Loading...
error_text
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: انعكاسات
حجم الحرف
۱  ۲  ۳ 
التحميل المجدد   
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: المرجعية بمثابة المؤسسة (1)
صحيفة (شهروند امروز) العدد 24 التاريخ 20 آبان 1386 المرجعية بمثابة المؤسسة (1)
صحيفة (شهروند امروز) العدد 24 التاريخ 20 آبان 1386

ابن الأستاذ

تاريخ وحياة آية الله العظمى يوسف الصانعي

(فريد مدرسي)

سمعنا مؤخراً بالتشكيك بالشأن العلمي لسماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي والتقليل من شأن دفاعه عن أفكار قائد الثورة الإمام الخميني. هذا مع أنّا لا نجد في رسائل الإمام وكلماته ما يسيء إلى الشيخ بل الإمام كان قد دعاه بالابن وقال فيه: (( ربيت السيد الصانعي كأحد أبنائي، فقد كان يحضر بحوثي سنوات طوال وكان يأتيني ويتكلم معي، وكنت التذُّ بمعلوماته، وهو رجل بارز وعالم من رجال الدين))(1).



تلك العلاقة كانت حاصلة بين الأستاذ وتلميذه قبل انتصار الثورة، ولم يكن للأستاذ من حواش آنذاك إلاَّ القليل، بل كان هو وتلامذته فحسب، لكن الجدد ينظرون إلى هذا التلميذ المحبوب نظرة غضب ويتهمونه بتحريف كلمات أستاذه. هذا مع أن حرمة مؤسسة المرجعية مأخوذة بعين الاعتبار حتى قبل تأسيس الحكومة الإسلامية، وقد يكون ذلك بسبب الخوف من الرأي العام. هذا من قبيل المرحوم (محمد مصدق)، الذي كان يشكل عليه البعض بسبب تشريعاته، فقد سنَّ قانون وقف إصدار الصحيفة التي تتعرض وتسيء إلى المراجع عهد آية الله العظمى السيد محمد حسين البروجردي، فقد كان يرى المرجعية مسند شرعية حكومته، وهذا القانون الذي سنَّه كان سبباً لمنع النظام البهلوي من التعرُّض إلى آية الله الخميني. وهذه الحرمة التاريخية للمرجعية تدفعنا للتذكير بموقع هذه المؤسسة المستقلة وموقع آية الله العظمى الصانعي.
ولد يوسف الصانعي عام 1937 م في قرية ينك آباد أو نيك آباد في منطقة جرقوية من محافظة أصفهان، كان والده (محمد علي الصانعي) رجل دين تلك القرية، وكان الملى يوسف جده. درس الملى يوسف الفلسفة لدى (جهانكيرخان قشقاني) والأخير من أساتذة المرجع السيد أبو الحسن الأصفهاني، الذي يقول فيه الأستاذ جلال الدين همائي: (( أنقذ المرحوم القشقاني الفلسفة من تهمة المخالفة للشرع والكفر والإلحاد، وقد روّج لهذا العلم بدرجة أن جعل الفقهاء والمتشرعين يتوجهون إلى دراسته علناً وبرغبة، وكانوا يعدونه فضلاً ويتفاخرون به))(2). درس جد (يوسف) الفقه عند الميرزا حبيب الله الرشتي، تلميذ صاحب (الجواهر) وعند الشيخ مرتضى الأنصاري كذلك، وكان من مريدي الميرزا الرشتي وكان معه من المروجين والمدافعين عن الآراء السياسية والدينية للميرزا الشيرازي، ومع أن الملى يوسف كان يخطى بمواصفات المرجعية إلاَّ أنَّه امتنع عن تقلُّدها وأصبح يروّج لأحد تلاميذ الشيخ مرتضى الأنصاري، أي الميرزا الشيرازي))(3).
