Loading...
error_text
پایگاه اطلاع رسانی دفتر حضرت آیت الله العظمی صانعی :: کتابخانه عربی
اندازه قلم
۱  ۲  ۳ 
بارگزاری مجدد   
پایگاه اطلاع رسانی دفتر حضرت آیت الله العظمی صانعی :: مصباح [13] في حكم ماء البئر

مصباح [13] في حكم ماء البئر مصباح [13]

[ في حكم ماء البئر ]

[ الأقوال في المسألة: ]

اختلف الأصحاب في حكم النابع الواقف في محلّه، المسمّى بئراً، على أقوال:

أحدها: أنّه ينجس بالملاقاة مطلقاً، قليلا كان أو كثيراً، وهو اختيار معظم القدماء، ومذهب أعاظم الفقهاء.

قال الشيخ الفقيه أبو الحسن علي بن الحسين بن بابويه في رسالته إلى ولده الصدوق: «اعلم يا بنيّ، أنّ ماء البئر طهور ما لم ينجّسه شيء ممّـا يقع فيه، وأكبر ما يقع فيه الإنسان فيموت، فانزح منها سبعين دلواً، وأصغر ما يقع فيها الصعوة فتموت، فانزح منها دلواً واحداً، وما بين الصعوة والإنسان على قدر ما يقع فيها». ثمّ ذكر جملة من المقادير، ومنها الكرّ، ثمّ قال: «وهذا الذي وصفناه في ماء البئر ما لم يتغيّر الماء فإن تغيّر الماء وجب أن ينزح الماء كلّه» [1621].

وقال المفيد (رحمه الله) في المقنعة: «وإذا وقع في الماء الراكد شيء من النجاسات، وكان كرّاً وقدره ألف ومائتا رطل بالبغدادي وما زاد على ذلك، لم ينجّسه شيء إلاّ أن يتغيّر به، كما ذكرناه في المياه الجارية. هذا إذا كان الماء في غدير أو قليب أو شبهه، فأمّا إذا كان في بئر أو حوض أو إناء، فإنّه يفسد بسائر ما يموت فيه من ذوات الأنفس السائلة وبجميع ما يلاقيه من النجاسات، ولا يجوز التطهير به حتّى يطهر، وإن كان الماء في الغدران والقلبان وما أشبههما دون ألف رطل ومائتي رطل، جرى مجرى مياه الآبار والحياض التي يفسدها ما وقع فيها من النجاسات» [1622].

وقال السيّد المرتضى (رحمه الله) في الانتصار: «وممّـا انفردت به الإماميّة القول بأنّ ماء البئر ينجس بما يقع فيه من النجاسة وإن كان كرّاً، وهو الحدّ الذي حدّد به الماء الذي لا يقبل النجاسة. ويطهر عندنا ماؤها بنزح بعضه، وهذا ليس بقول لأحد من الفقهاء ; لأنّ من لم يراع في الماء حدّاً إذا بلغ إليه، لم ينجس ممّـا يحلّه من النجاسات ـ وهو أبو حنيفة ـ لا يفصّل في هذا الحكم بين البئر وغيرها، كما فصّلت الإماميّة، ومن راعى حداً في الماء إذا بلغه لم يقبل النجاسة ـ وهو الشافعي في اعتبار القلّتين ـ لم يفصّل بين البئر وغيرها. والإماميّة فصّلت فانفردت بذلك من الجماعة. وعذر الإمامية فيما ذهبت إليه في البئر والفصل بينها وبين مياه الغدران والآنية هو ما تقدّم من الحجّة. ويعضد ذلك أنّه لا خلاف بين الصحابة والتابعين في أنّ إخراج بعض ماء البئر يطهّرها، وإنّما اختلفوا في مقدار ما ينزح، وهذا يدلّ على حكمهم بنجاستها على كلّ حال، من غير اعتبار ] لمقدار [ مائها» [1623].

وقال الشيخ (رحمه الله) في النهاية: «وأمّا مياه الآبار، فإنّها تنجس بكّل ما يقع فيها من النجاسة، ولا يجوز استعمالها قبل تطهيرها» [1624].

وقال في المبسوط: «وأمّا مياه الآبار، فإنّها تنجس بما يقع فيها من النجاسات، قليلا كان الماء أو كثيراً» [1625].

وقال في الجمل: «فماء البئر طاهر مطهّر، إلاّ أن يقع فيه نجاسة، فإذا وقعت فيه نجاسة فقد نجست، قليلا كان الماء أو كثيراً» [1626].

وقال في الاقتصاد: «وماء البئر النابعة فإنّما ينجس بما يحصل من النجاسة فيها، تغيّر ماؤها أو لم يتغيّر» [1627].

وقال سلاّر: «وهو (أي: الماء النجس) على ثلاثة أضرب: أحدها يزول حكم نجاسته بإخراج بعضه، والآخر يزول بزيادته، والآخر لا يزول حكم نجاسته على وجه. فالأوّل: مياه الآبار، وهي تنجس بما يقع فيها من نجاسة، أو بموت ما نذكره، وتطهر بإخراج ما نحدّه، فنقول: إنّ تطهيره على ثلاثة أضرب: أحدها: بنزح جميع مائها، والآخر بنزح كرّ، والآخر بنزح دلاء معدودة» [1628].

وقال أبو الصلاح: «وهو (أي: الماء) على ظاهر الطهارة حتّى يخالطه النجاسة، فينجس لذلك مياه الآبار، وما نقص ـ من المياه المحصورة ـ عن الكرّ» [1629].

وقال ابن البرّاج في شرح الجمل: «وذهب أصحابنا إلى أنّه ينجس بما يلاقيه من ذلك و[1630] تغيّر أحد أوصافه، جارياً كان أو راكداً، قليلا كان أو كثيراً، من مياه الآبار وممّا عداها، وعلى كلّ وجه وإن لم يتغيّر أحد أوصافه وكان راكداً وهو أقلّ من كرّ نجس إن لم يكن من مياه الآبار، فإنّهم يذهبون إلى نجاستها بما يلاقيها من النجاسة، ولا يعتبرون فيه قلّة ولا كثرة».

قال: «وإنّما ذهبوا في الآبار إلى ما ذكرناه ; لأنّ حكمها عندهم مفرّد عن سائر المياه. والذي يدلّ على صحّة ما ذهبنا إليه هو إجماع الطائفة] عليه[، وفيه الحجّة» [1631].

وقال ابن حمزة: «وأمّا ماء الآبار، فإنّه لا يعتبر فيه الكرّ، وينجس بوقوع كلّ نجاسة فيه، قلّ الماء أو كثر» [1632].

وقال ابن زهرة: «فإن كان الماء راكداً قليلا، أو من مياه الآبار، قليلا كان أو كثيراً، تغيّر بالنجاسة أحد أوصافه أو لم يتغيّر، فهو نجس، بدليل إجماع الطائفة» [1633].

وقال ابن إدريس: «وأمّا مياه الآبار، فإنّها تنجس بما وقع فيها من سائر النجاسات، قليلا كان الماء أو كثيراً، غيّرت النجاسة الواقعة فيها أحد أوصاف الماء، أو لم تغيّره، بغير خلاف بين أصحابنا» [1634].

وقال المحقّق في الشرائع: «وأمّا ماء البئر، فإنّه ينجس بتغيّره بالنجاسة، إجماعاً، وهل ينجس بالملاقاة؟ فيه تردّد، والأظهر التنجيس» [1635].

وقال في النافع: «وفي نجاسة ماء البئر بالملاقاة قولان، أظهرهما التنجيس» [1636].

وفي المعتبر أورد عبارة النافع، ثمّ حكى القول بالتنجيس عن الثلاثة [1637] في المقنعة، والنهاية، والمبسوط، والخلاف، ومسائل الخلاف للسيّد، والمصباح، وجمل العلم والعمل. ونقل الخلاف في ذلك عن الشيخ في كتابي الأخبار، ثمّ قال: «فقد تبيّن أنّ الأظهر بين الأصحاب: الفتوى بالنجاسة عند الملاقاة» [1638].

ثمّ أخذ في الاحتجاج لما صار إليه.

واختار هذا القول أيضاً في المسائل المصرية [1639]، وبالغ في الذبّ عنه.

وقال تلميذه الآبي في كشف الرموز ـ بعد نقل الخلاف في المسألة ـ: «وضابط الباب أنّ فتوى فقهائنا اليوم على نجاسته، إلاّ شاذّاً [1640] منهم». قال: «وربّما قال قائل لا ينجس الماء، بل النزح تعبّد» [1641]. ثمّ استضعف هذا القول وحكم بالتنجيس*.

* ـ جاء في حاشية المخطوطات: «وقال ابن أبي المجد الحلّي في الإرشارة: «أو نبع، وهو ماء البئر، فأصله الطهارة إلاّ أن ينجس بكّل نجاسة وقعت فيه، سواء تغيّر أو لا، وسواء كان ماؤه كثيراً أوقليلاً، ولا يطهر إلاّ بالنزح منه» [1642]. وقال الشيخ عبدالعالي في حاشية الإرشاد: «اختلف أصحابنا في نجاسة البئر بالملاقاة، والأكثرون على النجاسة، بل كاد يكون إجماعاً. وذهب ابن أبي عقيل إلى العدم، بناءً على ما اختاره من عدم انفعال القليل بالملاقاة، والمصنّف في أكثر كتبه وافقه على عدم نجاسة البئر، ونقل ذلك أيضاً عن بعض أصحابنا، وهو الذي اختاره الشيخ في التهذيب، لكن أوجب النزح مع ذلك، ويحكى عن البصروي اعتبار الكرية، والمعتمد النجاسة مطلقاً» [1643].

وقال ابن القطان: «ماء البئر ينجس بالتغير إجماعاً، ولو تغيّر بمنجّس، كالجلد، نزح بنزوح نجاسته، وإن بقيت الرائحة، وفي نجاسته بالملاقاة توقّف، ووجوب النزح واضح. وفي إلحاق ؟ به توقّف، وماء العين المحبوس كالبئر، وغيره كالجارى» [1644]، منه (قدس سره).

واختاره العلاّمة في التلخيص [1645]، والشهيدان في اللمعة [1646]، والبيان [1647]، ونقد الشرائع [1648]، ومحتمل الروضة [1649]. وفي غاية المراد: «والأكثر من الأصحاب ويكاد يكون إجماعاً منهم على النجاسة، ولعلّه الحجّة» [1650].

وفي الروض: «المسألة من أشكل أبواب الفقه، غير أنّ المعتبر في المصير إلى مثل هذه الأحكام رجحان ما لأحدهما على ضدّه،، كأنّه موجود هنا في جانب النجاسة، والله أعلم بحقائق أحكامه» [1651].

[ القول بالطهارة مطلقاً: ]
وثاني الأقوال: القول بالطهارة مطلقاً، كثيراً كان الماء أو قليلا، رواه من فقهاء أصحاب الأئمة (عليهم السلام): زرارة، وأبو بصير، وأبان، وحمّـاد، والبزنطي، والسرّاد، وابن المغيرة، وغيرهم.

وحكاه المحقّق (رحمه الله) في المسائل المصريّة [1652] عن قوم من القدماء. وتلميذه الآبي في كشف الرموز [1653] عن جماعة من معاصريه.

وقال العلاّمة (رحمه الله) في المختلف ـ بعد نقل القول الأوّل عن الأكثر ـ: «وقال الآخرون: لا ينجس بمجرّد الملاقاة» [1654].

