موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: مع الدكتور لياقت علي
لقاء سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي (دام ظله الشريف)مع الدكتور لياقت علي
* هل غير المسلمين جميعهم طاهرون؟ وما حكم الأكل معهم؟
نحن نرى جميع البشر طاهرين، ولا يوجد انسان نجس إلاَّ الذي يعلم بأن الاسلام حق رغم ذلك يعاديه، فلا يمكن القول بطهارة الأخير، بل هو نجس، ومثله قليل جداً. وإذا شككنا في انسان كونه من قبيل الأخير أم لا نحكم عليه بالطهارة. و عليه جميع البشر من الهندوس وعبدة النار والبقر و... طاهرون. ومفردة النجس وردت في القرآن في حق المشركين: (إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ)فمثل ذلك المشرك قد تلوّثت روحه، وتلوّثه في أنّه يعلم بأن الاسلام حق وأن اللّه واحد رغم ذلك يشرك.
والنجاسة في الآية تعني القذارة والتلوّث الروحي، والذي لايعلم بحقانية التوحيد ويشرك لايكون نجساً وروحه غير ملوّثة ; لأنَّه قاصر.
أمَّا فيما يخص الأكل معهم، فهو مثل الأكل مع غيرهم، فأيديهم طاهرة وطعامهم طاهر كذلك، لكن تحرم ذبائحهم (الخروف والبقر والدجاج وما شابه) إذا لم يذكروا اسم اللّه عليها، ويحرم الأكل منها.
* إذ ذبح غير المسلم فهل تحلُّ ذبيحته؟
كل من سمَّى حلت ذبيحته، وأنا أشتري من ذبائح الجميع، أمَّا إذا لم يُسمَّ على الذبيحة فلا تحلُّ، ولا فرق في ذكر اسم اللّه بالعربية أو الفارسية، وإذا شككنا في تسميته عند الذبح حرمت الذبيحة إلاَّ أن تكون في سوق المسلمين ففيه تحلُّ الذبيحة حتى مع الشك في التسمية.
* وعليه تحل ذبيحة اليهودي؟
نعم، على أن يقترن ذبحه بالتسمية، فاذا طُلب من يهودي الذبح والتسمية عند الذبح فسمَّى وذبح حلَّت ذبيحته حتى لو لم يكن معتقداً بذلك.
* ماهو رأيكم في عموم غير المسلمين؟ هل أعمالهم الحسنة مقبولة عند اللّه؟
بحثت هذا الموضوع وأرى أن عوام الناس القاصرين لا تظل أعمالهم الحسنة دون ثواب، فالذي يعبد البقر أو النار ويرى دينه الحق ولا يحتمل الحق في غير دينه ولا يخالف مدركات عقله من الأفعال الحسنة والقبيحة ويقوم بأعمال حسنة ولا يعمل السوء فانه لا يبقى دون جزاء على صالح عمله.
* حتى لو كان مسيحياً؟
نعم حتى لو كان مسيحياً وجاء بالأعمال الصالحة ولم يظلم ولم يرتكب ما يوجب الايذاء للآخرين وخدم الناس ولم يضيّع حقوقهم، فان أعماله الصالحة لاتضيع (مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَى...)ومن جاء عامة تشمل الجميع .
* الجميع حتى غير المسلمين؟
نعم، بل الجنة، وفقاً لرأي الملى صدرا ـ عبارة عن التكامل الروحي، وهي تحصل تلقائياً، وبناءً على رأي الآخرين فان القرآن يقول: (مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا).
* حتى لو كان عابداً للأصنام أو يهودياً؟
نعم مهما كان، على أن لايأتي بما يستقبحه عقله وأن يأتي بما يستحسنه عقله.
* هذا لافت جداً، فاني كنت أتصوّر أن المسلمين هم الوحيدون الذين تقبل أعمالهم.
كلا، الأمر ليس كذلك، ففي القرآن آيات عديدة تثبت المفهوم الذي جاء في الآية الكريمة: (مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا).