ترعرع يوسف الصانعي في أحضان هذه العائلة، وعلى عتبة بلوغه التاسعة من عمره غادر بصحبة أبيه وأخيه (الشيخ حسن) باتجاه أصفهان لكي يشتغل الأخوان بدراسة العلوم القديمة في الحوزة العلمية. كان السيد أبو الحسن الأصفهاني هو المرجع العام آنذاك، وكانت همسات مرجعية آية الله البروجردي تسمع آنذاك.
بعد دراسته (صرف مير) و(الأمثلة) درس (الصمدية) عند المعلم حبيب آبادي في مدرسة (كأسه كران ) في حوالي المسجد الجامع لأصفهان.
حبيب آبادي هو صاحب كتاب (مكارم الآثار في أحوال رجال عهد القاجارية) وزميل بحث للأستاذ جلال الدين همائي، وقد قال فيه الأخير: في العطلة الصيفية كنا نتباحث يومياً نصف ساعة قبل الظهر، وكنا نتطارح بحوثاً أدبية وتاريخية، كما كنا نتبادل الملاحظات العلمية ويفيد بعضنا الآخر....
كان حبيب الله يحب المطالعة كثيراً بدرجة أن قبل العمل في مكتبة بلدية أصفهان لكي تتوفر له فرصة المطالعة، ما جعل مدير عام دائرة المطبوعات في إيران أن يعلن عن أسفه آنذاك وقال: (أي شيء يدفعنا للأسف أكبر من أن يوظف رجل عالم في مكتبة البلدية في أصفهان، ولا يتقاضي راتباً أكثر من 10 تومان شهرياً)(4).
بعد تلمُّذ يوسف الصانعي لدى هذا الأستاذ ودراسته (المغني) عند يد الله بورهادي(5). غادر بصحبة أخيه إلى قم وبدأ دراسته هناك في مدرسة (آقا سيد صادق) وكان يسكن آنذاك في غرفة يسكنها سبعة أشخاص، حيث كان الطلبة من قبيل يوسف الصانعي يعيشون حالة الفقر، بحيث ورد عنه القول: (برغم أنا كنا نحضر 13 جلسة من الدروس والبحوث إلاَّ أني لم أتمكن من تناول وجبة تشبعني مدة ثلاثة أشهر).
يحكي غلا محسين ديناني، من طلاب الحوزة آنذاك: (كنا جميعاً نعاني من مشكلة الفقر، لكن الأخوين الصانعي كانا يعانيان من مشكلة المسكنة كذلك) بمعنى أن عائلتهما كانت عاجزة عن مساعدتهما.
إلاَّ أن الصانعي استمرَّ في طريقة، واستفاد في دورة السطوح من عدة أساتذة، من قبيل عبد الجواد جبل عاملي (في درس الكفاية والمكاسب قسم البيع والخيارات)، وموسى الصدر (في درس القوانين) والطباطبائي السلطاني (في بعض أقسام الكفاية)، وفكور (في درس الرسائل)، وستوده (في درس معالم الأصول وبعض اللمعة)، والمنتظري (في المنظومة وبعض المكاسب(6).
واستطاع اجتياز مرحلة السطوح خلال أربع سنوات، وحاز على الرتبة الأولى في امتحان التخرج من رتبة السطوح عام 1334، فاستحسن السيد آية الله البروجردي هذه الهمة فيه.
ثم بدأ دراسة خارج الفقه والأصول، فدرس خارج الفقه لدى السيد البروجردي مدة عام، وقد وصف درس أستاذه بالنحو الآتي: ((كان للسيد البروجردي إلمام كبير بالفقه، وكان يتناول البحوث من جذورها.. فيتناول تاريخها ويعتمد أساساً على أقوال الفقهاء، ويشير إلى فتاوى أهل السنة، ويبحث المسائل بنحو مقارن، ثم يخرج بالنتائج)).
