Loading...
error_text
پایگاه اطلاع رسانی دفتر حضرت آیت الله العظمی صانعی :: کتابخانه عربی
اندازه قلم
۱  ۲  ۳ 
بارگزاری مجدد   
پایگاه اطلاع رسانی دفتر حضرت آیت الله العظمی صانعی :: في العمرة / واجبات الإحرام

في العمرة / واجبات الإحرام [واجبات الإحرام]

المقصد الثالث: في واجبات الإحرام[1] وهي ثلاثة:

الأوّل: لبس (1) ثوبي الإحرام بعد نزع ما يجب على المحرم اجتنابه، يأتزر بأحدهما ويرتدي (2) أو يتوشّح بالآخر، ويعتبر في الرداء (3) أن يستر المنكبين، وفي الإزار أن.

(1) بلا خلاف يعلم، كما عن جماعة[2]، بل إجماع، كما عن آخرين[3].
وفي المستند[4]: إجماع محقّق، وهو العمدة.
أمّا النصوص[5]، الآمرة بلبسهما، فلورودها مورد الآداب تقصر عن إثبات الوجوب. وفي الدروس: «لو كان الثوب طويلاً فاتزر ببعضه وارتدى بالباقي، أو توشح أجزأ»[6]. وفي الجواهر: «لا يخلو من وجه»[7].
(2) سبق[8] وجهه في المستحبّات، كما سبق أنّ الأوّل إن لم يكن أقوى فهو أحوط.
(3) ذكر ذلك غير واحد[9]، بل في كلام بعض نفي الإشكال فيه. والمتعيّن، الرجوع فيه إلى العرف، كما عن المدارك[10].
والظاهر أنّه لا يعتبر في الإزار ما ذكر، ولذا عدّ في خبر الاحتجاج[11] من السنّة تغطية السرّة والركبة، الظاهرة في عدم وجوب ذلك.

يستر ما بين السرّة و الركبة (1)، وأن (2) لا يكون خفيفاً يحكي البشرة (3)،

(1) بل المدار على صدق مُسمّاهما، وإن كان الأولى كون الإزار ممّا يستر السرّة والركبة والرداء ممّا يستر المنكبين . (صانعي)
(2) ذكر ذلك في الدروس[12]، وتبعه عليه غيره[13]، وكأنّه لمفهوم مصحّح حريز: «كلّ ثوب تصلّي فيه فلا بأس أن تحرم فيه»[14]. الذي نفي الخلاف في مضمونه[15] ، ووجود الفاء في الخبر يخرجه عن مفهوم الوصف، فيكون من مفهوم الشرط، لكن في دلالته على اعتبار كونه ساتراً إشكال ظاهر; لجواز الصلاة في غيره وإن وجب ستر العورة، فتأمّل.
(3) قضاءً لــوجــوب ستر العورة، فلا يلزم ذلك بالنسبة إلى الزائد من الساتر للعورة، وان كان أحوط. (صانعي)

وهو الأحوط (1) في الرداء (2) أيضاً. ويعتبر فيهما أن (3) يكونا
ممّا تصحّ الصلاة فيه للرجال، فلا
(4) يجوز في المتنجّس ممّا لا يعفى عنه،
(1) الأُولى. (صانعي)
(2) كما نصّ عليه في الدروس وغيره[16].
(3) قد عرفت[17] دعوى نفي الخلاف فيه من بعض، وعن آخر اتّفاق كلمة الأصحاب عليه[18]. ومستنده مصحّح حريز المتقدّم[19].
(4) يشير إليه، مضافاً إلى مصحّح حريز، جملة واردة فيه بالخصوص، لكنّها ظاهرة في عدم جواز لبسه للنجس ما دام محرماً[20]، ولم يعرف مصرّح بذلك. فيشكل التمسّك بها على اعتبار الطهارة في ابتداء الإحرام. والتفكيك في الحجيّة بين الحدوث والبقاء غير ممكن كما يظهر بالتأمّل.

ولا (1) في المتّخذ من صوف ما لا يؤكل لحمه، ولا في (2)
المغصوب، ولا المذهب، ولا الحرير (3) حتّى للنساء على


(1) الظاهر انحصار مستنده في مصحّح حريز[21].
(2) هذه العناوين الثلاثة يحرم لبسها مطلقاً ولو في غير حال الإحرام، وحينئذ يمتنع وجوب لبسها فيه إذا كان وجوب اللبس عباديّاً.
نعم، مجرّد ذلك لا يثبت شرطيّة عدمها في الصحّة. فيتوقّف على التمسّك بمصحّح حريز. لكنّه لا يطّرد في المغصوب; لعدم ثبوت شرطيّة الإباحة. فتأمّل.
(3) يشهد له بعض النصوص الخاصّة[22].

الأحوط (1)، بل الأحوط لهنّ اجتنابه (2) مطلقاً، والأحوط أن لا
يكونا
(3) من الجلود مطلقاً (4)، وأن يكونا منسوجين لا ملبّدين. ولو
تنجّسا فالأحوط (5)، المبادرة إلى تبديلهما، أوتطهيرهما. وكذا (6)

(1) إذ المنع مذهب جماعة كثيرة من القدماء والمتأخّرين[23]، ويشهد له جملة وافرة ظاهرة في المنع[24]، ولأجلها يحسن الخروج عن إطلاق مصحّح حريز ونحوه; لجواز صلاة النساء بالحرير. وحملها على الكراهة بقرينة التعبير في بعضها «لا ينبغي» و«يكره» و«لا يصلح»[25] لا يخلو من إشكال; إذ غاية ما يقال أنّها غير ظاهرة بالمنع، لا أنّها ظاهرة في الجواز; لتعارض ما هو ظاهر في المنع.
(2) ولو في غير ثوبي الإحرام; لإطلاق النصوص المانعة[26].
(3) كما عن بعض[27]; لعدم صدق الثوب على الجلد عرفاً، كعدم صدقه على الملبّد غير المنسوج.
(4) وإن كان عدم شرطيّة ذلك فيهما، ولا كونهما منسوجين لا يخلو من قوّة. نعم، رعاية ما ذكره (قدس سره) من الاحتياط يكون حسناً. (صانعي)
(5) للنصوص المشار إليها آنفاً، التي لم يعرف القائل بها[28].
(6) يستفاد ممّا دلّ على تطهير الثوب بالأولويّة.