وعزى في المعالم [1655]، والذخيرة [1656] هذا القول إلى أكثر من تأخّر.

وقال في المدارك: «وإليه ذهب عامّة المتأخّرين» [1657].

والقائلون بذلك على التعيين ممّن تقدّم أو تأخّر، جمّ غفير من الأصحاب، منهم: الشيخ الجليل أبو محمّد الحسن بن أبي عقيل العمّاني، حكى ذلك عنه العلاّمة [1658]، والشهيدان [1659]، وغيرهم [1660]. وليس هذا القول منه مبنيّاً على ما ذهب إليه من طهارة القليل من الراكد ; فإنّ ماء البئر منفرد عن غيره قولا ودليلا، ولا يلزم من القول بطهارة الراكد طهارة البئر، وإلاّ لوجب على المشهور التفصيل فيها، بالفرق بين الكثير والقليل، كما فصّلوا في الراكد.

وقال الصدوق (رحمه الله) في الهداية: «ماء البئر واسع لا يفسده شيء، وأكبر ما يقع في البئر الإنسان فيموت فيها، ينزح منها سبعون دلواً، وأصغر ما يقع فيها الصعوة، ينزح منها دلو واحد، وفيما بين الإنسان والصعوة على قدر ما يقع فيها» [1661].

وظاهره طهارة البئر ووجوب النزح.

وهو قضيّة كلامه في الفقيه [1662]، والمقنع [1663] ; فإنّه حكم فيهمابنزح المقدّرات، وروى أنّه لا يغسل الثوب، ولا تعاد الصلاة ممّا وقع فيها، إذا لم يعلم به قبل الاستعمال.

وقال الشيخ في التهذيب، في باب تطهير المياه من النجاسات: «وبقي أن ندلّ على وجوب تطهير مياه الآبار، فانّ من استعملها قبل تطهيره يجب عليه إعادة ما استعمله فيه، إن وضوءً فوضوءً، وإن غسلا فغسلا، وإن كان غسل الثياب فكذلك. قال محمّد بن الحسن: عندي أنّ هذا إذا كان قد غَيّر ما وقع فيه من النجاسة أحَد أوصاف الماء، إمّا ريحه، أو طعمه، أو لونه، فأمّا إذا لم يغيّر شيئاً من ذلك فلا يجب إعادة شيء من ذلك، وإن كان لا يجوز استعماله إلاّ بعد تطهيره» [1664].

وقال في باب المياه من الزيادات، مشيراً إلى ما ذكره في باب التطهير: «وقد بيّنّا أنّ حكم الآبار مفارق لحكم الغدران، وأنّها تنجس بما يقع فيها، وتطهر بنزح شيء منها، سواء كان الماء فيها قليلا أو كثيراً» [1665].

وقال في الاحتجاج على نزح الجميع لوقوع البعير وانصباب الخمر: «إنّه إذا وقع ذلك في البئر فقد نجس الماء بلا خلاف، فيجب أن لا يحكم عليه بالطهارة إلاّ بدليل ] قاطع [، ولا دليل على شي يقطع به في الشريعة على شيء مقدّر، فيجب أن ينزح جميعها» [1666].

وقال في الاستبصار ـ بعد نقل الروايات المتضمّنة لعدم وجوب إعادة الوضوء والصلاة باستعمال ماء البئر الملاقية للنجاسة ـ: «ما يتضمّن هذه الأخبار من إسقاط الإعادة في الوضوء والصلاة عمّن استعمل هذه المياه، لا يدلّ على أنّ النزح غير واجب مع عدم التغيّر ; لأنّه لا يمتنع أن يكون مقدار النزح في كلّ شيء يقع فيه واجباً، وإن كان متى استعمله لم يلزمه إعادة الوضوء والصلاة ; لأنّ الإعادة فرض ثان، فليس لأحد أن يجعل ذلك دليلا على أنّ المراد بمقادير النزح ضرب من الاستحباب، على أنّ الذي ينبغي أن يعمل عليه هو أنّه إذا استعمل هذه المياه قبل العلم بحصول النجاسة ]فيها[ فإنّه لا يلزم إعادة الوضوء والصلاة، ومتى استعملها مع العلم بذلك لزمه إعادة الوضوء والصلاة» [1667].

ومقتضى كلامه في الكتابين: وجوب نزح المقدّرات الشرعية، مع عدم انفعال البئر بالملاقاة.

أمّا الأوّل: فلوقوع التصريح به في كلامه، كما عرفت.

وأمّا الثاني: فلحكمه بعدم وجوب غسل الثوب وإعادة الطهارة والصلاة، إمّا مطلقاً ـ كما هو ظاهر التهذيب ـ، أو بشرط الجهل ـ كما في الاستبصار ـ، ولو كان الماء نجساً لوجب ذلك ; لأنّ الماء النجس لا يزيل الخبث ولا يرفع الحدث بالإجماع.

وعلى هذا فمراد الشيخ من نجاسة ماء البئر قبل النزح مجرّد المنع من استعماله كذلك، وتطهيره به زوال المنع المذكور.

ولا حجّة في هذا التأويل، مع وضوح القرينة الدالّة عليه. وقد فهم ذلك من كلامه الأكثر [1668]، منهم الفاضلان [1669] حيث نسبوا إليه القول بالطهارة هنا، وحكى في المدارك عن جدّه في الرسالة أنّه أبقى كلام الشيخ على ظاهره من القول بالنجاسة، وعدم وجوب الإعادة. قال: «وهو بعيد جدّاً» [1670].

قلت: بل فاسد قطعاً ; فإنّ اشتراط طهارة الماء في حصول التطهير به معلوم بالضرورة، فيتعيّن التأويل فيما يوهم خلافه، تنزيهاً لكلام الشيخ عن مثل ذلك.

وحكى الشهيد (قدس سره) في غاية المراد [1671] عن الشيخ الفقيه أبي يعلي محمّد بن الحسن بن حمزة الجعفري، خليفة المفيد (رحمه الله)، أنّه نقل القول بالطهارة عن الشيخ الجليل أبي عبد الله الحسين بن عبد الله الغضائري، شيخ الشيخ والنجاشي وغيرهما، وعن شيخه السيّد العماد عميد الدين في الدروس [1672] حكايته أيضاً عن الشيخ الفقيه البارع في الأُصولين مفيد الدين محمّد بن جهم [1673] الأسدي، شيخ العلاّمة طاب ثراه.

ونصّ العلاّمة (رحمه الله) في جميع كتبه، عدا التلخيص [1674]، على طهارة ماء البئر وعدم انفعاله بملاقاة النجاسة، وهو الذي استقرّ عليه رأيه بعد موافقة [1675] المشهور في ظاهر الكتاب المذكور ; فإنّ المختلف من آخر ما صنّفه، وقد صرّح فيه بعدم الانفعال [1676]. وبذلك حكم في المسائل المدنيّة [1677] ـ وهي أجوبة مسائل السيّد الشريف مهنّا بن سنان المدنيّ ـ حيث سأله عمّـا اشتهر عنه من القول بعدم نجاسة البئر بالملاقاة، وعدم وجوب النزح. فأجابه: بأنّ الحقّ عنده عدم النجاسة.

والمسائل المذكورة متأخّرة التاريخ عن جميع كتبه، فإنّه قد أجاز فيها السيّد المذكور بجميع مصنّفاته، ومنها كتاب «تلخيص المرام في معرفة الأحكام» [1678].

ثمّ إنّه (رحمه الله) في المنتهى ـ وهو من أوّل ما صنّفه ـ اختار الطهارة ووجوب النزح تعبّداً [1679]. ورجع عن ذلك في النهاية [1680]، والتذكرة [1681]، والإرشاد [1682]، والتبصرة [1683]، وصرّح فيها باستحباب النزح، وهو الذي يقتضيه ظاهر كلامه في سائر كتبه [1684]. والمستفاد من جميعها عدم الفرق عنده في ذلك بين أن يكون ماء البئر كثيراً أو قليلا ; فإنّه أطلق فيها القول بطهارة البئر، ولم يفصّل بين القليل والكثير، ولم ينقل القول بالتفصيل عن أصحابنا في شيء منها، بل حكاه في التذكرة[1685] عن الجمهور، وظاهره في القواعد الحصر في القولين عندنا، حيث قال: «وإن لاقته من غير تغيير فقولان» [1686].

والقول بالنجاسة يعمّ القليل والكثير، كما نصّوا عليه، وكذا القول بالطهارة المقرون به.

وقد حكى في المختلف [1687]، والمنتهى [1688] هذا القول عن الشيخ وابن أبي عقيل، واختاره. والمعلوم من مذهبهما القول بالطهارة مطلقاً، فيكون ما اختاره كذلك. وإلزامه بالتفصيل، لاشتراط الكرّية في الجاري في بعض كتبه [1689]، ـ كما صنعه جماعة [1690] ـ ليس بجيّد، سواء علّل بالفرديّة، كما في المدارك [1691]، أو الأولويّة، كما في غيره [1692]، وسواء أُريد بذلك إثبات القول له بالتفصيل، أو مجرّد الإلزام به، وإن قال بخلافه ; فإنّ البئر ليست من أنواع الجاري عرفاً ولا اصطلاحاً، والبناء على الأولويّة يقتضي إلزام المشهور بالتفصيل أيضاً، فإنّ الكرّ النابع أولى بالطهارة من غيره.

وقال فخر المحقّقين في الإيضاح: «اختلفوا في تنجيس البئر بمجرّد ملاقاة النجاسة، فقال الشيخان وسلاّر وابن إدريس بالتنجيس... وقال الشيخ في بعض كتبه، وابن أبي عقيل، والمصنّف بعدمه... وهذا هو الحقّ عندي» [1693].

وقال السيوري في التنقيح ـ بعد حكاية القولين والاحتجاج لهما ـ: «وحكى المصنّف وغيره عن بعض الفقهاء القول بالطهارة مع وجوب النزح، وهو ظاهر كلام الشيخ في التهذيب، وهو غير بعيد ; جمعاً بين الأدلّة، مع احتمال أدلّة الأوّلين التأويل، فإنّ الفتوى بالنزح لا يستلزم وجوبه، وبتقدير وجوبه لا يستلزم التنجيس ; لجواز كونه بالتعبّد. وقوله (عليه السلام): «يطهّرها» يحتمل الطهارة اللغويّة، وإزالة البشاعة والنفرة. ثمّ الذي يؤيّد القول بعدم التنجيس روايات كثيرة» [1694].

وظاهره اختيار الطهارة، والميل إلى وجوب النزح.

وقال ابن فهد في المحرّر: «وماء البئر طاهر، فإن وقعت فيه نجاسة غيّرت أوصافه نجس، ووجب نزحه حتّى يزول تغييره، وإن لم يغيّره لم ينجس. ويجب النزح بحسب ما نصّ عليه الشرع. ولو استعملها قبل النزح أثم، وصحّ التطهير [1695] بمائها» [1696].

وقال في الموجز: «ولا ينجس البئر ما لم يتغيّر ماؤها» [1697]. ثمّ ذكر أنّه تعبّد بنزح المقدّرات.

وصريح كلامه في الأوّل، وظاهره في الثاني وجوب النزح تعبّداً.

وقال في المقتصر: «وذهب الشيخ في التهذيب إلى عدم التنجيس ووجوب النزح، وهو قويّ» [1698].