وبعد فترة تعرَّف على أستاذ جعل درسه مأوى دراسته، إنه يروي قصة حضوره درس آية الخميني بالنحو التالي: ((استخرت عند آية الله فكور لحضور درس السيد الخميني برغم أن الشيخ إسماعيل إبراهيم نجاد كان قد مجَّد هذا الدرس لدي، كما أن السيد فكور قال لي: إذا كان هدفك الدراسة لدى السيد الخميني فإنك ستتعرّف على زملاء في البحث يختلفون معك في المزاج كثيراً، لكن الدرس روضة من الجنان. وكان كلامه صحيحاً، فقد تعرفت على سبعة أو ثمانية مثل الزرندي وذو الفقاري كانت أصواتنا تعلو في المباحثات كثيراً بسبب اختلافاتنا الطبيعية في قضايا الدروس، ولأجل ذلك كان يقال لنا: إن أصواتكم ما تسمح للشيخ الأراكي أن يلقي درسه في المدرس المقابل لكم.
وعلى آية حال، فاني قد تلقيت معلوماتي جميعا من درس الإمام الخميني، وينبغي القول بأنه لم يأت فقيه مثله بعد رحيل السيد البروجردي.. فقد كان ملمّاً بالفقه كما أنه كان يطرح درسه مع تحقيق، وبعد الدرس كان يطرح قواعد وضوابط وإرشادات)).
بعد النهل من درس الإمام مدة سبع أو ثمان سنوات نفي الإمام، ما جعل الصانعي يلجأ إلى دروس السيد داماد والاراكي والشاهرودي، لكنه لم ينل منهم مثل ما نال من أستاذيه السابقين. يقول الشيخ: (( كان السيد داماد ذا علم لكنه لم يطرح في نهاية درسه قواعد وضوابط، والشيخ الاراكي كان ملماً بفتاوى الفقهاء، وكان كالسيد البروجردي في الرواية لكنه ما كان يبحث في جذور المسألة، أما السيد الشاهرودي فكان ينقل فقط)).
وكان الصانعي يحضر بشكل متوالي في درس أستاذه منذ عام 1955 وحتى عام 1963 حيث نفي من إيران، وكان مشغوفاً بأسلوبه ومنهج تدرسيه، ويقول في هذا المجال: ((خلال سبع أو ثمان سنوات كنت أحضر دروس الإمام صباحاً ومساءً، حيث كان يلقيها في مسجد سلما سي ثم مسجد أعظم، ولم اضطجر من درسه يوماً ؛ لأنَّه كان يعتمد منهج إعداد الطلاب وتربيتهم، ولم تتغير مبادؤه خلال هذه الفترة، لكنه كان يؤكد دائماً على عنصري الزمان والمكان)).
بعد نفي الإمام تقلد تدريجياً موقع مدرس دروس الحوزة، فكان يمارس وظيفته في مدرسة حقاني، وهي مدرسة منتظمة أسست بناءً على اقتراح الشهيد محمد الحسيني البهشتي) ثم تولَّى إدارتها الشهيد (علي قدوسي) وكان مدرسو هذه المدرسة من أنصار آية الله الخميني، من قبيل: آذري قمي، واحمدي ميانجي، والأنصاري الشيرازي، وأميني، ونجف آبادي، وجنتي وجوادي آملي، وحرم بناهي، وخزعلي، وشبيري زنجاني، وطاهري خرم آبادي، وقدوسي، وكرامي، ومحقق داماد، ومحمدي كيلاني، والمشكيني، ومصباح يزدي، ومظاهري، ومقتدائي، والمؤمن، ونوري الهمداني، واليزدي(7). وكان الصانعي يلقي دروس بحث خارج الفقه (بحث الزكاة ) وكذلك (كفاية الأصول) و(الرسائل الجديدة) (8).وبعد الثورة تولى الصانعي مع المشكيني والجنتي ومحمدي العراقي هيئة أمناء المدرسة، حيث تغيَّر مكان المدرسة وإدارتها(9).
إلى جنب تدريسه في مدرسة حقاني كان يدرّس المكاسب في مسجد أعظم. وبدأ تدريس خارج الفقه عام 1975 وفقاً لمنهج (تحرير الوسيلة) ولا زال مستمراً في التدريس، كما بدأ بحث خارج أصول الفقه عام 1973 حتى عام 1994. ورغم أنّ الشؤون السياسية من ضمن اهتماماته إلاَّ أنَّه تفرّغ منذ التسعينات إلى دروس بحث الخارج وللإجابة على أسئلة المتشرعين ليكون في موقع المرجعية.