تطهير البدن أيضاً لو تنجّس. وفي وجوب لبسهما على النساء إشكال،
أحوطه ذلك
(1)، والأحوط أن يقدّم (2) لبسهما على عقد الإحرام، وينوي
(1) إذ قد احتمله بعض الأفاضل، كما في الجواهر[29] حكايته، لكنّه قويّ العدم; لعدم شمول النصوص لها، وقاعدة الاشتراك غير جارية هنا; لمخالفتها لظاهر النصّ والفتوى، لكن إطلاق الفتاوى يقتضي عدم الفرق بينها وبين الرجل، ولم أقف على من خصّ الثوبين في الرجل عدا الحدائق[30]، والنصوص الواردة في الرجل مثلها وارد في المرأة، فلاحظ نصوص الحائض وغيرها[31].
وبالجملة، دعوى ظهور النصّ والفتوى في عدم الفرق أولى من دعوى خلافها. فتأمّل جيّداً. ومقتضى ذلك لزوم لبسها قطعتين تسمّى إحداهما إزارًا والأُخرى رداءً، فلا يكفي القميص ونحوه ممّا لا يسمّى إزاراً ولا رداءً. فتأمّل جيّداً. (حكيم) ـ وإن لم يكن واجباً. (صانعي)

(2) كما في محكي كلام غير واحد[32]، ويقتضيه ظاهر جملة من النصوص[33]. وفي الجواهر[34] جعله ظاهر النصّ والفتوى.

أنّه يلبسهما لإحرام عمرة التمتّع إلى الحجّ; إمتثالاً لأمره
سبحانه، وأن
(1) لا يعقد الإزار في عنقه، بل مطلقاً (2)، ولا يغرزه


(1) للنهي عنه في موثّق سعيد الأعرج: «أنّه سأل أبا عبد الله (عليه السلام) عن المحرّم يعقد إزاره في عنقه؟ قال (عليه السلام): لا.»[35]، ونحوه غيره[36]، بل عن العلاّمة وغيره[37]، المنع عنه في الرداء. وصرّح به في الدروس[38]وكأنّهم حملوا الإزار في الموثّق على الرداء بقرينة مناسبة السؤال لذلك، لكن من المحتمل أن يكون السؤال عن الوجوب، لا الجواز، ولذلك كان ظاهر المشهور[39]، الجواز.

(2) كما يفهم من خبر ابن جعفر (عليه السلام)[40]. أمّا المئزر، ففي الدروس[41]: جواز عقده، واختاره في الجواهر[42]; للأصل، ولخبر القداح[43]، النافي للبأس عن عقد الثوب إذا قصر ثمّ يصلّي. وما في مكاتبة الحميري[44] من النهي عنه محمول على الكراهة، ولا سيّما مع ضعف المكاتبة بالإرسال. وأمّا موثّق سعيد[45]، فقد عرفت الإشكال فيه من وجهين، ولذلك لم يعرف قائل بالمنع عن عقده في المئزر. (حكيم).

في إطلاقه تأمّل، بل منع; لأنّ الظاهر جواز الغرزة بالإبرة ونحوها، إلاّ عقد الإزار في عنقه، فالأحوط تركه. (صانعي)

بإبرة (1) ونحوها، بل يغرزه بنفسه، ويجوز الزيادة (2) على الثوبين في ابتداء الاحرام وبعده.
الثاني: النيّة (3) (4)، وهي القصد إلى إحرام عمرة التمتّع لحجّة الإسلام; إمتثالاً لأمره تعالى، ولو كان نائباً قصد النيابة عن المنوب عنه. وكذا لو كان منذوراً. ولو تعدّد ما في ذمّته لزمه التعيين (5)، ولا يجب (6) التعرّض في النيّة لما عدا ذلك من وجوب أوندب، ولا
(1) كما يفهم من خبر الاحتجاج[46]، لكنّ الخبر مقيّد بصورة خروجه عن كونه إزاراً، فلايمنع من مطلق الغرز بالإبرة، مع أنّه ضغيف ـ كما عرفت ـ بالإرسال.
(2) بلا إشكال للنصوص[47].
(3) وجوب النيّة كذلك محلّ تأمّل، بل منع; لعدم معقوليّته كما مرّ، فضلا عن وجوبها، وإنّما الواجب فيه نيّة العمرة أو الحجّ مع القربة، والإحرام ـ كما مرّ ـ أثر شرعيّ يترتّب على التلبية لهما، مثل الإحرام الحاصل في الصلاة بتكبيرة الإحرام، فما يأتي من أحكام نيّته تكون مترتّبة على نيّتهما. فتدبّر جيّداً. (صانعي)
(4) إجماعاً بقسميه، كما في الجواهر[48] وغيرها[49]، وتشير إليه النصوص[50].
(5) إذا كان المتعدّد مختلفاً متعيّناً كلّ في قبال غيره، نظير صلاتي الظهرين، لا بدونه، كما لو وجب صوم يومين، كما أوضحناه في غير المقام. وعن جماعة عدم اعتبار التعيين لوجوه مدخولة لا تصلح للخروج بها عن قاعدة اعتبار التعيين، فراجع.
(6) كما نصّ عليه الجماعة[51]، ودليله ظاهر بمراجعة ما ذكروه من نيّة الوضوء والصلاة.


الإخطار وإن كان هو الأحوط، بل يستحبّ (1) التلفّظ هنا بالنيّة (2)
دون سائر العبادات، وأن (3) يشترط في خلال النيّة (4)، أوفي

(1) كما صرّح بذلك كلّه غير واحد[52]، ويشهد له النصوص، المتضمّنة للأمر بقول: «اللّهمّ إنّي أُريد التمتّع بالعمرة إلى الحجّ...»[53] وما في بعض النصوص[54] من استحباب الإضمار محمول على الإسرار بذلك للتقيّة.
(2) بل قيل[55]: إنّ التلفّظ بكون العمرة عمرة التمتّع مستحبّ، واستدلّ له بصحيحة حمّاد بن عثمان[56]، ولكن في دلالته على الاستحباب تأمّل، كما لا يخفى على المتأمّل فيه. فالتلفّظ هو الأحوط الأُولى. (صانعي)
(3) إجماعاً، كما عن جماعة[57]، ويشهد له جملة من النصوص[58].
(4) كما هو مذكور في النصوص[59]، واعترف به غير واحد[60].


أثناء (1) التلبية أن يحلّه حيث حبسه عن الإتمام. ومعنى الإحرام هو توطين (2) النفس على ترك المحرّمات، الآتي (3) تفصيلها، ولو لم يعلم بها تفصيلاً، ولكن قصد إجمالاً أن يترك ما فصّله في رسالته، أويتعلّمه من معلّمه العارف بتفصيلها أجزأه ذلك، وصحّ إحرامه.

(1) كما عن بعض الأخبار العاميّة[61]. وعن الكركي[62]: الاكتفاء به. واستجوده في الجواهر[63]; لأنّ التلبية هي التي يعقد بها الإحرام، إلاّ أن في ترتيب الأثر عليه حينئذ إشكالاً; لأنّه غير المتيقّن، والأصل يقتضي العدم. نعم، يكفي ذلك في الاستحباب وترتّب الثواب; بناءً على قاعدة التسامح.
(2) كذا ذكر الشهيد (قدس سره)[64]. وكأنّ المراد به، الالتزام النفساني بترك المحرّمات، لكن الظاهر أنّ الالتزام المذكور سبب للإحرام، فيكون بهذا الالتزام الإحرام، نظير سائر العناوين الإيقاعيّة التي تتحقّق بالالتزام، وذكر بعضهم أنّه نيّة ترك المحرّمات، وهو كماترى; فإنّ الإحرام موضوع للنيّة، فلا يكون نفس النيّة، فإنّها لا تكون موضوعاً للنيّة.
وبالجملة، الإحرام من المعاني الإيقاعيّة التي تكون بالالتزام. (حكيم) ـ قد مرّ ما يظهر منه أنّ الإحرام من الحقائق الوضعيّة الاعتباريّة المجعولة شرعاً التي يتحقّق بعد التلبية، وليس بيد المكلّف، فكيف يقصده. (صانعي)
(3) كما يستفاد من غير واحد من الصحاح[65]، لكنّ المذكور فيها، النساء والطيب والثياب، وكأنّ ذلك لأهمّيّتها. فتأمّل.