وإذا جاءت مادة الايمان أحياناً فهي تعني الايمان باللّه بل الايمان بأن هذا العمل حسن، الايمان العملي والايمان القانوني، الايمان بالعمل يعني الايمان بأن هذا العمل حسن، أي يؤمن بصحة وحسن العمل فيأتي به، فإذا آمن الانسان بصحة العمل كرّره وجاء به بسكينة ودون اضطراب وترديد، وإذا لم يؤمن بحسن العمل وصحته وكان إتيانه به على نحو الاجبار لا الاختيار فلا فائدة تترتب عليه، وسرّ ذلك أنَّه لم يتكامل روحياً، ونفسه لاترقى نحو الجهات السامية، وسوف لاتعتاد نفسه على هكذا أعمال. ورد في القرآن: (وَالْعَصْرِ * إِنَّ الاِْنسَانَ لَفِي خُسْر * إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا) والكلمة الأخيرة لاتعني الايمان باللّه والرسول فقط بل تعني أنَّ اتيانه بالعمل الصالح صدر عن إيمان وأنه مؤمن بحسن التواصي بالحق، وسرّ ذلك أنَّ الذي لايؤمن بعمل سوف لا يدوم عليه، وإذا جاء به مرّة فمن غير المعلوم أن يأتي به ثانية، هذا مضافاً إلى أن التكامل الروحي لايحصل بالجبر، والجبر لا يؤثر في الروح، وهي لاتنمو بهذا العمل الصالح.
* أمر لافت كنت أتصور أن الآية: (مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ) تخص المسلمين، فهل يمكنكم توضيح ذلك؟
قلت: الآية (مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا) تشمل جميع البشرية، وفي باب علم الكلام تفوّه الملى صدرا بأفضل مايمكن قوله، إذ قال: الانسان يصنع الجنة وهو في الدنيا، فالروح علم وخدمة وتقوى، وقد تكون الروح ذات الوحشية وذات النار وذات النزول، وهذه الاُمور ممَّا أصنعها بنفسي، فالذي يأتي بالعمل الصالح عن إيمان به يؤثّر على روحه ويوجب دخوله الجنة.
الجنة تدور مدار العمل لا الجنسية، ولا يعقل أن اللّه خلق الجنة لصاحب الجنسية، بل هي نتيجة العمل الصالح. فلو جاء الانسان بعمل صالح دون أن يؤمن بالرسول فهل يقول اللّه له: لا اُعطيك أي جزاء لعملك لعدم ايمانك بالرسول؟ فللعبد أن يقول: ما استطعت أن اُؤمن به وما استطعت أن أحصل على جنسية اسلامية، فهل يقول اللّه له: لانك لم تستطيع أن تحصل على جنسية اسلامية فلا أجازيك على حسن عملك؟ الا يعدُّ هذا ظلماً للعباد مع (ان اللّه ليس بظلام للعبيد)؟
وهكذا الحال لو جاء الانسان بالعمل السيىء، وهو سيىءٌ من أيّ شخص صدر حتى لو كان مسلماً، والسيئات تذهب بالحسنات.
وخلاصة الأمر أن الذي يأتي بالعمل الصالح ايماناً به يحصل على الجنة حتى لو لم يكن معتقداً باللّه وبرسوله، كما يقول الملى صدرا; فان الجنة لازم العمل الصالح. والقول بأن اللّه يقبل العمل الصالح من المسلم ولا يقبله من غيره يعدُّ تمييزاً وظلماً، وهل الجنسية الاسلامية هي التي تمنح العمل الصالح الصلاحية ليكون له حسن الجزاء؟ فذلك تمييز على أمر غير اختياري، وهل يمكن للشيعي أن يؤمن بالمسيحية أو الهندوسية؟ إن مبادءه الاعتقادية لا تسمح له بالايمان بالمسيحية والهندوسية وكذلك بالنسبة إلى المسيحي والهندوسي فإن معتقداته لا تسمح له للايمان بالاسلام.
نعم إذا تبلور له شك وترديد فعليه البحث وإلاَّ فلا، لكن هل عموم الناس والبشرية تحتمل الخلاف؟ الهندوسي على يقين من أن عقيدته هي الحق، وكذلك عابد النار والمسيحي، كما هو الحال في المسلمين كذلك.