ونصّ المحقّق الكركي في جميع كتبه وتعليقاته [1699] على الطهارة واستحباب النزح، وصرّح في كنز الفوائد [1700]، وتعليق التحرير [1701]، والنافع [1702]، بعدم الفرق في ذلك بين القليل والكثير، وهو ظاهر اختياره في تعليق الشرائع [1703]، والإرشاد [1704]، وحاشية المختلف [1705] والرسالة الجعفرية [1706]. وكلام تلميذه أبي طالب في شرحها [1707] يوافقها في التصريح والاقتضاء.

وقال الفاضل الميسي: «وفي عدم انفعاله بدون التغيير قوّة» [1708].

وإلى القول بالطهارة خيار الشهيد الثاني (رحمه الله)، واعتمد عليه أخيراً بعد ذهابه إلى القول بالنجاسة في بعض كتبه، على ما صرّح به ولده المحقّق الشيخ حسن (رحمه الله) في المعالم [1709]، ووجدناه في رسالته المعمولة في المسألة، فإنّه رجّح فيها القول بالطهارة مطلقاً، مع استحباب النزح، ونفى الإشكال عن عدم الانفعال، معوّلا في ذلك وفي طهارة الجاري القليل على الصحيح المعلّل بالمادّة، مدّعياً صراحته فيهما. قال: «ولمّـا تحقّق لي ذلك صرت إلى القول بمضمونه في الأمرين معاً، فالحمد لله الذي هدانا لهذا، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله» [1710].

وعلى هذا القول استقرّ رأي الأصحاب بعد الشهيد الثاني (قدس سره)، ذهب إليه ولداه الفاضلان في المنتقى [1711]، والمعالم [1712]، والمدارك [1713]، وشيخنا المولى المقدّس الأردبيلي [1714]، والسيّد الماجد البحراني [1715]، والشيخ العلاّمة البهائي [1716]، وتلميذه الشيخ الجواد الكاظمي [1717]، والمولى المروّج التقيّ المجلسي [1718]، وولده العلاّمة في ظاهر كلامه [1719]، والمحقّق الخراساني [1720]، والعلاّمة الخوانساري [1721]، والفاضل القاساني [1722]، والشيخ الحرّ العاملي [1723]، والسيّد حسين الكركي [1724]، والسيّد نعمة الله الجزائري [1725]، والشيخ فخر الدين الطريحي [1726]، وولده الشيخ صفي الدين [1727]، والشيخ علي بن الحسين بن أبي جامع [1728]، والمولى الطبري [1729]، وهو ظاهر اختيار الفقيه المحقّق الشهير بالفاضل الهندي [1730]، وبه قال جميع مشايخنا الذين عاصرناهم* [1731].

وقد تبيّن بما قلناه إجماع المتأخّرين على هذا القول. ومذهب جميع هؤلاء مع الطهارة استحباب النزح، كما ذهب إليه العلاّمة [1732] والمحقّق الكركي [1733]، والشهيد الثاني [1734].

* ـ جاء في حاشية «د» و«ش»: «قاله المولى الاردبيلي في المجمع، والسيد ماجد في الرسالة اليوسفية، والشيخ البهائي في الإثنا عشرية، والشيخ جواد في شرح الجعفرية، والتقي المجلسي في الحديقة، وولده العلامة المجلسي في ظاهر البحار وحواشي الاستبصار، والمحقّق الخراساني في الكفاية والذخيرة، والعلامة الخونساري في شرح الدروس، والفاضل القاساني في الوافي والمفاتيح والنخبة، والشيخ الحرّ في البداية وغيرها، والسيد الكركي في النفحات الاحمدية، والسيد الجزائري في شرح الاستبصار، والشيخ الطريحي في الرسالة الفخرية، وولده في شرحها الرياض الزهرية، وابن ابي جامع في توقيف المسائل، والمولى الطبرى في حاشية المدارك، ومشايخنا المعاصرون في الحدائق، ونتائج الاخبار، وشرح المفاتيح، وغيرها من كتبهم.» منه (قدس سره).

وهو المنقول عن ابن أبي عقيل، وابن الغضائري، وابن جهم [1735]، وفخر المحقّقين [1736]، وغيرهم ممّن قال بطهارة البئر من المتقدّمين.

قال الصيمري في غاية المرام، وكشف الالتباس: «وقال ابن أبي عقيل * لا ينجس بالتغيّر، ويستحبّ النزح، واختاره العلاّمة وابنه» [1737].

وحكى الشهيد في غاية المراد [1738] عن ابن أبي عقيل، وابن الغضائري، وابن جهم، الإفتاء بمضمون روايات الطهارة، كما ذهب إليه العلاّمة، ومقتضى ذلك أنّ مذهبهم عدم وجوب النزح، كما هو الظاهر من تلك الأخبار.

وقال المحقّق (رحمه الله) في المسائل المصرية ـ في الجواب عن سؤال البئر ـ: «لأصحابنا في هذه قولان:

أحدهما: النجاسة ووجوب النزح للتطهير، وهو اختيار المفيد، والشيخ أبي جعفر في النهاية، وعلم الهدى، ومن تابعهم.

والثاني: أنّها لا تنجس إلاّ بالتغيّر، ولا يجب النزح إلاّ معه، وهو اختيار قوم من القدماء.

* ـ جاء في حاشية «د» و«ش»: «في المهذّب البارع [1739] عن ابن أبي عقيل القول بالطهارة ووجوب النزح، وهو غريب.» منه (قدس سره).

وخرّج الشيخ في التهذيب والاستبصار وجهاً ثالثاً، وهو أنّه لا يغسل منها الثوب، ولا تعاد منها الصلاة، لكن لا يجوز استعمالها إلاّ بعد النزح» [1740].

وكلامه صريح في أنّ القول الثاني في المسألة ـ وهو طهارة البئر، وعدم وجوب النزح ـ وأنّ إيجاب النزح إنّما هو شيء خرّجه الشيخ في كتابي الأخبار. والظاهر أنّ كلّ من قال بطهارة البئر ولم يبيّن حكم النزح، فهو قائل بعدم وجوبه ; لأنّه المفهوم من إطلاق القول بالطهارة، فيكون مستحبّاً، إذ لا أقلّ من الندب.

وحينئذ فينحصر القائل بالوجوب [1741] في: الشيخ، والعلاّمة في المنتهى، وابن فهد، وظاهر الصدوق، والسيوري [1742]، ويكون فتوى الباقين على الاستحباب.

وثالث الأقوال في المسألة: التفصيل بين الكثير والقليل، فينجس ما دون الكرّ منه بالملاقاة، دون الكرّ فما زاد.

وحكاه الشهيد في غاية المراد [1743] عن الشيخ أبي الحسن محمّد بن محمّد البُصروي، تلميذ السيّد المرتضى، في كتابه المعروف بـ «المفيد» [1744].

وما ذهب إليه من التفصيل موافق لما قاله شيخه المرتضى في الجمل، وهذه عبارته: «كلّ ماء على أصل الطهارة إلاّ أن يخالطه ـ وهو قليل ـ نجاسة، فينجس، أو يتغيّر ـ وهو كثير ـ أحد أوصافه من لون، أو طعم، أو رائحة. وحدّ القليل ما نقص عن كرّ، والكثير ما بلغه أو زاد عليه» [1745].

والظاهر منها حيث أطلق فيها التفصيل في المياه، ولم يذكر سواه، أنّ [1746] ذلك هو الأصل عنده في جميع أنواع الماء: الراكد، والجاري، والبئر، وهو يوافق المشهور [1747] في الأوّل، ويوافق العلاّمة في الثاني، والبصروي في الثالث [1748]، لكنّ الأصحاب لم ينقلوا خلاف السيّد في المسألتين [1749]، وكان عذرهم في الثانية[1750] تصريحه في الانتصار وغيره [1751] بنجاسة البئر مطلقاً، ونقله الإجماع على ذلك، وهو غير واضح ; فإنّ تغيير الرأي من المجتهد ليس ببدع، والجمع بين الأقوال غير معهود.

وعزى المحقّق في المعتبر [1752] القول بنجاسة البئر إلى السيّد في الجمل، وهو غريب. وقد يعتذر عنه بالحمل على النجاسة في الجملة، وهو بعيد.

وحكى الشهيد في الذكرى عن الجعفي، أنّه قال: يعتبر فيها ذراعان فى الأبعاد الثلاثة، فلا ينجس. قال: «ثمّ حكم بالنزح» [1753].

ومقتضاه وجوب النزح تعبّداً فيما بلغ الحدّ المذكور، والنجاسة فيما نقص عنه.

وما ذكره من الحدّ إن كان تحديداً للكرّ، رجع إلى قول البصروي، وكان الخلاف بينهما في تحديد الكرّ، ولكن في بحث الكثير من الذكرى: «وقول الجعفي: وروي الزيادة على الكرّ، راجع إلى الخلاف في تقديره» [1754]، وهذا يعطي كونه تحديداً للكثير دون الكرّ. فالتوافق بينهما حينئذ في الفرق بين الكثير والقليل، والاختلاف في تحديد الكثير واشتراط الكرّ.

ثمّ انّه لم يتبيّن من كلام السيّد ولا من المنقول عن البُصروي حكم النزح في الكثير والقليل، لكنّ الظاهر من إطلاق الطهارة في الكثير عدم الاحتياج إلى النزح فيه، ومن الإجماع المحكي على طهر البئر المتنجّسة بالنزح طهارة القليل منها به، فيثبت الخلاف بينهما وبين الجعفي من وجه آخر، وهو: وجوب نزح البئر مع الكثرة عنده، دونهما.

[ محصّل الأقوال في المسألة: ]

وقد استبان بما [1755] قلناه: أنّ أُصول الأقوال في المسألة ثلاثة:

النجاسة مطلقاً،

والطهارة كذلك،

والتفصيل بالفرق بين الكثير والقليل.

وأنّ كلاّ من القولين الآخرين يعود إلى قولين: استحباب النزح مع الطهارة، والوجوب معها.

فتصير الأقوال فيها: خمسة.

وقال الشهيد الثاني (رحمه الله) في رسالته ـ بعدما حكى في المسألة القول بالنجاسة والطهارة ـ: «والقولان للشيخ (رحمه الله)، أوّلهما: هو المشهور من مذهبه، والثاني: نقله عنه جماعة. وله في كتابي [1756] الحديث قول ثالث، وهو أنّه ينجس ويجب النزح المقدّر، لكن لا يجب إعادة الصلاة، ولا غَسل ما لاقاه قبل العلم بالنجاسة. وله قول رابع: أنّه لا ينجس، ولكن يجب النزح تعبّداً، جمعاً بين النصوص» [1757].

وعلى هذا فيكون أقوال المسألة ستّة، سادسها القول الثالث للشيخ، لكنّ الصحيح أنّ له في المسألة قولين فقط: القول بالنجاسة، وهو الذي ذهب إليه فيما عدا كتابي الحديث من مصنّفاته، والقول بالطهارة ووجوب النزح، وهو المتحصّل ممّـا قاله في الكتابين.

وأمّا القول بالنجاسة وعدم وجوب الإعادة ـ كما هو ظاهر كلامه فيهما ـ مأوّل بما مرّ [1758] ; للتنافي الظاهر بين الأمرين ; فإنّ النجاسة تستلزم وجوب الغسل والإعادة بلا خلاف إلاّ في الصلاة، ففيها قول شاذّ بعدم وجوب الإعادة مطلقاً، أو بعد خروج الوقت، وتخصيص النفي بها يأباه تصريحه بغيرها. وكذا فرقه بين المتغيّر وغيره.

