Loading...
error_text
پایگاه اطلاع رسانی دفتر حضرت آیت الله العظمی صانعی :: کتابخانه عربی
اندازه قلم
۱  ۲  ۳ 
بارگزاری مجدد   
پایگاه اطلاع رسانی دفتر حضرت آیت الله العظمی صانعی :: المبحث السابع: القاعدة الكلية في عدم قبول شهادة النساء

المبحث السابع: القاعدة الكلية في عدم قبول شهادة النساء

ثمة أقسام من حقوق الله وحقوق الناس ذكرت في الفقه لا تقبل فيها إطلاقاً شهادة النساء، ويؤخذ فيها فقط بشهادة رجلين، وبعض هذه الموضوعات هو: الرجوع في الطلاق، العدّة، الوكالة، الوصية، الجناية الموجبة للقصاص، العتق، الولاء، التدبير، الجرح والتعديل، العفو في القصاص، الإسلام، النسب، الهلال،(365) وموضوعات مثل: حدّ السرقة، وشرب الخمر، والارتداد، والقذف.(366)


ولابد من الالتفات إلى أن الفقهاء في موارد حقوق الناس طرحوا قاعدةً عامة على الصيغة التالية:


«كل ما ليس بمال ولم يقصد منه المال، لا يثبت إلا بشاهدين ذكرين عدلين».

وقد اعتبروا أن شهادة النساء في تمام هذه المصاديق غير مقبولة، فيما أضاف فقهاء آخرون ـ مثل صاحب كشف اللثام ـ قيداً آخر على هذه القاعدة حيث قالوا:

«ما لا يثبت إلا بشاهدين ذكرين عدلين وهو ما يطلع عليه الرجال غالباً، وما لا يكون مالاً، ولا المقصود منه المال».(367)


الآراء والنظريات


استند الفقهاء بأجمعهم تقريباً لعدم قبول شهادة النساء في حقوق الناس إلى هذه القاعدة، إلى حدّ أن الشهيد الأول في الدروس(368) نسبها إلى إجماع الأصحاب، إلا أنّ المحقق الأردبيلي،(369) والنراقي(370) لم يقبلا هذا الإجماع، حتى أن الأوّل منهما ذهب إلى عدم وجود دليل على مثل هذه القاعدة أساساً، معتبراً أنه لا يوجد دليل على عدم قبول شهادة النساء في بعض هذه الأمور، مثل الوكالة، والنسب، والوصية، بل تقبل شهادتهنّ في هذه الموارد.(371)


ويقول صاحب الجواهر بعد نقل كلام الدروس وكشف اللثام: «ولكن لم أقف في النصوص على ما يفيده، بل فيها ما ينافيه»،(372) إذ قبلت شهادة النساء منضمات إلى الرجال في بعض الموارد التي هي من تطبيقات هذه القاعدة.

وحتى أهل السنّة لم يذكروا دليلاً على هذه القاعدة، بل اعتبروا الحكم شبيهاً بالحدود والقصاص اللذين لا تقبل فيهما شهادة المرأة، قال في المغني والشرح الكبير:

«لنا أنه ليس بمال ولا المقصود منه المال، ويطلع عليه الرجال، فلم يكن للنساء في شهادته مدخل، كالحدود والقصاص».(373)

أدلة القائلين بالقاعدة، دراسة نقدية

أ ـ أدلّة القاعدة


نستنتج من التأمل في كلمات الفقهاء أنهم وإن اعتبروا هذه القاعدة ضابطةً كليةً في عدم قبول شهادة النساء، إلا أنهم أشكلوا عليها سواء على مستوى الصغرى أم على مستوى الكبرى، إذ هناك الكثير من الموارد التي ذكروها بوصفها مصداقاً لهذه القاعدة، إما قاموا بإرجاعها إلى دعوى مالية أو أنه قامت عليها بالخصوص روايات دالّة على قبول شهادة النساء مع الرجال فيها، ولم يقرّ أيّ من الذين نقلوا هذه القاعدة بوجود مستند لها من كتاب أو سنّة، بل إنّ بعضهم مثل صاحب الجواهر ـ كما تقدم ـ صرّحوا بوجود ما يخالفها في النصوص،(374) أما صاحب المستند الذي أقرّ بعدم وجود نص في مورد هذه القاعدة فقد حاول ذكر دليل آخر لها، سنشير إليه في بيان الأدلّة.