الثالث: التلبية*، وبها (1) ينعقد إحرام الحجّ والعمرة كإحرام الصلاة
(1) إجماعاً[66]، ونصوصاً مستفيضة[67].



بالتكبيرة، ولا ينعقد إحرام عمرة التمتّع وحجّه، ولا حجّ الإفراد وعمرته
إلاّ بها
(1). أمّا القارن فقد تقدّم أنّه ينعقد إحرامه بها، وبالإشعار (2)

(1) فلا يترتّب عليه أثر قبلها، إجماعاً عن جماعة[68]، ويشهد به كثير من النصوص[69]. وما في خبر أحمد بن محمّد[70] في من وقع على أهله قبل أن يهلّ بالإحرام: أنّ عليه دماً، محمول على الاستحباب، مع أنّه لمخالفته الإجماع وكونه مقطوعاً قاصر عن الحجيّة.
(2) كما هو المشهور الذي تشهد به النصوص الصحيحة الصريحة، ففي بعضها: الإشعار والتقليد بمنزلة التلبية[71]. وفي آخر يوجب الإحرام ثلاثة أشياء: التلبية والإشعار والتقليد[72]، فإذا فعل شيئاً من هذه الثلاثة فقد أحرم. ونحوهما غيرهما[73]. وعن السيّد والحلّي[74] تعيّن التلبية له كغيره، بناء منهم على عدم العمل بنصوص الآحاد الذي تحقّق في محلّه بطلانه. وعن الشيخ وابني حمزة والبرّاج[75] أنّ الانعقاد بغيرها بالعجز عنها جمعاً بين النصوص بذلك، لكنّه ليس جمعاً عرفيّاً، بل الجمع العرفيّ ما عرفت.


المختصّ (1) بالبدن، أو التقليد المشترك بينه وبين سائر النعم أيضاً، واستحباب (2) الجمع
له. والذي يجب من التلبية هوالصيغ الأربع
(3)، وصورتها أن يقول


(1) كذا ذكر الأصحاب[76] مرسلين له إرسال المسلّمات من دون ذكر مناقشة فيه، لكن دليله من النصوص غير ظاهر.
(2) كما في الشرائع والقواعد وغيرهما[77]، ويشهد له بعض النصوص[78]. وما قيل[79] من دليله غير ظاهر ـ كما عن غير واحد ـ كما ترى. هذا، والذي صرّح به في كشف اللثام[80] واستظهره من جملة من العبارات وجوب التلبية على القارن وإن عقد إحرام بغيرها، للأمر بها في النصوص، والحمل على الاستحباب غير ظاهر الوجه، وربما مال إليه في الجواهر[81] هنا، لكن في موضع سابق جعله بعيداً، وهو كذلك; فإنّ النصوص الآمرة بها ظاهرة في الاستحباب، والإطلاقات التي تمسّك بها في الكشف مقيّدة بما دلّ على أنّ الإشعار والتقليد بمنزلة التلبية، وعبارات الأصحاب لا تخلو من غموض وخفاء، وأكثرها ممّن لا يقول بالاجتزاء بالإشعار والتقليد، والكلام مبنيّ على الاجتزاء بهما في عقد الإحرام.
(3) إجماعاً كما قيل[82]، وعن الاقتصاد[83] أنّها خمس، وربما قيل[84]: إنّها ستّ، والنصوص[85] تشهد للأوّل.

مقارناً للنيّة (1): «لبّيك (2) اللّهم لبّيك، لبّيك لا شريك لك

(1) قد يظهر من بعض النصوص[86] جواز تأخير التلبية عن المسجد إلى أن يصل البيداء، ولازمه كون أوّل الإحرام في المسجد، وكون التلبية في البيداء التي تبعد مقدار ميل، كما في النصّ، فلا تكون التلبية مقارنة لأوّله; إذ التزام كون أوّل الإحرام من البيداء كاد أن يكون خلاف الضرورة، لكن يتعيّن حمل النصوص على إرادة الإجهار بها في البيداء، كما يشهد به بعضها[87]، والأقرب حملها على التلبية المستحبّة، لا الواجبة التي بها قوام الإحرام.
(2) قد اختلف في صورة التلبية فقيل[88]: هي: «لبّيك اللّهم لبّيك، لبّيك لا شريك لك لبّيك»، ويشهد له صحيح معاوية[89]، فإنّه بعد ذكر ذلك بإضافة: «إنّ الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك لبّيك...» قال: واعلم أنّه لابّد من التلبّيات الأربع في أوّل الكلام، وهي الفريضة، وهي التوحيد. وقيل[90]: ذلك بإضافة: «إنّ الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك»; لصحيح عاصم[91] أنّه (صلى الله عليه وآله)لبّى بالأربع فقال (صلى الله عليه وآله) لبّيك، ثمّ ذكر الصورة المذكورة.


لبّيك (1)، إنّ الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك، لبّيك» بكسر

الجمع المذكور خلوّ صحيح عمر بن يزيد[92] عن الزيادة المذكورة، وإن اشتمل على غيرها ممّا أجمع على عدم وجوبه. فالأخذ بظاهر الصحيح الأوّل متعيّن، ويحمل ما في صحيح عاصم على أنّه إحدى الكيفيّات التي فعله النبيّ (صلى الله عليه وآله)، لا أنّ تلك الزيادة داخلة في التلبيات الأربع، ومثله ما في صحيح ابن سنان[93] المشتمل على تلك الزيادة وغيرها في مقام بيان تلبية النبيّ (صلى الله عليه وآله)، وقيل[94]: صورتها: «لبّيك اللّهم لبّيك، لبّيك إنّ الحمد والنعمة لك، والملك لاشريك لك لبّيك»، ولم يعرف نصّ يتضمّن ذلك مع كثرة القائل به، كما اعترف به غير واحد على ما حكي[95]. وأمّا ما في المتن فلا قائل به، والظاهر أنّه قول بالثاني، لكنّ الغلط في النسخ.