وأمّا القول بالطهارة واستحباب النزح، فلم نجده في شيء من كتب الشيخ، ولا نقله عنه ناقل في كتب الخلاف. نعم، ربما أوهمه كلام العلاّمة في المختلف [1759] وغيره [1760]، حيث حكى القول بالطهارة عن الشيخ وابن أبي عقيل وغيرهما، واختاره ; فإنّه يشعر باتّحاد أقوال الجميع، لكنّ الظاهر أنّ مراده اشتراكهم في أصل الطهارة، وإن اختلفوا في وجوب النزح واستحبابه. وقد نبّه المحقّق الكركي في حاشية المختلف [1761] على عدم استواء المذكورين في هذا القول.

[ القول المختار في المسألة والاستدلال عليه: ]

والمختار من هذه الأقوال: طهارة البئر مطلقاً، مع استحباب النزح، كما ذهب إليه عامّة المتأخّرين.

لنا على ذلك: وجوه من الأدلّة.

أوّلها: الأصل، ومرجعه إلى عدّة أُصول، هي: أصل الطهارة، واستصحابها في الماء وما يلاقيه من الأعيان، وأصالة طهارة الأشياء عموماً، وأصل طهارة الماء خصوصاً، واستصحاب طهارة البئر الملاقية للنجاسة وطهارة الملاقي لها من الأعيان الطاهرة، وأصل براءة الذمّة عن وجوب اجتنابها والتكليف بتطهيرها وتطهير ما يلاقيها.

وقد خرج عن ذلك كلّه المتغيّر بالإجماع، فيبقى غيره على حكم الأصل.

الثاني: إنّ الطهارة يُسر، وهو مطلوب.

أمّا الأوّل، فظاهر. وأمّا الثاني، فلقوله تعالى: (يُريدُ اللهُ بِكُمُ اليُسْرَ وَلا يُريدُ بِكُمُ العُسْرَ) [1762].

وقوله (عليه السلام): «يسّروا ولا تعسّروا» [1763].

وقوله (صلى الله عليه وآله): «بعثت بالحنيفيّة السمحة السهلة» [1764].

ونحو ذلك ممّـا ورد في هذا المعنى في الكتاب، وهو كثيرٌ.

وأيضاً، فإنّ وقوع النجاسة في البئر لا يعلم غالباً إلاّ بعد مباشرتها واستعمال مائها في الأكل والشرب، والطهارة من الحدث والخبث، فلو نجس بالملاقاة وجب إعادة الطهارة والصلاة، وغسل جميع ما لاقاه من الأواني والثياب، وهو حرج منفيّ بالآية والرواية.

الثالث: إنّ القول بالنجاسة يؤدّي إلى ارتكاب أُمور مستبعدة في العقل والشرع، كاشتراط طهارة الكرّ من الواقف بفقد المادّة، ونجاسة الماء الغزير المتقوّى بالنبع، وتقوّي الجزء بشرط انفصاله عن الكلّ، وانفعال الكرّ المصاحب للنجاسة المتميّزة إذا أُلقى بما فيه في البئر، والقول بطهارة الماء النجس [1765] بإخراج بعضه، والتزام العفو عن نجاسة الدلاء والمتساقط من الماء، وإيجاب التطهير أوالنزح بإصابة جسم طاهر، وطهارة المتنجّس من الدلو، والرشاء [1766]، والحمأة [1767]، والحافة [1768]، وثياب الماتح [1769] وبدنه بطهر غيره. ووجود التطهير لبعض هذه الأُمور لا يرفع الاستبعاد، ولا يمنع اعتضاد غيره به ممّـا يختصّ بهذا القول.

الرابع: قضاء السيرة النبويّة بالطهارة، وعدم وجوب النزح ; فإنّ المدار في بلاد الحجاز غالباً، خصوصاً في عصر النبيّ (صلى الله عليه وآله)، إنّما كان على مياه الآبار، ولم ينقل عنه (صلى الله عليه وآله) قبل الهجرة ولا بعدها واقعة في البئر، ولا أمر بالنزح، ولا أنّه اجتنب بئراً لوقوع النجاسة فيها ; بل المعلوم منه [1770] أنّه في غزواته وأسفاره كان ينزل على آبار المشركين [1771]، ويتوضّأ منها ويشرب، وأنّه كان في مقامه بمكّة يشرب من بئر زمزم ويتوضّأ منها ومن غيرها من الآبار التي يزاولها الكفّار.

وقد يناقش في هذا: بأنّ آية نجاسة المشركين [1772] مدنيّة، متأخّرة النزول، ونزوله بعدها على تلك الآبار، ومباشرته لها غير معلوم.

الخامس: إطباق أصحابنا على الطهارة واستحباب النزح، بعد الخلاف ; فإنّ فقهاءنا الحين، وهو عام «مائة وتسع وتسعين بعد الألف» يفتون بذلك، ولا يختلفون فيه. وقد استقرّ مذهبهم عليه منذ مائتي سنة وأكثر، وقد تبيّن في محلّه أنّ إجماع كلّ عصر حجّة، وأنّ الحقّ لا يخرج من الفرقة الناجية في شيء من الأعصار.

السادس: ظواهر الآيات، كقوله تعالى: (فَلَمْ تَجِدوا ماءً فَتَيَمَّموا) [1773]، دلّ على اشتراط الرخصة في التيمّم بفقد الماء، فمع وجوده ـ كما في محلّ النزاع ـ لا يسوغ العدول عنه إلى غيره، بل يجب الوضوء والغسل به، عملا بالإطلاق، فيكون طاهراً ; لأنّ النجس لا يطهر بالإجماع.

وكقوله سبحانه: (وَأنْزَلـْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهوراً) [1774]، وقوله عزّ وجلّ (وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ) [1775]، بناءً على أنّ أصل الماء كلّه من السماء، كما قاله الصدوق [1776] وغيره [1777] ; لقوله تعالى: (ألَمْ تَرَ أنَّ اللهَ أنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسَلَكَهُ يَنابيعَ في الأرْضِ) [1778] وقوله سبحانه: (وَأنْزَلـْنا مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَر فَأسْكَنَّاهُ في الأرْضِ وَإنَّا عَلى ذَهاب بِهِ لَقادِرونَ) [1779].

وفى الحديث، عن الباقر (عليه السلام) في تفسير هذه الآية، قال: «هي الأنهار، والعيون، والآبار» [1780].

وقد يُكتفى عن آيتي الطهارة مع الأصل المذكور بهاتين الآيتين ; لتضمّنهما الامتنان بإسكان هذه المياه ـ ومنها الآبار ـ في الأرض، والامتنان دليل الانتفاع، ولا يتمّ النفع إلاّ بالطهارة، كما هو المطلوب.

السابع: عموم الروايات الدالّة على طهارة الماء وطهوريّته، وأنّه لا ينجس إلاّ بالتغيير [1781]، كالحديث المروي بعدّة طرق، عن الصادق (عليه السلام)، والكاظم (عليه السلام)، عن آبائهما (عليهم السلام)، عن النبيّ (صلى الله عليه وآله)، وأميرالمؤمنين (عليه السلام)، أنّهما قالا: «الماء يُطَهِّر ولا يُطهَّر» [1782].

وكصحيحة داود بن فرقد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال في حديث: «وقد وسّع الله عليكم بأوسع ممّـا بين السماء والأرض، وجعل لكم الماء طهوراً، فانظروا كيف تكونون» [1783].

وصحيحة ابن درّاج، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إنّ الله جعل التراب طهوراً، كما جعل الماء طهوراً» [1784].

وصحيحة حريز، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، أنّه قال: «كلّما غلب الماء ريح الجيفة فتوضّأ من الماء واشرب، وإذا تغيّر الماء وتغيّر الطعم فلا توضّأ ولا تشرب» [1785].

وصحيحة أبي خالد القمّـاط، أنّه سمع أبا عبد الله (عليه السلام) يقول في الماء، يمرّ به الرجل وهو نقيع، فيه الميتة الجيفة: «إن كان الماء قد تغيّر ريحه أو طعمه، فلا تشرب ولا تتوضّأ منه، وإن لم يتغيّر ريحه وطعمه فاشرب وتوضّأ» [1786].

وموثّقة سماعة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن الرجل يمرّ بالماء وفيه دابّة ميتة قد انتنت ؟ قال: «إن كان النتن الغالب على الماء فلا تتوضّأ ولا تشرب» [1787].

فإنّ هذه الأخبار بعمومها وإطلاقها الراجع إلى العموم، متناولة لماء البئر وغيره من المياه، وقد خرج عنه الراكد القليل بما دلّ على انفعاله بالملاقاة، فيبقى الباقي.

الثامن: النصوص الواردة بالخصوص في البئر، وهي ثمانية عشر حديثاً.

الأوّل: ما رواه الفريقان عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) أنّه قال: ـ وقد سئل عن بئر بضاعة ـ «خلق الله الماء طهوراً لا ينجّسه شيء إلاّ ما غيّر لونه، أو طعمه، أو ريحه» [1788] [1789].

رواه أصحاب السنن من الجمهور، عنه (عليه السلام) مسنداً، مبنيّاً على السبب [1790] المخصوص [1791]، ورواه من أصحابنا: الشيخ [1792]، وابن إدريس [1793]، والمحقّق [1794]، والعلاّمة [1795]، وولده الفخر [1796]، والشهيد [1797]، والسيوري [1798]، والصيمري [1799]، والمحقّق الكركي [1800]، وغيرهم [1801]، في كتب الفروع، مرسلا مقتضبا ً[1802]، ومبنياً على السؤال المذكور، واحتجّوا به على جملة من مسائل الطهارة.

وادّعى الحلّي [1803] الاتّفاق على روايته، وابن أبى عقيل [1804] تواتر مضمونه عن الصادق (عليه السلام) عن آبائه (عليهم السلام).

وأورده علماء الأُصول فى مسألة بناء العامّ على السبب الخاص، واختلفوا فى عمومه وخصوصه. وعلى القولين، فهو في مورد السؤال في قوّة الخاصّ ; للقطع بإرادته في ضمن العموم.

وخصّه العلاّمة في المنتهى [1805] بالجاري، مع اعترافه بوروده في بئر بضاعة، معلّلا بجريان مائها في البساتين، فيكون منه.

وهو عجيب ; فإنّ بئر بضاعة بئر معروفة، لا يشكّ في كونها بئراً على الحقيقة. قال الجوهري: «وبئر بضاعة التي في الحديث، تكسر وتضمّ» [1806].

وفي المصباح المنير: «وبئر بضاعة: بئر قديمة في المدينة، بكسر الباء وضمّها، والضمّ أكثر» [1807].

وفي القاموس: «وبئر بضاعة، بالضمّ، وقد يكسر: بالمدينة، قطر رأسها ستّة أذرع» [1808].

وفي المجمع: «وبئر بضاعة: بئر بالمدينة لقوم من خزرج، وبضاعة اسم رجل أو امرأة، وأهل اللغة يفتحون الباء ويكسرونها، والمحفوظ الضمّ، وقد حكي عن بعضهم بالصاد المهملة، وليس بمحفوظ» [1809].