1 ـ رواية السكوني


عن جعفر، عن أبيه، عن علي(عليه السلام)، أنه كان يقول:


«شهادة النساء لا تجوز في طلاق، ولا نكاح، ولا في حدود، إلا في الديون وما لا يستطيع الرجال النظر إليه».(375)


وقد ذكر صاحب مستند الشيعة بياناً مفصّلاً للاستدلال بهذه الرواية، على أساس أن الحصر فيها ـ وهو أحد معاني «إلا» ـ يدل على أن خلاف حكم المستثنى منه منحصر في المستثنى، وأنه من أفراد المستثنى منه، ذلك أنّ الاستثناء من الإيجاب سلب، ومن السلب إيجاب، وعليه يغدو معنى الرواية على الشكل التالي: إن شهادة النساء في الطلاق والنكاح والحدود غير نافذة إلا ـ فقط وفقط ـ في الديون، وما لا يتمكّن الرجال من النظر إليه.

ويواصل النراقي بيانه بأنه يمكننا من الحصر الموجود في الرواية الخروج بقاعدة عامة، فيكون هذا الحصر دليلاً على عدم حجية شهادة النساء وكذلك دليلاً على تأسيس القاعدة، على أساس أن كل موضوع لا يصدق عليه عرفاً ولغةً أنه من الدَّين فشهادة النساء لا تكون نافذةً فيه.

«بل يمكن إثبات أصل القاعدة به أيضاً; لعدم كون كلّ ما كان مصداقاً لها ديناً لغةً ولا عرفاً، فعدم القبول فيما يندرج تحتها هو الصحيح».(376)


2 ـ الإجماع


والذي يظهر أن ادعاء الإجماع هنا جاء فقط من الشهيد في الدروس.(377)


ب ـ نقد الأدلّة


كما تقدم، فالدليل على القاعدة هو الحصر المستفاد من رواية السكوني، والذي اعتمد عليه النراقي في المستند، وهو استدلال يمكن مناقشته من جهتي: السند والدلالة معاً.

1 ـ وقفة مع خبر السكوني

1 ـ 1 ـ دراسة في سند الرواية


يوجد في سند هذه الرواية بنان بن محمد بن عيسى الأشعري القمي غير الموثق، مع أنهم قالوا في حقه: «إنه شيخ الإجازة»،(378) أو تحدّثوا عن كثرة رواياته، كما أن مجموعة من الرواة قد رووا عنه، وهذه جميعها ليست من أدلّة الوثاقة، والعجيب أن بعضهم ذكر في اعتبار الرجل أن بنان هو أخو أحمد بن محمد بن عيسى الأشعري الذي خرج حافي القدمين ليستقبل البرقي الذي كان بنفسه أخرجه من المدينة. ومن الواضح أن مثل هذه الأمور لا توجب التوثيق.

2 ـ 1 ـ دراسة في متن الرواية ودلالتها


ذكر صاحب المستند أن الحصر الموجود في الرواية يفيد أن الحكم المخالف المستثنى منه منحصر في المستثنى، لا غير إطلاقاً، وفي جوابه نقول:


أولا: إذا أريد أن يدلّ الحصر على هذا المطلب ويكون مؤكداً في الحصر، فلا بد أن يكون المستثنى منه عاماً ويكون الاستثناء منقطعاً، أما هنا فالاستثناء وإن كان منقطعاً إلا أن المستثنى منه ليس بعام; إذ لم تذكر فيه سوى بعض الموضوعات مثل النكاح والطلاق والحدود، وظاهر بيان المثال في الموضوعية لا العمومية.

ثانياً: يعارض الحكم بعدم الجواز في المستثنى منه هنا روايات أخرى حكمت بجواز شهادة النساء في موارد مذكورة ضمن المستثنى منه، تماماً كما بيّنا في مبحثي: القتل الموجب للقصاص وكذا الطلاق ـ وهما مما يشملهما المستثنى منه ـ حيث ذكرنا كيفية حصول التعارض، والأمر الجدير ذكره هنا أن الشيخ الطوسي في التهذيب(379)والاستبصار،(380)حمل هذه الرواية على التقية، فيما جعل خبر داوود بن الحصين(381)شاهداً على هذه التقية، وعليه فرواية السكوني ليست حجةً حتى نستند إلى مفهومها للخروج بما نحن فيه.

