساء (عليهم السلام) بل يجب العمل على إقامتها بأحسن وجه، فإنها من شعائر الإسلام ويترتب عليها الثواب الجزيل وتعظيم الشعائر من الواجبات. مضافا إلى ان إقامة المراسيم الدينية وحتى الوطنية في كل إنحاء العالم تستلزم التجمع والسير في الطرقات العامة وغلق المعابر أحياناً، ومن المعلوم ان العقلاء لا يقبّحون هذه المزاحمات مع وجود المصلحة العامة الأقوى.
(س 36) ان كانت رسالة عاشوراء هي مقاومة الجور بجميع إشكالها وان كانت ببذل المهج فلماذا لم ينهض سائر أئمتنا (عليهم السلام) بأي ثورة في وجه حكام الجور؟

ج ـ لم تكن رسالة عاشوراء هي تقديم الدماء هدراً والقتل بدون هدف بل كانت للدفاع عن الإسلام وحفظ الدين مقابل الأعداء وإحياء الأحكام الإلهية، وقد نهض الأئمة (عليهم السلام) بهذه المسؤولية بأحسن وجه في كل العصور حسب الظروف الخاصة بكل أمام. ولذا نرى ان جميع الأئمة قد قتلوا إما بالسيف أو السم، ولم يكن موت أي واحد منهم طبيعياً، وكانوا على الأغلب أما في السجون أو تحت الإقامة الجبرية.
التاريخ : 2008/12/29
تصفّح: 13102





جميع الحقوق محفوظة لموقع آية الله العظمى الشيخ الصانعي .
المصدر: http://saanei.org