وعن أبى داود: «]سمعت[ قتيبة ]بن سعيد[، قال: سألت قيم ]بئر[ بضاعة عن عمقها، فقلت: أكثر ما يكون فيها الماء؟ قال: إلى العانة. قلت: فإذا نقص؟ قال: دون العورة. قال أبو داود: وقدرتها بردائي، ثمّ ذرعته، فإذا عرضها ستّة أذرع. وسألت بوّاب البستان: هل غيّر بناؤها عمّـا كانت عليه ؟ قال: لا» [1810].

ويستفاد من هذا التحديد زيادتها على الكرّ، ولا ينافي ذلك الاحتجاج بها على طهارة ماء البئر مطلقاً وإن نقص عنه ; لأنّ العبرة بعموم الجواب، ولأنّ قوله (عليه السلام): «خلق الله الماء طهوراً» يعطي القصد إلى بيان أصل كلّي، وغايته [1811] التخصيص بالبئر، أمّا خصوص هذه البئر، أو البئر البالغة حدّ الكرّ، فلا.

الثاني: ما رواه الشيخ في كتابي الأخبار، في الصحيح، عن محمّد بن إسماعيل بن بزّيع، عن الرضا (عليه السلام)، قال: «ماء البئر واسع لا يفسده شيء إلاّ أن يتغيّر ريحه، أو طعمه، فينزح حتّى يذهب الريح ويَطيب طعمه ; لأنّ له مادّة» [1812].

وفي التهذيب، في الصحيح، عن ابن بزّيع، قال: كتبت إلى رجل أسأله أن يسأل أبا الحسن الرضا (عليه السلام)، فقال: «ماء البئر واسع...» الحديث [1813].

رواه الكليني في الكافي، عن العدّة، عن ابن عيسى، عن ابن بزّيع، عن الرضا (عليه السلام)، قال: «ماء البئر واسع لا يفسده شيء إلاّ أن يتغيّر» [1814].

وهذا الحديث مع صحّته، وعلوّ سنده، وتعدّد طرقه وروايته بالمشافهة والمكاتبة، محكم الدلالة على المعنى المطلوب، بل نصّ فيه، كما نصّ عليه جماعة من المحقّقين [1815].

والتقريب فيه من وجوه متعدّدة:

الأوّل: قوله (عليه السلام): «ماء البئر واسع»، فإنّ المراد [1816] بالسعة المحكوم بها: السعة الحكميّة الراجعة إلى الطهارة، دون السعة [1817] الحقيقيّة التي هي بمعنى الكثرة ; لتخلّفها في الآبار القليلة الماء، ولأنّ التعليل بوجود المادّة يقتضي كونها هي العلّة في الحكم، دون الكثرة.

الثاني: حكمه (عليه السلام) بأنّه: «لا يفسده شيء»، فإنّ نفي الإفساد على سبيل العموم يقتضي انتفاء النجاسة ; لأنّها من أظهر أنواع الفساد، بل الظاهر أنّ المراد بها هنا خصوص النجاسة، كما يقتضيه الحكم بالسعة واستثناء التغيير. ويدلّ عليه: استحالة نفي الإفساد بغير النجاسة بشهادة الحسّ، وورود الكلام في بيان الأحكام، والفساد بما لا يقتضي التنجيس ممّـا لا يتعلّق به غرض شرعي، فلا يليق إرادته في كلامه (عليه السلام).

الثالث: استثناء التغيير الدالّ على ثبوت الطهارة بدونه، فيكون نصّاً في عدم الانفعال بالملاقاة. ولو أُريد بالفساد ما هو أعمّ من النجاسة، فلا ريب أنّ الاستثناء يقوّي إرادة العموم في غير المستثنى ويؤكّده، كما قرّر في محلّه. ولا يقدح في ذلك عدم التعرّض للّون ; لأنّ العامّ المخصّص حجّة في الباقي، ولأنّ تغيّر اللون [1818] لا ينفكّ عن تغيّر [1819] الطعم، وثبوت الحكم به وبالريح يقتضي ثبوته بتغيّر [1820] اللون ; لكونه أظهر في الانفعال وأبين للحسّ، ولعلّ هذا هو السرّ في خلوّ أكثر الأخبار عنه، كما نبّه عليه غير واحد من الأصحاب [1821].

الرابع: اكتفاؤه (عليه السلام) في طهارته إذا تغيّر بنزح ما يزيل التغيير، وإن زاد مقدّره على ذلك، أو كان الحكم فيه نزح الجميع، ولولا أنّ الحكم منوط بالتغيير خاصّة لوجب استيفاء المقدّر، ونزح الجميع فيما ثبت له ذلك ; فإنّه متى وجب ذلك بالملاقاة، وجب بالتغيير قطعاً، لعدم انفكاك التغيير بالنجاسة عن ملاقاتها، وعلى القول بوجوب نزح الجميع للمغيّر مطلقاً ـ كما عليه أكثر القائلين بالتنجيس ـ يزداد الخبر وضوحاً في المطلوب ; لأنّ الغاية حينئذ زوال المتغيّر دون زوال التغيير.

الخامس: التعليل بوجود المادّة ; إذ الظاهر أنّها علّة لأصل الحكم المسوق له الكلام، وهو سعة البئر، وعدم فسادها بدون التغيير، ولولا طهر البئر الملاقية للنجاسة لفسد التعليل، بل كانت العلّة علّة لنقيض المطلوب ; لأنّ وجود المادّة على القول بالنجاسة مطلقاً هو العلّة في ثبوت التنجيس لها كذلك، إذ البئر الغير [1822] النابعة من أقسام الراكد إجماعاً، فلا تنجس بالملاقاة إلاّ إذا كانت دون الكرّ.

وقد يحتمل صرف العلّة إلى الطهر بزوال التغيير المفهوم من قوله: «فينزح حتّى يذهب الريح»، وعلى [1823] هذا فالتعليل يدلّ على الطهارة أيضاً ; لأنّ تأثير المادّة في رفع النجاسة الثابتة يستلزم تأثيرها في عدم الانفعال بها، فإنّ الدفع أهون من الرفع.

وما يقال [1824] من احتمال كون وجود المادّة علّة لزوال التغيير، فمع بعده عن سوق الكلام، وعدم اطراده فيما إذا سبق زوال التغيير تكاثر الماء بالنبع من المادّة، ليس من الوظائف الشرعيّة المطلوب بيانها من كلام الأئمّة (عليهم السلام)، فلا يحمل الحديث عليه.

الثالث: ما رواه الشيخ في كتابي الأخبار، في الصحيح، عن معاوية بن عمّـار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: «لا يغسل الثوب، ولا تعاد الصلاة ممّـا وقع في البئر، إلاّ أن يُنتن، فإن انتن غسل الثوب، وأعاد الصلاة ونزحت البئر» [1825].

الرابع: ما رواه في الكتابين، في الصحيح، عن ابن عمّار أيضاً، عن أبي عبدالله (عليه السلام)، في الفأرة، تقع في البئر فيتوضّأ الرجل منها ويصلّي وهو لا يعلم أيعيد الصلاة ويغسل ثوبه ؟ قال: «لا يعيد الصلاة ولا يغسل ثوبه» [1826].

الخامس: ما رواه الشيخ فيهما أيضاً، في الصحيح، عن أبان بن عثمان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سئل عن الفأرة تقع في البئر، لا يعلم بها إلاّ بعد ما يتوضّأ منها، أيعاد الوضوء؟ فقال: «لا» [1827].

السادس: ما رواه فيهما، في الصحيح، عن أبي أُسامة الشحّام وأبي يوسف يعقوب بن عُثَيم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إذا وقع في البئر الطير والدجاجة والفأرة فانزح منها سبع دلاء». قلنا: فما تقول في صلاتنا ووضوئنا وما أصاب ثيابنا؟ فقال: «لا بأس به» [1828].

السابع: ما رواه فيهما أيضاً، عن جعفر بن بشير، عن أبي عيينة، قال: سئل أبو عبد الله (عليه السلام) عن الفأرة، تقع في البئر، فلا يعلم بها أحد إلاّ بعد ما يتوضّأ منها، أيعيد وضوءه وصلاته، ويغسل ما أصابه؟ فقال: «لا، قد استقى أهل الدار منها [1829] ورشّوا» [1830].

الثامن: ما رواه الصدوق في الفقيه مرسلا، والشيخان في الكافي، والتهذيب، والاستبصار، عن أبي بصير، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): بئر يستقى منه ويتوضّأ به، ويغسل منه الثياب ويعجن به، ثمّ يعلم أنّه كان فيها ميّت، قال: فقال: «لا بأس، ولا يغسل منه الثوب، ولا يعاد منه الصلاة» [1831].

والتقريب في هذه الروايات واضح جدّاً ; فإنّها دلّت على عدم وجوب إعادة الوضوء من ماء البئر الملاقي للنجاسة مطلقاً، أو مع الجهل بالملاقاة، وعدم إعادة الصلاة الواقعة بذلك الوضوء، وأنّه لا تغسل الثياب ممّـا أصابه ذلك الماء، ولولا أنّه طاهر لوجب غسل الثياب وإعادة الوضوء مطلقاً، عالماً كان أو جاهلا، إجماعاً، ووجب إعادة الصلاة في صورة العلم كذلك، ومع الجهل على الأشهر الأظهر.

التاسع: ما رواه الشيخ في الصحيح، والكليني في الحسن، عن أبي أُسامة الشحّام، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في الفأرة، والسنور، والدجاجة، والطير، والكلب، قال: «ما لم يتفسّخ، أو يتغيّر طعم الماء، فيكفيك خمس دلاء، فإن تغيّر الماء فخذ منه حتّى يذهب الريح» [1832].

العاشر: ما رواه الكليني في القويّ، عن أبي بصير، قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عمّا يقع في الآبار، فقال: «أمّا الفأرة وأشباهها فينزح منها سبع دلاء، إلاّ أن يتغيّر الماء، فينزح حتّى يطيب» [1833].

الحادي عشر: ما رواه الشيخ في الكتابين، في الموثّق، عن سماعة، قال: سألت أباعبدالله (عليه السلام) عن الفأرة تقع في البئر أو الطير ؟ قال: «إن أدركته قبل أن ينتن نزحت منها سبع دلاء، ]...[ وإن أنتن حتّى يوجد ريح النتن في الماء، نزحت البئر حتّى يذهب النتن من الماء» [1834].

الثاني عشر: ما رواه الشيخ فيهما، عن زرارة، قال قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): بئر قطرت فيها قطرة دم، أو خمر، فقال: «الدم والخمر والميّت ولحم خنزير في ذلك كلّه واحد، ينزح منها عشرون دلواً، فإن غلبت الريح نزحت حتّى تطيب» [1835].

وجه الدلالة في هذه الأخبار: أنّها دلّت على الاكتفاء في تطهير البئر المتغيّرة بالنجاسة بنزح ما يزيل التغيير، بل ربّما ظهر منها جواز الاكتفاء بزوال التغيير مطلقاً، ولو كان من قبل نفسه ولو تنجّست بالملاقاة، لم يجز الاقتصار على ذلك، بل كان الواجب معه استيفاء المقدّر، كما هو ظاهر.

الثالث عشر: ما رواه الشيخان في الصحيح، عن زرارة، والصدوق مرسلا، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن الحبل يكون من شعر الخنزير، يستقى به الماء من البئر، هل يتوضّأ من ذلك الماء ؟ قال: «لا بأس به» [1836].