برغم تأكيد آية الله الصانعي على الجانب العلمي والفقهي للإمام لكن ما كان بامكانه سلوك سبيل اللامبالاة تجاه مخاوف أستاذه السياسية، حيث يقول: ((كنا بخدمة الإمام منذ أن بدأ نضاله، لكن كنا في الحلقات والخطوط الثالثة أو الرابعة من خطوط المواجهة، كنا نعمل في مجال النضال العلمي، وكان لنا سهم في هذا المجال، فقد سعينا لإبطال المخطط الذي كان يسعى لإسقاط مرجعية الإمام في طهران. كان للإمام حلقات من النضال، والمرحوم رباني شيرازي كان في الحلقة الأولى، وفي الحلقة الثانية كان بعض الأصدقاء ومجموعة من تجار طهران، كالشهيد مهدي العراقي ومجموعته...
وكانت الحلقة الثالثة تختص بخطباء طهران وباقي المحافظات، وكنا نحن إلى جانبهم))(10).
نعم، إلى جانب انشغاله بالدراسة كان يرتقي المنبر أسبوعياً في طهران وغيرها مدة 18 سنة (60 ـ 1978) وكانت له جلسات وخطب في مسجد الجواد وقبا. بين الحين والآخر تتخذ جلساته صبغة سياسية تدفع بالسلطات الأمنية إلى استجوا به، وهو بذاته يروي أحد هذه الخطابات التي حصلت عام 1967 ويقول: ((سافرنا إلى مدينة رفسنجان لارتقاء المنبر، وعندها تعرضنا إلى بحث (لا ضرر) فجرّنا الكلام إلى ذكر اسم الإمام، وفي صباح يوم الغد اتصل رئيس الشرطة بالشيخ پور محمدي (إمام جماعة المسجد) وطلب منه إحضار جميع رجال الدين إلى مركز الشرطة، وطالبهم هناك بتوقيع عهد يلزمهم ببعض الأمور، فوقّع عليه الفقهاء الذين كانوا يجدون ارتقاء المنبر وظيفتهم، وعندما بلغ الدور إليَّ طالبني رئيس الشرطة بالتوقيع فرفضت وقلت له: لا أتعهد بعدم ذكر اسم الإمام الخميني. فقال: إذاً لا يمكنك ارتقاء المنبر. فقلت: لا بأس فجاءني الشيخ پور محمدي مساء اليوم اللاحق وقال لي: هل يمكنك أن تذهب إلى إحدى قرى رفسنجان، فوافقت على الذهاب إلى هناك ؛ لأني غير ملزم بعدم ذكر اسم الإمام عندئذ، وبعد أن قرأت التعزية في القرية رجعت إلى رفسنجان، وكان باقي الخطباء قد أتموا تعزياتهم في المدينة، فانعقد اجتماع مهم في منزل (السيد جدائي) فارتقيت المنبر هناك وتفوّهت عندئذٍ بالكلام الذي كان ينبغي قوله خلال عشر سنوات في مدينة رفسنجان.. وفي النهاية استأذنت الحضور بذريعة الوضوء ووضعت عباءتي تحت ابطي وخرجت من باب صغير بعد ما طأطأت رأسي وركبت سيارة كانت قد أعدت من ذي قبل وغادرنا المدينة بسرعة، ومنذ ذلك الحين كان جهاز الأمن (الساواك) قد شكّل لي إضبارة عنده))(11).