هذا الكلام كله في الآية: (مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ) أمَّا سورة العصر: (بسم اللّه الرحمن الرحيم * وَالْعَصْرِ * إِنَّ الاِْنسَانَ لَفِي خُسْر * إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا) العبارة الأخيرة تعني الايمان العملي، أي على الانسان أن يكون على يقين بأن العمل الذي يقوم به عمل صالح وكونه على يقين بمبادئه، والآية لاتريد الاشارة إلى الايمان باللّه، والعمل لا يتكرر إذا لم يصدر عن ايمان، وإن لم يتكرّر لايثمر; لكونه مؤقتاً، والنفس لاتتكامل به. كما أن الأعمال السيئة تذهب بما لدى الانسان من أعمال حسنة، وتعدُّ من موانع التكامل كما أن الاجبار والأهواء مانعة كذلك.
الدليل على كون المراد من الايمان هنا هو الايمان العملي هو أنه لو لم يكن هذا مراداً لاستلزم المعنى ظلماً. فاذا قدّم شخصان خدمات جليلة للانسانية من قبيل خدمة المصابين بالسرطان وأدخل اللّه أحدهما الجنة، باعتبار حمله جنسية اسلامية، والآخر لم يدخل الجنة، باعتبار عدم حمله جنسية اسلامية، لزم تمييزاً; لأنه بالامكان مخاطبة اللّه بالقول: ياالهي ماأمكنني حمل جنسية اسلامية، وكيف يمكن تعذيبي على أمر أنا غير قادر عليه؟ وكيف يمكن إذهاب عملي الصالح هدراً بسبب ذلك؟
إذا دققت بآيات القرآن تجد أنَّ الآيات المطلقة مقيدة بكون المراد من الايمان هو الايمان العملي، أي الايمان بما يدرك ويعمل الانسان ، وقد ذكرنا الشاهد على ذلك وإلاّ استلزم ظلماً، واللّه لايؤاخذ على أمر غير اختياري.
* أودُّ أن أتعرّف على رأيكم في باب حقوق المرأة؟
حقوق النساء والرجال سواء إلاّ في الإرث، فللرجل ضعف المرأة، وقد روعيت العدالة في هذا التقسيم، وقد بحثنا هذا بالتفصيل في محله.
* وهل التساوي في الشهادة كذلك؟
متساوون كذلك، وشهادة المرأة في الشؤون النسوية مثل شهادة الرجال، فاثنان من النساء يعادلان اثنين من الرجال.
* إذاً ماتقولون في الآية؟
الآية وردت في الدين: (إِذَا تَدَايَنْتُم بِدَيْن إِلَى اََجَل مُسَمّىً فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُب بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ)وتبرير شهادة امرأتين هو تذكير أحدهما الاخرى إذا نسيت الاخرى، لكن هل هذا النسيان الموجود في النساء من النوع العادي أم أنّه من نوع آخر؟ إذا كان نسياناً عادياً فهو موجود لدى الرجال كذلك فلماذا التمييز؟
لابدّ أنه نسيان زائد على ماعليه الرجال، وعلينا معرفة نوعية النسيان الذي سبّب تعدد الشهادة عند النساء، والأمر بحاجة إلى تدقيق.
الآية وردت في باب الدين، والنساء آنذاك لم يباشرن الامور المالية والاقتصادية، ولم يكنّ على اطلاع عليها، عكس ماعليه النساء حالياً فتجد الكثير منهن قد حصلن على دكتوراه في الرياضيات.
أمَّا الرجال فكانوا يباشرون الامور الاقتصادية وكانوا ملمّين بها ولهذا كانت شهادتهم أقوى من شهادة النساء.
بالطبع كانت قلائل من النساء ملمّات بالمسائل الاقتصادية مثل خديجه(عليها السلام)فقد كان لها جمال وتضارب بأموالها، إلاَّ أن عموم النساء لم يكنَّ مطّلعات على هكذا اُمور، وهذا هو النسيان الزائد الذي يختلف عن النسيان الذي لدى الرجال، لذلك جاء في باب الدين: (فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الاُْخْرَى) فاذا كنَّ اثنين ارتفعت درجة الاطمئنان.
من ذلك نستنتج أن الرجال في هذا الزمان إذا كانوا بدرجة من النسيان تزيد على النساء كان اثنان منهما يعادل امرأة واحدة، وذلك يتفق مع فلسفة الآية: (أَن تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الاُْخْرَى) والفلسفة تبدو في النقاط التالية:
أولا: تذكير إحديهما الاخرى.