الرابع عشر: ما رواه الكليني في الموثّق، عن الحسين بن زرارة، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): شعر الخنزير، يعمل حبلا، يستقى به من البئر التي يشرب منها، أو يتوضّأ [1837] منها، فقال: «لا بأس به» [1838].

والتقريب فيهما: أنّ نفي البأس عن الوضوء بذلك الماء إمّا لطهارة شعر الخنزير، أو لعدم نجاسة البئر. والأوّل باطل ; لما ثبت من نجاسة ما لا تحلّه الحياة من نجس العين، فتعيّن الثاني، وهو المطلوب.

والقول بأنّ الوجه في ذلك انتفاء العلم بوصول الشعر في الماء ضعيف جدّاً، فإنّ العلم في ذلك [1839] حاصل بمقتضى العادة.

الخامس عشر: ما رواه الشيخ في الكتابين، في الصحيح، عن عليّ بن جعفر، عن أخيه موسى (عليه السلام)، قال: سألته عن بئر ماء وقع فيها زنبيل من عذرة، رطبة أو يابسة، أو زنبيل من سرقين، أيصلح الوضوء منها؟ قال: «لا بأس» [1840].

السادس عشر: ما رواه الشيخ فيهما، عن عليّ بن حديد، عن بعض أصحابنا، قال: كنت مع أبي عبد الله (عليه السلام) في طريق مكّة، فصرنا إلى بئر، فاستقى غلام أبي عبد الله (عليه السلام) دلواً فخرج فيه فأرتان، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «أَرِقْه فاستقى آخر»، فخرجتْ فيه فأرة، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «أرِقْه فاستقى الثالث»، فلم يخرج فيه شيء. فقال: «صُبَّه فى الإناء»، فَصَبَّه في الإناء [1841].

السابع عشر: ما رواه الصدوق في الفقيه مرسلا، عن الصادق (عليه السلام)، قال: «كان في المدينة بئر في وسط مزبلة، فكانت الريح تهبّ فتلقي فيها القذر، وكان النبي (صلى الله عليه وآله) يتوضّأ منها» [1842].

الثامن عشر: ما رواه الشيخان في الكافي، والتهذيب، والاستبصار، عن محمّد بن القاسم، والصدوق في الفقيه مرسلا، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، في البئر، يكون بينها وبين الكنيف خمسة أذرع، أو أقلّ، أو أكثر، يتوضّأ منها؟ قال: «ليس يكره من قرب ولا بُعد، يتوضّأ منها ويغتسل ما لم يتغيّر الماء» [1843].

والمراد بالكراهة هنا: الحرمة، بقرينة استثناء التغيير، وثبوت الكراهة بمعناها المصطلح في البئر الملاقية للنجاسة على القول بالطهارة واستحباب النزح.

وما تقدّم في فعل النبي (صلى الله عليه وآله) والصادق (عليه السلام) محمول على بيان الجواز وقصد التوسعة والأخذ بالرخصة، فإنّ الله يحبّ أن يؤخذ برُخَصه، كما يحبّ أن يؤخذ بعزائمه، والمكروه بالأصل يصير مستحبّاً بالعارض، بل واجباً إذا توقّف بيان الحكم عليه ; فإنّ القول قد يحتمل ما لا يحتمله الفعل، والفعل قد يؤثّر ما لا يؤثّره القول.

[ حجّة القول بالنجاسة مطلقاً والردّ عليه: ]

وحجّة القائلين بانفعاله بالملاقاة ـ وإن كثر ـ أخبار النزح، ومنها المعتبرة الدالّة على أنّه [1844] للتطهير [1845]. وهي مع اختلافها الشديد، وقصور دلالة أكثرها على التطهير، ومخالفة الدالّ منها [1846] لما هم عليه من التقدير، لا تعارض النصوص المستفيضة المتقدّمة الحاكمة بالطهارة، وهي مع تعاضدها بالكثرة والصحّة والصراحة، يعضدها الأصل، ومطابقة الكتاب العزيز، والسنّة النبويّة المعلومة، قولا وفعلا، المتقدّم بيانها. ويؤيّدها مع ذلك ما دلّ على طهارة الكرّ عموماً وخصوصاً، وما يلزم هذا القول من الأُمور المستغربة جدّاً التي أشرنا إليها [1847].

فلوضوح الأدلّة النقليّة، والشواهد العقليّة على الطهارة، يتعيّن: القول بها، والتأويل فيما يخالفها، بالحمل على الاستحباب، جمعاً بين الأخبار، وتنزيلا للظاهر على النصّ، مع ما فيه من قرائن الندب ودلائله، كالجمع بين المتباينات، والتفريق بين المتماثلات، وعدم تعيين الدلاء، والتخيير بين الأعداد، وشدّة الاختلاف في المقادير، حتّى قلّ فيها السالم عن المعارض المتعدّد، واجتمع في بعضها نزح الجميع والاكتفاء بالدلاء، أو الدلو الواحد. فإنّ هذا ومثله يقضي بسهولة الخطب، والقصد إلى مراتب الندب، وإزالة النفرة الحاصلة من وقوع النجاسة، ومظنّة التغيير أو احتماله.

[ الردّ على القول بوجوب النزح تعبداً: ]

ومن ذلك يظهر ضعف القول بوجوب النزح تعبّداً [1848] ; فإنّه مع ندرته، خروج عن ظواهر الأخبار وشواهد الاعتبار.

[ حجة القول باشتراط الكثرة والردّ عليه: ]

وحجّة مشترط الكثرة فيه: ما دلّ بمفهومه على اشتراط الكثرة في مطلق الماء، وفي خصوص البئر.

ويحمل الأوّل ـ إن سلّم عمومه لذي المادّة ـ على غيره، جمعاً بين الأدلّة، وترجيحاً للمنطوق المعتضد بالأصل، والعمومات، والإجماعات، على المفهوم الخالي عن المعاضد، مع أنّ الكثرة مستقلّة في العصمة عن الانفعال، ولا تأثير للمادّة معها. فلو حمل ذو المادّة على الكثير لضاع اعتبارها بالمرّة، فوجب حمل القليل على غير ذي المادّة، ليكون شرط الطهارة أحد الأمرين: منها ومن الكثرة.