2 ـ دراسة الإجماع


ناقش المحقق الأردبيلي(382)في الإجماع المدّعى في الدروس،(383)كما قَبِلَ النراقي بعدم انعقاد الإجماع هنا،(384) أما الشيخ الطوسي في الخلاف والذي يتسم منهجه فيه بادّعاء الإجماع في أكثر المباحث، انطلاقاً من كون هذا الكتاب ألّف في الفقه المقارن، وبهذا المقدار يطرح الإجماع في المذهب أو أن يقال: إن الإجماعات التي فيه إجماعات جدلية... إن الطوسي في الخلاف هنا لم يدّع الإجماع، بل اكتفى بالقول:

«دليلنا أن ما اعتبرناه مجمع على ثبوت هذه الأحكام به، وما أدّعوه ليس عليه دليل».(385)


استنتاج وتحليل


مع الأخذ بعين الاعتبار ما أقرّ به الأصحاب من عدم وجود نصّ على هذه القاعدة، وانطلاقاً من عدم تمامية أدلّتها، وأن أبرز دليل كان كلام الشيخ الطوسي في الخلاف حيث ذكر حجية شهادة الرجال نظراً لكونها القدر المتيقن من أدلة الشهادة، على أساس أنه لا خلاف في قبول شهادة النساء في الدعاوى، أما في غيرها فمحلّ خلاف، ومع الأخذ بعين الاعتبار أصالة عدم الحجية، فيكون الأصل عدم حجية شهادة النساء في موارد الشك، وعليه فقبول شهادة النساء منفردات أو مع الرجال في مثل هذه الموارد حيث لا نصّ يدل على الخلاف، لا يخلو من قوّة لوجهين:

1 ـ بناء العقلاء على العمل بشهادة الشهود، وعدم وجود فرق بين الرجل والمرأة في أمور ليس الجنس مناطاً للحجية فيها.

2 ـ إلغاء الخصوصية العرفية عن الرجال في أدلّة الشهادات، إذ من المعلوم أن الذكورية لا مدخلية لها في الشهادة وإثبات الواقع والحق، وأنّ ما هو المناط في قبول الشهادة وحجيتها هو العدالة والوثاقة، وهما شرط في الرجل والمرأة معاً.

إشكال على بناء العقلاء


قد يشكل على الاستدلال ببناء العقلاء هنا، من حيث إنّ الارتكازات العقلائية إنما تكون حجةً عندما لا يرد ردعٌ من الشارع عنها بحيث يحرز عدم الردع، وفيما نحن فيه يمكن أن يكون الشارع قد ردع هنا، غايته لم يصلنا هذا الردع، وعليه فمع الشك في الرادعية أو مع عدم إحرازها لا يمكننا التمسّك ببناء العقلاء.

مناقشة الإشكال


ويمكن القول في جواب هذا الإشكال: إن عدم الردع في أمثال هذه الموارد محرز، إذ هي من الارتكازات العقلائية المسلّمة والواضحة، فالشارع أو المقنّن لو أراد الردع عن مثل هذا النوع من البناءات العقلائية لزمه الردع عبر جملة نصوص كثيرة وواضحة، ولا نصوص في المقام.

وبيان ذلك أن كيفية الردع لا بد أن تكون ـ من حيث الوضوح والجلاء والاستحكام ـ متناسبةً مع بناء العقلاء، مثل ردع الشارع عن القياس، وإلا حصل الاطمئنان العقلائي بعدم الردع، ذلك أن العقلاء لا يعتنون بمحض احتمال صدور الردع وعدم وصوله إلينا، وقد بيّنا أنه لا دليل على أصل هذه القاعدة، وعليه يغدو بناء العقلاء في هذه الموارد حجةً ودليلا على قبول شهادة النساء، إلا في الموضوعات التي قام الدليل بالخصوص على عدم قبول شهادة النساء فيها.
___________________________________________________________________
(365) النراقي، مستند الشيعة 17: 291.
(366) النجفي، جواهر الكلام 41: 158.
(367) الفاضل الهندي، كشف اللثام 10: 326.
(368) الدروس الشرعية 2: 137.
(369) مجمع الفائدة والبرهان 12: 423.
(370) مستند الشيعة 17: 291.
(371) مجمع الفائدة والبرهان 12: 423، 424.
(372) جواهر الكلام 41: 159.
(373) المغني والشرح الكبير 12: 8.
(374) جواهر الكلام 41: 159.
(375) وسائل الشيعة 27: 361، كتاب الشهادات، باب 24، ح 42.
(376) مستند الشيعة 18: 292.
(377) الدروس 2: 137.
(378) المامقاني، تنقيح المقال 3: 11، الرقم: 10631.
(379) التهذيب 6: 281.
(380) الاستبصار 3: 25.
(381) وسائل الشيعة 27: 360، كتاب الشهادات، باب24، ح35.
(382) مجمع الفائدة والبرهان 12: 423.
(383) الدروس الشرعية 2: 137.
(384) مستند الشيعة 18: 291.
(385) الخلاف 6: 253، كتاب الشهادات، مسألة: 4.
عنوان بعدیعنوان قبلی




کلیه حقوق این اثر متعلق به پایگاه اطلاع رسانی دفتر حضرت آیت الله العظمی صانعی می باشد.
منبع: http://saanei.org