برغم أنه يقول بعدم تواجده في الحلقات الأولى من حلقات المواجهة والنضال إلاَّ أن الوثائق تكشف عن حضوره بين أتباع الإمام الخميني بنحو آخر. لقد كان آية الله الصانعي متواجداً في الحلقات الأولى لجماعة المدرسين في الحوزة العلمية في قم وقبل تشكّلها بنحو رسمي، حيث كانت تصدر البيانات والرسائل السياسية، وكان من الأعضاء الشباب فيها(12)، وقد كان رابطاً بين هذه الهيئة وأهالي طهران(13)، كما كان ممثلاً عن الإمام في قضية إعانة الطلاب الذين أصيبوا في حادث قمع الحركة الطلابية في المدرسة الفيضية(14)، كما أنه بعد اعتقال الإمام عام 1963 ألقى ثالث خطاب في بيت الإمام بعد خطابين ألقاهما السيد مصطفى الخميني والسيد طاهري خرم آبادي، وكان له دور في ترشيد اعتراضات الطلاب تجاه هذه القضية(15).
وقد وقَّّع على ما يقرب من ثلاثين رسالة وبيان سياسي صدر منذ نفي الإمام وحتى انتصار الثورة(16)، من قبيل: رسالة إلى الإمام بعد النفي(17) ورسالة تعزية بمناسبة وفاة نجل الإمام (مصطفى) (18) وبيان تقريع وإدانة للتصدي إلى أهالي تبريز(19) ورسالة، بمناسبة أعياد النصف من شعبان عام 1977(20) وبيان لتأييد اعتصام الموظفين والعمال(21) ورسالة إلى هويدا لأجل إعادة الإمام إلى إيران(22) والاهم من ذلك بيان جماعة المدرسين في خلع يد الشاة عن الحكومة ومخالفة حكومة بختيار(23) و...
وكانت له رحلات إلى مدينة مريوان وسقز للقاء بعض أصحابه الذين نفوا إلى هناك، من قبيل: الشيخ نوري الهمداني والشيخ الخلخالي، وكان الشيخ توسلي والسيد طاهري خرم آبادي قد اصطحباه في سفرته(24).
وقد عظم دوره في السنوات القريبة من اندلاع الثورة، حيث نفي بعض مدرسي الحوزة وحبس بعض آخر، وذلك إثر الاعتراضات التي نشبت في مدينة قم اعتراضاً على مقال نشر في صحيفة اطلاعات، وكان الشيخ في صلب الجلسات التي كانت تنعقد لترشيد الاعتراضات والتخطيط إليها، وقد انعقدت الجلسة الثانية في منزلة(25).
نعم، هكذا كان التلميذ، فلم يترك أستاذه وحده لمواجهة النظام البهلوي.
بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران وفي عام 1980 أصبح آية الله يوسف الصانعي عضواً رسمياً في جامعة المدرسين (26)، وفي العام ذاته منحه القائد الراحل أول منصب حكومي، إذعيّنه عضواً في شورى صيانة الدستور بمعية عبد الرحيم رباني الشيرازي ولطف الله الصافي ومحمد رضا مهدوي كني وغلام رضا رضواني وأحمد جنتي، واستمَّر في هذا المنصب حتى عام 1983، وفي الوقت ذاته كانت عضويته في جماعة المدرسين بدرجة كبيرة من الأهمية، بحيث أنه تمتَّ المصادقة في منزله على بيان تأييد انتخاب جلال الدين الفارسي لرئاسة الجمهورية التشكيك في إيرانيته (27) كما أنه دخل مجلس الخبراء في دورته الأولى بعد كسبه أكثر من مليوني رأي من أهالي طهران، وبعد استقالته من شورى صيانة الدستور عينه القائد مدعياً عاماً. وفي مقامه الأخير كان يهتمُّ بآراء أستاذه كثيراً بدرجة أن طلب منه كراراً تحديد موقفه في بعض الموضوعات، على أنه في نهاية الأمر خاطب القائد برسالة طالبه فيها بإصرار على قبول استقالته.