ومنه يعلم سقوط المفهوم فيما تضمّن اشتراط الكثرة في البئر، أو تنزيله على التنزّه، أو شدّة الكراهة مع القلّة، أو حمله على التقيّة، لموافقته لقول بعض العامّة [1849]، مع شذوذ التفصيل قولا وروايةً، وإباء أخبار الطهارة والنجاسة عنه، وورود نزح الكرّ في جملة من النجاسات، وليس إلاّ في الكثير.
_______________________________________________________
[1621]. لم نعثر على حكاية القول عن الرسالة، بل هذه العبارات مع اختلاف يسير، توجد في فقه الرضا (عليه السلام) : 93 ـ 94.
[1622]. المقنعة: 64.
[1623]. الإنتصار: 90. وما بين المعقوفين أثبتناه من المصدر.
[1624]. النهاية: 6.
[1625]. المبسوط 1: 11.
[1626]. الجمل والعقود (المطبوع ضمن الرسائل العشر) : 170.
[1627]. الاقتصاد: 390.
[1628]. المراسم: 34 ـ 35.
[1629]. الكافي في الفقه: 130.
[1630]. في المصدر بدل «و»: «إذا».
[1631]. شرح جمل العلم والعمل: 55 ـ 56. وما بين المعقوفيّن أثبتناه من المصدر.
[1632]. الوسيلة: 74.
[1633]. الغنية: 46.
[1634]. السرائر 1: 69.
[1635]. شرائع الإسلام 1: 5.
[1636]. المختصر النافع: 2.
[1637]. أي: الشيخ المفيد، والشيخ الطوسي، والسيد المرتضى.
[1638]. المعتبر 1: 54 ـ 55.
[1639]. المسائل المصريّة (المطبوع ضمن الرسائل التسع) : 221.
[1640]. في المصدر: شذاذاً.
[1641]. كشف الرموز 1: 48.
[1642]. إشارة السبق: 81.
[1643]. لايوجد لدينا كتابه.
[1644]. معالم الدين في فقه آل يس (مخطوط) : 3.
[1645]. تلخيص المرام: 13. وفيه: «وينجس القليل من الأوّل (أي: المطلق) والبئر على رأي»، ولا يوجد تصريح منه بقبول هذا الرأى.
[1646]. اللمعة الدمشقيّة: 15.
[1647]. البيان: 99.
[1648]. الظاهر أنّ مراد المؤلّف «حاشية شرائع الإسلام» للشهيد الثاني، ولكنّه في الصفحة 24 من الكتاب قوّى القول بعدم الانفعال بدون التغيّر، فراجع.
[1649]. الروضة البهيّة 1: 34 ـ 35، بل صرّح فيه بالنجاسة بقوله: «وينجس الماء القليل وهو مادون الكرّ والبئر... بالملاقاة، على المشهور فيهما، بل كاد يكون إجماعاً».
[1650]. غاية المراد 1: 66.
[1651]. روض الجنان 1: 392.
[1652]. المسائل المصريّة (المطبوع ضمن الرسائل التسع) : 221.
[1653]. كشف الرموز 1: 48.
[1654]. مختلف الشيعة 1: 25، المسألة 7.
[1655]. معالم الدين (قسم الفقه) 1: 171.
[1656]. ذخيرة المعاد: 127، السطر 6.
[1657]. مدارك الأحكام 1: 54.
[1658]. مختلف الشيعة 1: 25، المسألة 7.
[1659]. كما في غاية المراد 1: 71، حيث قال فيه: «بناءً على مذهبه من عدم انفعال الماء القليل بالملاقاة»، وروض الجنان 1: 387.
[1660]. منهم: ابن فهد في المهذب البارع 1: 84، وفخر المحقّقين في إيضاح الفوائد 1: 17، والسيد السند في مدارك الأحكام 1: 54.
[1661]. الهداية: 69.
[1662]. الفقيه 1: 17، باب المياه وطهرها ونجاستها، ذيل الحديث 22.
[1663]. المقنع: 31 ـ 33.
[1664]. التهذيب 1: 246، بداية باب تطهير المياه من النجاسات.
[1665]. التهذيب 1: 431، الزيادات في باب المياه، ذيل الحديث 1.
[1666]. التهذيب 1: 255، باب تطهير المياه من النجاسات، ذيل الحديث 24، بتفاوت يسير، وما بين المعقوفين أثبتناه من المصدر.
[1667]. الاستبصار 1: 32، باب البئر يقع فيها ما يغير أحد أوصاف الماء...، ذيل الحديث 6، وما بين المعقوفين أثبتناه من المصدر.
[1668]. زاد في «د» و«ل»: و.
[1669]. كما في المعتبر 1: 55، ومختلف الشيعة 1: 25، ومنتهى المطلب 1: 56.
[1670]. مدارك الأحكام 1: 55. وانظر قول الشهيد الثاني في رسالة ماء البئر (المطبوعة ضمن الرسائل الشهيد الثاني 1) : 75.
[1671]. غاية المراد 1: 71 ـ 72.
[1672]. في المصدر: الدرس.
[1673]. في المصدر: الجهيم.
[1674]. كما في قواعد الأحكام 1: 184، تحرير الأحكام 1: 46، وسيأتي رأيه في سائر كتبه آنفاً. وانظر أيضاً تلخيص المرام: 13.
[1675]. في «د» و«ش»: موافقته.
[1676]. مختلف الشيعة 1: 25.
[1677]. أجوبة المسائل المهنائيّة: 60.
[1678]. نفس المصدر: 115، ولكنّه لم يذكر فيه كتاب التلخيص، فراجع.
[1679]. منتهى المطلب 1: 68.
[1680]. نهاية الإحكام 1: 235.
[1681]. تذكرة الفقهاء 1: 27.
[1682]. إرشاد الأذهان 1: 236.
[1683]. تبصرة المتعلّمين: 24.
[1684]. منها: قواعد الأحكام 1: 184، وتحرير الأحكام 1: 46.
[1685]. تذكرة الفقهاء 1: 27.
[1686]. قواعد الأحكام 1: 184.
[1687]. مختلف الشيعة 1: 25، المسألة 7.
[1688]. منتهى المطلب 1: 62.
[1689]. انظر: الصفحة 311.
[1690]. ألزمه بالتفصيل المحقّق الكركي في جامع المقاصد 1: 137، والسيّد السند في مدارك الأحكام 1: 55.
[1691]. مدارك الأحكام 1: 55. قال فيه: «وهو لازم للعلاّمة، لأنّه يعتبر الكرّية في مطلق الجاري، والبئر من أنواعه». فمراد المؤلّف من التعليل بالفردية أنّ البئر يكون من أفراد الجاري وأنواعه.
[1692]. جامع المقاصد 1: 137، فإنّه قال فيه: «لكن بناءً على أصله من اعتبار الكريّة في الجاري يجب اعتبارها هنا بطريق أولى».
[1693]. إيضاح الفوائد 1: 17.
[1694]. التنقيح الرائع 1: 44.
[1695]. في بعض النسخ كما في هامش المصدر: التطهر.
[1696]. المحرّر (المطبوع ضمن الرسائل العشر) : 136.
[1697]. الموجز (المطبوع ضمن الرسائل العشر) : 36.
[1698]. المقتصر: 33.
[1699]. سيأتي ذكرها آنفاً.
[1700]. جامع المقاصد 1: 122، قال فيه: «فالأصحّ حينئذ القول بعدم التنجيس».
[1701]. لم نعثر على هذا الكتاب في مجموعة مصنّفات المحقّق الكركي.
[1702]. حاشية المختصر النافع (المطبوع ضمن المحقّق الكركي حياته وآثاره 7) : 16.
[1703]. حاشية شرائع الاسلام (المطبوع ضمن المحقّق الكركي حياته وآثاره 10) : 26.
[1704]. [1704]. حاشية إرشاد الأذهان (المطبوع ضمن المحقّق الكركي حياته وآثاره 9) : 47.
[1705]. حاشية مختلف الشيعة (المطبوع ضمن المحقق الكركي حياته وآثاره، المجلد 8) : 33.
[1706]. الجعفريّة (المطبوع ضمن رسائل المحقّق الكركي، المجموعة الأُولى) : 84.
[1707]. المطالب المظفريّة في شرح الجعفرية (مخطوط) : 40، مخطوطة مركز إحياء التراث الإسلامي.
[1708]. الميسية (مخطوط).
[1709]. معالم الدين (قسم الفقه) 1: 171.
[1710]. رسالة ماء البئر (المطبوعة ضمن رسائل الشهيد الثاني 1) : 86 ـ 87، بتفاوت يسير.
[1711]. منتقى الجُمان 1: 58 و66.
[1712]. معالم الدين (قسم الفقه) 1: 172.
[1713]. مدارك الأحكام 1: 55.
[1714]. مجمع الفائدة والبرهان 1: 257.
[1715]. الرسالة اليوسفيّة (مخطوط)، لا يوجد لدينا.
[1716]. الإثنا عشريّات الخمس: 91.
[1717]. الفوائد العلية في شرح الجعفرية (مخطوط) : 40، مخطوطة مركز إحياء التراث الإسلامي.
[1718]. روضة المتقين 1: 72.
[1719]. بحار الأنوار 80: 28، وانظر أيضاً الصفحة: 23.
[1720]. ذخيرة المعاد: 127، السطر 2، كفاية الأحكام 1: 51.
[1721]. مشارق الشموس: 220، السطر 14.
[1722]. مفاتيح الشرائع 1: 84، الوافي 6: 45، النخبة (للفيض) : 86.
[1723]. بداية الهداية 1: 7، هداية الأُمّة 1: 57، وسائل الشيعة 1: 170، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 14.
[1724]. النفحات الصمدية في أجوبة المسائل الأحمديّة (مخطوط)، للسيد حسين المجتهد الكركي (م 1001) ابن بنت المحقّق الكركي، جوابات بعض أكابر مازندران، فيها فوائد فقهّية، ألّفه 997. (راجع: الذريعة إلى تصانيف الشيعة 24: 248). لا يوجد لدينا.
[1725]. كشف الأسرار في شرح الاستبصار 2: 240.
[1726]. الفخرية (مخطوط) : 158، مخطوطة مركز إحياء التراث الاسلامي.
[1727]. الرياض الزهرية في شرح الفخرية (مخطوط)، لا يوجد لدينا.
[1728]. توقيف السائل على دلائل المسائل (مخطوط)، لا يوجد لدينا.
[1729]. حاشية المدارك (مخطوط)، لا يوجد لدينا.
[1730]. كشف اللثام 1: 276.
[1731]. كالمحدّث البحراني في الحدائق الناضرة 1: 363، والعلاّمة الفتوني في نتائج الأخبار (مخطوط ـ لايوجد لدينا)، والوحيد البهبهانى في مصابيح الظلام 5: 304.
[1732]. تذكرة الفقهاء 1: 27.
[1733]. الرسالة الجعفريّة (المطبوع ضمن رسائل المحقّق الكركي 1) : 85.
[1734]. رسالة ماء البئر (المطبوعة ضمن رسائل الشهيد الثانى 1) : 113.
[1735]. ستأتي حكاية النقل عنهم قريباً.
[1736]. إيضاح الفوائد 1: 17، ونسب إليه هذا القول ابن فهد الحلّي في المهذّب البارع 1: 85.
[1737]. غاية المرام 1: 47، كشف الالتباس 1: 50.
[1738]. غاية المراد 1: 71.
[1739]. لكنّه قال في المهذّب البارع 1: 85: «قول ابن أبي عقيل أنّها لا ينجس إلاّ بالتغيّر، ويستحبّ النزح، واختاره العلاّمة وفخر المحقّقين».
[1740]. المسائل المصريّة (المطبوع ضمن الرسائل التسع) : 221. وتقدّم قول الشيخ في التهذيب والاستبصار في الصفحة 330 ـ 331.
[1741]. أي: وجوب النزح.
[1742]. انظر قول الصدوق والشيخ في الصفحة 330، والعلاّمة في المنتهى في الصفحة 333، والسيوري وابن فهد في الصفحة.
[1743]. غاية المراد 1: 72.
[1744]. اسم الكتاب: «المفيد للتكليف»، لأبي الحسن محمّد بن أحمد البصروي (م 443)، ولمزيد الإطّلاع على الكتاب وحياة مؤلّفه راجع: معجم رجال الحديث 18: 197، خاتمة المستدرك 3: 34، مقابس الأنوار: 9.
[1745]. جمل العلم والعمل (المطبوع ضمن رسائل الشريف المرتضى، المجموعة الثالثة) : 22.
[1746]. «أن» لم يرد في «د» و«ل».
[1747]. في «ن» و«ل»: موافق للمشهور.
[1748]. أي: ماء البئر.
[1749]. أي: مسألة الجاري والبئر.
[1750]. أي: مسألة نجاسة البئر.
[1751]. الانتصار: 89 ـ 90. ولم نعثر عليه في سائر كتبه. نعم، حكاه المحقّق في المعتبر 1: 55، عن كتابيه: المصباح والخلاف، ولكنّهما مفقودان.
[1752]. المعتبر 1: 55.
[1753]. ذكرى الشيعة 1: 88.
[1754]. ذكرى الشيعة 1: 80.
[1755]. في «د»: مما.
[1756]. في المصدر و«ن»: كتاب.
[1757]. رسالة ماء البئر (المطبوعة ضمن رسائل الشهيد الثاني، 1) : 75 ـ 76.
[1758]. راجع: الصفحة 340.
[1759]. مختلف الشيعة 1: 25، المسألة 7.
[1760]. كما في منتهى المطلب 1: 56.
[1761]. حاشية مختلف الشيعة (المطبوع ضمن المحقّق الكركي حياته وآثاره 8) : 37.
[1762]. البقرة (2) : 185.
[1763]. عوالي اللآلئ 1: 381، الحديث 5، صحيح البخاري 1: 92، وتمامه: «يسّروا ولا تعسّروا وبشّروا ولا تنفروا».
[1764]. الكافي 5: 494، باب كراهيّة الرهبانيّة...، الحديث 1، وفيه: «بعثني بالحنيفيّة...»، وسائل الشيعة 20: 106، كتاب النكاح، أبواب مقدّمات النكاح، الباب 48، الحديث 1.
[1765]. في «ل»: المتنجّس.
[1766]. الرشاء: الحبل الذي يوصل به إلى الماء. لسان العرب 5: 223، «رشا».
[1767]. الحمأة: الطين الأسود المتغيّر المجتمع أسفل البئر. الصحاح 1: 45، «حمأ».
[1768]. حافة البئر: الحافة والحَوف: الناحية والجانب. لسان العرب 3: 396، «حوف».
[1769]. الماتح: المستسقي، والمائح: الذي يملأ الدلو من أسفل البئر. لسان العرب 13: 13، «متح».
[1770]. في «ل»: عنه.
[1771]. راجع: إيضاح الفوائد 1: 17.