ثانياً: فهمنا نوعية نسيان النساء من قرينة أن الآية وردت في الدين، ولم يكنَّ عهد النزول مباشرات للشؤون المالية والاقتصادية، وباعتبار ذلك فرض شهادة اثنين منهنَّ لكي تعين إحداهما الاخرى على ما يمكن أن يُنسى أو يغفل عنه، وبعبارة اُخرى: لكي ترتفع درجة الاطمئنان بشهادتهما.
وهذه هي علة الحكم، والعلة تعمّم و تخصّص، ونستنتج من ذلك أن الرجال إذا كانوا في شأن ماقليلي المعرفة وغير ملمّين، ومعرفة النساء به أكبر أصبح شهادة اثنين منهم يعادل شهادة امرأة واحدة. وإذا كانت معرفة النساء في شأن يساوي معرفة الرجال به تعادلت شهادة الجنسين.
لانريد القول بأن الآية تختص بذلك الزمان، بل حكمها دائمي وشامل لكلِّ الأزمنة وذات فلسفة، وهي اتحاد جنس الشهود، وأن معرفة أحدالجنسين إذا كانت دون مستوى معرفة الجنس الآخر في الشأن المشهود عليه وجب مضاعفة الشهود قياساً للجنس الآخر، غاية الأمر أن شأن نزول الآية هو الدين، وإن كانت شاملة للأزمان وعلى طول التاريخ والعصور.
ولأجل الفلسفة المتقدمة أفتى الكثير من الفقهاء أن المرأتين تعادل الرجلين في شؤون النساء; وذلك لإلمامهنَّ بشؤونهنَّ الخاصة.
وللايضاح الأكثر أمثِّل بعقد النكاح، فان اشتراك النساء في عقود النكاح واحتفالاته أكثر من الرجال لهذا اكتفى الشيخ المفيد بامرأتين في عقد النكاح بدلا عن الرجلين. وهذا هو الصحيح ; لأن معرفة النساء بهذه الشؤون أكثر من معرفة الرجال بها، ولاأريد القول بأن هذا الأمر صادق مائة بالمائة بل ذكرت المثال لتقريب الموضوع إلى الذهن، وكما تلاحظون يعادل أكبر فقيه شيعي بين الرجلين والامرأتين في باب النكاح ويطرح هذا في باب الشهادات كذلك. ويبقى المورد الوحيد للتفريق هو الإرث، وحالياً لا أجد الفرصة الكافية لايضاح هذا، وأنا أعدُّ التقسيم في الإرث عين العدالة.
* مارأيكم في الديه؟
هما متساويان في الدية والقصاص وصيرورتهما مراجع تقليد كذلك.
* هل يمكن للمرأة أن تصبح مرجع تقليد؟ وهل يمكنني أن اُقلّد امرأة؟
نعم إذا كانت المرأة فقيهة، فالمعيار هو التخصُّص، كما هو الحال في العلوم الاخرى مثل الطب، وشأن التقليد نفس شأن الطب. ففي باب (فاسألوا أهل الذكر) لاينبغي التفريق بين الرجل والمرأة، وفي باب «العلماء ورثة الأنبياء» لايفرَّق بين الرجل والمرأة بل المقياس هو العلم، وفي «اطلب العلم من المهد إلى اللحد» رغم أن الخطاب إلى المذكر لكن من الواضح لزوم طلب العلم على كل انسان، وفي (فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَة مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا) الفقه هو المقياس، ورغم أن الضمير للمذكر في (لِيَتَفَقَّهُوا) لكن من المعلوم عدم الفرق بين الرجل والمرأة هنا، والأمر شامل لمورد «ليَتَفَقَّهْنَ» كذلك، وهذا هو شأن جميع الأحكام، فالمقياس التفقّه، وكلّ من تفقّه عليه أن يهدي الآخرين، سواء كان رجلا أو امرأة.
* مارأيكم في اجراء حدود مثل الرجم؟
لهذا تبرير، واليوم يشكل على الرجم وامور اُخرى من هذا القبيل، ولها تبريران من وجهة نظر فقهية ولا علاقة لي بالجانب القانوني.
أحد التبريرات للميرزا القمي إذ قال: إجراء الحدود يختص بزمان الحضور، وفي عصرنا الحاضر ينبغي التعزير والتوبيخ فقط.