في هذه الرسالة (المؤرخة 21 ارديبهشت من عام 1364 هـ ش) يذكر أسباب استقالته وهي أربعة، حيث جاء فيها: ((... ضعف القوى الجسمانية بسبب مواصلة العمل منذ خمس سنوات، وعدم قبول الأشراف على حسن تنفيذ القوانين من قبل المجاميع والأجنحة، وحملي أفكاراً وآراء مبنائية خاصة في القضايا الإسلامية تعدّ شاذة لدى البعض الذي يتصدى لها وقاومها، وعدم اهتمام بعض الشخصيات، وعدم الحصول على الدعم من قبل المجتمع...) لكن الإمام خالف استقالته بصراحة وأجاب على رسالته بقوله: ((لا نوافق على استقالتك في الظروف الراهنة، وعليك مواصلة العمل))(28) إلاّ أنه بعد مضي شهرين من هذا الحادث ودّع هذا المقام وحلّ السيد محمد موسوي خوئيني ها محله. وفي اليوم الذي تمَّ فيه تنصيب مدعٍ عام جديد أعرب الإمام الخميني عن أسفه تجاه استقالة الشيخ الصانعي وشكر مساعية في هذا المقام (29) وذلك لأن الإمام عند تعينية في هذا المقام وحلوله محل الشيخ رباني املشي اعتبره ابناً َله. ويذكر علي أكبر مسعودي خميني (من رجال الدين المناضلين وأنصار الإمام) في ذكرياته بعد انتصار الثورة أن الأخوين (حسن ويوسف الصانعي) كانا يترددان على بيت الإمام، وكان من الواضح أن الإمام كان يحبهما ))(30) وبرغم أن آية الله الصانعي شغل في السنوات اللاحقة مناصب من قبيل: ممثل الإمام في المجلس الاعلى لاعادة بناء المناطق المتضررة بالحرب وامامة صلاة الجمعة في قم إلاّ أنه كرس نفسه تدريجياً للاجتهاد في قم.
كما أن تردده على جماعة المدرسين قلَّ إلى درجة أن وظّف كلُّ من السيد طاهري خرم آبادي والشيخ أحمد آذري قمي ومحمد علي شرعي (في 20 تير من عام 1364 هـ ش) للسؤال عن سبب عدم حضوره جلسات جامعة المدرسين، ويبدو أن انشغالاته الجديدة صرفته عن الحضور، واستمرَّ عدم الحضور حتى عام 1374 هـ ش 1995 م) حيث لم يدرج اسمه ضمن قائمة المجمع العام لجماعة المدرسين (31).
وبعد رحيل الإمام أصدر مع مرتضى بني فضل (من الأعضاء المخضرمين في جماعة المدرسين ) بياناً أيدا فيه مرجعية آية الله الاراكي(32) لكن لم يمض زمن طويل حتى توفي آية الله الاراكي وعندئذٍ بادرت بعض المجاميع مثل جماعة المدرسين إلى تعريف الناس بمجموعة من المراجع، ومنذ أن ترك آية الله الصانعي المناصب الحكومية اختار مدينة قم محلاً لدروسه، كما كانت هي عهد صغره وشبابه، حيث جاءها واختارها محلاً لدراسته.
تصدَّى آية الله الصانعي للمرجعية، وقد شكَّل إبدائه بعض الآراء من هذا الموقع معتركاً فكرياً بين المؤيدين والمخالفين.
لقد كانت أصداء بعض آراء آية الله يوسف الصانعي، في مجال الحكومة الدينية ومجالات أخرى، كبيرة. رغم أنه بالإمكان العثور على جذور بعض آرائه في الحكومة الدينية في كلمات الإمام الخميني وفي سلوكيات تلامذة الإمام.
كما أنه بالإمكان العثور على جذور لآرائه الفقهية وفتاويه في مجال القضاء وقيادة المرأة وتساوي دية قصاص الرجل والمرأة والمسلم وغير المسلم وقيمومة الأمم بعد وفاة الأب.. في كلمات فقهاء كبار مثل أحمد بن محمد (المحقق الأردبيلي) والملا محسن الفيض الكاشاني والملا محمد باقر (المحقق السيزواري)(33). وعلى آية حال، ينبغي عرض هذه الآراء والنظر إليها بعمق.