[1772]. وهي قوله تعالى: (إنَّمَا المُشْرِكُونَ نَجَسٌ)، التوبة (9) : 28.
[1773]. النساء (4) : 43.
[1774]. الفرقان (25) : 48.
[1775]. الأنفال (8) : 11.
[1776]. الفقيه 1: 5، بداية باب المياه وطُهرها ونجاستها.
[1777]. منهم: المحدّث المجلسي في البحار 77: 5، كتاب الطهارة، والمحدّث البحراني في الحدائق الناضرة 1: 351، ونسبه الشيخ البهائي في مشرق الشمسين: 373، إلى جماعة.
[1778]. الزمر (39) : 21.
[1779]. المؤمنون (23) : 18.
[1780]. تفسير القمي 2: 91، ذيل الآية 18، من سورة المؤمنون.
[1781]. في «ن»: التغيّر.
[1782]. المحاسن: 469، باب فضل الماء، الحديث 4، الكافي 3: 1، باب طهور الماء، الحديث 1، وسائل الشيعة 1: 134 و135، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 1، الحديث 6 و7.
[1783]. الفقيه 1: 10 / 13، باب المياه وطهرها ونجاستها، الحديث 13، التهذيب 1: 378 / 1064، الزيادات في باب آداب الأحداث...، الحديث 27، وسائل الشيعة 1: 133، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 1، الحديث 4.
[1784]. الفقيه 1: 109 / 224، باب التيمّم، الحديث 13، وسائل الشيعة 1: 133، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 1، الحديث 1.
[1785]. الكافي 3: 4، باب الماء الذي تكون فيه قلّة...، الحديث 3، التهذيب 1: 229 / 625، باب المياه وأحكامها، الحديث 8، الاستبصار 1: 12 / 19، باب حكم الماء الكثير...، الحديث 2، وفي جميع المصادر: «فإذا تغيّرالماء أو...»، وسائل الشيعة 1: 137، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 3، الحديث 1.
[1786]. التهذيب 1: 43 / 112، باب آداب الأحداث الموجبة للطهارة، الحديث 51، الاستبصار 1: 9 / 10، باب مقدار الماء الذي لا ينجّسه شيء، الحديث 10، وسائل الشيعة 1: 138، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 3، الحديث 4.
[1787]. التهذيب 1: 229 / 624، باب المياه وأحكامها، الحديث 7، الاستبصار 1: 12 / 18، باب حكم الماء الكثير...، الحديث 1، بتفاوت يسير فيهما، وسائل الشيعة 1: 139، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 3، الحديث 6.
[1788]. في بعض النسخ، وبعض مصادر الإمامية: أو رائحته.
[1789]. يأتى تخريجها من الجمهور والإماميّة قريباً.
[1790]. في «ن»: السند.
[1791]. راجع: سنن ابن ماجه 1: 174، ولم يرد فيه ذكر لبئر بضاعة، سنن البيهقي 1: 259، من دون ذكر لبئر بضاعة، سنن الدار قطني 1: 29، سنن أبي داود 1: 17 ـ 18، الحديث 66 و67.
[1792]. لم نجده في كتبه ولم ينقله عن الشيخ أحد إلاّ المقدّس الأردبيلي في مجمع الفائدة والبرهان 1: 251.
[1793]. السرائر 1: 64.
[1794]. المعتبر 1: 40.
[1795]. منتهى المطلب 1: 21.
[1796]. إيضاح الفوائد 1: 16.
[1797]. ذكرى الشيعة 1: 76.
[1798]. التنقيح الرائع 1: 39.
[1799]. كشف الالتباس 1: 40.
[1800]. حاشية مختلف الشيعة (المطبوع ضمن المحقّق الكركي حياته وآثاره 8) : 37.
[1801]. كالفاضل المقداد في التنقيح الرائع 1: 40، وكنز العرفان 1: 39.
[1802]. مقتضباً: اقتضاب الكلام: ارتجاله، يقال: هذا شهرٌ مقتضَب وكتاب مقتضَب. لسان العرب 11: 203، «قضب».
[1803]. السرائر 1: 64.
[1804]. نقل عنه العلاّمة في مختلف الشيعة 1: 14. واعلم أن العلاّمة في أجوبة المسائل المهنّائيّة: 61، ادّعى صحّة هذه الرواية.
[1805]. منتهى المطلب 1: 50.
[1806]. الصحاح 3: 187، «بضع».
[1807]. المصباح المنير: 51، «بضع».
[1808]. القاموس المحيط 3: 6، «بضع».
[1809]. مجمع البحرين 4: 301، «بضع».
[1810]. نصّ هذا النقل على ما في سنن أبي داود 1: 18، ذيل الحديث 67، هكذا: «قال أبو داود: سمعت قتيبة بن سعيد، قال: سألت قيم بئر بضاعة عن عمقها، قال: أكثر ما يكون فيها الماء إلى العانة. قلت: فإذا نقص ؟ قال: دون العورة.قال أبوداود: وقدرت أنا بئر بضاعة بردائي، مددته عليها، ثمّ ذرعته، فإذا عرضها ستة أذرع. وسألت الذي فتح لي باب البستان فأدخلني إليه: هل غيّر بناؤها عمّا كانت عليه ؟ قال: لا، ورأيت فيها ماءً متغيّر اللون».
[1811]. في «ل»: وغاية القصد.
[1812]. التهذيب 1: 432 / 1287، باب المياه وأحكامها، الحديث 6، ورد فيه إلى قوله: «إلاّ أن يتغيّر»، الاستبصار 1: 33 / 87، باب البئر يقع فيها ما يغيّر أحد أوصاف الماء...، الحديث 8، وسائل الشيعة 1: 141، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 3، الحديث 12.
[1813]. التهذيب 1: 248 / 676، باب تطهير المياه...، الحديث 7، وسائل الشيعة 1: 172، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 14، الحديث 7.
[1814]. الكافي 3: 5، باب البئر وما يقع فيها، الحديث 2، وفيه: «إلاّ أن يتغيّر به»، وسائل الشيعة 1: 170،
كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 14، الحديث 1.
[1815]. منهم: فخر المحقّقين في إيضاح الفوائد 1: 17، والشهيد الثاني في رسالة ماء البئر (المطبوعة ضمن رسائل الشهيد الثاني 1) : 78، والمحدّث البحراني في الحدائق الناضرة 1: 353.
[1816]. في «د» و«ش»: فالمراد.
[1817]. في «ن»: السعة.
[1818]. في «ل»: تعيير.
[1819]. في «د»: تغيير.
[1820]. في «ل»: تغيير.
[1821]. منهم: الشيخ البهائي في الحبل المتين (المطبوع ضمن رسائل الشيخ بهاء الدين) : 106، والمحدّث البحراني
في الحدائق الناضرة 1: 181.
[1822]. «الغير» لم يرد في «د».
[1823]. في «ن»: فعلى.
[1824]. القائل هو الشيخ بهاء الدين العاملي في الحبل المتين (المطبوع ضمن رسائل الشيخ بهاء الدين) : 117 ـ 118.
[1825]. التهذيب 1: 246 / 670، باب تطهير المياه...، الحديث 1، الاستبصار 1: 30 / 80، باب البئر يقع فيها ما يغيّر أحد أوصاف الماء...، الحديث 1، وسائل الشيعة 1: 173، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق،
الباب 15، الحديث 10.
[1826]. التهذيب 1: 247 / 67، باب تطهير المياه...، الحديث 2، الاستبصار 1: 31 / 81، باب البئر يقع فيها
ما يغيّر أحد أوصاف الماء...، الحديث 2، وسائل الشيعة 1: 173، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق،
الباب 14، الحديث 9.
[1827]. التهذيب 1: 247 / 672، ، الحديث 3، الاستبصار، 1: 31 / 82، باب البئر يقع فيها ما يغيّر
أحد أوصاف الماء...، الحديث 3، وسائل الشيعة 1: 173، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق،
الباب 14، الحديث 11.
[1828]. التهذيب 1: 247 / 674، باب تطهير المياه...، الحديث 5، الاستبصار 1: 31 / 84، باب البئر يقع فيها
ما يغيّر أحد أوصاف الماء...، الحديث 5، وسائل الشيعة 1: 173، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق،
الباب 14، الحديث 12.
[1829]. في الاستبصار: بها.
[1830]. التهذيب 1: 247 / 673، باب تطهير المياه...، الحديث 4، الاستبصار 1: 31 / 83، باب البئر يقع فيها
ما يغيّر أحد أوصاف الماء...، الحديث 4، وسائل الشيعة 1: 174، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق،
الباب 14، الحديث 13.
[1831]. الكافي 3: 7، باب البئر وما يقع فيها، الحديث 12، الفقيه 1: 14 / 20، باب المياه وطهرها ونجاستها، الحديث 20، التهذيب 1: 248 / 677، باب تطهير المياه من النجاسات، الحديث 8، الاستبصار
1: 32 / 85، باب البئر يقع فيها ما يغيّر أحد أوصاف الماء...، الحديث 6، وسائل الشيعة 1: 171،
كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 14، الحديث 5، واللفظ مطابق لما في الكافي.
[1832]. الكافي 3: 5، باب البئر وما يقع فيها، الحديث 3، التهذيب 1: 251 / 684، باب تطهير المياه من النجاسات، الحديث 15، وسائل الشيعة 1: 184، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 17، الحديث 7.
[1833]. الكافي 3: 6، باب البئر وما يقع فيها، الحديث 6، وسائل الشيعة 1: 185، كتاب الطهارة،
أبواب الماء المطلق، الباب 17، الحديث 11.
[1834]. التهذيب 1: 250 / 681، باب تطهير المياه من النجاسات، الحديث 12، بتفاوت، الاستبصار 1: 36 / 98، باب البئر يقع فيها الكلب والخنزير...، الحديث 2، وسائل الشيعة 1: 183، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 17، الحديث 4.
[1835]. التهذيب 1: 256 / 697، باب تطهير المياه من النجاسات، الحديث 28، الاستبصار 1: 35 / 96، باب البئر يقع فيها البعير...، الحديث 6، وسائل الشيعة 1: 179، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 15، الحديث 3.
[1836]. الكافي 3: 6، باب البئر وما يقع فيها، الحديث 10، وفيه: «قال: لابأس»، الفقيه 1: 10 / 13، باب المياه وطهرها ونجاستها، الحديث 13، التهذيب 1: 433 / 1289، الزيادات في باب المياه، الحديث 8، وسائل الشيعة 1: 170، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 14، الحديث 2.
[1837]. كذا في المصدر، وفي بعض النسخ: «أيتوضّأ».
[1838]. الكافي 6: 258، باب ما ينتفع به من الميتة...، الحديث 3، بتفاوت يسير، وسائل الشيعة 1: 171،
كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 14، الحديث 3.
[1839]. في «ن»: في مثل ذلك.
[1840]. التهذيب 1: 261 / 709، باب تطهير المياه من النجاسات، الحديث 40، الاستبصار 1: 42 / 118،
باب البئر تقع فيها العذرة اليابسة أو الرطبة، الحديث 3، وسائل الشيعة 1: 172، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 14، الحديث 8.
[1841]. التهذيب 1: 254 / 693، باب تطهير المياه من النجاسات، الحديث 24، مع اختلاف،
الاستبصار 1: 40 / 112، باب البئر يقع فيها الفأرة و...، الحديث 7، وسائل الشيعة 1: 174،
كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 14، الحديث 14.
[1842]. الفقيه 1: 21 / 33، باب المياه وطهرها ونجاستها، الحديث 33، وفيه: «كانت في المدينة...»،
وسائل الشيعة 1: 176، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 14، الحديث 20.
[1843]. الكافي 3: 8، باب البئر تكون إلى جنب البالوعة، الحديث 4، الفقيه 1: 18 / 23، باب المياه وطهرها ونجاستها، الحديث 23، التهذيب 1: 435 / 1294، الزيادات في باب المياه، الحديث 31، الاستبصار
1: 46 / 129، باب مقدار ما يكون بينها وبين البالوعة، الحديث 4، وسائل الشيعة 1: 171، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 14، الحديث 4.
[1844]. أي: النزح.
[1845]. وهي: مارواه الشيخ في التهذيب 1: 252 / 686، باب تطهير المياه من النجاسات، الحديث 17،
وسائل الشيعة 1: 182، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 17، الحديث 2.
[1846]. أي: هذه المعتبرة المذكورة آنفاً.
[1847]. راجع: الصفحة 345.
[1848]. تقدّم في الصفحة 342 ـ 343.
[1849]. شرح فتح القدير 1: 86، الهداية (للمرغيناني) 1: 21. راجع أيضاً: منتهى المطلب 1: 56.
عنوان بعدیعنوان قبلی




کلیه حقوق این اثر متعلق به پایگاه اطلاع رسانی دفتر حضرت آیت الله العظمی صانعی می باشد.
منبع: http://saanei.org