(1) كما في الصحيح معاوية بن عمّار[96]، وفيه الكفاية في التلبية الواجبة. نعم، إضافة إنّ الحمد الخ تكون أولى. (صانعي)



همزة (1) «إنّ» وبسكون «اللام» وفتح «كاف الملك». والأولى، بل الأحوط (2)


(1) المذكور في كلام جماعة كثيرة[97] جواز الكسر والفتح وأنّ الأولى الكسر.
(2) لما عن الاقتصاد[98] من وجوب الزيادة المذكورة، ووجوب خمس تلبّيات.

أن يضيف إليها خامسة، فيقول: «بحجّة وعمرة تمامها عليك لبّيك». والأفضل (1) أن يقول بعد ذلك: «لبّيك ذا المعارج لبّيك، لبّيك داعياً إلى دار السلام لبّيك، لبّيك غفّار الذنوب لبّيك، لبّيك أهل التلبية لبّيك، لبّيك ذا الجلال والإكرام لبّيك، لبّيك تبدىء والمعاد إليك لبّيك، لبّيك تستغني ويفتقر إليك لبّيك، لبّيك مرهوباً ومرغوباً إليك لبّيك، لبّيك إله الحقّ لبّيك، لبّيك ذا النعماء والفضل الحسن الجميل لبّيك لبّيك كشّاف الكرب العظام لبّيك، لبّيك عبدك وابن عبديك لبّيك، لبّيك يا كريم لبّيك». وليجتهد أن يكون بحضور قلبه مجيباً لدعوة ربّه. ويستحبّ أن يقول: «لبّيك أتقرّب إليك بمحمّد وآل محمّد لبّيك، لبّيك بحجّة أو عمرة لبّيك، لبّيك، وهذه عمرة متعة إلى الحجّ لبّيك، لبّيك أهل التلبية لبّيك، لبّيك تلبية تمامها وبلاغها عليك».
ويجب الاهتمام بصحّتها وتحسينها، ولو لم يحسنها يجب (2) أن يتعلّمها، أو يتلقّنها، ولو لم يتمكّن من التلفّظ بها صحيحة أتى بما يمكنه (3) منها وبترجمتها، ثمّ يستنيب (4) من يقولها عنه على الأحوط.