والتبرير الآخر: في باب الحدود العرضية مثل الرجم جعل الاسلام كيفية اثبات الجناية بنحو لايمكن اثباتها عادة، وإذا لم تثبت ينبغي توبيخ فاعلها لاحدّه، فيعزّر بالسجن وبما شابهه. في باب الامور العرضية فرض الإسلام أربعة شهود عدول يشهدون بالدخول كالميل في المكحلة ويقولون: إنَّا رأيناه كالميل في المكحلة يدخل ويخرج، وهل هذا أمر ممكن؟ إنَّه لا يمكن إلاَّ أن يبلغ الفساد درجة يشاهد الزناة في الشوارع يمارسون الفحشاء وتنتشر هكذا مظاهر في كل مكان، بحيث يرى هذه المظاهر حتى امام الجماعة، على أن في نظر الشاهد إلى هكذا مظاهر اشكالا، وهذا خاص في الموارد التي لاتقع أصلا، أو يأتي نفس مرتكب الذنب ويقرّ به ليطهر نفسه، وهنا ينبغي أن يقر بعمله أربع مرّات، ففي المرة الأولى نقول له: أنت حر. وهكذا في المرة الثانية والثالثة.
ولا يصح الاقرار في السجن ولا الاقرار الذي يغرّر به ويقال له: أقر بعملك لكي يعفى عنك، فيقرُّ خوفاً، والاقرار المقبول هو الذي يصدر عن حرية ووجدان ديني، وعادة لايحصل هكذا اقرار.
جاءت امرأة إلى أمير المؤمنين وقالت له: اني زنيت فطهرني. فأمر الأمير أن يتحققوا في وضعها ماإذا كانت مجنونة أم لا؟ فقالوا له: ليست مجنونة.
فأمرها بالرحيل سعياً منه لأن لاتأتي تارة اُخرى، ولكنها جاءته بعد فترة من الزمن وأقرت له بما أقرت في المرة الأولى وأمرها بما أمرها في المرة الأولى، وتكرّر هذا الوضع حتى جاءته في المرة الرابعة، فقال لها: تعالي بعد وضع حملك، وكان كل ذلك لأجل أن لاتعود ولا يثبت عليها الاقرار الشرعي، ولم تكن هناك متابعة للأمر ولا اعتقال بل أراد عدم ثبوت الاقرار الشرعي، وبعد الوضع جاءته كذلك فطلب منها أن تأتيه بعد أن يكبر طفلها.
عند رحيلها شاهدها رجل أحمق فسألها عن سبب مايبدو من غم في وجهها فأجابت: أردت أن يجري الامام(عليه السلام) الحدّ عليَّ لكن أخَّره حتى يكبر الطفل فقال لها الرجل: تعالي أنا أكفل الطفل، وعندما دخلا على الامام علم الامام بما يريد فعله الرجل فغضب، فسأله الرجل عن سبب غضبه فقال له: أخطأت في تكفلك الطفل.
هذا لايتحقق، لكن كيف يمكن الحدّ من ظاهرة انعدام العفّة؟ بالتوبيخ بالنحو الدارج في عالمنا اليوم؟ هنا يوجد رأيان: الأول: العقوبات المزبورة خاصة بزمن الحضور، ولا يجوز إجراؤها حالياً، الثاني: ماأقول به أنا وهو ضرورة اصلاح القرارات المتعلقة بكيفية اثبات الجناية، فإنه لا فائدة في يقين القاضي، فلو جمع القاضي مجموعة من الشواهد والامارات التي تثبت زنا المرأة ماكان ذلك نافعاً، كما لا فائدة باطمئنانه بالمسألة، كما لا فائدة بادعاء الناس، والذي يثبت الذنب هو أربعة شهود عدول من الرجال دون النساء، وذلك لكي لا ينفتح الباب أمام النساء لتشهد إحداهنَّ على الاخرى، وقد تثبت هذه الجناية بالاقرار بحرية أربع مرّات، ولا يمكن اجراء الحدّ بيقين القاضي الحاصل من تجميع القرائن، وأقصى مايمكن فعله هنا هو توبيخ المرأة فحسب.
* المواضيع كانت لافته؟
عندما أبحث هكذا مواضيع مع الصحفيين الأجانب يستغربون ويعجبون بها واقول لهم: ضعوا لي مقعداً عند مفترق طرق البشرية جمعاء والتي قد تبلغ ثمانية مليارات فأتكلَّم معهم واوحدهم; لأني أرى الاسلام يضم أجمل قانون. التاريخ : 2004/12/16 تصفّح: 11850