___________________________
الهوامش
--------------------------------------------------------------------------------
([1]) صحيفه امام، موسسه تنظيم و نشر آثار امام خمينى، ج 17، ص227.
([2]) گلشن ابرار، پژوهشكده باقرالعلوم (سازمان تبليغات اسلامى)، انتشارات معروف، قم چاپ اول، پاييز 82، ج 3 ص 183 - 182.
([3]) المصدر السابق، چاپ سوم، بهار 85، المجلد الاول، صص 381 ـ 380.
([4]) المصدر السابق، انتشارات نور السجاد، قم، چاپ اول، زمستان 84، ج4، صص 498 و491 و490.
([5]) صالح، سيد محسن، جامعه مدرسين حوزه علميه قم از آغاز تاكنون، مركز اسناد انقلاب اسلامى، تهران، چاپ اول، پاييز 85، ج 3، ص 274 .
([6]) المصدر السابق .
([7]) المصدر السابق، جلد اول، ص 327 .
([8]) شعبان زاده، بهمن، تاريخ شفاهى مدرسه حقانى، مركز اسناد انقلاب اسلامى، تهران، چاپ اول، تا بستان 84، ص 120 .
([9]) المصدر السابق، ص 88.
([10]) جامعه مدرسين حوزه علميه قم از آغاز تاكنون، المجلد الاول، ص 374.
([11]) المصدر السابق، صص 377 ـ 376 .
([12]) المصدر السابق، ص 57.
([13]) المصدر السابق، ص 64.
([14]) المصدر السابق، ص 112.
([15]) المصدر السابق، ص 129 .
([16]) زندگى نامه مرجع عاليقدر حضرت آيت اللّه العظمى صانعى، انتشارات ميثم تمار، قم، چاپ ششم، پاييز 85، ص 15.
([17]) دوانى، على، نهضت روحانيون ايران، مركز اسناد انقلاب اسلامى، تهران چاپ دوم، 1377، جلد 5 و 6. ص 158.
([18]) المصدر السابق ص 532.
([19]) المصدر السابق، جلد 8 - 7، ص 77.
([20]) المصدر السابق، ص 178 .
([21]) المصدر السابق، ص 499.
([22]) المصدر السابق، جلد 5و6، ص 150.
([23]) زندگى نامه مرجع عاليقدر حضرت آيت اللّه العظمى صانعى، انتشارات ميثم تمار، قم، چاپ ششم، پاييز 85، ص 15.
([24]) جامعه مدرسين حوزه علميه قم از آغاز تاكنون، المجلد الاول، ص 455.
([25]) شيرخانى، على، حماسه 29 بهمن تبريز، مركز اسناد انقلاب اسلامى، تهران، 1376، ص 95 ـ 94.
([26]) جامعه مدرسين حوزه عليمه قم از آغاز تاكنون، المجلد الثاني، ص 124.
([27]) المصدر السابق، ص 631.
([28]) صحيفه امام، ج19، ص 271 .
([29]) المصدر السابق، ص 309 .
([30]) امامى، جواد، خاطرات آيت اللّه مسعودى خمينى، مركز اسناد انقلاب اسلامى، تهران، چاپ اول، پاييز 81، ص 202.
([31]) جامعه مدرسين حوزه علميه قم از آغاز تاكنون، ج 2، ص 136.
([32]) اباذرى، عبدالرحيم، خاطرات آيت اللّه شيخ مرتضى بنى فضل، مركز اسناد انقلاب اسلامى، تهران،چاپ اول، بهار 86، ص 271 .
([33]) بنگريد به فيض، عليرضا، ويژگى هاى اجتهاد و فقه پويا ( فقه پويا در مكتب سه فقيه)، پژوهشگاه علوم انسانى و مطالعات فرهنگى، چاپ اول، 1382.
التاريخ : 2007/11/14
تصفّح: 14029





جميع الحقوق محفوظة لموقع آية الله العظمى الشيخ الصانعي .
المصدر: http://saanei.org