ولو نسي التلبية في محلّها وتذكّر بعد أن تجاوز الميقات، فإن أمكنه الرجوع والتدارك

(1) المذكور في صحيح معاوية: «لبّيك اللّهم لبّيك، لبّيك لا شريك لك، لبّيك إنّ الحمد والنعمة لك، والملك لا شريك لك...»[99] إلى آخر ما في المتن. (حكيم، صانعي)
(2) من باب المقدّمة.
(3) كأنّه لقاعدة الميسور.
(4) في خبر زرارة: «إنّ رجلاً قدم حاجّاً لا يحسن أن يلبي فاستفتي له أبو عبد الله «ع» فأمر له أن يلبّى عنه»[100]، لكنّه حكاية حال، فلا تخلو من إجمال، كذا قيل[101]، ولكنّه كما ترى.
________________________________________________
[1]. الإحرام في معاجم اللغة:
والإحرام: مصدر أحرم الرجل يحرم إذا أهلّ بالحجّ أو العمرة وباشر أسبابها وشروطها. (مجمع البحرين 6: 38)
وفي ذيل قوله تعالى: (أَوَ لَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَماً آمِناً)، سمّي حرم مكّة حَرَماً لتحريم اللّه فيه كثيراً ممّا ليس بمحرّم في غيره.
قال الفيّومي: الحرمة بالضمّ: ما لا يحلّ انتهاكه، وهذه اسم من «الاحترام»، مثل الفرقة من الافتراق. والجمع حُرمات، مثل «غرفة» «غرفات». وشهر. حرام وجمعه حرم، بضمتين، إلى أن يقول: واحرم الشخص: نوي الدخول في حجّ أو عمرة، ومعناه: أدخل نفسه في شيء حرّم عليه ما كان حلالا له، وهذا كما يقال: أنجد إذا أتي نجداً، وآتهم: إذا أتي تهامة، إلى أن قال: أحرم: دخل الحرم، وأحرم: دخل في الشهر الحرام. (المصباح المنير: 162، مادّة «حرم»).
وفي اللسان: والإحرام مصدر، أحرم الرجل يحرم إحراماً: إذا أهل بالحجّ أو العمرة. (اللسان 12: 122، مادّة «حرم»).
والظاهر من معاجم اللغة، أنّ الإحرام عبارة عن قصد الدخول في أعمال العمرة والحجّ، لا غير.
حكمة الإحرام:
عن الصادق (عليه السلام): وجب الإحرام لعلّة الحرم. (الفقيه 2: 195، الحديث 2122).
عن الرضا (عليه السلام): فإن قيل: فلم اُمروا بالإحرام؟ قيل: لأن يخشعوا قبل دخولهم حرم اللّه وأمنه، ولئـلاّ يلهوا ويشتغلوا بشيء من أمور الدنيا وزينتها ولذّاتها، ويكونوا صابرين فيها، هم فيه قاصدين نحوه، مقبلين عليه بكليتّهم، مع ما فيه من التعظيم للّه عزّوجلّ ولبيته، والتذلّل لأنفسهم عند قصدهم إلى اللّه تعالى، ووفادتهم إليه راجين ثوابه، راهبين من عقابه، ماضين نحوه، مقبلين إليه بالذّل والاستكانة والخضوع. (العيون 2: 120).
قد ذكرنا بحث الإحرام لدخول الحرم وهنا نذكر حدود الحرم استطراداً.
حدود الحرم:
حُدّدت حدود الحرم في الروايات بأنّها بريد في بريد، والبريد أربعة، فراسخ، فتكون المساحة التقريبيّة للحرم ستّة عشر فرسخاً، ويبيّن حدود الحرم بما يلي:
من طريق المدينة: على ثلاثة أميال دون التنعيم. ومن طريق اليمن: طرف إضاءة لبن على سبعة أميال. ومن طريق جدّة: منقطع الأعشاش على عشرة أميال. ومن طريق طائف: على طريق عرفة من بطن نمرة. ومن طريق العراق: على ثنيّة خل بالمقطع على سبعة أميال. ومن طريق الجعرانة: في شعب آل عبد الله بن خالد على تسعة أميال. (أخبار مكّة للأرزقي 2: 131، أخبار مكّة للفاكهي 5: 89، شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام 1: 59).
وفي الروايات أشار إلى حدود الحرم عن رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): أنزل جبرئيل آدم من الصفا، وأنزل حوّاء من المروة، وجمع بينهما في الخيمة، وكان عمود الخيمة قضيب ياقوت أحمر، فأضاد نوره وضوؤه جبال مكّة وما حولها، وكلّما امتدّ ضوأ العمود فجعله اللّه حرماً، فهو مواضع الحرم اليوم كلّ ناحية من حيث بلغ ضوء العود، فجعله اللّه حرماً لحرمه لحرمة الخمية والعمود، لأنهّنّ من الجنّة. (تفسير العيّاشي 1: 36).
[2]. المنتهى 2: 681، الذخيرة: 580، الكفاية: 58، الجواهر 18: 232.
[3]. التحرير 1: 96، مفاتيح الشرائع 1: 313.
[4]. المستند 11: 287.
[5]. منها: وسائل الشيعة 11: 339، كتاب الحجّ، أبواب الإحرام، الباب 15، الحديث 6.
[6]. الدروس 1: 344.
[7]. الجواهر 18: 233، 234.
[8]. ص 149.
[9]. المسالك 2: 236، المدارك 7: 274، الذخيرة: 580 .
[10]. المدارك 7: 274.
[11]. الاحتجاج: 485، وسائل الشيعة 12: 502، كتاب الحجّ، أبواب تروك الإحرام، الباب 53، الحديث 3.
[12]. الدروس 1: 344
[13]. الذخيرة: 581، المستند 11: 294.
[14]. الكافي 4: 339، الحديث 3، الفقيه 2: 215، الحديث 976، التهذيب 5: 66، الحديث 212، وسائل الشيعة 12: 359، كتاب الحجّ، أبواب الإحرام، الباب 27، الحديث 1.
[15]. مجمع الفائدة والبرهان 6: 216.
[16]. الدروس 1: 344، مجمع الفائدة والبرهان 6: 216.
[17]. ص 192.
[18]. المبسوط 1: 319، النهاية: 217، مصباح المتهجّد: 618، الكافي في الفقه: 207، الغنية (الجوامع الفقهيّة): 514، المراسم: 108، النافع: 83، القواعد 1: 80، المنتهى 2: 681، الإرشاد 1: 315، التحرير 1: 96.
[19]. الكافي 4: 339، الفقيه 2: 215، الحديث 976، التهذيب 5: 66، الحديث 212، وسائل الشيعة 12: 359، كتاب الحجّ، أبواب الإحرام، الباب 27، الحديث 1.
[20]. الفقيه2: 219، الحديث 1006، وسائل الشيعة 12: 476، كتاب الحجّ، أبواب تروك الإحرام، الباب37، الحديث 1.
[21]. الفقيه 2:219، الحديث 1006، وسائل الشيعة 12:476، كتاب الحجّ، أبواب تروك الإحرام، الباب 37، الحديث 1.
[22]. الكافي 4: 344، الحديث 1، التهذيب 5: 73، الحديث 243، الاستبصار 2: 308، الحديث 1099، وسائل الشيعة 12: 368، كتاب الحجّ، أبواب الإحرام، الباب 33، الحديث 9.
[23]. المقنع: 72، المقنعة: 396، النهاية: 218، التهذيب 5: 73، النافع: 83، الدروس 1: 344، الرياض 6: 232، المستند 11: 299، الجواهر 18: 244.
[24]. الكافي 4: 344، الحديث 1، التهذيب 5: 73، الحديث 243، الاستبصار 2: 308، الحديث 1099، وسائل الشيعة 12: 368، كتاب الحجّ، أبواب الإحرام، الباب 33، الحديث 9.
[25]. وسائل الشيعة 12: 366، كتاب الحجّ، أبواب الإحرام، الباب 33.
[26]. وسائل الشيعة 12: 366، كتاب الحجّ، أبواب الإحرام، الباب 33.
[27]. كشف اللثام 5: 277، الرياض 6: 227، الجواهر 18: 239.
[28]. أُنظر ص 193.
[29]. الجواهر 18: 245.
[30]. الحدائق 15: 75.
[31]. الكافي 4: 444، الحديث 1، التهذيب 5: 388، الحديث 1355، وسائل الشيعة 12: 399، كتاب الحجّ، أبواب الإحرام، الباب 48، الحديث 2.
[32]. والظاهر ـ كما في الذخيرة: 580 ـ أنّ محلّ لبسهما قبل عقد الإحرام، أي نيّة الحجّ أو العمرة، لالئلاّ يكون بعده لابساً للمخيط; لعدم التلازم بينهما، بل لصحيحتي أبي عمّار. الكافي 4: 326، الحديث 1، وص 454، الحديث 1، الفقيه 2: 200، الحديث 914، التهذيب 5: 167، الحديث 557، وسائل الشيعة 12: 339، أبواب الإحرام، الباب 15، الحديث 6، وص 408، أبواب الإحرام، الباب 52، الحديث 1.
[33]. الكافي 4: 454، الحديث 21، التهذيب 5: 168، الحديث 559، الاستبصار 2: 251، الحديث 881، وسائل الشيعة 12: 408، كتاب الحجّ، أبواب الإحرام، الباب 52، الحديث 1 و2.
[34]. الجواهر 18: 239.
[35]. الفقيه2: 221، ح1023، وسائل الشيعة12: 502، كتاب الحجّ، أبواب تروك الإحرام، الباب53، الحديث 1.
[36]. وسائل الشيعة 12: 502، كتاب الحجّ، أبواب تروك الإحرام، الباب 53.
[37]. المنتهى 2: 783، الذخيرة: 580.
[38]. الدروس 1: 344.
[39]. المنتهى 2: 783، الدروس 1: 344، المدارك 7: 330، الذخيرة: 580.
[40]. قرب الإسناد: 106، وسائل الشيعة 12: 503، كتاب الحجّ، أبواب تروك الإحرام، الباب 53، الحديث 5.
[41]. الدروس 1: 344.
[42]. الجواهر 18: 238.
[43]. الكافي 4: 347، الحديث 3، وسائل الشيعة 12: 502، كتاب الحجّ، أبواب تروك الإحرام، الباب 53، الحديث 2.
[44]. الاحتجاج: 485، وسائل الشيعة 12: 502، كتاب الحجّ، أبواب تروك الإحرام، الباب 53، الحديث 3.
[45]. الفقيه 2: 221، الحديث 1023، وسائل الشيعة 12: 502، كتاب الحجّ، أبواب تروك الإحرام، الباب 53، الحديث 1.
[46]. الاحتجاج: 485، وسائل الشيعة 12: 502، كتاب الحجّ، أبواب تروك الإحرام، الباب 53، الحديث 3.
[47]. وسائل الشيعة 12: 362، كتاب الحجّ، أبواب الإحرام، الباب 30.
[48]. الجواهر 18: 199.
[49]. الرياض 6: 207، المستند 11: 281.
[50]. منها: وسائل الشيعة 12: 342، كتاب الحجّ، أبواب الإحرام، الباب 17، الحديث 1.
[51]. المدارك 7: 257، الرياض 6: 209.
[52]. المدارك 7: 298، مفاتيح الشرائع 1: 314، المستند 11: 286.
[53]. التهذيب 5: 79، الحديث 262، الاستبصار 2: 167، الحديث 552، وسائل الشيعة 12: 343، كتاب الحجّ، أبواب الإحرام، الباب 17، الحديث 2.
[54]. الكافي 4: 333، الحديث 8 و9، التهذيب 5: 87، الحديث 287 و288، الاستبصار 2: 172، الحديث 561 و570، وسائل الشيعة 12: 344، كتاب الحجّ، أبواب الإحرام، الباب 17، الحديث 5 و6.
[55]. المدارك 7: 299، المستند 11: 285، الجواهر 18: 278.
[56]. التهذيب 5: 79، الحديث 261، الاستبصار 2: 167، الحديث 551، وسائل الشيعة 12: 342، كتاب الحجّ، أبواب الإحرام، الباب 17، الحديث 1.
[57]. الانتصار: 105، المختلف: 267، التنقيح 1: 465، مفاتيح الشرائع 1: 312، الذخيرة: 584، الحدائق 15: 100، الرياض 6: 245، المستند 11: 286.
[58]. الكافي 4: 331، الحديث 2، الفقيه 2: 206، الحديث 939، التهذيب 5: 77، الحديث253، وص 79، الحديث 263، الاستبصار 2: 166، الحديث 548، وص 167، الحديث 553، وسائل الشيعة 12: 340، كتاب الحجّ، أبواب الإحرام، الباب 16، الحديث 1 و2.
[59]. التهذيب 5: 81، الحديث 269، الاستبصار 2: 169، الحديث 557، وسائل الشيعة 12: 354، كتاب الحجّ، أبواب الإحرام، الباب 23.
[60]. الانتصار: 105، المختلف: 267، التنقيح 1: 465، مفاتيح الشرائع 1: 312، الذخيرة: 584، الحدائق 15: 100، الرياض 6: 245، المستند 11: 286.
[61]. سنن الكبرى 5: 222.
[62]. جامع المقاصد 3: 107.
[63]. الجواهر 18: 280.
[64]. غاية المراد: 66.
[65]. وسائل الشيعة 12: 340، كتاب الحجّ، أبواب الإحرام، الباب 16.
[66]. الانتصار: 102، الخلاف 2: 289، الغنية (الجوامع الفقهيّة): 514، التذكرة 7: 248، جواهر الفقه: 41، الذخيرة 578، الحدائق 15: 40، المستند 11: 304، المنتهى 2: 676.
[67]. الكافي 4: 330، التهذيب 5: 316، الاستبصار 2: 190، وسائل الشيعة 12: 336، كتاب الحجّ، أبواب الإحرام، الباب 14.
«لبّيك»، أي أنا مقيم على طاعتك، ونصب على المصدر كقولهم «حمداً للّه وشكراً له»، قال الجوهري: وكان حقّه أن يقال: لبّاً لك، ويثنّى على معنى التأكيد، أي ألباباً لك بعد الباب وإقامة، وقيل: أي إجابة لك يا ربّ بعد إجابة.
وفي الحديث: «سمّيت التلبية إجابة; لأنّ موسى أجاب ربّه وقال لبّيك».
وفي المصباح: أصل لبّيك لبيّن لك فحذفت النون للإضافة. قال: وعن يونس أنّه غير مثنّى، بل اسم مفرد يتّصل به الضمير بمنزلة على ولدي إذا اتّصل به الضمير، وأنكره سيبويه وحكى من كلامهم بني زيد بالياء مع الإضافة إلى الظاهر، فثبوت الياء مع الإضافة إلى الظاهر يدلّ على أنّه ليس مثل على ولدي.
ولبّى الرجل: قال التلبية، ولبّى بالحجّ تلبية، وأصله لبيّت بغير همزة. قال الجوهري: قال الفرّاء ربّما أخرجت بهم فصاحتهم إلى أن يهمزوا ما ليس بمهموز. (مجمع البحرين: 166 مادّة لب)، ويأتي مزيداً على ذلك في ص 205.
* التلبية جوهر العبوديّة:
الحجّ ضيافة اللّه تعالى لعباده فهو دعاهم لهذه الضيافة، واستضافهم في بيته المحرّم في موسم الحجّ، كما أنّ الصيام ضيافة أخرى في شهر رمضان المبارك، وفي كلا الضيافتين يدعو اللّه عباده إلى أفضل مواهبه ونعمه: والمواهب التي يدعو اللّه عباده إليها في الحجّ تختلف عمّا نألفه ونعرفه في حياتنا الدنيا من المواهب الإلهيّة والنعم.
فإنّ دعوة الحجّ تتضمّن الدعوة إلى التوحيد والإخلاص والانقطاع إلى اللّه، كما تتضمّن الدعوة الالتزام بقيّم العبوديّة الخالصة للّه وحدة، هذه هي الدعوة، والتلبية استجابة لهذه الدعوة الإلهيّة استجابة من العباد، لدعوة اللّه تعالى لهم على لسان نبيّه إبراهيم (عليه السلام).
ومن عظمة هذه الدعوة الإلهيّة التي أشهرها إبراهيم خليل الرحمن بأمر من اللّه تعالى في عباده: (واذن في النّاس بالحجّ يأتوك رجالا وعلي كلّ ضامر يأتين من كلّ فجّ عميق) إنّ اللّه تعالى وعد عبده وخليله إبراهيم عندما أمره بإشهار هذه الدعوة، فكأنّ الدعوة من اللّه لعباده وإشهار الدعوة بأمر من اللّه والاستجابة للدعوة بضمان ووعد من اللّه تعالى بعبده وخليله إبراهيم (عليه السلام).
ومنذ أن وعد اللّه تعالى إبراهيم عبده وخليله بالاستجابة لهذه الدعوة يحجّ في كلّ عام حشد غفير من الحجّاج من الميقات إلى البيت الحرام ليلبّوا هذه الدعوة.
التلبية هي الاستجابة لدعوة اللّه تعالى; لأنّ اللّه تعالى يدعو عباده إلى الإيمان والإسلام وينهى عن الكفر والشرك والريب والشكّ والنفاق.
والاستجابة لأمر اللّه وحكمه في التشريع هي الطاعة والانقياد عن طوع وإرادة، وخلاف ذلك الذنب والمعصية والفسوق.
التلبية مفتاح الحجّ:
وينطلق الحاجّ إلى الحجّ من الميقات بالتلبية، والتلبية مفتاح الحجّ، كما أنّ التكبيرة مفتاح الصلاة، ومن دون التلبية لا يتمكّن الحاجّ من أن ينطلق في هذه الرحلة المباركة التي شقّ طريقها إليها أبونا إبراهيم (عليه السلام)، وعمقّه، ووكّده ابنه المصطفى خاتم الأنبياء (صلى الله عليه وآله).
ولا يتأتي للإنسان أن ينطلق إلى اللّه في هذه الرحلة الإبراهيميّة في الاستجابة لدعوة اللّه تعالى من دون أن يفتح كلّ قلبه في هذه الاستجابة ويلبّي الدعوة إلى هذه الضيافة التي ينعم بها اللّه تعالى على عباده في كلّ سنة عند بيته المحرّم.
ولا تتأتّي له هذه الاستجابة. وهذا والانفتاح على هذه الدعوة إذا كان لا يعرض في هذه الرحلة عن كلّ دعوة أخرى يدعوه إليها ما في الدنيا من الغنى، فليس في وسع القلب أن يكون له في وقت واحد همّان واهتمامان، يقول اللّه تعالى: (ما جَعَلَ اللّهُ لِرَجُل مِن قَلبين في جَوفِه) (أحزاب: 4). فليس من جوف الإنسان إلاّ قلب واحد، وليس للقلب الواحد إلاّ اهتمام واحد.
فإمّا أن يصرف الإنسان هذا الاهتمام في الاستجابة إلى اللّه تعالى وإمّا أن يصرفه إلى غير اللّه، وإمّا أن يعطّل الإنسان قلبه، ويبلّده محلاّ لكلّ شارد ووارد.
التلبية تفصل الحاجّ في الميقات فصلا كاملا عن دعوات هذه الدنيا وفتنها وإثارتها مرّة واحدة، ويصبّ الحاجّ من كلّ فجّ عميق في الميقات بأزياد مختلفة وهموم كثيرة واهتمامات عديدة، فيصيغهم اللّه تعالى في الميقات صياغة جديدة وينتزعهم من كلّ رغباتهم وهمومهم واهتماماتهم انتزاعاً كاملا بالتلبية، وبمحضّهم للاستجابة لدعوته تعالى، لقد ورد في النصوص الاهتمام بالتلبية، والإكثار منها وترديدها، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): من لبىّ في إحرامه سبعين مرّة احتساباً أشهد اللّه، له ألف ملك ببراءة من النار، وبراءة من النفاق، والبراءة من النفاق من فعل التلبية; فإنّ التلبية وتكرارها تزيل النفاق من النفس وتبرىء صاحبها من حالة النفاق.
وفي الختام نذكر نكته مهمّة، وهي شعور الحاجّ عند التلبية: إنّ التلبية تقترن في نفس الحاجّ بانفعالات نفسيّة، فهي تقترن بالشوق; إذ يقبل الحاجّ إلى الميقات ملبّياً دعوة ربّه، ويقترن بالإحساس بالهيبة عند ما يشعر الحاجّ أنّه يقف بين يدي ذي الجلال والعظمة ليلبّى دعوته. ويقترن بالرهبة والخوف، عندما ينظر إلى نفسه، فلا يراها أهلا لهذا التكريم الإلهيّ، ولا يراها موضعاً لهذه الدعوة الإلهيّة ويخشي إن لبّي أن يردّ اللّه تعالى تلبيته.
وفي الرواية: أنّ جعفر بن محمّد الصادق (عليه السلام) حجّ في سنة، فلمّا استوت به راحلته عند الإحرام كان كلّما همّ بالتلبية انقطع الصوت في حلقه، وكان أن يخرّ من راحلته، فقلت: يا ابن رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) ولا بدّ لك من أن تقول، فقال: كيف آجر أن أقول: لبّيك اللّهم لبيّك، وأخشي أن يقول عزّوجلّ لي: لا لبّيك ولا سعديك. (الأمالي للشيخ الصدوق: 169).
علّة التلبية:
1) عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته: لم جعلت التلبية؟ فقال: إنّ اللّه عزّوجلّ أوحى إلى إبراهيم: (واذّن في الناس بالحجّ يأتوك رجالا) فنادى فأجيب من كلّ فجّ عميق يلبّون. (الكافي 4: 335، الحديث 1، الفقيه 2: 126، الحديث 545، وسائل الشيعة 12: 374، كتاب الحجّ، أبواب الإحرام، الباب 36، الحديث 1).
2) عن أبي عبد الله (عليه السلام) في حديث قال: قلت: فلم جعلت التلبية؟ قال: لأنّ اللّه قال لإبراهيم: (واذّن في النّاس بالحجّ)فصعد إبراهيم على تلّ فنادى وأسمع، فأجيب من كلّ وجه... الحديث. (المحاسن 2: 56، الحديث 93، وسائل الشيعة 11: 238، كتاب الحجّ، أبواب أقسام الحجّ، الباب 2، الحديث 37).
3) عن سليمان بن جعفر قال: سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن التلبية وعلّتها؟ فقال: إنّ الناس إذا أحرموا ناداهم اللّه تعالى ذكره فقال: عبادي وإمائي، لأُحرمنّكم على النار كما أحرمتم لي، فقولهم: لبّيك اللّهم لبّيك، إجابة للّه عزّوجلّ على ندائه لهم. (الفقيه 2: 127، الحديث 546، العيون 2: 83، الحديث 21، وسائل الشيعة 12: 375، كتاب الحجّ، أبواب الإحرام، الباب 36، الحديث 3).
4) عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: مرّ موسى النبيّ (عليه السلام) بصفاح الروحاء على جمل أحمر خطامه من ليف، عليه عباءتان قطوانيّتان، وهو يقول: لبّيك يا كريم لبّيك، قال: ومرّ يونس بن متى بصفاح الروحاء وهو يقول: لبّيك كشّاف الكرب العظام لبّيك، قال: ومرّ عيسى بن مريم بصفاح الروحاء وهو يقول: لبّيك عبدك ابن أمتك. ومرّ محمّد (صلى الله عليه وآله) بصفاح الروحاء وهو يقول: لبّيك ذا المعارج لبّيك. (الكافي 6: 213، الحديث 4، الفقيه 2: 152، الحديث 660، وسائل الشيعة 12: 385، كتاب الحجّ، أبواب الإحرام، الباب 40، الحديث 6).
[68]. الانتصار: 96، المدارك 7: 273، مفاتيح الشرائع 1: 313، الحدائق 15: 100.
[69]. وسائل الشيعة 12: 336، كتاب الحجّ، أبواب الإحرام، الباب 14.
[70]. التهذيب 5: 317، الحديث 1091، الاستبصار 2: 190، الحديث 638، وسائل الشيعة 12: 337، كتاب الحجّ، أبواب الإحرام، الباب 14، الحديث 14.
[71]. الفقيه 2: 209، الحديث 956، التهذيب 5: 43، الحديث 129، وسائل الشيعة 11: 277، كتاب الحجّ، أبواب أقسام الحجّ، الباب 12، الحديث 11 و20.
[72]. الفقيه 2: 209، الحديث 906، التهذيب 5: 43، الحديث 129، وسائل الشيعة 12: 277، كتاب الحجّ، أبواب أقسام الحجّ، الباب 12، الحديث 11 و12.
[73]. وسائل الشيعة 11: 275، كتاب الحجّ، أبواب أقسام الحجّ، الباب 12.
[74]. الانتصار: 102، السرائر 1: 532.
[75]. الجمل والعقود: 226، الوسيلة: 158، المهذّب 1: 215.
[76]. الخلاف 2: 289، الغنية (الجوامع الفقهيّة): 514، المنتهى 2: 676، المختلف: 265.
[77]. الشرائع 1: 220، القواعد 1: 419، الدروس 1: 349.
[78]. الكافي 4: 296 و297، الفقيه 2: 209 و210، التهذيب 5: 43 و44، منها: وسائل الشيعة 11: 275، كتاب الحجّ، أبواب أقسام الحجّ، الباب 12، الحديث 2 و4 و13.
[79]. الدروس 1: 349، المسالك 2: 235، المستند 11: 309.
[80]. كشف اللثام 5: 272.
[81]. الجواهر 18: 226.
[82]. المختلف: 266، المنتهى 2: 677، التحرير 1: 96، الدروس 1: 347، المدارك 7: 268، الذخيرة: 578، الحدائق 15: 60، مجمع الفائدة والبرهان 6: 195.
[83]. الاقتصاد: 477.
[84]. المهذّب 2: 166.
[85]. وسائل الشيعة 12: 382، كتاب الحجّ، أبواب الإحرام، الباب 40.
[86]. الكافي 4: 344، الحديث 14، وسائل الشيعة 12: 370، كتاب الحجّ، أبواب الإحرام، الباب 34، الحديث 6.
[87]. التهذيب 5: 85، الحديث 281، الاستبصار 2: 170، الحديث 563، الوسائل 12: 369، كتاب الحجّ، أبواب الإحرام، الباب 34، الحديث 1.
[88]. النافع: 82، المنتهى 2: 677، المختلف: 265، الدروس 1: 347، المدارك 7: 268، الذخيرة: 578، كفاية الأحكام: 58.
[89]. الكافي 4: 335، الحديث 3، التهذيب 5: 91، الحديث 300، وسائل الشيعة 12: 382، كتاب الحجّ، أبواب الإحرام، الباب 40، الحديث 2.
[90]. المقنع: 69، الهداية: 55، المقنعة: 397، جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى) 3: 67، الاقتصاد: 301، المراسم: 108، المبسوط 1: 316، الكافي في الفقه: 193، النهاية: 215، الغنية: 574، السرائر 1: 536، الوسيلة: 161، الإرشاد 1: 315، القواعد 1: 80، المدارك 7: 268.
[91]. قرب الإسناد: 95، وسائل الشيعة 12: 376، كتاب الحجّ، أبواب الإحرام، الباب 36، الحديث 6.
[92]. التهذيب 5: 92، الحديث 301، وسائل الشيعة 12: 383، كتاب الحجّ، أبواب الإحرام، الباب 40، الحديث 3.
[93]. الفقيه 2: 210، الحديث 959، وسائل الشيعة 12: 384، كتاب الحجّ، أبواب الإحرام، الباب 40، الحديث 4.
[94]. الكافي في الفقه: 193، المبسوط 1: 315، المهذّب 1: 215، السرائر 1: 536.
[95]. المدارك 7: 270، الجواهر 18: 231.
[96]. الكافي 4: 335، الحديث 3، التهذيب 5: 91، الحديث 300، وسائل الشيعة 12: 382، كتاب الحجّ، أبواب الإحرام، الباب 40، الحديث 2.
[97]. يجوز كسر الهمزة من «إنّ الحمد» وفتحها. وحكى العلاّمة في المنتهى (2: 681) عن بعض أهل العربيّة أنّه قال: من قال: «أنّ» بفتحها، فقد خصّ، ومن قال بالكسر فقد عمّ، وهو واضح; لأنّ الكسر يقتضي تعميم التلبية، وإنشاء الحمد مطلقاً، والفتح يقتضي تخصيص التلبية، أي لبّيك بسبب أنّ الحمد لك. (المدارك 7: 272).
وقال العـلاّمة نقلا من بعض الكتب: من فتحها فقد خصّ، ومن كسرها فقد عمّ، ومعناه أنّ من كسر جعل الحمد للّه على كلّ حال، ومن فتح فمعناه السببيّة، أي لبّيك لهذا السبب، أي للحمد. (التذكرة 7: 263).
قيل: يجوز كسر الهمزة من «إنّ الحمد» على الاستيناف، وفتحها بنزع الخافض، وهو لام التعليل، ونقل المصنّف عن بعض أهل العربيّة أنّ من قال أنّ بفتحها فقد خصّ، ومن قال بالكسر فقد عمّ، ووجهه إنّ الكسر يقتضي تعميم التلبية وإنشاء الحمد مطلقاً، والفتح يقتضي تخصيص التلبية، أي لبّيك بسبب أنّ الحمد لك. (الذخيرة: 579). وفي المسالك 2: 235: ومعنى لبيّك: إقامتين على طاعتك، إقامة بعد إقامة، أو مواجهين لك، مواجهة بعد مواجهة; لأنّه إمّا من لبّ بالمكان إذا أقام به، أومن قولهم: دار فلان تلبّ داري، أي تحاذيها، ونصب على المصدر، كقولك حمداً للّه وشكراً، وكان حقّه أن يقال: لباً لك وثنّى تأكيداً، أي إلباباً لك بعد الباب، وإقامة بعد إقامة، هذا بحسب أصله لغةً، لكنّه قد صار موضوعاً للإجابة، وعبّر عنها بذلك، وهي جواب عن النداء القديم الذي أمر اللّه به لإبراهيم (عليه السلام) عند بنائه البيت، فصعد أبا قبيس ونادى الناس، فأجابه من في أصلاب الرجال وأرحام النساء. ويجوز كسر همزة «إنّ» على الاستيناف، وفتحها بنزع الخافض، وهو لام التعليل، والأوّل أجود; لاقتضائه تعميم التلبية في حال استحقاقه الحمد وعدمها، واقتضاء الفتح تخصيصها، أي: لبيّك بسبب أنّ الحمد لك.
وفي (العروة الوثقى 2: 391)... وفي قوله: «انّ الحمد» الخ، يصحّ أن يقرأ بكسر الهمزة وفتحها، والأولى: الأوّل، ولبيّك مصدر منصوب بفعل مقدّر، أي ألبّ لك إلباباً بعد الباب، أولبّا بعد لبّ، أي إقامة بعد إقامة، من لبّ بالمكان، أو ألبّ، أي أقام، والأولى كونه من لبّ. وعلى هذا فأصله: لبين لك، فحذف اللام وأضيف إلى الكاف، فحذف النون، وحاصل معناه إجابتين لك، وربما يحتمل أن يكون من لبّ بمعنى واجه: يقال داري تلبّ دارك، أي تواجهها، فمعناه مواجهتي وقصدي لك.
[98]. الاقتصاد: 477.
[99]. التهذيب 5: 84، الحديث 277، الاستبصار 2: 169، الحديث 559، وسائل الشيعة 12: 382، كتاب الحجّ، أبواب الإحرام، الباب 40، الحديث 1.
[100]. الكافي 4: 504، الحديث 13، التهذيب 5: 244، الحديث 828، وسائل الشيعة 12: 381، كتاب الحجّ، أبواب الإحرام، الباب 39، الحديث 2.
[101]. نقله صاحب الجواهر 18: 224.
عنوان بعدیعنوان قبلی




کلیه حقوق این اثر متعلق به پایگاه اطلاع رسانی دفتر حضرت آیت الله العظمی صانعی می باشد.
منبع: http://saanei.org